الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اسباب ترجع الى تشكيل او تعين هيئة التحكيم / الكتب / الحماية الدولية لأحكام التحكيم الاجنبية / مخالفة تشكيل هيئة التحكيم، وإجراءات التحكيم 

  • الاسم

    د. هشام إسماعيل
  • تاريخ النشر

    2012-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    1141
  • رقم الصفحة

    614

التفاصيل طباعة نسخ

مخالفة تشكيل هيئة التحكيم، وإجراءات التحكيم 

  تتضمن المادة الخامسة (۱)(د) من إتفاقية نيويورك النص على جواز رفض الإعتراف بحكم التحكيم ورفض تنفيذه إذا أثبت الخصم الذى يُحتج عليه بالحكم: "أن تشكيل هيئة التحكيم أو إجراءات التحكيم مخالف لما اتفق عليه الأطراف، أو لقانون الدولة الذى تم فيه التحكيم في حالة عدم الإتفاق.

   ويُقر هذا النص، بحق الأطراف في إختيار القواعد الإجرائية للتحكيم ؛ إذا لم يكن تشكيل هيئة التحكيم أو إجراءات التحكيم المقررة لا تتماشى مع أحكام إتفاق التحكيم، أو في حالة عدم  وجود هذا الإتفاق - لا يتماشى مع قانون الدولة التي يجرى فيها التحكيم، وبذلك يتضح أن هذا النص يمنح الأولوية لإستقلال الأطراف، بحيث يأتى فى المرتبة الأولى" .

   ومن ناحية ثانية، فقد تضمنت الأولى حالة مُخالفة إجراءات تشكيل هيئة التحكيم لإتفاق الأطراف وللقانون الذي يحكم إجراءات التحكيم دون الإشارة إلى حالة مخالفة إجراءات التحكيم لإتفاق الأطراف، أو لقانون الدولة الذى جرى فيها التحكيم حال غياب هذا الإتفاق، بينما تناولت الثانية النص على حالتى مُخالفة تشكيل تشكيل هيئة التحكيم وإجراءات التحكيم للإتفاق، أو لقانون دولة التحكيم فى حال عدم وجود هذا الإتفاق. 

   ومما يُدعم هذا النظر، أن النصوص الأخرى من الإتفاقية الأولى قد خلت من الإشارة إلى أى قاعدة إسناد خاصة تتعلق بتحديد القانون الواجب التطبيق على الإجراءات " ، ومن ثم، فلايتصور إثارة الدفع بشأن مُخالفة هذا القانون فى هذه الحالة لعدم وجود قاعدة إسناد تتعلق بتحديده أصلاً .

  ومن ناحية ثالثة، فقد إعتبرت الأولى تشكيل هيئة التحكيم صحيحاً إذا ماجاء موافقاً لإتفاق الأطراف وللقانون الذي يحكم إجراءات التحكيم معاً، وبالتالى فإن مُخالفة التشكيل للقانون الذي يسرى على إجراءات التحكيم يُعد سبباً كافياً لرفض تنفيذ الحكم، حتى ولو كان مُطابقاً لإتفاق الأطراف، وهو ما يلقى بعبء ثقيل على عاتق طالب التنفيذ.

 يُمكن أن نجد تطبيقاً لهذه الحالة ضمن هذا السبب من أسباب رفض التنفيذ في عدة قضايا، ففى القرار الصادر من محكمة إستئناف بازل فى عام ١٩٦٨ في قضية بين بائع سويسرى ومشترٍ ألماني  ، تم رفض تنفيذ حكم التحكيم نظراً لأن تشكيل هيئة التحكيم وإجراءات التحكيم لم تكن وفقاً لإتفاق الطرفين.

  وفي هذه القضية، كان الطرفان قد أبرما عقداً يتعلق ببيع مكسرات، وقد تضمن هذا العقـــد شرطاً للتحكيم وفقاً لقواعد قواعد تحكيم إتحاد تبادل السلع ببورصة هامبورج»، وعندما نشب النزاع بين الطرفين فيما يتعلق بجودة المكسرات المسلمة من البائع السويسرى، أراد المشترى الألماني تسوية النزاع على مرحلتين الأولى هى التحقق من جودة المكسرات بمعرفة إثنين مـــن الخبراء، والثانية: هى تقييم الأضرار أمام ثلاثة محكمين إلا أن البائع السويسرى لم يقبل بهذا التقسيم، حيث رَغِبَ في أن تتم تسوية الخلافات بينهما في تحكيم مكون من مرحلة واحدة، ونتيجةً لذلك،  وعندما سار المشترى الألماني في إجراءات التحكيم على مرحلتين، رفض البائع السويسرى المشاركة فيها، حتى صدر الحكم بالتعويض لصالح المشترى الألماني.

   إلا أن محكمة Basel الإبتدائية، رفضت تنفيذ حكم التحكيم، وقد أيدتها في ذلك محكمة إستئناف Basel، حيث قررت الأخيرة أن كُل من تشكيل هيئة التحكيم وكذلك إجراءات التحكيم لم تكنا وفقاً لإتفاق الأطراف، وهو ما يُخالف المادة الخامسة (۱) (د) من إتفاقية نيويورك، لأن قواعد تحكيم إتحاد تبادل السلع فى بورصة هامبورج الواجبة التطبيق Section 20 Of The) (Platzusancen ، لم تنص على إجراء التحكيم على مرحلتين، على الرغم من أنه قد أصبح من المألوف فى الآونة الأخيرة إتباع مثل هذا الإجراء في هامبورج، إلا أن هذا النوع من ا الممارسات المختلفة لم يكن معروفاً بالنسبة للبائع السويسرى الذى أثبت أنه كان يتعامل في إطار من حسن النية باعتقاده أن قواعد التحكيم المطبوعة، والتي لم تشر إلى هذا الإختلاف، لازالت سارية .

 ويُشير البعض ، إلى أن التحكيم على مرحلتين التشعيب» قد أصبح أمراً مقبولاً ومألوفاً الآن على نطاق واسع فى التحكيم التجارى الدولى، وبالتالى فلن تفسر قواعد التحكيم بدقة، كما فعلت المحكمة الإبتدائية في Basel في هذه القضية . 

   ويُقدم القرار الصادر من محكمة إستئناف Florence في قضية Rederi Aktiebolaget Sally v. Srl Termarea مثالاً آخر لتطبيق المادة ٥ (۱)(د)، حيث توصلت المحكمة إلى أن تشكيل هيئة التحكيم لم يكن طبقاً لإتفاق الأطراف، الذي كان ينص على أنه "يجب أن يصدر حكم التحكيم من ثلاثة من المحكمين على الرغم من أنه يجوز صدور هذا الحكم من إثنين فقط من المحكمين، طبقاً لقانون الدولة ( القانون الإنجليزي الصادر في عام ١٩٥٠)  التي جرى فيها التحكيم ( لندن )، وهو ماحدث بالفعل .

  وتتعلق وقائع هذه القضية بعقد إيجار سفينة 1969 Exxonvoy“ تم إبرامه في عام ١٩٧٥ بين مالكها الإيطالى ومستأجر فنلندى حيث ورد فى المادة (٢٤) من العقد المذكور : "أى وكافة الخلافات والمنازعات مهما كانت طبيعتها، والتى تنشأ عن هذا العقد، يجب إحالتها إلى التحكيم في مدينة نيويورك، أو في مدينة لندن - أياً منهما يحدده الجزء الأول من هذا العقد، وذلك طبقاً لقوانين التحكيم السارية المفعول - أمام هيئة مكونة من ثلاثة أشخاص على أن تتضمن محكماً واحداً يتم تعيينه من قبل المالك، وواحداً من قبل المستأجر، وواحداً من قبل الإثنين المختارين، وأن القرار الصادر من إثنين من هؤلاء الثلاثة، بشأن أى نقطة أو نقاط، يكون نهائياً. 

   وقد تضمن شرط التحكيم كذلك بياناً لكيفية تعيين المحكمين الثلاثة، بما فيها الحالة التي لا يقوم المدعى عليه بتعيين المحكم الثانى، وكذلك الحالة التى لا يستطيع فيها المحكمان التوصل إلى إتفاق بشأن إختيار الحكم الثالث، حيث أنه فى الحالة الأخيرة، يتولى قاض فى أى محكمة بحرية مختصة في المدينة المذكورة أعلاه، تعيين المحكم الثالث.

وقد كانت مدينة لندن هی المكان المحدد للتحكيم فى الجزء الأول من عقد التأجير، وبعد أن دب النزاع بين الطرفين وأحيل إلى التحكيم، قام كُل طرف بإختيار محكمه، إلا أن المحكمين المختارين لم يقما بتعيين المحكم الثالث، وفى حكم التحكيم الصادر منهما في لندن لصالح المستأجر الفنلندى إعتبرا عدم وجود ضرورة لتعيين المحكم الثالث .

   وعندما سعى المستأجر الفنلندى إلى تنفيذ الحكم ضد المالك الإيطالي، رفضت محكمة إستئناف Florence الأمر بالتنفيذ على أساس أن تشكيل هيئة التحكيم جاء مُخالفاً لإتفاق الأطراف الذي نص على تشكيل هيئة التحكيم من ثلاثة أشخاص، كما رفضت المحكمة تطبيق القسم ۹ (۱) من قانون التحكيم الإنجليزى، وبذلك تكون المحكمة قد طبقت نص المادة الخامسة (۱)(د) من إتفاقية نيويورك تطبيقاً صحيحاً، باعتبار أن الأولوية - طبقاً لهذه المادة – تكون لإتفاق الطرفين على قانون الدولة التي اتخذت مقراً للتحكيم .

   ولا شك أنه من غير المحتمل تكرار مثل هذه الحالة في ضوء إلغاء قانون التحكيم الإنجليزي لعام ١٩٩٦ ، للقاعدة الواردة فى قانون التحكيم الإنجليزى لعام ۱۹۵۰ ، والتي تجيز صدور الحكم من إثنين فقط المحكمين، والتي كانت هيئة التحكيم قد تساندت إليها في حكمها.

   وتشير قضية Encyclopaedia Universalis S.A. v. Encyclopaedia .Britannica إلى أهمية العناية بصياغة شرط التحكيم، حيث تضمن الشرط الوارد في هذه القضية النص علي إجراء التحكيم أمام هيئة تتكون من إثنين من المحكمين يختارهما الطرفين واللذين يختارا – في حال عدم الإتفاق المحكم الثالث، كما تضمن هذا الشرط النص أيضاً علي قيام رئيس المحكمة التجارية في لوكسمبرج بتعيين المحكم الثالث، بناءً على طلب أياً من المحكمين المختارين إذا لم يستطعا الإتفاق علي إختيار المحكم الثالث وذلك من قائمة المحكمين الموجودة لدى غرفة التجارة البريطانية في لندن.

  وعندما نشأ النزاع بين الطرفين إختار كلاً منهما محكمه (محاسب فرنسي ومحامٍ أمريكي)، وعندما لم يتفق كلا المحكمين المختارين على القواعد الإجرائية التى تُنظم سير الدعوى، ولفشلهما في الإتفاق على تعيين المحكم الثالث وبدلاً من التشاور بشأن ذلك فيما بينهما، .. طلب المحاسب الفرنسي من محكمة لوكسمبرج تعيين المحكم الثالث – وهو ما قامت به بالفعل، إلا أن المحامي الأمريكي وعقب علمه بالطلب إعترض علي هذا التعيين، قائلاً أن هذا الإجراء يُعد سابقاً لأوانه رافضاً بذلك المشاركة في التحكيم، حتى صدر الحكم من إثنين من المحكمين (المحكم الذي إختـــاره أحد الأطراف، والمحكم الثالث الذى عينته المحكمة ( إلا أن الدائرة الثانية بمحكمة الإستئناف الأمريكية أكدت على أهمية إتفاق الأطراف، وطبقت حرفياً إتفاق التحكيم بشأن إختيار المحكمين، ورفضت تنفيذ حكم التحكيم لمخالفته إتفاق الأطراف بشأن تشكيل هيئة التحكيم " .

  وفي قضية Meter Andelslag V.S. v. Türkiye Electrik Kumuru Genel Mudirlügü General Directorate, Ankara، والتي كانت تتعلق بحكم تحكيم صدر في سويسرا، بين طرف فنلندى وطرف تابع للحكومة التركية وكان شرط التحكيم ينص علـــى مايلي: "يجب على هيئة التحكيم أن تتخذ من أحكام هذا العقد والقوانين التركية النافذة أساساً لها .

  وأثناء سير التحكيم دفع الطرف التركي بأن هذا الشرط يعنى إنطباق القانون التركي علـــى كلا من الموضوع والإجراءات، إلا أن أغلبية هيئة التحكيم رفضت ذلك في حكمها مُقررة أن عبارة: "القوانين التركية النافذة ينبغى ألا تفهم على أنها إختيار للقواعد الإجرائية» ، مطبقةً قانون الإجراءات السويسرى على التحكيم بدلاً من القانون التركي، رغم أنه لا يوجد إختلاف جوهرى بين القانونين.  

   وعندما سعى الطرف الفنلندى لتنفيذ حكم التحكيم فى تركيا، رفضت المحكمة الإبتدائية التنفيذ، وسايرتها في ذلك محكمة الإستئناف، مُعللتين ذلك بأن حكم التحكيم المراد تنفيذه جاء مخالفاً لنص المادة الخامسة(١)(د) من إتفاقية نيويورك.

  وفي قضية Industry Tema Frugoli SpA,in Liquidation v. Hubai Space .Co. Ltd ، والتي تتعلق بعقد تشغيل مصنع لتجهيز الرخام والجرانيت، وقد تضمن شرط التحكيم الوارد في هذا العقد النص على إنعقاد التحكيم في إستوكهولم إذا بدأته Tena (إيطاليا)، أو في بكين إذا بدأته Hube) الصين (الشعبية وعندما بدأت Tema التحكيم في إستكهولم في ١ أغسطس ۱۹۹۲، شاركت Hubei في إجراءاته، ثم بدأت Hubei تحكيماً آخر في بكين بشأن ذات النزاع في ۲٥ أغسطس ۱۹۹۲ ، إلا أن Tema لم تشارك في إجراءاته، حتى صدر حكم إستكهولم لصالح Tema بينما صدر حكم بكين لصالح Hube.

   وفى إجراءات التنفيذ، قامت المحاكم الإيطالية بتنفيذ حكم إستكهولم بينما رفضت تنفيذ حكم بكين، وقد إعتبرت محكمة النقض الإيطالية أن الإجراءات المتبعة في تحكيم بكين جاءت مخالفة لإتفاق الأطراف - الذي إنعقدت النية فيه علي تحكيم واحد فقط - في إستكهولم أو بكين بحسب الطرف الذي يبدأه أولاً ، وأضافت المحكمة أن وجود أحكام مُتعارضة بشأن نفس النزاع يتعارض مع طبيعة التحكيم ووظيفته.

  وفي قضية .Goldtron Limited v. Media Most B.V ، والتي تعد مثالاً صارخاً على رفض التنفيذ، حيث تتعلق بصدور حكم في موسكو في تحكيم إنعقــد بــين Media  Most&Goldtron  تحت رعاية محكمة التحكيم التجاري الدولي الملحقة بغرفة التجارة والصناعة بالإتحاد الروسي .

وفى مرحلة تنفيذ الحكم أمام محكمة أمستردام الإبتدائية إدعت Media Most أنه بتاريخ ١٢ أغسطس ۱۹۹۹ إتصل السيد / Orlov - رئيس هيئة التحكيم - تليفونياً بمكتب Media Most في موسكو، وحث - مُعتقداً أنه يتحدث الي ممثل Goldtron - ممثل Media Most - السيد / A.Esakov. - لتقديم إدعاء مُقابل في أثناء التحكيم، وفي ۱۳ سبتمبر ۱۹۹۹ قدمت Goldtron إدعاءاً مُقابلاً رغم إنقضاء المهلة القانونية المحددة للقيام بذلك في إطار قواعد محكمة التحكيم التجاري الدولي، ثم إنعقدت جلسة في اليوم التالي - ١٤ سبتمبر ۱۹۹۹ - حيث أجازت هيئة التحكيم قيام Goldtron بتقديم إدعائها المقابل متأخراً. 

   وفي ۲۸ سبتمبر ۱۹۹۹.. قامت Media Most برد Orlove، إلا أنه بتاريخ 23 يوينه  ۲۰۰۰ قامت اللجنة التنفيذية الدائمة بمحكمة التحكيم التجاري الدولي برفض طلــب الــرد إستناداً إلي "أسباب شكلية» مُقررةً أن الرد لم يقدم خلال الخمسة عشر يوما من تاريخ قيام سبب الشك في حياد المحكم أي) ۱۲ أغسطس ۱۹۹۹ كما هو منصوص عليه في قواعـد محكمــة التحكيم التجاري الدولي وبتاريخ ۱۹ نوفمبر ۲۰۰۱ أصدر المحكمين حكماً لصالح Goldtron قضى بأن تسدد Media Most إليها مبلغ ۸,۵۰۰,۰۰۰ دولار أمريكي مقابل الأسهم و ۸۹٩,٢٧٤,٥٢ دولار أمريكي كتعويض جزائي، وكذلك ٣٨,٣٣٨,٧٤ دولار أمريكي و ۱۰۰,۰۰۰ دولار أمريكي مقابل نفقات Goldtron وأتعاب المحامين.

   وقد رفضت محكمة أمستردام الإبتدائية التنفيذ مُقررةً أن اللجنة التنفيذية الدائمة بمحكمة التحكيم التجاري الدولي أخطأت عندما قررت أن طلب الرد المقدم من Media Most لم يُقدم خلال الميعاد القانوني المقرر في قواعد محكمة التحكيم التجاري الدولي، وقررت المحكمة أن الميعاد القانوني لم يبدأ حتي ١٤ سبتمبر ۱۹۹۹ عندما إقتنعت Media Most بأن السيد / Orlov قد إتصل بمكتب Goldtron وأقنعهم بتقديم إدعاء مُقابل، ومن ثم فقد توصلت المحكمة إلي أن إجراءات التحكيم جاءت مخالفة لقواعد التحكيم المتفق عليها بين الأطراف. 

  كما إرتأت المحكمة أنه كان ينبغى على اللجنة التنفيذية الدائمة أن تستند في قرارها إلي أسباب بشأن عدم إجازة تقديم الطعن متأخراً، طالما أن قواعد محكمة التحكيم التجاري الدولي تجيز نظر الطعن المقدم بعد إنقضاء فترة الخمسة عشر يوماً إذا ارتأت هيئة التحكيم التأخير مبرراً، كما ذكرت المحكمة أنه من خلال رفض نظر موضوع الطعن .. فقد حرمت اللجنة  التنفيذية الدائمة بالمحكمة Media Most من حقها في عرض موقفها تجاه الحكم المفترض فيه أن   يكون محايداً، وبموجب ذلك،  فإنها تكون قد خالفت المحاكمة العادلة.

   وعلى الجانب الآخر، يُقدم الواقع العملى قضايا عديدة قامت فيها المحاكم الوطنية – وفى إطار السلطة التقديرية المخولة لمحكمة التنفيذ - بتنفيذ حكم التحكيم على الرغم من عدم إتباع ماجرى به إتفاق الطرفين بشأن تشكيل هيئة التحكيم.

 وعلى سبيل المثال، وفى قضية X v.Naviera Y SA ، حيث أيدت المحكمة العليا الأسبانية، عقد الإختصاص للمحكم الوحيد المعين من قبل أحد الطرفين بنظر النزاع، عندما يمتنع الطرف الآخر عن تعيين محكم عنه، بغض النظر عن إتفاق الأطراف بشأن تشكيل هيئة التحكيم. 

   وعلى نحو مُشابه قررت الدائرة الثالثة بمحكمة الإستئناف الأمريكية، في قضية Rhone Méditerranée Compagnia francese di assicurazioni e riassicurazioni v. Achilles auro et al، أنه على الرغم من أن حكم التحكيم الصادر وفقاً لإتفاق تحكيم يستلزم عدداً وتراً من المحكمين قد جاء مُخالفاً للقانون الإيطالى، ومن ثم فلا يجوز تنفيذه في إيطاليا، ومع ذلك، فإنه يمكن تنفيذه خارج إيطاليا بموجب إتفاقية نيويورك، حيث أنه يجوز لمحكمة دولة التنفيذ عدم الإعتداد بالعيوب التي تشوب الإجراءات.

   وبالمثل، وفى قضية ,Al-Haddad Bros. Enterprises, Inc ... MS AGAPI her engines, boilers, furniture,appurtenances, etc.and Diakan Love إتضح أن هذا الدفع غير مُجد عندما يدعى الطرف الخاسر صدور حكم تحكيم يشوبه القصور في المملكة المتحدة من جانب هيئة تحكيم محدودة التشكيل تتضمن محكم واحد فقط قام بتعيينه الطرف الكاسب، حيث تبنت المحكمة المحلية بولاية Delaware الأمريكية في هذه القضية، نفس وجهة النظر السابقة، وأمرت لذلك، بتنفيذ حكم تحكيم على الرغم من عدم إتباع ما ورد باتفاق الطرفين بشأن تشكيل هيئة التحكيم، طالما أنه يتفق مع للقانون الواجب التطبيق على الإجراءات؟

 وفي إطار السلطة التقديرية لمحكمة التنفيذ، أسست بعض المحاكم الوطنية قراراتها الصادرة بالأمر بالتنفيذ على أساس مبدأ حُسن النية، وعلى سبيل المثال، رفضت المحكمة السويسرية العليا في قضية Chrome Ressources S.A. v. Léopold Lazarus  قبول الأدلة المقدمة من المدعى عليه إستناداً إلى المادة (٥) (۱) (د) إعتراضاً منه على التنفيذ تأسيساً على أن هيئة التحكيم كانت قد إستشارت أحد الخبراء فى غيبة منه، حيث رأت المحكمة أن المدعى عليه لم يُقدم هذا الإعتراض عندما علم بذلك من رئيس هيئة التحكيم بعد فترة قصيرة من حدوث المشورة، وأن إثارة هذا الإعتراض في مرحلة التنفيذ لايُظهر إلا سوء النية ويُعد بمثابة إساءة لإستخدام الحق. 

   وعلى نحو مطابق، رأت محكمة إستئناف أثينا في قضية بين شركة يونانية وأخرى ألمانية"، أن الدفع بعدم وجود إتفاق تحكيم مكتوب وإنتفاء وجود تفويض صحيح لإبرام الإتفاق لايمكن إثارته في مرحلة التنفيذ، إذا ما شارك الطرف المعترض فى إجراءات التحكيم دون تحفظ، وقد توصلت المحكمة إلى هذه النتيجة على أساس القانون الألمانى، وقانون التحكيم اليوناني.

وفي ذات الإتجاه قررت المحكمة العليا الأسبانية فى قضية . . (X SA (Panama v.(Spain .وكذلك محكمة إستئناف Schleswig الألمانية فى قضية Slovenian Manufacturer German Exclusive Distributor، بأن الدفع بأن المدعى عليه أعيق عن إثارة الإعتراض على إختصاص المحكمين فى مرحلة التنفيذ غير مُجد، لأنه كان ينبغى عليه تقديم هذا الإعتراض أثناء سير إجراءات التحكيم.

   كما أكدت المحكمة العليا في هونج كونج فى قضية شركة China Nanhai Oil Joint Service Corporation Shenzhen Branch v. Gee Tai Holdings Co. .Ltd على السلطة التقديرية التي تتمتع بها محكمة التنفيذ، حيث أمرت بتنفيذ حكم تحكيم صدر في الصين، على الرغم من أن تشكيل هيئة التحكيم لم يكن وفقاً لإتفاق الطرفين، إذ تم تعيين المحكمين من قائمة المحكمين لدى لجنة التحكيم التجارى والإقتصادى الدولى الصينية الخاصة بمدينة Shenzhen وليس من القائمة الخاصة بالمجلس الصينى لتنمية التجارة الدولية في بكين المنصوص عليها في إتفاق التحكيم. 

    وفي عبارات مُرتبكة لاتخلو من التناقض، وتُجافى إعتبارات العدالة الإجرائية وقواعد التسبيب الصحيح، قرر القاضى Kaplan في هذه القضية أنه: "من الواضح أنه على الرغم من توافر أحد أسباب رفض التنفيذ [بموجب إتفاقية نيويورك، فإن المحكمة تحتفظ بسلطة تقديرية تمكنها من حرية إتخاذ القرار ... وعلى ذلك، فإنني أقرر - إلى حد ما وبشكل غير مقنع تماماً أن المحكمين من الناحية الفنية لم يكن لديهم أى إختصاص للفصل فى هذا النزاع، وأنه في جميع ملابسات هذه القضية، تم إكتشاف السبب الموضح فى هذا القسم، ومن الناحية الفنية، فإنني أقول أن الطرفين كانا قد إتفقا على التحكيم وفقاً للجنة التحكيم التجارى والإقتصادى الدولى الصينية، وهذا مــا تحقق لهم، على الرغم من أن التحكيم كان قد جرى فى مكان داخل الصين غير محدد في العقد، ومن جانب محكمين لم يكونوا مُدرجين بوضوح فى قائمة بكين . 

   وعلى الرغم مما أفصحت عنه أسباب هذا الحكم من أن وكيلة المدعى عليه قد أثارت مسألة مخالفة تشكيل هيئة التحكيم للإتفاق أمام أحد المحكمين المعينين إلا أن القاضي المذكور أوغل مع ذلك في إهدار مبادىء العدل الإجرائي مُقيماً قضائه في ذلك على منطق غير صحيح مستنداً فيـــه إلى سلطته التقديرية في إعمال مبدأ سقوط الحق في الإعتراض Doctrine Of Estoppel أثناء إجراءات التحكيم، على الرغم من أن هذه المبدأ لم يرد أساساً في إتفاقية نيويورك، ناهيك عن عدم توافر موجباتها أصلاً في أوراق هذه الدعوى.

وقد تعرضت محكمة استئناف Rouen فى قضية SEEE v. Yugoslavia - سالف الإشارة إليها - للطلب المقدم للإعتراف بحكم تحكيم صدر فى إجراءات تحكيم لا تخضع لقانون الإجراءات الوطنى، ولكن لإتفاق الأطراف فقط، وكان هذا الحكم قد قضى بإلزام Yugoslavia الدولة السابقة بدفع مبلغ على سبيل التعويض إلى SEEE وهي شركة فرنسية)، وكان هذا الحكم قد صدر فى لوزان - سويسرا في عام ١٩٥٦ من هيئة مكونة من إثنين المحكمين، وعندما طعنت Yugoslavia بالبطلان على الحكم في سويسرا، رفضت المحكمة الإتحادية السويسرية هذا الطعن على أساس أنها لا تعتبر الحكم المطعون عليه حكماً سويسرياً، وعولت المحكمة في ذلك على حقيقة أن حكم التحكيم قد صدر من محكمين إثنين، بدلاً من ثلاثة  على نحو ما يوجبه القانون الإجرائى السويسرى.

   وعندما سعت SEEE إلى تنفيذ حكم التحكيم فى هولندا، كانت المحكمة العليا الهولندية في هذه القضية، هي المحكمة الوحيدة - حتى الآن على الأقل - التي رأت أنه يجوز بمقتضى نص المادة ٥(١)(د) من إتفاقية نيويورك؛ تطبيق الإتفاقية على أحكام التحكيم عديمة الجنسية -  A National ، ولذلك فإن هذا الحكم يعد حكماً تحكيمياً من حيث الإسم فقط، وبالتالى فلا يمكن الإعتراف به قضائياً.

وعندما طعنت SEEE على الحكم للمرة الثانية أمام المحكمة العليا الهولندية، تمسكت الأخيرة في حكمها الثاني بتأكيد موقفها تجاه سريان الإتفاقية على أحكام التحكيم عديمة الجنسية، إلا أنها قررت أنه لا يجوز للأطراف عقد النية على إجراء تحكيم مُجرد من الجنسية عند إبرام إتفاق التحكيم، ورفضت المحكمة التنفيذ على أساس أن إعادة المحكمة السويسرية للحكم يعادل الحكم  بالغائه في ظل المادة الخامسة (۱) (هـ) 

  وفى النهاية، إستطاعت SEEE وفى عام ١٩٨٤ ، وبعد مُضى ثمانية وعشرون عاماً علــى صدور حكم التحكيم، وعلى الرغم من حقيقة أن المحاكم السويسرية قد قررت أن حكم التحكيم غیر سویسری تمكنت الإعتراف به فى فرنسا، حيث قضت محكمة إستئناف Rouen بأن الحكم يعد مُجرداً من الجنسية، إذ أن شرط التحكيم الأصلى قد إستبعد تطبيق القوانين الداخلية، ومع ذلك، فإن أحكام التحكيم عديمة الجنسية تُعد نافذة فى ظل إتفاقية نيويورك، وقد أيدت محكمة النقض الفرنسية هذا الحكم.