من المقرر أنه وإن كان التحكيم كأصل هـو تخويل المتعاقدين الحق في الالتجاء إليه لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت تختص به محاكم الدولة، وهو ما يستتبع أن إختصاص هيئة التحكيم في نظر النزاع، وإن كان يرتكن أساساً إلى حكم القانون حيل الذي أجاز إستثناء سلب إختصاص جهات القضاء، إلا أنه ينبني مباشرة في كل حالة على حدة على إتفاق الطرفين اللذين يكون لهما الاتفاق على تعيين محكم أو محكمين وفق شروط يحددانها ليفصل في النزاع القائم بينهما، وإختيار القواعد التي تسري على إجراءات نظره للدعوى التحكيمية، وتلك التي تنطبق على موضوع النزاع مع تعيين مكان التحكيم واللغة التي تستعمل فيه، وذلك على نحو ما إستهدفته أغلب نصوص قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ وأعتبرت نصوصه مكملة لإرادة طرفي التحكيم لا تنطبق إلا عند عدم الاتفاق عليها، مع إيراد نصوص محددة تتصل بضمانات التقاضي الأساسية التي يتعين إتباعها، إقتضتها المصلحة العامة باعتبار أن حكم التحكيم يعد حاصلاً في خصومة كانت في الأصل من إختصاص قضاء الدولة.