الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اسباب ترجع الى الاتفاق ( عدم وجود اتفاق التحكيم - بطلان اتفاق التحكيم - سقوط اتفاق التحكيم بانتهاء مدته ) / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / إنهاء إجراءات التحكيم / أسباب ترجع الى الاتفاق

  • الاسم

    هيثم محمود محمد أحمد حمودة
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    333

التفاصيل طباعة نسخ

المسألة الأولى: بطلان اتفـاق التحكـيـم لـعـدم مـشروعية سـببه (الغش نحو القانون) انتهجت محكمـة اسـتئناف القاهرة فـي أحكامهـا المتواترة على انعدام حكم التحكيم إذا صـدر علـى غيـر اتفـاق حيـث قضت بانعدام حكم التحكيم الصادر بناء على اتفـاق تحكــم بـاطـل قـصـد به استصدار حكم تحكيم بصحة ونفاذ بيع عقـار بالمخالفة لقواعـد أمـره تتعلق بالنظام العام بشأن إثبات ملكية العقارات أو التصرف فيها.

   واستخلصت المحكمـة مـن ذلـك أن المقصود بـذلك المعنـون وثيقة تحكيم يكون غيـر مـتـضمن لأي اتفـاق تحكيــم مـلـزم للمـدعي أو لغيره وما دام حكم التحكيم الطعين قد بنى على هذا المحـرر فإنـه يـكـون والعدم سواء إعمالا لنص الفقرة الأولى (أ) مـن المـادة (53) مـن قـانون التحكيم.

   كما يجوز رفع دعوى مبتدأة بطلـب انعدامـه فـي أي وقـت دون التقيد بالميعاد المقرر في قانون التحكـيـم لرفـع دعـوى الـبطلان، ويبـين من الأسباب التي استند إليهـا حـكـم محكمـة الاسـتئناف المذكور بـأن بطلان اتفاق التحكيم الذي يرجع إلى عدم مشروعية سببه حـيـن يـكـون القصد منه التهرب من أحكام القانون الآمـرة بـشأن الإجـراءات الواجبـة الاتباع لإثبات ملكية العقارات أو التصرف فيهـا يترتب عليـه انـعـدام حكم التحكيم المستند إلى مثل هذا الاتفـاق وبالتـالـي عـدم تقيـد الـدعوى بانعدامه بالميعـاد المـقـرر فـي القـانون لرفـع دعـوى بطـلان أحكـام التحكيم.

    وفي ضوء التحليل المقـدم فإنـه إن كـان لا يوجـد فـي طبيعـة طلب صحة ونفاذ عقد بيع عقار مـا يمنـع مـن طرحـه علـى التحكــم باعتبار أن هذه المسألة خاصة لا تفرض طبيعتهـا عـدم جـواز الـصلح فيها.

   وكان لا يوجد في ظهر نصوص كـل مـن قـانوني التحكـيـم والمرافعات ما يمنع من الاتفاق على طـرح هـذا الطلـب علـى التحكيــم إلا أن الاختصاص الحاجز للمحاكم المقـرر ضمنا بمقتـضـى قـانون الشهر العقاري وهذا الطلب يجعل حكم التحكـيـم القاضي بصحة ونفـاذ عقد بيع عقار صادراً من هيئة لا ولاية لهـا ليقـع بـاطلا بطلانـا مطلقاً لمخالفته لقاعدة من قواعد النظام العام م٢/٥٣ تحكيم.

   الأمر الذي يترتب عليه عدم جواز إصدار أمـر تنفيـذ مثـل هـذا الحكم سواء كان حكما يخضع لقـانون التحكــم م٥٨/ب قـانون التحكيــم أو حكما أجنبيا مما يخضع لقانون المرافعات م۱/۲۹۸ و ۲۹۹.

    في حين أن المستفاد من أحكام محكمة استئناف القاهرة بـشأن بطلان اتفاق التحكيم الذي يستهدف به التهرب مـن قواعـد الـشهر ودفـع الرسوم المستحقة لخزانة الدولـة وبالتـالي بطـلان حكـم التحكيــم الـذي يصدر بناء على هذا الاتفاق أن سبب البطلان يرجـع لـعـدم مـشروعية سبب اتفاق التحكيم لمخالفته قاعدة من قواعد النظـام الـعـام فـإن المـستفاد من قضاء النقض أن بطلان مثل هذا الاتفـاق يرجـع إلـى سـبب يتعلـق بمحله لأن المنازعة المعروضة علـى التحكـيـم تـدخل فـي الاختصاص الحاجز لمحاكم الدولة ومن المفيد لغرض تأصيل ما انتهـى إليـه القـضـاء بشأن بطلان الاتفاق على التحكيم في منازعات صحة ونفـاذ عقـود بيـع العقارات وقد تضمنت 1353، 136ق. مدني بـأن العقـد يقـع بـاطلا إذا كان محل الالتزام أو سببه مخالفـا للنظـام العـام أو الآداب وأن بطـلان اتفاق التحكيم هو سبب مؤد إلى إنهاء اتفاق التحكيم .

   إذن يتضح لنا جليا بأن اتفاق التحكيم قـد ينهـي وفقـا لبطلانـه إذا تعلق بمخالفة للنظام العـام أو الآداب العامـة وذلـك فيمـا يتعلـق بمحـل الالتزام وسببه. وينص قانون التحكيم م11 على أنـه:" لا يجـوز التحكـيـم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح وفـي هـذا الـشـأن يـنص القـانون المدني م551 على أنه: "لا يجوز الصلح فـي المسائل المتعلقة بالحالـة الشخصية أو بالنظام العام".

    ونستطيع أن نجد تطبيقا مباشـرة لفكـرة بطلان اتفـاق التحكــيم وإنهائه استناداً إلى وقوعه على مسألة تتعلق بالنظـام العـام حـالـة وجـود نص في القانون على أن الاختصاص بها قاصـر علـى المـحـاكم، ويـرى البعض أنه يوجد تطبيق لـذلك فيمـا جـاء فـي القـانون ۱۹۸١/١٤٣. في شأن الأراضي الصحراوية من أن ملكيتهـا بصفة عامـة وحيازتهـا والانتفاع بها والتصرف فيهـا يعتبـر مـن المـسـائل المتعلقة بالنظـام العام .

   وبالتطبيق لذلك فإن اتفاق التحكيم الـذي يـكـون مـحـل اسـتـصدار حكم بصحة ونفاذ عقد بيع عقار يقع باطلا ويوجب إنهـاء اتفـاق التحكـيـم الوارد بشأنه وذلك لسببين: الأول: أن محـل الاتفـاق مـسألة محجـوزة للمحاكم، كما أنه يستتبع نتائج مخالفـة للنظـام العـام تتمثـل فـي سـلب ولاية المحاكم. الثاني: فيظهر حين يكـون الباعـث الـدافع للاتفـاق هـو التهرب من إجراءات الشهر ودفع الرسوم المستحقة لخزانة الدولة.

   وفي إحدى القضايا التـي عرضـت علـى محكمـة الـنقض" بشأن مدى امتداد اتفـاق التحكــم إلـى المـدين المتضامن مـع المـدين الأصلي الطرف في اتفاق التحكـيـم أثيـر التـسـاؤل عمـا إذا كـان يمكـن إدخال شركة أم في تحكيم جرى بنـاء علـى اتفـاق تحكـيـم مـبـرم بـيـن إحدى شركاتها التابعـة والمتعاقـد مـع هـذه الأخيـرة. حـددت محكمـة النقض المبادئ القانونية التـي تحكـم التـسـاؤل المذكور بشأن طعنـين بالنقض في حكم محكمة استئناف القاهرة القاضي ببطلان حكـم التحكيــم الصادر ضد الشركتين الأم والتابعة بإلزامهمـا بالتضامن بـدفع المبـالغ المقضي بها لصالح المحتكم، وفي حين كـان الطعـن الأول يتعلـق بـمـدى صحة إدخال الشركة الأم في التحكيم فإن الطعن الثاني كـان يتعلـق بـأثر بطلان حكم التحكيم بالنسبة للشركة الأم علـى شـقـه الـصـادر ضـد الشركة التابعة.

   قضت المحكمة بأن المقرر في قـضاء هـذه المحكمـة أن التحكـيـم هو طريق استثنائي لفـض الخصومات قوامـه الخـروج عـن طـرق التقاضي العادية وما تكفله مـن ضمانات، وإذا كـان اختصاص هيئـة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليهـا يـرتكن أساسـا إلـى حـكـم القانون الذي أجاز استثناء سـلـب ولايـة جـهـات القـضاء إلا أن التنظـيم القانوني للتحكيم إنما يقوم على رضـاء الأطـراف وقبـولـهم بـه كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعـات التـي نـشأت أو يمكـن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقديـة أو غيـر عقديـة، فـإرادة المتعاقدين هي التي توجد التحكيم وتحدد نطاقه مـن حيـث المسائل التـي يـشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئـة التحكــم وسـلطاتها وإجـراءات التحكيم وغيرها.

   ولما تقدم فإن النعي على الحكـم المطعـون فيـه بـسبب الطعـن يكون على غير أساس، مما يتعين معـه رفـض الطعـن، وفـي الطـعـن الثاني الذي فصلت فيـه محكمـة الـنقض فـي ذات الحكـم أوضحت أن قضاء الحكم المطعون فيه ببطلان حكـم التحكـيـم بالنسبة للشركة الأم (المدين المتضامن) لعدم ارتباطها باتفـاق التحكيم المبـرم مـع شـركتها التابعة (المدين الأصـلي) وإن كـان مـفـاده عـدم جـواز الـزام الأولـى بالمديونية بالتضامن مـع الـشركة التابعة، إلا أن هـذا لا ينفـي التـزام الأخير بهذه المديونيـة ولا يعـد سـبباً للقضاء ببطلان حكـم التحكـيـم بالنسبة إليها.

   وقد ساقت المحكمة مبررين لقضائها تمـثلا أولا فـي أن المقـرر في قضائها أنه إذا رفعت الدعوى بطلـب الحكـم علـى المـدعي عليهمـا متضامنين فإن كلا منهما يكون مستقلا عن الآخـر فـي الخـصومة وفـي مسلكه فيها والطعن على ما يصدر فيها من أحكام.

المسألة الثالثة: الاختصاص بنظر بطـلان اتفـاق التحكيم: يعـد كسبباً لإنهاء الاتفاق بين أطرافـه وذلـك فـي مرحلـة سـير إجـراءات التحكيم وقبل استصدار حكم التحكيم.

أولا: وضع المسألة: أثير التساؤل حول مـدى قانونيـة استصدار حكـم من محاكم الدولة التي يجرى على إقليمها التحكيم يقضي ببطلان اتفـاق التحكيم وإعمال إنهائه من ناحية، ومـدى التـزام هيئـة التحكيم بالتقيـد بهذا الحكم خصوصاً إذا كـان التحكــم دوليـاً ولكنـه يـخـضـع لقـانون التحكيم من ناحية أخرى .

     فهي إذن ليست مخولة لإصدار حكم فـي هـذه المسألة مـا لـم يـشتمل اتفاق التحكيم على هذه المسألة وقد ظهـرت الأهميـة العمليـة لمثـل هـذا الاتفاق عندما طعن ببطلان اتفاق التحكيــم الـذي يتضمنه عقـد امتيــاز إنشاء مطار رأس سدر أمام محكمـة القـضاء الإداري بالقاهرة ثـم تـلا ذلك الطعن بالبطلان في حكم التحكيم ذاته أمام المحكمة الإدارية العليا.