الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اسباب ترجع الى الاتفاق ( عدم وجود اتفاق التحكيم - بطلان اتفاق التحكيم - سقوط اتفاق التحكيم بانتهاء مدته ) / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / العودة إلى التحكيم بعد بطلان الحكم ( دراسة مقارنة) / تجاوز حكم التحكيم حدود اتفاق التحكيم

  • الاسم

    أماني أبوالعلا على ابو العلا النمر
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    143

التفاصيل طباعة نسخ

تجاوز حكم التحكيم حدود اتفاق التحكيم

  وفقاً لنص المادة 1/53/و مـن قـانون التحكيم المصـري رقـم 27 لسنة 1994 يجوز الرجوع علـى حـكـم التحكــم بـدعوى البطلان في حالة ما «إذا فصـل حـكـم التحكــم فـي مـسـائل لا يشملها اتفـاق التحكيم أو جاوز حدود هذا الاتفاق. ومع ذلـك إذا أمكـن فـصـل أجـزاء الحكم الخـاص بالمسائل الخاضعة للتحكــم عـن أجزائـه الخاصـة بالمسائل غير الخاضعة له فلا يقع إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها».

   وأول ملاحظة على هذا النص تكمـن فـي تـأثره بنص المـادة 34 – ۲ – أ – 3 من القانون النموذجي للتحكــم الـذي أعدتـه لجنـة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي التي تنص علـى أنـه «لا يجـوز للمحكمة المسماة في المادة 6 أن تلغـي أي قـرار تحكــم إلا إذا: أ- قـدم الطرف طالب الإلغاء دليلاً يثبـت أن قـرار التحكــم يتنـاول نزاعـاً لا يقصده أو لا يشمله اتفاق العرض علـى التحكيم، أو أنـه يشتمل علـى قرارات في مسائل خارجة عن نطاق هذا الاتفاق».

   ويتضح من هذا النص أنـه يـجـب علـى هيئـة التحكــم عنـدما تصدر حكـم التحكــم فـي النـزاع أن تتقيـد بـمـا اتجهـت إليـه إرادة الأطراف، ولا تحيد عنهـا، سـواء تعلـق الأمـر بشـرط تحكــم وهنـا يستلزم القانون أن يكـون هنـاك تحديـد لموضـوع النـزاع فـي بيـان الدعاوى، أم بمشارطة تحكيم. وفي هذه الحالـة الأخيـرة، فـإن المسـائل التي يجب الفصل فيها تكون محددة بالمشارطة، فـإن تجـاوزت هيئـة التحكيم حدود تلك المسائل، كان حكمها عرضه للبطلان.

    ومما يسترعى النظر على قوانين التحكــم فـي هـذا الصدد، أن بعضها يأخذ صراحة بأن الفصل فـي مسـألة لا يشملها اتفـاق التحكــم أو تجاوز هذا الاتفاق يعد من أسباب بطلان حكـم التحكــم مـثـل المـادة 1/53 مـن قـانون التحكيم المصـري، وقانون الإجـراءات المدنيـة الألماني حيث تنص المـادة 1059 فقرة ٢ - أ - ٢، المـادة 190 مـن القـانون السويسـري والمـادة ٥/١٠ مـن الفصـل الأول مـن القـانون الفيدرالي الأمريكي. بينما يمكن القول أن البعض الآخـر يأخـذ بهـذا السبب تحت المسمى الفضفاض وهـو تـجـاوز هيئـة التحكيم المهمـة الموكولة إليها مثل قانون التحكــم الإنجليـزي (المـادة 68 فقرة ٩/٢) حيث قضى ببطلان حكم التحكيم إذا تجـاوزت هيئـة التحكيم مهمتهـا، وقانون الإجراءات المدنية اليونـاني، والمـادة 6 فقـرة مـن القـانون السويدي المتعلق بالتحكيم الداخلي، والمادة رقـم 7 فقـرة/3 مـن القـانون السويدي المتعلـق بـالتحكيم الأجنبـي، والمـادة ١٧٠٤ مـن قـانون الإجراءات المدنية البلجيكي.

   وتنص على هـذا السبب اتفاقيـة نيويورك بمقتضـى المـادة الخامسة/ج، واتفاقية جنيف الأوربية سنة 61 بمقتضى المادة التاسعة.

   وبناء على مـا تقـدم يبطـل حـكـم تحكيم، إذا كانـت المهمـة المخولة من الأطراف لهيئة التحكيم هـي الفصـل فقـط فـي المنازعـات الناشئة عن تنفيذ عقد شركة، فقضت هيئـة التحكــم بـالرغم مـن ذلـك، ببطلان عقد الشركة.

   وإذا كانت المهمة الموكولة إلى هيئة التحكيم تفسـير عقـد بـين مهندس ورب عمل، ولكن هيئة التحكــم فـصـلـت فـي مـسـألة استحقاق المهندس باقي أتعابه، فإن حكم هيئة التحكيم يكون قد تجاوزها.

   وإذا كـان شـرط التحكيم، تتمثـل صـيغته فـي اتجـاه إرادة الأطراف، لحل جميع المنازعات الناشئة عن عقد النقـل، فإنـه ينصـرف إلى المطالبة بمقابل كسب الوقت باعتبارها متفرعة عن التفريغ.

   وإذا كان الطرفان، قد حــدا فـي مشـارطة التحكيم موضـوع النزاع القائم بينهما بشأن تنفيذ عقد مقاولـة، ورد النص علـى تفويض المحكم لحسم هذا النزاع، وحددا مأموريتـه معاينـة الأعمـال التـي قـام بها المقاول لمعرفة مدى مطابقتهـا للمواصفات والأصـول الفنيـة مـن عدمه وتقدير قيمة الصحيح من الأعمال كما نصـا فـي المشـارطة علـى تفويض المحكم في الحكم والصلح، وكان ذلـك التفويض بصيغة عامـة لا تخصيص فيها فإن المحكم إذا أصدر حكماً فـي الخـلاف وحـد فـي منطوقة ما يستحقه المقاول عن الأعمال التـي قـام بـهـا جميعهـا حـتـى تاريخ الحكم بمبلغ معين، فإنه لا يكون قد خـرج عـن حـدود المشـارطة أو قضى بغير ما قبل به الخصوم.

   ومتى كان الحكم المطعون فيه قـد أقـام قضـاءه علـى أنـه، إذا كان المحكم لم يعاين بعض الأعمـال التـي قـام بـهـا المطعـون عليـه الأول، باعتبار أنها من الأعمال الغيـر ظـاهرة، التـي أعفتـه مشـارطة التحكيم من معاينتها، وكان تقرير ما إذا كانت هـذه الأعمـال ظـاهرة أو غير ظاهرة تقريراً موضوعياً، فإن الحكم وقد انتهى فـي أسـبـاب سـائغة ودون أن يخرج علـى المعنـى الظـاهر لنصـوص المشارطة إلـى أن المحكم قد التزم في عمله الحدود المرسومة لـه فـي مشـارطة التحكــم، فإنه لا يكون قد خالف القانون.

   وفي قضية تحكيم بين شركتين تجـاوز المحكـم حـدود مهمتـه وأدخل في تقديره للتعويض عناصر غير التـي تضمنها طلـب التحكــم. وطعن الطرف المتضرر فـي هـذا الحكـم فـأيـدت محكمـة الاسـتئناف الحكم التحكيمي، فأعاد الطعن أمـام محكمـة الـنقض الفرنسية (الـدائرة الثانية المدنية) التـي أصـدرت حكمهـا فـی ۱۹۹۷/۱۲/۲۹ قائلـة: «أن حكم الاستئناف الذي رفض الطعن بالبطلان المقـدم ضـد حـكـم تـحـكـــم بسبب أن المحكم قد أقحم في العلاقات التعاقديـة صعوبات ماليـة جمـة في العناصر المكونة للضرر، وهذا الحكـم الاستئنافي قد قضـى فـي الادعاء الأصلي، وهو التعويض عن الضـرر الناتج عـن التـأخير فـي أساس مبالغ، ولذلك يجب نقضه لأن المدعي في التحكيم قـد حـدد طلبـه بطريقة صريحة في إصلاح الضـرر المتمثـل فقـط فـي الخسـارة فـي سعر الصرف».

    ولقد عالجت محكمـة اسـتئناف القاهرة هـذه المسألة علاجـاً مختلفاً، حيث ذهبـت المحكمـة إلـى أن قضـاء حكـم التحكــم بـإلزام المحتكم ضدها بالتعويض بعـد أن كـان قـد نفـى إخلالهـا بالتزاماتهـا الناشئة عن العقد المبرم بين الطرفين يكون قـد اسـتنـد فـي قضـائه إلـى الإخلال بالتزامات غير تعاقدية، وهو الأمـر الـذي يخـرج عـن اتفـاق التحكيم كما حدده البنـد 14 مـن العقـد المـذكور وطلبـات الشـركة المحتكمة، نظراً لأن التحكيم نظـام استثنائي يسـتمـد وجـوده وسـلطات المحكمين فيـه مـن اتفـاق الخصـوم الـذي يحدد موضـوع النـزاع المطروح على التحكيم في كل حالة على حدة، حتـى ولـو كـان المحكـم مفوضاً بالصلح، وذلك حتـى لا تتعـدي تلـك الهيئـة علـى اختصـاص محاكم الدولة صاحبة الولاية العامـة مـن ناحيـة، وتفتئـت علـى إرادة الطرفين من ناحية أخرى.

   وإذا كانت إرادة الأطراف قد اتجهت إلـى تخويـل هيئـة التحكــم سلطة تحديـد قيمـة الخسائر، أو الأضـرار الناشـئة المضمون، فإن ذلك لا يعطيها سلطة الفصل فـي إلـزام أحـد الأطـراف بذلك، وإلا عد ذلك تجاوزاً منها لمهمتها، مما يؤدي إلـى بطـلان الحك عن الحـادث في هذا الشق.

   وإذا كانت إرادة الأطراف قد اتجهت إلـى حـل النـزاع الناشئ عن تنفيذ العقد وتفسيره المبرم بينهما، فإن ذلـك يشـمل النـزاع الناشـي عن فسخ العقد والتعويض عنه ولا غبار على حكـم التحكيم، إذا قضـى بذلك.

   وإذا اتجهت إرادة الأطراف لحل ما ينشـأ بينهمـا مـن منازعـات متعلقة بالعقد، أو بسببه المبرم بينهما عـن طـريـق التحكيم، فـإن ذلـك يشمل أيضاً نزاعهما حـول تنفيـذ الأعمـال الإضـافية المتعلقة بالعقـد المبرم بين الطرفين، وفـي الحـدود التـي يتضـمنها الـنص المـذكور بالعقد، المتعلق بهذا الموضوع.

   وإذا كانت إرادة الأطراف قد اتجهت لحـل النـزاع الناشـي عـن تنفيذ عقد معين والتعويض عما يكـون قـد أصـابـهم مـن ضـرر، فـإن قضاء هيئة التحكيم، بإلزام أحـد الأطـراف بالفوائـد التأخيريـة، لا يعـد خروجاً عن مهمة هيئة التحكيم.

   ويعد تجاوزاً من هيئة التحكيم لاتفـاق الأطـراف علـى تخويلهـا سلطة الفصل، فيما يثـور مـن منازعـات حـول الخسـارة المشتركة، فقضى الحكم بغرامات تأخير وأجرة متأخرة.

   على أنه إذا فصـلت هيئـة التحكــم فـي عـدة مسـائل، وكـان بعضها مما يدخل في نطاق ولايتها والبعض الآخر لا يدخل فـي نـطـاق ولايتها، فإن الفصل في أولاهما لا ينسحب عليـه الـبطلان. أمـا الفصـل في ثانيتها فيعتريه البطلان وهذا مشروط بإمكانيـة الفصـل بينهمـا أمـا إذا لم يكن هناك إمكانية مـن الناحيـة القانونيـة للفصـل بينهمـا، فـإن البطلان يعتريهما معاً وهذا مـا تـنص عليـه (المـادة 1/53/و تحكــم مصـري والمــادة ٣/١/٢/٢٤ مـن القـانـون النمـوذجي والمــادة ٢/١/٢/١٠٥٩ من قـانون الإجـراءات المدنيـة الألمـاني والمـادة 5/10 من القانوني الفيدرالي الأمريكي.

   ولا يعني كل ما سبق أن خـروج المحكـم عـن حـدود التحكيم مقصور فقط على موضوع النزاع، بـل يشـمـل حـالات أخـرى، ومثال ذلك أن تتجه إرادة الأطراف إلى تخويـل المحكم سلطة الفصـل في النزاع طبقاً للقانون، فيقضى فيه طبقـاً للعدالـة.