التنفيذ / اسباب ترجع الى الاتفاق ( عدم وجود اتفاق التحكيم - بطلان اتفاق التحكيم - سقوط اتفاق التحكيم بانتهاء مدته ) / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / العودة إلى التحكيم بعد بطلان الحكم ( دراسة مقارنة) / سقوط اتفاق التحكيم
يجب حتـى لا يبطـل حـكـم التحكـيـم أن يصـدر خـلال المـدة المحددة لصدوره في اتفاق التحكيم (المادة 53/أ).
موقف القانون المقارن من سقوط اتفاق التحكيم بانقضاء المدة المحددة له
وهناك قوانين تنص صراحة علـى بـطـلان حكـم التحكيم، إذا صدر بعد الميعاد المحـدد مـثـل المـادة 1/1484 والمـادة ١٠٥٢ مـن القانون الفرنسي والمادة 897 من قانون الإجـراءات المدنيـة اليونـاني والمادة 3/45 من قانون التحكيم الأسباني والمـادة 1056 مـن قـانون الإجراءات المدنية الهولندي فقرة 1/ج.
ويمكن القول، بأن بطلان حكم التحكــم لسقوط اتفـاق التحكـ في الدول التي لا تنص على هذا السـبب صـراحة – مثـال مـا تـنـص عليه المادة 68 فقرة ٢/ب من قانون التحكيم الإنجليـزي الصـادر سـنة 1996 -، يرد تحت عبارة بطلان حكـم التحكــم إذا تجـاوزت محكمـة التحكيم صلاحيتها. فهنا يمكن القول بأن سقوط اتفـاق التحكــيم، ينـدرج تحت سبب تجاوز المحكـم حـدود المهمـة الموكولـة إليـه، نظـراً لأن مهمة المحكم تحتوي على ثلاثة عناصـر: العنصر الأول، الفصـل فـي موضوع معين بحكـم، والعنصـر الـثـاني، وهـو التقيـد بميعـاد مـعـين للفصل في المهمة، أما العنصر الثالث، فيتمثـل فـي المهمـة الموكولة إليه بين أطراف معينين.
والمدة التي يجـب خلالهـا صـدور حكـم التحكيم، قد تكـون محددة من قبل الأطراف (المادة 1/45)، سواء صراحة أم ضمنا.
وإذا لم يوجد اتفاق بين الأطـراف، علـى مـدة مـحـددة، يجـب صدور حكم التحكيم خلالها، تعين أن يصدر الحكـم، خـلال إثنـ شهرا، من تاريخ بدء إجراءات التحكيم (المادة 1/45).
بيد أن نص المادة 1/45 يبدو هنا مـحـل نـظـر، ذلـك أنـه كـان عشـر يجب على المشرع أن ينص على بدء سريان مـدة صـدور الحكـم مـن تاریخ تعيين المحكم المرجح، أو بصفة عامة مـن تـاريخ تكــوين هيئـة التحكيم، لأنه قد تستغرق إجراءات التحكيم وتشكيل هيئـة التحكــم وقتـاً طويلا، قد يستنفد معظم مدة الإثنى عشـر شـهرا. وهـذا مـا أخـذ بـه القانون الفرنسي، والذي يقضـي بأنـه وعنـد عـدم تحديـد مـدة اتفـاق التحكيم، فإنه محدد بستة أشـهر تحسـب مـن اليـوم، الـذي يقبـل فيـه المحكمين مهمة التحكيم (المادة 1456).
كما أن نص المادة 45 محل نظـر أيضـاً، فـي أن مـدة الإثنـى عشر شهرا، تعد قليلة نسبياً، نظـراً لأن هنـاك قضـايا، قـد تـسـتغرق بطبيعتها عدة سنوات.
وقد خول قانون التحكيم المصري هيئة التحكــم سـلطة تقديريـة في مد ميعاد التحكيم فترة اضافية لا تزيـد علـى سـتة شهور اذا رأت مبرراً لذلك في الفرض الـذي ينقضـي الميعـاد القـانوني الـذي حـده المشرع وبالرغم من ذلك لـم يـتم اصـدار الحكـم المنهـي للخصـومة، وهذه السلطة التقديرية هدفها انقاذ خصومة التحكيم عنـدما تكـون هنـاك مبررات عملية تستدعي مـنح هيئـة التحكــم فـتـرة أخـرى مـن اجـل اصدار الحكم المنهي للخصومة، سـواء كـان ميـعـاد صـدور التحكــم محدداً اتفاقاً أم قانوناً أم من هيئة التحكيم، وأثنـاء ســريانه، حتـى يمكـن القول، بأن لها ولاية في سلطة مد ميعـاد صـدوره إذا رأت مـا يقتضـى ذلك. وتملك هيئة التحكيم تلك المكنة، ولو لم يعطهـا الأطـراف سـلطة ذلك، وبشرط ألا تزيد فترة المد على ستة أشهر.
ويستطيع أطـراف اتفـاق التحكــم، دون معقـب حـرمـان هيئـة التحكيم، من سلطة المد، أو تقييدها، أو إطلاقها.
وإذا لم يصدر حكم التحكــم خـلال الميعـاد المحـدد، جـاز لأي من طرفي التحكيم، أن يطلب من رئيس المحكمـة المشـار إليهـا فـي المادة 9 من هذا القانون، أن يصـدر أمـراً بتحديـد ميعـاد إضـافي، أو بإنهاء إجراءات التحكيم. ويكون لأي من الطرفين عندئـذ رفـع دعـواه، إلى المحكمة المختصـة أصـلا بنظرهـا (المـادة 2/45) ويشترط فـي طلب المد أن يقدم قبل انقضاء الميعاد المحدد لصدور الحكم.
ومما يتعين الإشارة إليه، أنـه فـي حالـة تحديـد مـعـاد مـعـين لصدور حكم التحكيم في ظل قانون مـا، فـلا ينسحب علـى التحكــم، الذي أبرم في ظل قانون سابق، وهذه هي النتيجـة الوحيـدة، التـي تتفـق مع القاعدة الأساسية الخاصـة بعـدم رجعيـة القـوانين وأيضـا المـادة (2/1) من قانون المرافعـات فـي المـواد المدنيـة والتجاريـة، والتـي تقضي بأن القوانين الجديدة المعدلة لمدد الإجـراءات، لا يكـون لـهـا أثـر رجعي .
وترى الباحثة:
أن نص المادة 45 مـن قـانون التحكيم المصـري لـم يـعـالـج فروضاً صـعبة قـد تـحـدث فـي الواقـع العملـي وتثيـر الكثيـر مـن المشكلات. حيث ان الفقرة الأخيـرة مـن المـادة سـالفة الـذكر، قـدمت الحل الواجب الاتباع في حالة انتهاء الميعاد الاتفـاقي والميعـاد القـانوني الذي حدده المشرع باثني عشر شهرا في حالة عـدم وجـود اتفـاق مـن قبل الاطراف، حيث قرر المشرع في مثل هـذه الحالـة "وإذا لـم يـصـدر حكم التحكيم خلال الميعاد المشار اليه فـي الفقـرة السـابقة – أي الميعـاد الاتفاقي وكذلك الميعاد القانوني - جاز لأي مـن أي طرفـي التحكـ أن يطلب من رئيس المحكمة المشار اليها فـي المـادة 9 مـن هـذا القـانون ان يصدر أمراً بتحديـد مـعـاد اضـافي او بانهـاء اجـراءات التحكيم. ويكون لأي من الطرفين عندئذ رفـع دعـواه الـى المحكمـة المختصـة اصلا بنظرها".
وهذا الحل الذي قدمه المشرع المصـري محـل نـظـر مـن عـدة نواحي:
1- ماذا لو طلب أحد الأطـراف انهـاء اجـراءات التحكـيـم فـي حين طلب الآخر مد ميعاد التحكيم ؟
2- على اي اساس في مثل هـذا الفـرض تستجيب المحكمـة لطلب وترفض الطلب الآخر ؟ 3- كيف يمكن تحقيق وحده فـي مــلك المحـاكم عنـد معالجـة هذه المشكلة العملية ؟
4- ما هي المدة التي يمكن ان تقرر المحكمة مـد ميعـاد التحكــم اليها ؟
5 - اليس مد ميعاد التحكيم قضائياً بموجب سلطة تقديريـة غيـر محددة، سوف يتعارض مع رغبة أحد الأطـراف فـي انـهـاء التحكيم بعد انقضاء الميعاد الاتفاقي والقانوني.
6- أليس من الممكن ان يقال بعـد انقضـاء الميعـاد الاتفـاقي أو الميعاد الإحتياطي والمقصود بذلك الميعـاد القـانوني الـذي قرره المشرع فـي حالـة عـدم وجـود اتفـاق مـن جـانـب الاطراف، بل وكذلك الميعاد الاحتياطي الثـاني الـذي خولـه المشرع لهيئة التحكيم في امكانية المد فـي مـدة لا تجـاوز 6 أشهر....
أليس من الممكن ان يقال ان التحكيم في مثـل هـذا الفـرض قد تحول الى تحكيم اجباري يسير علـى غيـر رضـا وإرادة حره من جانب أحد الأطراف
ألم تستقر أحكام المحكمة الدستورية العليـا في هـذا الشـأن على عدم دستورية التحكيم الإجباري
وهذه التساؤلات تستوجب اعادة نظر في المادة 45 من أجل توحيد الحلول التي يمكن تحذف و في المستقبل.
موقف قانون التحكيم الإنجليزي
أما عن موقف قانون التحكيم الإنجليزي الصـادر سـنة 1996.
فنجد أنه ينص في المادة 50 بأنه، مـا لـم يوجـد اتفـاق مـن أطـراف التحكيم، بتخويل القاضي سلطة مد ميعاد صدور حكـم التحكـــيم (المـادة 1/50)، بناء على طلب من هيئـة التحكــم نفسـهـا بعـد إبـلاغ جميـع أطراف العمليـة التحكيميـة (المـادة أ/2/50)، أو مـن أي طـرف مـن أطراف اتفاق التحكيم، بعـد إبـلاغ هيئـة التحكــم وبـاقي الأطـراف الأخرى، ولا يقبل الطلـب، إلا بعـد اسـتنفاذ المهـل الأخـرى المحـددة (المادة 2/50/ب). وللقاضي سلطة تقديريـة واسـعة، بحيث لا يقضـى به إلا إذا وجد أن هناك ضرراً سيقع على طـالـب المـد، إذا لـم يـسـتجب له (المادة 3/50. ويحق للقاضي مد مدة صدور حكـم التحكــم حـتـى ولو كانت المدة المحددة سابقاً لصدور حكم التحكيم، قـد انتهـت (المـادة 4/50). وقرار المحكم بالمد، أو عدمه، لا يجوز الطعـن عليـه، إلا بعـد موافقته (المادة 5/50).
ويمكن لجميع أطراف التحكيم، أن تتجـه إرادتهـم، إلـى وقـف إجـراءات خصومة التحكيم، أي مـدة يرونهـا، إلـى أن يقفـل بـاب المرافعة.
كما يمكن أن يقف ميعاد صدور حكم التحكــم بـقـرار مـن هيئـة التحكيم، إذ قضت محكمة النقض المصـرية بـأن «الميعـاد المـحـد فـي مشارطة التحكيم لإصدار الحكـم فـي النـزاع المعـروض علـى الهيئـة يقف سريانه حتى يصدر مـن المحكمـة المختصـة حـكـم فـي الـدعوى المرفوعة قبل انقضائه بطلب تعيين محكم آخر بدلاً ممـن تنحـي عمـلاً بالمادة 838 من قانون المرافعات السابق، وذلـك بحسـبـان هـذه المسألة عارضة تخرج عن ولاية المحكمين ويستحيل عليهم قبـل الفصـل فيهـا مواصلة السير في التحكيم المنوط بهم».
وقد أعطى قانون التحكــم (المـادة 46)، هيئـة التحكــم سـلطة تقديرية واسعة، بحيث إذا أثيرت أثناء إجراءات التحكــم، مسـألة تخـرج عن نطاق ولاية هيئة التحكيم، أو طعن بالتزوير فـي ورقـة، أو مستند قدم إليها، أو تم اتخاذ إجراءات جنائيـة عـن تزويرهـا – أمـام النيابـة العامة مثلاً أو المحكمة – أو عن فعل جنائي آخـر، فإنـه يـجـوز لهيئـة التحكيم، الاستمرار في نظر موضـوع النـزاع، إذا رأت أن الفصـل فـي هذه المسألة أو في تزوير الورقة أو فـي الفعـل الجنـائي، ليس لازماً للفصل في موضـوع النـزاع، وإلا فيجـب عليهـا إيقـاف الإجـراءات، حتى يصدر حكم نهائي فـي هـذا الشـان. ويترتب علـى ذلـك وقـف سريان الميعاد المحدد، لإصدار حكم التحكيم.
كما يقف ميعاد صدور الحكم، بقوة القـانون، فـي حالـة انقطـاع خصومة التحكيم (المادة 38) ، مثل وفاة أحد الأطـراف أو فقـده أهليـة التقاضي، أو زوال صفة من كـان يباشـر إجـراءات الخصـومة. وفـي حالة ما إذا، قامت قوة قاهرة، أثناء فتـرة سـريان ميعاد إصـدار حكـم التحكيم، هنا يقف الميعاد، لحين زوال القـوة القـاهرة، ويستأنف الميعـاد بعد ذلك سيره.
وهذا ما أكدته أيضاً محكمة النقض المصرية بقولهـا «بـأن قيـام القوة القاهرة لا يكون من شأنه، إهـدار شـرط التحكيم، المتفـق علـيـه وإنما كل ما يترتب عليه، هو وقـف سـريان الميعـاد المحـدد لعـرض النزاع على التحكيم، إن كان له ميعاد محدد».
مصير إجراءات التحكيم قبل الوقف وبعده
وهذا ما أكدته محكمة النقض المصـرية" بقولهـا بـأن «البطلان المؤسس على انقضاء المشاركة ليس من شأنه أن يمـس مـا يـكـون قـد صدر من المحكمين من أحكام قطعية في فترة قيام المشارطة».