التنفيذ / اسباب ترجع الى الاتفاق ( عدم وجود اتفاق التحكيم - بطلان اتفاق التحكيم - سقوط اتفاق التحكيم بانتهاء مدته ) / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / بطلان احكام التحكيم الدولية من منظور الاختصاص الدولي والوطني / انعدام وجود اتفاق التحكيم وبطلانه
فاختصاص هيئة التحكيم بنظر النزاع وإن كان يرتكن أساساً على حكم القانون الذى أجاز استثناء سلب اختصاص القضاء إلا أنه ينبغي النظر وفى كل حالة على حدة على اتفاق الطرفين .
واختلفت التشريعات المقارنة في تعريف اتفاق التحكيم، فبعضها لــم تعرف اتفاق التحكيم، واكتفى بالنص على جواز الاتفاق على التحكيم نزاع أو منازعات معينة.
ومن ذلك المشرع السويسرى؛ حيث تنص المادة 7 من قانون التحكيم السويسرى على أن الاتفاق التحكيمة : إذا كان الأطراف قد وقعوا عقداً تحكيمياً يشمل نزاعاً يمكن إحالته للتحكيم فعلى المحكمة السويسرية التي يطلب منها النظر فى هذا النزاع أنَّ تعلن عدم اختصاصها.."
والمشرع السوري؛ إذ تنص المادة ٦-٥ من قانون التحكيم السورى القديم على أنه يجوز للمتعاقدين أنَّ يشترطوا بصفة عامة عرض ما قد ينشأ بينهم من النزاع في تنفيذ عقد معين على محكم واحد أو أكثر، ويجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين وبشروط خاصة".
والمشرع القطرى؛ إذ تنص المادة ۱۹۰ فى قانون التحكيم القطرى على أنه يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين بوثيقة تحكيم خاصة، كما يجوز الاتفاق على التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ عن تنفيذ عقد معين".
وتنص المادة ۲۰۳ ، من القانون الإمارتي على أنه: "يجوز للمتعاقدين بصفة عامة أنَّ يشترطوا فى العقد الأساسى أو باتفاق لاحق على عرض مـــا قد ينشأ بينهم من النزاع بتنفيذ عقد معين على محكم أو أكثر، كما يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع بشروط خاصة".
وكذلك الأمر بالنسبة للقانون الأردنى الذى لم يعرف اتفاق التحكيم ألا أنه نص في المادة على جواز الاتفاق على التحكيم في النزاعات المدنية أو التجارية بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخــاص أيـا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع "عقدية كانت أو غيـر عقدية".
وبعض التشريعات عرفت اتفاق التحكيم ومن ذلك المشرع المصرى، فقد عرف اتفاق التحكيم في المادة ۱/۱۰ بأنه "اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أنَّ تنشأ بينهما بمناسبة علاقة مباشرة معينة عقدية كانت أو غير عقدية" وجاء المشرع العماني والفلسطيني على قرار المشرع المصري في تعريفه لاتفاق التحكيم.
وعرف المشرع الإنجليزى فى المادة ١/٦ من قانون التحكيم الإنجليزى ۱۹۹٦ الاتفاق التحكيمى بأنه: "اتفاق" يحيل إلى التحكيم النزاعات الناشئة أو التي ستنشأ سواء كانت النزاعات عقدية أو غير عقدية، وأن الاتفاق الذي يتضمن إحالة إلى شرط تحكيمي مكتوب أو إلى وثيقة تتضمن شرطاً تحكيمياً يعتبر عقدًا تحكيمياً إذا كانت الإحالة مكتوبة بشكل يجعل الشرط التحكيمي جزء من العقد وقد عرفت المادة ١٠٢٠ مــن قـانون التحكيم الهولندى اتفاق التحكيم بأنه:
١ - يمكن للأطراف الاتفاق على الإحالة إلى التحكيم جميع النزاعات الناشئة أو التي ستنشأ بينهما من خلال علاقة قانونية معينة تعاقدية أو غيـر تعاقدية.
۲- أن عبارة الاتفاق التحكيمي يمكن أن تعنى الاتفاق التحكيمي الذي يلتزم الأطراف بموجبه على إحالة خلاف ناشئ فيما بينهما على التحكيم والشرط التحكيمى الذى يلتزم بموجبه الاطراف باحالة النزاعات التي تنشأ فيما بينها على التحكيم.
وقد فرقت بعض التشريعات عند تعريفها لإخفاق التحكيم - بين شرط التحكيم ومشارطة التحكيم مثل الفرنسي واللبناني.
فقد خص المشرع الفرنسي - الفصل الأول من الباب الأول من قانون التحكيم، بشرط التحكيم، والفصل الثانى بمشارطة التحكيم؛ فوفقا لنص المادة ١٤٤٢ من قانون المرافعات الفرنسي فإنَّ الشرط التحكيمي هو "الاتفاق الذي يتعهد بموجبه المتعاقدون على إحالة النزاعات التي تنشأ عن العقد إلــى التحكيم"، مشارطة التحكيم وفقاً للمادة ١٤٤٧ هي عقد يحيل بموجبه أطراف نزاع ناشئ هذا النزاع إلى تحكيم شخص أو عدة أشخاص".
وبالمثل المشرع اللبناني؛ فبالنسبة للشرط التحكيمي فقد نصت المادة ٧٦٢ على أنه "يجوز للمتعاقدين أنَّ يدرجوا في العقد التجاري أو المدني المبرم بينهم، بنداً ينص على أنَّ تحل بطريق التحكيم جميع المنازعات القابلة للصلح التي تنشأ عن تنفيذ هذا العقد أو تفسير، أما المشارطة التحكيمية؛ فقد عرفتها المادة ٧٦٥ بأنها "عقد" بموجبه" يتفق الأطراف فيه على حل نزاع قابل للصلح ناشئ بينهم عن طريق تحكيم شخص أو عدة أشخاص".
فالمادة (٢/١٠) من قانون التحكيم المصرى نصت على جواز أنَّ يكون اتفاق التحكيم سابقا على قيام النزاع، وجاءت الفقرة الثالثة لتؤكـد أنــــه يعتبر اتفاقا كل إحالة ترد في العقد إلى وثيقة التحكيم تتضمن شرط تحكيم إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار شرط التحكيم جزءا من العقد (م۳/۱۰) وبناء على ذلك فإن الاتفاق على التحكيم يأخذ ثلاث صور هي:ـ
١- صورة بند فى عقد معين بشأن كل أو بعض المنازعات التي قد تنشأ بين الطرفين.
٢- صورة عقد مستقل عن العقد الأصلى في تاريخ لاحق لتاريخ العقد وسابق على وقوع النزاع.
٣- صورة احالة في العقد الأصلى إلى وثيقة تتضمن شرط التحكيم.
ويلاحظ أن اتفاق التحكيم عقد ذو طبيعة خاصة، يستهدف تنظيم حل نزاع نشأ أو قد ينشأ بين طرفين بمناسبة علاقة قانونية معينة سواء أكانت عقدية أم غير عقدية.
فسخ العقد أو إنهائه لا أثر له على شرط التحكيم الذي يظل صحيحاً قائماً، ويجب إعماله إذا كان الشرط صحيحا في ذاته، والعكس صحيح، بمعنى أن بطلان اتفاق التحكيم لا يؤثر على صحة الأصلى (م۲۲ ق تحكيم مصري ، م ۲۲ من ق تحكيم أردني).
ولذلك يقضي الأمر تناول موضوع انعدام اتفاق التحكيم وبطلانه .
انعدام أساس اتفاق التحكيم
ولكن من الممكن تحقق هذه الحالة إذا وقع أحد الأطراف أمام القضاء بعدم وجود اتفاق تحكيم أو أنه لم يوقع أي اتفاق بهذا الخصوص، فما على القضاء إلا التأكد من وجوده فعلاً، فإذا تأكد من وجوده قضی بصحته.
وبناءً على ذلك من الممكن أنَّ يتضح انعدام الأساس الاتفاقي في شكل ثلاث صور سنتطرق إليها فيما يلي:
(۱) انعدام وجود اتفاق التحكيم
إنَّ وجود اتفاق تحكيم ؛ هو أهم شرط من شروط صحة حكم التحكيم، ولكي يلجأ الخصوم إلى التحكيم، لابد من وجود اتفاق تحكيم بينهما على حل نزاعهما عن طريق التحكيم.
وتتوافر في حالة عدم وجود اتفاق تحكيم ؛ عندما يصدر المحكمين حكم تحكيم ثان في نفس النزاع عقب صدور حكم التحكيم الأول، فإنه يفصل بدون اتفاق تحكيم، وذلك لأن يفصله الأول يكون استنفذ ولايته، ولا يستطيع أنَّ يصدر حكم تحكيم ثان لاحق على الحكم الأول في نفس النزاع.
وتتوافر الحالة أيضاً، إذا اتفق الأطراف على إجراء توفيق مسبق قبل اللجوء للتحكيم بحيث لا يجوز للأطراف اللجوء إلى التحكيم إلا إذا لم يرفض الطرفين النتيجة التي انتهى إليها الوقف، فإذا لجأ أحد الطرفين إلى التحكـيم دون أنَّ يسبقه اللجوء إلى التوفيق واعترض المحتكم ضده على ذلـك فـــي الميعاد المتفق عليه، فإنَّ على هيئة التحكيم أنَّ تقضى بعدم اختصاصها.
وتتوافر أيضاً الحالة؛ إذا صدر في تحكيم إجباري قضت المحكمة الدستورية العليا بعد دستورية وإذا صدر في ظل قانون التحكيم قد ألغـــــي واستبدل بقانون آخر لم ينص على التحكيم.
والسؤال الآن هل البطلان المتعلق بعدم وجود اتفاق تحكيم مطلق أم نسبی؟
أجابت محكمة استئناف القاهرة في حمكها الصادر في ٢٠٠٢/١٢/٣٠ بأن "عدم وجود اتفاق على التحكيم يبطل حكم المحكمين إلى درجة الانعــــدام لصدوره ممن ليست له ولاية بإصداره. والبطلان هنا يتعلق بالنظام العام. وتقضى به المحكمة من تلقاء نفسها .
(2) اتفاق التحكيم بالإحالة :
فقد أشار المشرع المصرى إلى هذه الحالة في المادة رقم ٣/١٠ من قانون التحكيم المصرى، حيث نصت على أنه يعتبر اتفاقا على التحكيم كل إحالة ترد في العقد إلى وثيقة تتضمن شرط تحكيم إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزء من العقد، ويطابق هذا النص المادة (١٠/ب) من قانون التحكيم الأردني
نصت المادة (۱۰/ب) من قانون التحكيم الأردني على ويعد في حكم الاتفاق المكتوب كل إحالة في العقد إلى أحكام عقد نموذجى أو اتفاقية دولية أو أى وثيقة أخرى تتضمن شرط تحكيم إذا كانت الإحالة واضحة فى اعتبار هذا الشرط جزء من العقد.
كما أنَّ المشرع الفرنسي قد تناول هذه الإحالة في المادة ١٤٤٣ من قانون المرافعات الفرنسي حيث نصت على أن الشرط التحكيمي يجب أنَّ يكون منصوصاً عليه كتابة فى العقد أو في وثيقة يحيل إليها هذا العقد".
وكذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة السابعة من القانون النموذجي، فقد اعتبرت الإشارة فى عقد ما إلى مستند يشتمل على شرط تحكيم هو بمثابة اتفاق تحكيم بشرط أن يكون العقد مكتوباً، وأن تكون الإشارة واضحة على أنه جزء من العقد.
أما نظام التحكيم السعودى فقد أشار إلى أنَّ الاتفاق على التحكيم- سواء أكان فى صورة اتفاق تحكيم (مشارطة) أوفى صورة شرط تحكيم - يتطلب أنَّ يعد الأطراف النزاع في وثيقة تسمى بوثيقة التحكيم- وتودع هذه الوثيقة لدى الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع، ويجب أنَّ تكون هذه الوثيقة موقعة من الخصوم أو وكلائهم المفوضين، ويجب أن تحتوى هذه الوثيقة موضوع النزاع، أسماء الخصوم، أسماء المحكمين، وقبولهم نظراً النزاع، وأن ترفقه بها صورة من المستندات الخاصة بالنزاع.
وعلى الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع أن تصدر قراراً باعتماد وثيقة للتحكيم خلال ١٥ يوماً وأن تخطر هيئة التحكيم بقرارها (م7 مــن اللائحة التنفيذية).
وخلاصة القول أنَّ عدم توقيع الأطراف على اتفاق التحكيم عادة ما بعد انعداماً للأساس الاتفاقي، مما يؤدى بالتالي إلى اعتباره سبباً من أسباب الطعن بالبطلان، إلا أنه في بعض الحالات قد يمتد التحكيم إلى أشخاص لــــم يشاركوا بتوقيع الاتفاق ولكنهم ساهموا في تنفيذ العقد وقبلوا به، وكذلك الحال الأشخاص الذين وقعوا العقد خالياً من اتفاق التحكيم ولكن هناك إحالة في هذا العقد إلى وثيقة صريحة واضحة تتضمن شرط تحكيم.