الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اسباب ترجع الى الاتفاق ( عدم وجود اتفاق التحكيم - بطلان اتفاق التحكيم - سقوط اتفاق التحكيم بانتهاء مدته ) / الكتب / بطلان حكم المحكم / انعدام وجود اتفاق التحكيم وبطلانه

  • الاسم

    د. إبراهيم رضوان الجغبير
  • تاريخ النشر

    2009-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الثقافة للنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    255
  • رقم الصفحة

    128

التفاصيل طباعة نسخ

إن الاتفاق على التحكيم؛ وإن كان في جوهره اتفاق على حسم النزاع عن طريق محكم، والابتعاد عن طريق القضاء، إلا أنه ينعقد بمناسبة قيام نزاع بين طرفين، إذ يعتمد كليا على إرادة الأطراف في سلوك هذا الطريق، ولهذا يشار إليه عادة باعتباره رضائيا، يقوم مبدأه وأداؤه السليم على إرادة الأطراف التي تقرر اللجوء إليه. 

وتحديد القانون الواجب التطبيق للتأكد من صحته. 

 فالمادة (1/10) من قانون التحكيم المصري تعرضت لاتفاق التحكيم، حيث نصت على أن اتفاق التحكيم عقد ذو طبيعة خاصة، يستهدف تنظيم حل نزاع نشأ أو قد ينشأ بين طرفين بمناسبة علاقة قانونية معينة، سواء أكانت عقدية أم غير عقدية. ثم نصت الفقرة الثانية من نفس المادة على جواز أن يكون اتفاق التحكيم سابقا على قيام النزاع، سواء أكان مستقلاً بذاته أم ورد في عقد معين أم أن يتم الاتفاق بعد نشأة النزاع.

وجاءت الفقرة الثالثة لتؤكد أنه يعتبر اتفاقا كل إحالة ترد في العقد إلى وثيقة التحكيم تتضمن شرط تحكيم إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار شرط التحكيم  جزءاً من العقد (المادة 3/10) وبناء على ذلك فإن الاتفاق على التحكيم يأخذ ثلاث صور وهي:

1. صورة بند في عقد معين بشأن كل أو بعض المنازعات التي قد تنشأ بين الطرفين.

2. صورة عقد مستقل عن العقد الأصلي في تاريخ لاحق لتاريخ العقد وسابق على وقوع النزاع.

3. صورة إحالة في العقد الأصلي إلى وثيقة تتضمن شرط التحكيم .

واتفاق التحكيم عقد ذو طبيعة خاصة، يستهدف تنظيم حل نزاع نشأ أو قد ينشأ بين طرفين بمناسبة علاقة قانونية معينة، سواء أكانت عقدية أم غير عقدية والفرق بين الصور واضح، ففي الصورة الأولى يتم الاتفاق على حسم النزاع بالتحكيم بالنسبة للمنازعات التي ستنشأ عن العقد في المستقبل، ويسمى شرط التحكيم، بينما في الصورة الثانية ينصب الاتفاق على حسم النزاع الذي نشأ عن العقد الأصلي في عقد مستقل، وتسمى مشارطة تحكيم، ويجب في هذه الحالة أن يحدد موضوع النزاع. وفي الصورة الثالثة إحالة في العقد الأصلي إلى وثيقة تتضمن شرط تحكيم .

ولانعقاده، والتأكد من انصراف إرادة الأفراد إلى اللجوء إلى التحكيم كوسيلة لحسم منازعاتهم بدلاً من قضاء الدولة.

هذا ونجد أن معظم الأنظمة القانونية نصت على أنه في حالة عدم وجود اتفاق تحكيم ـ أو كان هذا الاتفاق غير صحيح - فإن ذلك يعد سببا للطعن في حكم التحكيم .

فقانون التحكيم المصري نص في المادة (1/53) على أنه لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في أي من الحالات التالية :

أ- إذا لم يوجد اتفاق تحكيم أو كان هذا الاتفاق باطلا ..

وكذلك المادة (1448) من قانون المرافعات الفرنسي التي تضمنت حالات البطلان ومنها: إذا صدر الحكم بدون وثيقة تحكيم أو بناء على وثيقة تحكيم باطلة ......

والمادة (49) من قانون التحكيم الأردني نصت في الفقرة (1) على أنه لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الحالات التالية:

1-إذا لم يوجد اتفاق تحكيم صحيحاً ومكتوبا ، أو كان هذا الاتفاق باطلا .

والمادة (34) من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي التي تنص على أنه :

1- لا يجوز للمحكمة المسماة في المادة (6) أن تلغي أي قرار تحكيم إلا إذا :

أ- قدم الطرف طالب الإلغاء دليلا يثبت -1 أن أحد طرفي اتفاق التحكيم المشار إليه في المادة (7) مصاب بأحد عوارض الأهلية أو أن الاتفاق المذكور غير صحيح بموجب القانون الذي أخضع الطرفين الاتفاق ...........

وما تجدر الإشارة إليه أن المشرع في نظام التحكيم السعودي ولائحته التنفيذية لم يشر إلى حصر الأسباب أو الحالات التي يمكن للأطراف تقديم اعتراضاتهم بشأنها على ما يصدر من المحكمين من أحكام، بل اكتفى بذكر أنه يجوز للخصوم تقديم اعتراضاتهم على ما يصدر من المحكمين إلى الجهة التي أودع لديها الحكم خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إبلاغهم بأحكام المحكمين وإلا أصبحت نهائية (المادة 18 من النظام وتناول في المادة الثانية منه المسائل التي لا يجوز التحكيم بشأنها وهي التي لا يجوز الصلح فيها.

و اتفاق التحكيم هو الأساس الذي يستند إليه الخصوم للوصول إلى إبطال الحكم التحكيمي، وهذا ما يلاحظ بوضوح عندما يسمى المحكوم ضده نحو إبطال الحكم مؤسساً ذلك على انعدام اتفاق التحكيم أو بطلانه على بالرغم من صعوبة حالة اللجوء إلى التحكيم دون سبق الاتفاق عليه، إلا أن هناك حالات يمكن تصور تصورها بشأن وجود هذا الاتفاق هذا من جهة، ومن جهة أخرى فهناك حالات تتعلق ببطلان اتفاق التحكيم ذاته، فقد يكون الاتفاق باطلاً أو قابلاً للإبطال لاختلال أركانه أو عدم توافر شروط صحته أو سقوط هذا الاتفاق نتيجة لانقضاء مدته. 

ولا يفوتني التنويه بأن شرط التحكيم يعتبر مستقلاً عن العقد الأصلي، أي أنه عقد قائم بذاته رغم أنه أحد بنود العقد الأصلي، ويترتب على ذلك أن بطلان العقد ي ) أو فسخه أو إنهائه لا أثر له على شرط التحكيم الذي يظل صحيحا قائما ، ويجب إعماله إذا كان الشرط صحيحا في ذاته، والعكس أيضا صحيح بمعنى أن بطلان اتفاق التحكيم لا يؤثر على صحة العقد الأصلي المادة 22 من قانون التحكيم الأصلي المصري، والمادة 22 من قانون التحكيم الأردني) .

لهذا تقتضي الدراسة تناول موضوع انعدام اتفاق التحكيم وبطلانه، والشروط اللازمة لصحته وانقضاء مدته، وذلك من خلال ثلاثة مطالب على الوجه التالي

المطلب الأول: انعدام أساس اتفاق التحكيم

على الرغم من أن قوانين التحكيم الوطنية والاتفاقيات الدولية قد أوردت من بين حالات الطعن هذه الحالة، ورغم أنه من الناحية الواقعية يصعب تصور اللجوء إلى التحكيم دون سبق الاتفاق عليه ، إلا أنه من الممكن تحقق هذه الحالة إذا ما دفع أحد الأطراف أمام القضاء بعدم وجود اتفاق تحكيم، أو أنه لم يقم بتوقيع أي اتفاق بهذا الخصوص، فما على القضاء إلا التأكد من وجوده فعلاً، فإذا تأكد من وجوده قضى بصحته.

وتطبيقا لذلك ما ذهبت إليه محكمة استئناف باريس في حكمها الصادر في 1984/7/12 ، والذي أيدته محكمة النقض الفرنسية بشأن قضية هضبة الأهرام في 1987/1/7 إلى أن التوقيع على وثيقة المهمة من قبل الطرف الذي ينكر على محكمة التحكيم اختصاصها بالفصل في الدعوى لا يعتبر مشارطة تحكيم ولا يحول دون حق هذا الطرف في التمسك مستقبلاً أمام المحاكم الوطنية بعدم اختصاص محكمة التحكيم، فإصرار الطرف المصري على إنكار سلطة محكمة التحكيم نظراً لأن الحكومة المصرية لم تكن موقعة على شرط التحكيم الوارد في العقد، أدى إلى عدم اعتبار توقيعها على وثيقة المهمة والتي تحفظت فيها مصر على اختصاص المحكم، بمثابة رضاء على الخضوع للتحكيم وعدم اعتبار الوثيقة بمثابة مشارطة تحكيم .