الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اسباب ترجع الى الاتفاق ( عدم وجود اتفاق التحكيم - بطلان اتفاق التحكيم - سقوط اتفاق التحكيم بانتهاء مدته ) / الكتب / الموجز فى النظرية العامة للتحكيم التجاري الدولي / أحكام التحكيم الصادرة بناءاً على اتفاق تحكيم انقضى

  • الاسم

    د. حفيظة السيد الحداد
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    منشورات الحلبي الحقوقية
  • عدد الصفحات

    529
  • رقم الصفحة

    419

التفاصيل طباعة نسخ

أحكام التحكيم الصادرة بناء على اتفاق تحكيم انقضى


يقرر القانون المصري شأنه في ذلك شأن العديد من القوانين الوطنية ومن بينها القانون الفرنسي الحق لمحكمة الاستئناف أن تقضي ببطلان الحكم التحكيمي أو ترفض أن يرتب آثاره إذا كان هذا الحكم قد صدر بعد انقضاء اتفاق التحكيم.
إذ تنص المادة ٤٥-١ من قانون التحكيم المصري الجديد على أنه: "الهيئة التحكيم إصدار الحكم المنهي للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه الطرفان فإذا لم يوجد اتفاق وجب أن يصدر الحكم خلال اثني عشر شهرا من تاريخ بدء إجراءات التحكيم، وفي جميع الأحوال يجوز أن تقرر هيئة التحكيم من الميعاد على إلا تزيد فترة المد على ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك".
فإذا لم تصدر هيئة التحكيم حكمها المنهي للخصومة خلال المدة المحددة من قبل الأطراف، ولم يرغب من الأطراف في الاستفادة من أي الإجازة المقررة بنص المادة ٤٥-٢- التي تقرر الحق في أن يطلب أي منهما من رئيس المحكمة المشار إليها في المادة ٩ من القانون بأن يصدر أمرا بتحديد ميعاد إضافي أو بإنهاء إجراءات التحكيم، وقامت هيئة التحكيم بإصدار الحكم بعد ذلك، أي بعد انقضاء المدة المحددة، فإنه يجوز للطرف ذو المصلحة أن يطعن بالبطلان على هذا الحكم بالإعمال لنص المادة ٥٣-١- أ إذ إن هذا الحكم قد صدر. بناء على أن اتفاق التحكيم قد انقضى.
وتعبر المادة المذكورة عن الاحترام الكامل الذي يوليه المشرع المصري لإرادة الأطراف المتفقة على اللجوء إلى التحكيم وذلك بإلزامه لهيئة التحكيم بأن يصدر الحكم المنهي للخصومة في خلال الميعاد المتفق عليه من قبل الطرفين. أما حالة عدم وجود مثل هذا الاتفاق فإن القانون المصري جدد ميعادا ملزما يتعين على المحكم أن يصدر فيه الحكم المنهي للخصومة، وهي اثنا عشر شهرا يبدأ حسابها من تاريخ بدء إجراءات التحكيم.

ولقد أعطى القانون المصري لهيئة التحكيم إمكانية مد الميعاد الذي سوف يصدر الحكم خلاله شريطة ألا تزيد مدة المد على ستة أشهر وذلك ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك.

 ولقد تعرضت كثير من الأحكام الصادرة عن القضاء الفرنسي المشكلة صدور حكم التحكيم على الرغم من انقضاء الاتفاق على التحكيم.

ولقد قضت محكمة استئناف باريس في حكمها الصادر في ٨ مارس ١٩٨٦ في قضية Cosiac ضد Consorts Luchtti et autre بأن شرط التحكيم يتمتع باستقلالية، وحيث أن الصلح أو التجديد الوارد على العقد المتضمن لشرط التحكيم ليس من: شأنه أن يحرم مثل هذا الشرط فعاليته، ومن ثمة ومن فإن الطعن على حكم التحكيم بموجب تبادل الخطابات فيما بينهم والذي يؤدي بأثره الاستبدالي إلى اعتبار أن شرط التحكيم باطل ولا أثر له.

ولقد طعنت شركة Casiac في الحكم المتقدم أمام محكمة استئناف باريس مستندة إلى نص المادة ١٥٠٢-١ من قانون المرافعات المدنية الفرنسي لأنه وفقاً لهذه الشركة فصل المحكم في المنازعة المعروضة أمامه مستنداً إلى اتفاق تحکیم انقضى بسبب إبرام الصلح مع الأطراف.

ولقد رفضت محكمة استئناف باريس الطعن بالبطلان على حكم التحكيم، حيث أن الشركة المدعية على الرغم من ادعائها بأن هناك صلحاً قد تم بین الأطراف إلا أنها لم تثبت من هذا الادعاء. فمجرد تبادل الخطابات لا يمكن أن يعد بمثابة صلح ولا بمثابة تجديد ، إذ أن مثل هذه الأمور تتطلب تعبيراً واضحاً لا يحتمل أدنى غموض أو لبس عن إرادة الأطراف في إنهاء العقود المبرمة سابقاً، ا وهو ما لم يكن متحققاً في واقعة الحال .

 والزعم بالقول بأن اتفاق التحكيم قد انقضى بمجرد انعقاد صلح بين أطرافه دون إثبات ذلك زعم لا يمكن قبوله.

وتتعلق الوقائع التي صدر فيها هذا القضاء بعقد تشييد طرق في نيجيريا تم إرساء المزايدة على إقامته مع مقاول أعمال عامة إيطالي يمارس نشاطه في نيجيريا. ولقد تنازل هذا المقاول إلى شركة إيطالية هي شركة Cosiac والخاضعة لمجموعة شركات إيطالية هي شركة Di Penta من ٤٠% من رأس مال الشركة الشجيرية صاحب الحق في إقامة المشروع. وإزاء المشاكل الناجمة عن التمويل المالي للمشروع، أنذرت الحكومة النيجيرية المتعاقد معها يسحب المشروع، مما أدى إلى نشأة النزاع بين المقاول وشركات Cosiac و Di Penta .

ووفقاً لاتفاق الأطراف شرع في اتخاذ إجراءات التحكيم تحت مظلة غرفة التجارة الدولية بباريس. ولقد أصدر المحكم المفوض بالصلح في ١٨ فبراير ١٩٨٤ حكماً قرر فيه رفض الدفع بعدم الاختصاص الذي تمسكت به شركة Cosiac والمؤسس على وجود صلح تم بين الأطراف.

وإذا كان الحكم المذكور قد تعرض لهذه الحالة الخاصة لانقضاء اتفاق التحكيم فإن هذا الانقضاء يتحقق في صور أخرى. وتبدو على نحو أكثر اتصالاً وتنص المادة ٤٥ - ١ من قانون التحكيم المصري التي أشرنا إليها وهو ما يجعلنا تعرض لها أيضاً بشيء من التفصيل.

حكم محكمة النقض الفرنسية الصادر في ١٥ يونية ١٩٩٤ في قضية مدينة الدار البيضاء ضد شركة Degrement .

إذ ذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى أن المبدأ المستقر والذي يقرر أن المدة التي تحددها الأطراف لهيئة التحكيم، سواء بطريق مباشر أو عن طريق الإشارة إلى إحدى لوائح التحكيم من أجل أن تصدر الحكم المنهي للخصومة والانتهاء من مهمتها، لا يمكن تعديلها من قبل المحكمين أنفسهم، يعد من مقتضيات النظام العام الداخلي والدولي باعتباره مبدأ وثيق الصلة بالطابع الاتفاقي للتحكيم.
وبهذه المثابة، فإن المساس بهذا المبدأ يشكل سبيا من أسباب رفض إصدار الأمر بالتنفيذ المنصوص عليه في المعاهدات المبرمة بين كل من فرنسا والمغرب والواجبة التطبيق على التحكيم وأيضا بالإعمال لنص المادة ١٥٠٢-٥ من قانون المرافعات المدنية الفرنسي إذ تخول هذه النصوص للقاضي سلطة الرقابة على مدى احترام الحكم التحكيمي لفكرة النظام العام من الناحية الموضوعية والإجرائية.
ولذلك فإن محكمة الاستئناف قد صادفت صحيح القانون عندما قضت في واقعة الحال بأن المحكمين، بتمسكهم بالسلطة غير المقررة إلا للأطراف أو في حالة عدم اتفاق الأطراف، لشخص آخر من الغير مختار لهذا الغرض أو للقاضي، قد خالفوا مقتضيات النظام العام الدولي.
وتتعلق الوقائع التي صدر فيها هذا القضاء بالمنازعة القائمة بين كل من مدينة الدار البيضاء والشركة الفرنسية Degrement، والناجمة عن الاتفاق المبرم بينهما في ٣٠ ديسمبر ۱۹۷۰ والمنصب على الأشغال العامة. إذ نص في هذا الاتفاق على أنه في حالة نشأة الخلاف بينهما، فإنه يتعين على الأطراف التوصل إلى اتفاق وفقا لقواعد المصالحة والتحكيم الخاصة بغرفة التجارة الدولية بباريس والتي سوف تحترم قواعدها في حالة التقدم بطلب لإجراء ولقد لجات مدينة الدار البيضاء إلى إعمال الشرط المتقدم في ١٦ يناير ١٩٧٧.
وفي 30 سبتمبر 1987أصدرت هيئة التحكيم حكما يدين شركة Dégrement وذلك بعد أن أشارت إلى أن التحكيم لا يخضع لغرفة التجارة الدولية بباريس، كما أن لائحة هذه الغرفة لا تعدو أن تكون مجرد مؤشر تستهدي به محكمة التحكيم، وهو ما يمكنها من أن تعترف لنفسها بالحق في ممارسة الاختصاصات المخولة لهذه الهيئة وفقا لنص المادة من ١٨لائحته وتمد المدة المقررة لإصدار الحكم المنهي للخصومة في خلال ٦ أشهر.

ولقد رفضت محكمة استئناف فرساي في حكمها الصادر في ٢٤ يناير ۱۹۹۲ أن تصدر الأمر بتنفيذ حكم التحكيم المذكور على اعتبار أنه مخالف للنظام العام الدولي وهو الحكم الذي طعن عليه الطرف المغربي بالنقض مستندا إلى أن محكمة الاستئناف قد أخطأت في تطبيق نص المادة ١٥٠٢-٥ من قانون المرافعات المدنية الفرنسي الجديد، والمادتين ١٦ و١٢ من المعاهدة الفرنسية- المغربية الموقعة في ٥ أكتوبر ۱۹۵۷ فأصدرت محكمة النقض قضاءها المتقدم.
ولقد أصدرت محكمة النقض الفرنسية أيضا في نفس اليوم في منازعة أخرى حكما تعرض لمشكلة مدى احترام المحكمة للمدة التي يتعين عليه أن يصدر فيها الحكم المنهي للخصومة.
حكم محكمة النقض الفرنسية الصادر في ١٥ يونية ١٩٩٤ في قضية شركة Sonidep ضد Sigmail
وتتعلق وقائع المنازعة التي صدر فيها قضاء محكمة النقض الفرنسية المشاكل الناجمة عن الاتفاق المبرم بين الشركة النيجيرية للمنتجات البترولية Sonide وشركة Sigmail والتي يوجد مقرها في مدينة Suracao، بشأن بيع شحنتين بتروليتين من الأولى إلى الثانية. ونص في عقد البيع على أن صحة العقد تخضع للقانون الفرنسي وأن كل منازعة يتم الفصل فيها بواسطة التحكيم الذي يعقد في باريس وتسري عليه قواعد القانون النموذجي للتحكيم الذي وضعته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي.
ولقد شرعت شركة Sigmail في اتخاذ إجراءات التحكيم وقامت هيئة التحكيم بإصدار حكمها في ۱۵ سبتمبر ۱۹۹۰ وهو الحكم الذي طعنت عليه شركة Sonide لصدوره بعد ۱۷ شهرا من قبول المحكم للمهمة أمام محكمة باريس والتي أصدرت حكمها في ٢٦ مارس ۱۹۹۲ برفض دعوى البطلان.
المادة ولقد نعت شركة Sonidep على حكم محكمة استئناف باريس رفضها تطبيق القانون الفرنسي على إجراءات التحكيم ورفضت بالتالي تطبيق نص ا ١٤٥٦ من قانون المرافعات المدنية الفرنسي الجديد، والتي ارتأت وفقا لتقديرها أنها تطيق بشكل مكمل على تحديد المدة التي يتعين فيها على المحكم يصدر فيها الحكم النهائي.
ولقد نعت الشركة أيضا على محكمة استئناف باريس عدم تقديرها للآثار المترتبة على ما أبدته من ملاحظات والتي وفقا لها لا يتضمن اتفاق التحكيم ولا اللائحة التي وضعتها لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي أية نصوص تتعلق بمسألة تحديد الميعاد الذي يتعين فيه على المحكم أن يصدر فيه الحكم المنهي للخصومة.
وعند تعرض محكمة النقض الفرنسية لهذا الوجه من أوجه الطعن انتهت إلى أنه: "ولما كان من الثابت في واقعة الحال أن التحكيم فيها لا يخضع تبعا الإرادة الأطراف، للقانون الفرنسي، والذي لا يقتضي في إطار التحكيم الدولي تفيد سلطة المحكمين بإصدار الحكم في ميعاد قانوني محدد في حالة عدم اتفاق الأطراف على تحديد هذا الميعاد".
ولقد ذهبت محكمة النقض باستنادها فقط على لائحة التحكيم المختارة من قبل الأطراف والتي لا تتضمن قواعد تتعلق بتحديد ميعاد لإصدار حكم المحكم، وبهذه المثابة لا تتزاحم مع قاعدة من قواعد القانون الفرنسي الآمرة قد بررت قضائها باستبعاد تطبيق المادة ١٤٥٦ من قانون المرافعات المدنية الفرنسي الجديد.
ولقد ذهب جانب من الفقه الفرنسي عند تعليقه على الحكمين المتقدمين إلى أن المبادئ المستخلصة من هذين الحكمين الصادرين عن محكمة النقض الفرنسية لا تثير أدنى شك فيما يخص الانسجام الكامل بينهما، باستثناء ما يتعلق بتحديده الشروط الموضوعية المتعلقة بتحديد المدة التي يتعين على المحكم فيها أن ينهي مهمته فمن هذه الزاوية يبدو الحكم الصادر في قضية Sonidep أكثر تحررا من الحكم الصادر في قضية Degrement الذي يبدو من هذه الزاوية أكثر تشددا.
إلا أن استشعار الأسباب الحقيقية الكامنة وراء كل من الحكمين السابقين، والتي تبنى على احترام الإرادة المشتركة للأطراف على نحو ما هو ظاهر من حكم Degrement والذي يشير إلى الطابع الاتفاقي للتحكيم ويلزم هيئة التحكيم بعدم تجاوز المدة التي يحددها الأطراف على اعتبار أن هذا المنع يتعلق بالنظام العام الدولي، يبرز الانسجام الكامل بينهما.

فلقد حرص المدة القضاء الصادر في قضية Degrement على احترام إرادة الأطراف والتي قد تحدد التي يتعين على المحكم أن ينهي فيها مدة بطريق مباشر عن طريق تحديدها في اتفاق التحكيم أو بطريق غير طريق الإشارة إلى لائحة من لوائح التحكيم.

وإلى جانب هذه القاعدة المستخلصة من القضاء المتقدم، فإن هناك قاعدة أخرى تستفاد من حكم Soniden ومفادها أن مدة الستة أشهر المحددة في نص المادة ١٤٥٦ من قانون المرافعات المدنية الفرنسي والواردة بشأن التحكيم لا محل لإعمالها بشأت التحكيم الدولي.

واتفاق الأطراف على اعتبار فرنسا كمقر لانعقاد جلسات التحكيم لا يبرز إعمال هذا النص.

فإذا حددت الأطراف مباشرة، أو عن طريق الإشارة إلى لائحة تحكيم أو قانون تحكيم الإجراءات المدة التي يتعين فيها على المحكمين أن ينهي مهمته فإنه يمتنع على المحكمين أن يمدوا هذا الميعاد من تلقاء أنفسهم.

ويري جانب من الفقه أن الجزاء المتصور إيقاعه في حالة إصدار حكمه بعد انتهاء هذا الميعاد المحدد هو إمكانية الطعن بالبطلان على حكمه على اعتبار أنه قد صدر بعد انقضاء اتفاق التحكيم وليس بالإشارة إلى فكرة النظام العام الدولي "

وإلى جانب الحالات الثلاثة المذكورة والتي يجمع بينها فكرة انعدام الأساس الاتفاقي لمهمة الحكم، فإن هناك حالة أخرى يتعين أن تلحق بها وهي الحالة التي عالجتها المادة ٥٣ - ١ - ب من قانون التحكيم المصري رقم ٢٧ السنة ۱۹۹۲ والتي تنص على أنه "لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال الآتية : إذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقد الأهلية أو ناقصها وفقاً للقانون الذي يحكم أهليته".

119