الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اسباب ترجع الى الاتفاق ( عدم وجود اتفاق التحكيم - بطلان اتفاق التحكيم - سقوط اتفاق التحكيم بانتهاء مدته ) / الكتب / الموجز فى النظرية العامة للتحكيم التجاري الدولي / حالات الطعن بالبطلان المستندة إلى انعدام الأساس الاتفاقي لاختصاص المحكم

  • الاسم

    د. حفيظة السيد الحداد
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    منشورات الحلبي الحقوقية
  • عدد الصفحات

    529
  • رقم الصفحة

    349

التفاصيل طباعة نسخ

حالات الطعن بالبطلان المستندة إلى انعدام الأساس الاتفاقي لاختصاص المحكم

 

تنص المادة ٥٣ من قانون التحكيم المصري الجديد على أنه" لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال الآتية:

أ - إذا لم يوجد اتفاق تحكيم أو كان هذا الاتفاق باطلاً أو قابلاً للإبطال أو أسقط بانتهاء مدته.

ب - إذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقد الأهلية أو ناقصها وفقاً للقانون الذي يحكم أهليته.

ج - إذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي أنفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع.

و - إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود هذا الاتفاق. ومع ذلك إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فلا يقع إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها.

فقيام المحكم بالفصل في الدعوى دون وجود اتفاق على التحكيم أو بناءً على اتفاق تحكيم باطل أو انقضت مدته يعد إذن سبباً من أسباب القضاء ببطلان حكم التحكيم. وسبب وجود هذا الطريق من طرق الطعن بالبطلان هو السماح للقاضي الوطني بالتأكيد من انعقاد الاختصاص للمحكم. فإذا قام المحكم بالفصل في الموضوع المعروض عليه دون وجود اتفاق على التحكيم أو بناء على اتفاق تحكيم باطل أو انقضت مدته، فإن أساس الاختصاص المنعقد للمحكم ذاته هو الذي ينعدم من المبدأ.

ومن الضروري أن يعترف للقضاء الوطني بالسلطة في مراقبة هذا الاختصاص.

 

 

ولقد ذهبت محكمة استئناف باريس إلى القضاء بأنه إذا كان على محكمة التحكيم أن تفصل في مسألة اختصاصها في حالة تشكيك أحد الأطراف في هذا الاختصاص، فإن التقدير الذي تجريه لسلطتها القضائية ليس تقديراً سيادياً مطلقاً، إذ يخضع هذا التقدير لاختصاصها من قبلها، لرقابة المحكمة المعروض عليها الطعن على الحكم التحكيمي بالبطلان.

 

وتتبنى العديد من التشريعات الحديثة بشأن التحكيم ذات الفكرة المتقدمة وتقرر للقاضي الوطني السلطة في القضاء ببطلان الحكم التحكيمي إذا قدرت محكمة التحكيم خطأ تحقق الاختصاص لها أو انحساره عنها.

ولكن ما هو القانون الذي يحكم صحة اتفاق التحكيم، وكيف يتم تحديده، هل يتم وفقاً لمنهج تنازع القوانين أو وفقاً لمنهج القواعد المادية ذات المصدر الوطني أو وفقاً للأعراف التجارية السائدة في مسرح التجارة الدولية.

ولعله مما يجدر ذكره أن المادة ٥٣ من قانون التحكيم لم تحدد المنهج الذي يتعين على محكمة الاستئناف إعماله عند نظرها في الطعن بالبطلان على حكم التحكيم. ولا تختلف المادة ٥٣ في هذا الشأن عن المادة ١٥٠٢ - ١ من قانون المرافعات الفرنسي الجديد فهي الأخرى لم تحدد وفقاً لأية قواعد قانونية، يتعين على محكمة الاستئناف أن تفحص مسألة وجود أو صحة أو الطابع المستمر الاتفاق التحكيم والذي باستنادها إليه صدر حكم التحكيم المعروض عليها في دعوى البطلان فهل يتم هذا التقييم احتراماً لقانون يتم تعيينه وفقاً لآلية قواعد الإسناد، أو تبعاً للقواعد المادية الفرنسية الملائمة للطابع الدولي للعلاقة محل المنازعة، أو إعمالاً لنصوص القانون الداخلي الفرنسي.

 

ولقد ذهبت بعض الأحكام القضائية في فرنسا إلى تحديد القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم بالتطبيق لقواعد القانون الدولي الخاص المتصلة بالعقود وبإعمال مبدأ قانون الإرادة، وفي حالة غياب هذا القانون عند سكوت الإرادة فإنه يتم تطبيق القواعد التي تسمح بتركيز العقد، أو بتحديد النظام القانوني الذي يتصل به اتفاق التحكيم الاتفاق الأوثق وفي هذا المعنى ذهبت محكمة استئناف باريس في حكمها الصادر في ۲۷ ديسمبر ١٩٨٥ وهو حكم غير منشور إلى القول بأن وجود وصحة شرط التحكيم يجب حسمها في ضوء القانون الواجب التطبيق على العقد محل المنازعة وفقاً للقاعدة الفرنسية بشأن تنازع القوانين وذلك قبل أن تنتهي إلى القول بأنه ينجم عن مجموع العناصر في الدعوى أن الأطراف ارتضوا خضوع التزاماتهم لقانون محل التنفيذ أي للقانون الساري في دولة ،هاواي بوصفه عامل الإسناد الرئيسي من أجل تركيز العلاقة التعاقدية، وأيضاً فإن شروط تكوين العقد، والتي في ظلها يتعين الفصل في المسألة المتنازع عليها، والتي تتعلق بوجود أو عدم وجود اتفاق للإرادة بشأن شرط التحكيم، هي تلك المنصوص عليها في قانون دولة هاواي.

 

كذلك فإن محكمة استئناف باريس في حكمها الصادر في ٢٠ يناير ۱۹۸۷ أكدت أن اتفاق التحكيم، شأنه ذلك شأن العقد الأصلي، يخضع القانون الإرادة وهو ما يؤدي إلى استبعاد كل قرينة مفترضة للإسناد القانون في القاضي.

 

بينما ذهبت بعض الأحكام القضائية الأخرى إلى الاستناد إلى قاعدة مادية من قواعد القانون الفرنسي بشأن التحكيم الدولي من أجل الاعتراف بصحة اتفاق التحكيم. ويعد حكم محكمة النقض الصادر في ٤ يوليه ١٩٧٢ في قضية Hecht أول الأحكام التي بدأت هذا الاتجاه. ولقد تم استخلاص هذه القاعدة من قاعدة استقلالية اتفاق التحكيم، والتي ظلت مختلطة بها إلى فترة طويلة.

 

ومن من الأمثلة التي تؤكد هذا المزج بين القاعدتين ما ذهبت إليه محكمة استئناف باريس ۱۳ ديسمبر ۱۹۷۵في أنه أخذاً بعين الاعتبار استقلالية شرط التحكيم الذي يقرر التحكيم في العقد الدولي فإن هذا الشرط يعتبر صحيحاً بغض النظر عن الإشارة إلى أي قانون وضعي.

 

ويعتبر صحة اتفاق التحكيم حالياً، وفقاً لما يذهب إليه جانب الفقه زمن المبادئ المستقلة في ذاتها دون حاجة إلى الاستناد إلى مبدأ آخر كمبدأ استقلالية اتفاق التحكيم.

فعلى سبيل المثال دعت محكمة استئناف باريس في حكمها الصادر في ۲۸ نوفمبر ۱۹۸۹ إلى تأكيد أن شرط التحكيم المدرج في عقد دولي شرط صحيح وله من الفعالية الذاتية ما يلزم بتطبيقه على الأطراف المعنية مباشرة بتنفيذ العقد والمنازعات التي يمكن أن تنشأ عنه طالما أنه كان من الثابت أن العلاقة التعاقدية وأنشطتهم تفترض أنهم قبلوا شرط التحكيم، التي يعلمون بوجوده ومضمونه، وذلك على الرغم من أنهم لم يوقعوا على العقد الذي نص على هذا الشرط.

 

من ويرى الأستاذ E. Gaillard أن الفكرة التي وفقاً لها يتمتع. اتفاق التحكيم صحة وفعالية ذاتية يجب أن لا ينظر إليها على أنها قاعدة مادية تقرر الصحة الخالصة والمجرَّدة لاتفاق التحكيم، إذ أن تقرير مثل هذه القاعدة. شأنه أن ينكر وجود سبب البطلان المنصوص عليه في المادة ١٥٠٢ التي تتعلق وجود اتفاقات التحكيم الباطلة في إطار العلاقات الدولية الأمر لا يتعلق إلا بقاعدة مادية لتفسير مضمون اتفاقات التحكيم التي من المقبول أن تخضع فيما يتعلق لا سيما بصحتها، إلى قانون أجنبي. ويبدو أن الفقه الغالب يميل إلى قبول تعايش منهج تنازع القوانين مع منهج القواعد المادية.

ويتحقق انعدام الأساس الاتفاقي لاختصاص المحكم في العديد من الصور: الصورة الأولى تتعلق بحالة عدم وجود اتفاق أصلاً على التحكيم بين الأطراف، والصورة الثانية تخص اتفاق التحكيم المنقضي. وهذه الصور الثلاث يتفق فيها القانون المصري الجديد للتحكيم مع قانون التحكيم الفرنسي كأسباب للطعن بالبطلان على حكم التحكيم الصادر في منازعات اتجارة الدولية.  

119