التنفيذ / اسباب ترجع الى الاتفاق ( عدم وجود اتفاق التحكيم - بطلان اتفاق التحكيم - سقوط اتفاق التحكيم بانتهاء مدته ) / الكتب / نطاق الرقابة القضائية على التحكيم فى منازعات العقود الإدارية / حالات الطعن بالبطلان المتعلقة باتفاق التحكيم.
يمثل اتفاق التحكيم حجر الزاوية في نظام التحكيم باعتباره الأساس الذي يقوم عليه هذا النظام من ناحية، ويستمد منه المحكمون سلطاتهم من ناحية أخرى.. ومن ثم، فقد حرص المشرع المصري أن يأتي في طليعة الحالات التي تبيح رفع دعوى البطلان تلك التي تمس اتفاق التحكيم بحيث يتمثل الهدف من دعوى البطلان في تلك الحالات التيقن من صحة الأساس الذي يقوم عليه التحكيم ويستمد منه المحكمون سلطاتهم .
وقد أورد المشرع النص على تلك الحالات في البندين أ ، ب من الفقرة الأولى من المادة ٥٣ من قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤وهما:
( أ ) إذا لم يوجد اتفاق تحكيم، أو كان هذا الاتفاق باطلا أو قابلا للإبطال أو سقط بانتهاء مدته.
(ب) إذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقد الأهلية أو ناقصها وفقاً للقانون الذي يحكم أهليته.
وباستقراء البندين أ ، ب من الفقرة الأولى من المادة ٥٣ من قانون التحكيم المصري يتضح أن حالات الطعن بالبطلان المتعلقة باتفاق التحكيم تشمل الحالات الثلاثة التالية.
(۱) بطلان حكم التحكيم لانعدام أساسه الاتفاق ( عدم وجود اتفاق تحكيم) :
ومن ثم، فإن ممارسة المهمة التحكيمية دون سبق الاتفاق على التحكيم من شأنه أن يصم مهمة المحكم بالعدم، ويجعل حكم التحكيم قائماً على غير أساس مما يفتح المجال للنعي عليه بالبطلان لانعدام أساسه.
بيد أن هذا الفرض نادر الحدوث في الواقع العملي لاسيما بعـد مــا أجازت تشريعات التحكيم المقارنة والاتفاقات الدولية ذات الصلة كافة صور الاتفاق على التحكيم شرطاً كان أم مشاركة .. وهو ما انتهجه المشرع المصري في قانون التحكيم في الفقرة الثالثة من المادة العاشرة بإقراره أن كل إحالة ترد في العقد الأصلي إلى وثيقة تتضمن شرط التحكيم تعتبر اتفاقا على التحكيم متى كانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءاً من العقد، فضلا عن تطلبه كتابة اتفاق التحكيم مع توسعه في معنى الكتابة بحيث يكون كذلك متى تضمنه محرر وقعه الطرفان، أو ما تبادلاه من رسائل وبرقيات وغيرها من وسائل الاتصال المكتوبة .
وإذا كان هذا الفرض نادر الوقوع عمليا، فليس هناك ما يحول دون تصوره بالفعل كان يدعى أحد الأطراف أمام القضاء عدم وجود اتفاق التحكيم لعدم اتفاقه على التحكيم أصلا، أو لعدم إبرامه مثل هذا الاتفاق..
وبإعمال تلك القواعد على التحكيم في منازعات العقد الإداري، فإن المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان - محكمة القضاء الإداري أو المحكمة الإدارية العليا - تقضى ببطلان حكم التحكيم متى ثبت لديها عدم وجود اتفاق تحكيم إما لعدم إبرام الجهة الإدارية لمثل هذا الاتفاق شرطا كـــان أم مشارطة، أو لعدم شموله الموضوعات محل التحكيم، أو أن يكون مــا تــم الاتفاق عليه لا يعد تحكمياً وإنما من قبيل أعمال الخبرة أو الوساطة.
(۲) بطلان حكم التحكيم لاستناده إلى اتفاق باطل بطلان اتفاق التحكيم أو قابليته للإبطال)
ويندرج في عداد الحالة التي نحن بصددها طبقاً لقانون التحكيم المصري ما تضمنته المادة "١/٣٥ـ ب" من أنه يجوز رفع دعوى البطلان إذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقد الأهلية أو ناقصها وفقا للقانون الذي يحكم أهليته، أو تعلق الأمر بالشروط الخاصة بصحة اتفاق التحكيم ذاته كعدم تحديد موضوع النزاع في مشارطة التحكيم طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة العاشرة من ذات القانون بقولها ... يجوز أن يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت بشأنه دعوى أمام جهة قضائية، وفي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلا".
بحيث يقع هذا الاتفاق باطلاً لعدم استيفاء الإجراء الشكلي المتعلق باستطلاع رأى إدارة الفتوى المختصة ما لم تكن هناك ظروفا استثنائية تحول دون ذلك، مع التسليم بأن التمسك بالبطلان في تلك الحالة يكون مقرراً لمصلحة الجهة الإدارية التي أبرمت الاتفاق على التحكيم بصدد أحـــد عقودها الإدارية، وكذلك الإدارة العليا لتلك الجهة دون المتعاقد معها