التنفيذ / اسباب ترجع الى الاتفاق ( عدم وجود اتفاق التحكيم - بطلان اتفاق التحكيم - سقوط اتفاق التحكيم بانتهاء مدته ) / الكتب / قضاء التحكيم - الكتاب الثاني / عدم وجود اتفاق التحكيم أو بطلانه
وينعدم وجود اتفاق التحكيم في حالة انعدام رضاء أحد الطرفين باللجوء إلى التحكيم ، كأن يدعى أنه لم يوقع على وثيقة التحكيم مثلا . أو يثور الشك حول توافر إرادة الأطراف فى اللجوء إلى التحكيم ، حيث يتصور ذلك عندما يغفل الأطراف ذكر شرط التحكيم في أحد تعاقداتهم على الرغم من أنهم قد درجوا من قبل على الاتفاق على التحكيم كوسيلة لفض منازعاتهم عند إبرام عقود من نفس النوع أو عند تجديد العقد ذاته . فهنا يثور الخلاف حول وجود اتفاق التحكيم ، هل تعمد الأطراف إسقاط شرط التحكيم أم أن اعتيادهم على اختيار التحكيم في سياق معاملتهم يعتبر موافقة ضمنية على اللجوء إلى التحكيم .
أما بطلان الاتفاق أو قابليته للإبطال فقد يرجع إلى عدة أسباب ؛ منهـا على سبيل المثال : عدم توافر الشروط الموضوعية اللازمة لصحة اتفاق التحكيم من رضاء وأهلية وكذلك قابلية النزاع محل الاتفاق للتحكيم . فبطلان الاتفاق يشمل الحالات التي يكون فيها أحد طرفي التحكيم وقت إبرام الاتفاق فاقد الأهلية أو ناقصها ، أو أن رضاءه قد شابه أى عيب من عيوب الإرادة مثل الغش أو التدليس ، وهي نفس الحالة التي نصت عليها الفقرة (ب) من المادة ١/٥٢ وتدخل هذه الحالات فى مجمل السبب الأخير لدعوى البطلان وهو بطلان الحكم أو بطلان إجراءات التحكيم.
تجاوز إجراءات التحكيم للمدة المتفق عليها لإصدار الحكم :
ونرى أن سقوط اتفاق التحكيم بانتهاء مدته كسبب من أسباب البطلان لا يمتد ليشمل هذه الحالة ؛ فميعاد صدور حكم التحكيم هو مجرد ميعاد تنظیمی ليس من النظام العام ولم يرتب القانون البطلان كجزاء على عدم مراعاته ، بل على العكس أعطــى المشرع المصرى لهيئة التحكيم سلطة مد هذا الميعاد فإن لم يصدر الحكم خلال ذلك الميعاد كان للأطراف التوجه للقضاء لتحديد ميعاد إضافي أو إنهاء إجراءات التحكيم
وفي ذلك قضت محكمة استئناف القاهرة بأن الطعن على حكـــم التحكيم بالبطلان لعدم صدوره خلال مدة السنة التي حددتها الفقرة الأولى من المادة ١/٤٥ من قانون التحكيم المصرى يعتبر في غير محله فالمشرع المصرى ترك تحديد الميعاد اللازم لإصدار حكم التحكيم لإرادة الخصوم ، ونفى عن الميعاد اللازم لإصدار هذا الحكم وصف القاعدة الإجرائية الآمرة .
وإذا نص شرط التحكيم على حل ما قد ينشأ من منازعات بين الأطراف عن طريق القضاء والتحكيم . فهنا لا يمكن القول بوجود اتفاق تحكيم ، هذا فضلا عن أننا قد نجابه بمشكلة أخرى نتيجة سوء الصياغة ، إذ قد يلجأ أحد الأطراف إلى القضاء ، بينما يلجأ الآخر إلى التحكيم .
وإذا اتفق الأطراف على حل ما قد ينشأ بينهما من منازعات عن طريق القضاء أو التحكيم ، ولجأ أحدهما إلى التحكيم ، فإن الطرف الآخر يستطيع الدفع بعدم وجود اتفاق تحكيم ، نظرا لأن حرف أو يفيد من الناحية اللغوية التخيير على قدم المساواة.
وذهبت محكمة النقض المصرية إلى القول في النزاع بين شركة مصر للتأمين وشركة الاسكندرية للتوكيلات الملاحية (توكيل ممفيس للملاحة ) بصفتها وكيلة العبارة تزييلى ووكيلة ملاحيها ومجهزيها ومستأجريها ومستغليها بأنه من " حيث أن هذا النعى سديد ذلك أن التحكيم على ما جرى به قضاء هذه المحكمة طريق استثنائى لفض الخصومات قوامه الخروج عن طريق التقاضي العادية بما تكلفه من ضمانات ، وكان سند الشحن يمثل فى الأصل دليل الشاحن أو المرسل إليه قبل الناقل ، فإنه يتعين أن يفرغ فيه كافة الشروط الخاصة بعملية النقل بحيث إذا ما اتفق بين طرفي عقد النقل على الالتجاء إلى التحكيم في أن ما يثور من منازعات يتعين أن ينص عليه صراحة في ذلك البند ولا محل للإحالة المجهلة في أمره بالنظر إلى خطورته إلى مشارطة إيجار السفينة وسيما أن الشاحن أو المرسل إليه لم يكن أيا منهما طرفا في تلك المشارطة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بالإحالة العامة المعماة الواردة في سند الشحن إلى كافة شروط أو بنود مشارطة إيجار السفينة والتي تضمنت في البند العشرين منها الاتفاق على التحكيم باعتبارها مندمجة فى سند الشحن فإنه يكون قد شابه القصور التسبيب ، جره إلى الخطأ فى تطبيق القانون ، وتأويله ، مما يوجب بالتالي نقضه .
مدى صلاحية السكوت للالتزام باتفاق التحكيم :
غنى عن البيان أن هناك فارقا بين التعبير الضمني والسكوت فالتعبير الضمني يفترض سلوكا إيجابيا من الشخص ، يمكن أن يقطع في الدلالة علــى إرادته . أما السكوت ، فهو أمر سلبي ، لا يقترن بأى مسلك أو موقف . بالإضافة إلى أنه لا يقترن بلفظ ، أو كتابة ، أو إشارة . ويترتب على ذلك أن السكوت ، لا كقاعدة للتعبير عن القبول ، امتثالا للقاعدة الواردة فى الشريعة الإسلامية يصلح الغراء " أنه لا ينسب لساكت قول ".
وأبرز مثال على موضوع السكوت ، أنه قد يرسل أحد الطرفين إلــى الأخر رسالة يعرض فيها التحكيم ، ويحدد ميعادا للرد على هذا العرض فإذا فات الميعاد دون أن يصل الرد ، فهل يعتبر سكوت المخاطب رضاء بالتحكيم ؟.
يمكن القول بأنه يرد على قاعدة أنه لا ينسب لساكت قول استثناء تلخـصه قواعد الفقه الإسلامي - وتأخذ به القوانين الوضعية ومنها القانون المـ المصرى فى عبارة رائعة أن " السكوت في معرض الحاجة بيان "، أي أنه إذا أحاطت بالقبول ظروف ملابسة ، من شأنها أن تجعله يدل على الرضا ، فإنه يعتد بالقبول من الناحية القانونية ، وبالتالي يمكن القول بوجود اتفاق تحكيم ، ولا يجوز التنصل من القبول هنا .
مدى صلاحية الإرادة المفترضة للالتزام باتفاق التحكيم :
أما الصورة الثالثة من صور الإرادة المفترضة وهي التي يتم تحديدها عن طريق ما كان يمكن أن يقصده المتعاقدان . فالمحكم لا يبحث عن إرادة موجودة فعلا ، بل يفرض على الأطراف إرادة غير موجودة يقيمها على قرائن مستمدة من ظروف العقد
موقف قانون التحكيم المصرى من صور الإرادة الثلاث :
وفقا لقانون التحكيم المصرى (المادة) (۱۲) يجب أن يكون اتفاق مكتوبا وإلا كان باطلا . ولا يشترط توقيع الاتفاق من الأطراف ، لذا يمكن أن يكون واردا فيما تبادله الأطراف من رسائل أو برقيات أو غيرهــا مــن وســائل الاتصال المكتوبة .