التنفيذ / اسباب ترجع الى الاتفاق ( عدم وجود اتفاق التحكيم - بطلان اتفاق التحكيم - سقوط اتفاق التحكيم بانتهاء مدته ) / الكتب / التحكيم وبطلانه بين التشريع الإسلامي والتشريعات الوضعية / السبب الأول والثاني في حال إذا لم يوجد إتفاق تحكيم
- أو كان هذا الإتفاق باطلاً أو قابلاً للإبطال أو سقط بإنتهاء مدته.
أو كان أحد طرفي التحكيم وقد إبرامه فاقد الأهلية.
سبق أن أوضحنا أن لإتفاق التحكيم هو حجر الزاوية في عملية التحكيم ، فأساس التحكيم إتفاق الطرفين سواء ورد في صورة شرط أو صورة مشارطة ، وانه يتعين ان تتوافر في إتفاق التحكيم الشروط الموضوعية اللازمة لإنعقاده ، وهي : الرضا والأهلية والمحل ، كما يتعين ان تتوافر له بشروط الشكلية اللازمة لصحته وهي : الكتابة وتعيين موضوع النزاع إذا تعلق الأمر بمشارطة تحكيم ويتحقق التراضي بتلاقي إرادة الطرفين على التحكيم ، إرادة حرة خالية من الغلط والتدليس والإكراه.
ولا يشترط أن تكون هذه الإرادة صريحة ، وإنما أن تكون ضمنية تستفاد سابق معاملات الأطراف وإدراجهم شرط التحكيم هي عقود من نفس نوع العقد الذي أغفلوا فيه ذكر شرط التحيكم لفض ما ينشب عنه من منازعات ، طالما انه لم يستفاد من ظروف هذا العقد وملابساته أنهم تعمدوا إسقاط هذا الشرط - لا إغفاله - لأنهما لا يريدان التحكيم.
ولا يكفي لصحة إتفاق التحكيم توافر رضا الطرفين ، وإنما يتمين فضلاً عن ذلك أن تتوافر لهما اهلية الإتفاق على التحكيم ، بمعنى أن تتوافر ليهما أهلية التصرف، لأن التحكيم ينطوي على التزماته متبادلة بالنزول على حكم المحكمين ، وهو ما أكدته المادة (11) من قانون التحكيم المصري بنصها على انه "لا يجوز الإتفاق على التحكيم إلا الشخص الطبيعي أو الإعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه ... فإذا كان من أبرم الإتفاق وكيلاً عن الأصيل أو ممثلاً له ، تعين ان تكون له سلطة إبرام الإتفاق نيابة عن الأصيل وإلا كان الإتفاق باطلاً ، فإذا كان الوكيل محامياً وجب أن تكون وكالة المحامي وكالة خاصة تخول الحق في إبرام اتفاق التحكيم ، فلا تكفي الوكالة العامة.
وكما يكون الإتفاق على التحكيم بين الأشخاص الطبيعين فإنا الشخص الإعتباري الخاص أو العام يمكن أن يكون طرفاً في التحكيم . مع ملاحظة ، انه يتمين بالنسبة للشخص الإعتباري الخاص أن تكتمل له مقومات وجوده وقت إبرام الاتفاق على التحكيم ، كما يتعين ملاحظ التعديل الذي أورده القانون رقم (9) لسنة 1997 بإضافة فقرة ثانية إلى الماورا الأولى من قانون التحكيم بالنسبة للشخص افعتباري العام تقتضي موافقة الوزير المختص أو من يتولى إختصاصه على إدراج شرط التحكيم في منازعات العقود الإدارية . وجدير بالذكر ، ان المرجع في بيان مدى أهلية أطراف التحكيم إلى قانونهم الشخصي ، كما أن التمسك بالبطلان لنقص الأهلية يقتصر على صاحب المصلحة فيه دون غيره من اطراف التحكيم .
ويعتبر إنعدام الأهلية أو نقصها طبقا لإتفاقية نيويورك سببا في عدم تنفيذ حكم التحكيم (11/5) .
الاهلية وإلى جانب الرضا والهلية ، يتعين أن يكون محل التحكيم مما يجوز فيه الصلح (م11 تحكيم ، فلا يجوز افتفاق على التحكيم بشان مسألة لا يجوز فيها الصلح ، وهي طبقاً للمادة (551) من القانون المدني المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية والمسائل التي تتعلق بانظام العام ، مع مراعاة جواز الصلح على المسائل المالية التي تترتب على الحالة الشخصية او التي تنشأ عن إرتكاب جريمة من الجرائم وذلك على النحو السابق تفصيله . على انه يتعين في هذه الأحوال أن ينيئ الحكم عن أن ما فصل فيه يجوز فيه التحكيم وإلا كان الحكم باطلاً . وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض المصرية بأنه إذا كان الحكم المطعون فيه حين تصدى لبيان المنازعات التي اتفق على التحكيم فيها لم يقل إلا ان النزاع الشرعي الذي كان قائما بينهما أمام المحكمة الهلية قد فصل فيه القضاء المستعجل فيما رفع منه إليه، وما بقى أمام القضاء العادي هو عبارة عن دعاوي حساب عن غلة الوقف ، ، فهذا من الحكم قصور في بيان موضوع الدعاوي الواقع عليها التحكيم ، إذ لا يعرف منه هل كان موضوع النزاع من نوع الحقوق التي يملك المتحاكمون مطلق التصرف فيها ، فيصح التحكيم ، أم ليست منه وذلك من شأنه ان يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق فلا يصح الحكم المطعون فيه للقانون مما يبطله . وفضلاً عن الشروط الموضوعية اللازمة لإنعقاد إتفاق التحكيم على النحو السابق بيانه ، يتعين ان تتوافر له - كما ان ذكرنا - الشروط الشكلية اللازمة لصحته وهي : الكتابة وتعيين موضوع النزاع إذ كان في صورة مشارطة .
فاتفاق التحكيم سواء كان سابقاً على النزاع وورد في صورة شرط في عقد ، أو في ورقة مستقلة عنه ، او تم بعد قيام النزاع في صورة مشارطة ، يتعين أ ، يكون مكتوباً وإلا كان باطلاً طبقاً لنص المادة (12) من قانون التحكيم ، فالكتابة شرط لصحة إتفاق التحكيم وليست مجرد شرط لإثباته بید انه يتعين تفسير الكتابة بمدلولها الواسع - كما سبق أن أشرنا - فتشمل كل محرر وقعة الطرفان ، كما تشمل الرسائل المتبادلة والبرقيات وغيرها من الرسائل المكتوبة (م12 تحكيم مصري و 3/2 من إتفاقية نيويورك) ، كما يعتبر إتفاقاً على التحكيم مكتوباً ، الإحالة إلى عقد أو إلى وثيقة تتضمن شرط تحكيم إذا كانت الإحالة واضحة في إعتبار هذا الشرط جزءا من العقد (م3/10 تحكيم (مصري) )
وتجدر ملاحظة أن الإتفاق على التحكيم إذا ورد كشرط في العقد الأصلي المبرم بين الطرفين فإنه يكفي فيه توقيع الطرفين على العقد الأصلي دون الحاجة إلى توقيع خاص إلى جانب شرط التحكيم ، كما لا يشترط ذلك بالنسبة للإحالة إلى العقود النموذجية التي تتضمن شروطاً عامة يندرج من بينها شرط التحكيم.
ولم يشترط قانون التحكيم المصري بيانات معينة يتعين أن يتضمنها إتفاق التحكيم، فيما عدا ما نصت عليه المادة العاشرة في فقرتها الثانية من ضرورة ان تشتمل وثيقة أمر مطاركة التحكيم على المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الإتفاق باطلا وهو أمر منطقى بالنسبة لمشارطة التحكيم إذ يأتي تحريرها بعد قيام النزاع فعلا، ومن ثم ينبغي أن يتم فيها تعيين موضوع النزاع، حتى تتحدد ولاية المحكمين ، ويتسنى مراقبة مدى التزامهم حدود ولا يتهم ، فإذا تجاوزها كان الحكم باطلاً (م1/53 و) . أما شرط التحيكم فغنه لا يتصور بطبيعة الحال أن يتضمن تعيين محال النزاع لان النزاع لم يكن قد بدا بعد .
ولا يكفي لصحة حكم التحكيم ان يتم بناءاً على إتفاق توافرات له أركانه وشروط صحته وصدر في حدود هذا الإتفاق ، وإنما يتعين الا يكون حكم التحكيم قد صدر بعد إنتهاء المدة المحددة للتحكيم ، وإلا كان باطلاً . وقد سبق أن أوضحنا أن ميعاد التحكيم يتم في الأصل بإتفاق الطرفين، وانه يقبل المد بإتفاقهمل ، وتسري عليه من حيث كيفية احتسابه وإمكانية وقفه وانقطاعه وغمتداده بسبب المسافة والعطلة الرسمية قواعد قانون المرافعات ، فإذا لم يتفق الأطراف على مدة التحكيم تعيين صدور الحكم خلال الميعاد الذي حدده التحكيم فلا يجوز لها أن تصدر أى حكم وإلا كان باطلاً لسقوط الإتفاق على التحكيم بإنتهائه مدته (م 11/53 تحكيم)، فيما عدا إمكانية تصحيح الحكم وتفسيره وإصدار حكم تحكيم إضافة فيما أغفلت الفصل فيه من طلبات على النحو الذي سبق عرضه طبقا للمواد (49) و (50) و (51) من قانون التحكيم .. وتجدر ملاحظة أن موافقة الطرفين على حكم التحكيم الذي متر بعد إنتهاء مدته لا تصحيح البطلان ، وإنما يظل الحكم باطلاً غير منتج لأي اثر له.
وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض المصرية بأنه وإن انتهى الحكم المطعون فيه إلى عدم إستيفاء حكم المحكمين موضوع الدعوى الشروط القانونية اللازمة لصحة أحكام المحكمين مما يجعله باطلاً ، إلا انه ذهب إلى أن هذا لا ينفي كونه عقداً رضائياً موقعاً عليه من الطرفين .
إتفقا فيه على إختصاص كل منهما بمسطح معين من الأرض وأقام على ذلك قضاء بالغاء الحكم المستأنف ، ورقص الدعوى بإبطال هذا العقد ، ولما كان التوقيع من الطرفين في نهاية حكم المحكمين بما يفيد أنهما قبلاه كل منهما بده على من قطعة الأرض حسب ما توصح به، لا يعني إنصراف نيتهما إلى الإرتباط بإتفاق أبرم بإرادتهما ، إنما يعني الموافقة على حكم المحكمين الباطل ، وهو ما يستتبع بطلان هذه الموافقة فلا تنتج أثراً ، وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون .
خلاصة القول، أن حكم التحكيم يبطل عند انعدام إتفاق التحكيم أو إذا كان الإنفاق باطلاً أو قابلاً للإبطال وتمسك صاحب المصلحة ببطلانه وانتهت مدته. وفضلاً عن ذلك ، فإن هذه الأسباب تعد سبباً لعدم تنفيذ حكم التحكيم طبقاً لإتفاقية نيويورك (م11/5).