التنفيذ / اسباب ترجع الى الاتفاق ( عدم وجود اتفاق التحكيم - بطلان اتفاق التحكيم - سقوط اتفاق التحكيم بانتهاء مدته ) / الكتب / شرح قانون التحكيم لسنة 2016 / الدفع بعدم الإختصاص
(١) يجوز لأى من طرفي النزاع أن يدفع بعدم الاختصاص بسبب عدم وجود اتفاق تحكيم أو (سقوطه او بطلانه أو عدم شموله على موضوع النزاع، وفي هذه الحالة:
( أ) يكون التمسك بتلك الدفوع فى ميعاد لا يجاوز ميعاد تقديم دفاع المدعى عليه،
(ب) تقوم هيئة التحكيم بالفصل في الدفوع المنصوص عليها في الفقرة
(أ) قبل سماع الدعوى.
(۲) يعد شرط التحكيم اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أى أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه.
هذه المادة تجيز لطرفي النزاع تقديم دفع قانوني أمام هيئة التحكيم بعدم اختصاصها بنظر النزاع في الحالات التالية :
۱. عدم وجود اتفاق تحكيم بين الطرفين فإذا ثبت للهيئة ذلك تقبل الدفع وتنهي الإجراءات نسبة لفقدانها الولاية والاختصاص لأن ما تقوم به من إجراءات وما تصدره من حكم يكون مصيره البطلان وفقاً للقانون إذا دفع بذلك أحد الطرفين، لكن عدم وجود اتفاق التحكيم فهو نادر الحدوث لأن تشكيل الهيئة لا يتم إلا بإرادة الطرفين التى تنبع من اتفاقهما على اللجوء للتحكيم بعكس التحكيم الإجباري.
۲. سقوط اتفاق التحكيم وهذا من المتصور إذ قد يتفق الطرفان شفاهة على اللجوء للتحكيم لكن هذا الإتفاق لم يكتب أو يفرغ في مشارطة التحكيم وبالتالي عدم التوقيع عليه. وقد يحدث أن يوقع الطرفان على هذا الاتفاق لكن يتم إلغاؤه بإرادتهما أو يلجأن إلى المحكمة معاً أو يلجأ أحدهما إلى المحكمة ولم يعترض الآخر على ذلك، كل هذه المسائل تسقط اتفاق التحكيم.
3.بطلان التحكيم وهذا يتصور في الاتفاق على مسائل لا يجوز حلها عن طريق التحكيم حسب ما تنص عليه التشريعات الوطنية، على سبيل المثال المسائل التي تتعلق بمخالفة الشريعة الإسلامية (الفائدة الربوية)، وكذلك ما يتعلق بالنظام العام والآداب ( الخمور ...... )
4. عدم شمول اتفاق التحكيم على موضوع النزاع وهذا نادر التصور لأن طرفي النزاع عندما يلجأن إلى التحكيم يكونان في حالات ثلاث - إما أن النزاع قائم وتنظره المحكمة ويتفقان على حله عن طريق التحكيم وبالتالي تقوم المحكمة بإحالة النزاع للتحكيم متضمناً نقاط النزاع، أو يكون النزاع قائماً ولم يعرض أمام المحكمة وبالتالي يتفقان على التحكيم ويقومان بإعداد مشارطة تتضمن المسائل الإجرائية ، أو يتفق الطرفان في العقد الموقع بينهما على حل النزاع الذي قد ينشأ بينهما في المستقبل عن طريق التحكيم وهذا يكون ضمن بنود العقد، وبالتالي إذا لجأ شخص إلى المحكمة لإلزام الطرف الآخر لحل النزاع القائم بينهما عن طريق التحكيم أو حتى إذا لجأ إلى التحكيم طواعية لنظر نزاع لم يكن محل اتفاق مكتوب على حله عن طريق التحكيم ، يجوز لأحد الأطراف أن يدفع بعدم اختصاص الهيئة بنظر ذلك النزاع أو تقديم الطعن بالبطلان بعد صدور الحكم ، من ناحية أخرى فإن عدم شمول إتفاق التحكيم على موضوع النزاع قد يتصور فى حالة النص فى الإتفاق على مسائل بعينها تكون محل تحكيم وبالتالي قد تثور مسائل أثناء تنفيذ العقد خارجة عن الموضوعات المذكورة ومثال لذلك النص في بند التحكيم الوارد في العقد على الآتى ( إذا نشأ نزاع بين الطرفين فى إطار تفسير أحكام العقد يحل النزاع بالتحكيم ) وبالفعل قد تثور نزاعات كثيرة ليس من بينها تفسير الحكم .
أوجب هذا النص أن الدفع بعدم الاختصاص مشروط بتقديمه عند الرد على العريضة على نحو ما عليه في عرائض الدعاوى المدنية التي تقدم أمام المحاكم، إذ يقدم المدعى عليه عريضة الرد متضمناً دفوع قانونية والرد على الدفوع الموضوعية على سبيل الاحتياط، لكن إذا اكتفى بالدفوع القانونية فقط فلا يعد ذلك عيباً أو نقصاً أو مخالفة للإجراءات. واضح مما تقدم أن الدفع بعدم الاختصاص دائماً يصدر من قبل المدعى عليه على الرغم من أن هذا القانون نص على جواز ذلك لكلا الطرفين وهذا عيب فى الصياغة يتطلب التعديل .
أوجب النص ان الدفع المشار إليه يقدم للهيئة المعينة من قبل الطرفين على خلاف ما ذهبت عليه تشريعات بعض الدول بأن يتم تقديم هذا الدفع أمام المحكمة المختصة لكن من ناحية أخرى فإن الدفع يقدم للحكمة في حالة لجوء أحد الأطراف للحكمة لإلزام الطرف الأخر بإتفاق التحكيم وتعيين المحكمين للسير في الإجراءات حيث تقوم المحكمة بإعلان المقدم ضده الطلب للرد وفي هذه الحالة يحق له تقديم دفع قانونى تقوم المحكمة بالفصل فيه .
لقد ألزم القانون هيئة التحكيم أن تفصل في الطلب المقدم بشأن عدم اختصاصها بنظر النزاع وفقاً للأسباب المبينة في الفقرة (۲) وذلك قبل الفصل في النزاع بل وقبل المضي قدماً في إجراءات التحكيم طالما هذا الدفع يقدم في موعد لا يتجاوز ميعاد تقديم دفاع المدعى عليه، والحكمة في حسم موضوع الاختصاص من عدمه قبل السير فى الإجراءات هو تجنب الخسائر من وقت ومال حيث أن غياب إتفاق التحكيم أو بطلانه أو سقوطه يعد إحدى الأسباب المبررة للطعن بالبطلان بعد صدور الحكم .
تقرر الفقرة الثانية من هذه المادة مسألة مهمة ظلت مثار جدل فقهي وقانوني تتعلق بمكان بند شرط التحكيم عن بنود العقد الأخرى حيث كثيراً ما يدور السؤال حول مدى ارتباط اتفاق التحكيم بالعقد الأصلي، هل يعتبر جزءاً منه يتوقف مصيره على مصير العقد وبالتالي يفضي بطلان العقد إلى بطلان كل شروطه بما فيها شرط التحكيم الذي هو جزء لا يتجزأ من العقد أم أنه منفصل عنه ويتمتع بكيان قائم بذاته، خذ مثلاً عقد بيع يتضمن شرط تحكيم فإذا كان العقد باطلاً لعلة ما، فهل يتسرب هذا البطلان إلى اتفاق التحكيم أم يظل بمنأى عن البطلان لا يتأثر به؟ إن الارتباط بين المسألتين واضح، فإذا قيل بتبعية اتفاق التحكيم للعقد الأصلي، وجب حرمان المحكّم من نظر الادعاء لبطلان هذا العقد، إذ من غير المقبول أن يفصل في صحة عقد هو مصدر سلطته وفي هذه الحالة يتوجب على المحكم وقف إجراءات نظر المنازعة لحين فصل القضاء العادي في الإدعاء المرفوع من أحد الأطراف ببطلان العقد، وإذا قيل باستقلال اتفاق التحكيم عن العقد ارتفع هذا الحرج وجاز للمحكّم نظر المنازعة المتعلقة ببطلان العقد الأصلي لأنه لا يستمد ولايته منه وإنما من اتفاق التحكيم المستقل عن العقد وتعود الحكمة من اتجاه كل القوانين الوطنية والإتفاقيات الدولية منحى إستقلال شرط التحكيم عن العقد حتى إذا بطل أو أتضح ذلك أن الفسخ أو البطلان غالباً ما يدعى به طرف دون آخر وبالتالي يتطلب الأمر إيجاد جهة لحسم الأمر وهذه الجهة هي بالطبع هيئة التحكيم .
أما القضاء الإنجليزي فقد رفض ابتداءً مبدأ استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي وفقاً لقاعدة الجزء يتبع الكل، وهذا يعني أنه إذا بطل العقد أو كان قابلاً للفسخ بطل شرط التحكيم، إلا أن هذا الاتجاه لم يستمر ، فسرعان ما أخذ القضاء الإنجليزي بمبدأ استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي مسايرة للاتجاهات الدولية الخاصة بتوحيد قواعد وأنظمة التجارة الدولية.
أما القضاء الفرنسي فقد قرر ابتداءً عدم استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي، وهذا يعني تبعية اتفاق التحكيم للعقد إلا أن محكمة النقض الفرنسية قررت حديثاً بشأن اتفاق التحكيم الفصل بين التحكيم في المجال الداخلي والتحكيم في المجال الخارجي حيث قررت في حكمها الصادر بتاريخ ٧ مايو ١٩٦٣م في قضية Gosset ضد Carappeli استقلال شرط التحكيم عن العقد وذلك لمواكبة متطلبات التجارة الدولية. هذه القضية تتعلق بمنازعة مستورد فرنسي في تنفيذ حكم تحكيم صدر في إيطاليا لصالح مصدر إيطالي وتمسك الفرنسي ببطلان عقد التوريد الذي اشتمل على شرط التحكيم لمخالفته قواعد الاستيراد المقررة في القانون الفرنسي مما يستتبع بطلان شرط التحكيم الوارد في هذا العقد الباطل، فرفضت المحكمة هذا الدفع مقررة أن اتفاق التحكيم سواء ورد مستقلاً أو مندمجاً في تصرف قانوني له استقلال قانوني كامل يستبعد تأثره بما قد يطرأ على التصرف من بطلان وذلك فيما عدا ظرف استثنائي.