الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اسباب ترجع الى الاتفاق ( عدم وجود اتفاق التحكيم - بطلان اتفاق التحكيم - سقوط اتفاق التحكيم بانتهاء مدته ) / الكتب / بطلان حكم التحكيم ومدى رقابة محكمة النقض عليه (دراسة مقارنة) / تجاوز حدود اتفاق التحكيم

  • الاسم

    المحامي الدكتور/ أحمد بشير الشرايري
  • تاريخ النشر

    2011-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الثقافة للنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    400
  • رقم الصفحة

    63

التفاصيل طباعة نسخ

أشرنا من قبل أن هيئة التحكيم تستمد سلطتها؛ في الفصل في النزاع محل التحكيم، من اتفاق الأطراف الذي يعد المصدر الأصلي الذي يشتق منه كل سلطة وسلطان، وبمقتضى ذلك؛ فإن الهيئة تكون مقيدة في ممارستها لسلطتها، بالحدود التي رسمتها إرادة الأطراف في اتفاق التحكيم، ومن ثم فلا يجوز لهذه الهيئة الخروج عن حدود الاتفاق.

من قانون التحكيم الأردني، على قبول دعوى البطلان :" إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو تجاوز حدود هذا الإتفاق".

ويلاحظ أن المواد آنفة الذكر قد اشتملت على فرضين:

الأول: حالة فصل حكم التحكيم في مسألة لم يشملها اتفاق التحكيم، وهو سبب محدد وواضح للطعن بالبطلان على حكم المحكم، لأنه فصل في مسألة تقع خارج نطاق الاتفاق على التحكيم.

الثاني: أن يفصل المحكم في النزاع المعروض عليه، ولكنه جاوز حدود اتفاق التحكيم، بمعنى أن يفصل المحكم بأزيد مما عهد إليه بموجب اتفاق التحكيم، ومثال ذلك: إذا كان الاتفاق بين الأطراف يقتصر على اللجوء إلى التحكيم بخصوص فسخ العقد، فصدر الحكم من هيئة التحكيم متضمن فسخ العقد والتعويض ،ويبرز في هذا المقام أهمية تحديد موضوع النزاع

وقد قضت محكمة النقض المصرية بأنه : " من المقرر أن التحكيم - إذا هو طريق استثنائي لفض الخصومة - قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية - وما تكفله من ضمانات ومن ثم مقصور على ما تنصرف إليه إرادة المحتكمين في عرضه على هيئة التحكيم يستوي في ذلك أن يكون الاتفاق على التحكيم في نزاع معين بوثيقة خاصة أو انصرف إلى جميع المنازعات التي تنشأ من تنفيذ عقد معين، ويلزم ذلك ألا يمتد نطاق التحكيم إلى عقد آخر لم تنصرف إرادة الطرفين إلى فضه عن طريق التحكيم.

وعلى ضوء ما سبق فإنه يتوجب على هيئة التحكيم؛ أن تلتزم عند إصدارها الحكم بالفصل في المسائل المطروحة عليها بنطاق اختصاصها دون تجاوزه.

يجوز لكل من طرفي التحكيم تعديل طلباته، وأوجه دفاعه، واستكمالها خلال إجراءات التحكيم، ما لم تقرر هيئة التحكيم عدم قبول ذلك منعاً من تعطيل الفصل في النزاع.

وباستطلاع موقف قانون المرافعات الكويتي - في هذا المضمار - نجد أنه قد أكد على ضرورة أن تتقيد هيئة التحكيم عند فصلها النزاع بالمهمة التي خولها لها الأطراف في اتفاق التحكيم، وهذا يفهم من نص المادة (3/186/أ) من ذات القانون، والتي تنص على أنه :" يجوز لكل ذي شأن أن يطلب بطلان حكم المحكم الصادر نهائيا وذلك في الأحوال الآتية ولو اتفق قبل صدوره على خلاف ذلك: إذا كان الحكم قد خرج عن حدود الاتفاق على التحكيم.

رأي الكاتب : وعلينا أن نأخذ في اعتبارنا إنه حتى يتمكن الطرف، في اتفاق التحكيم، من التمسك بمخالفة اتفاق التحكيم أو الخروج عنه، فإنه يجب أن يكون قد أعلن مدة معقولة، إذا لم يكن هناك اتفاق على ميعاد لذلك، هذا ما لم تتعلق المخالفة بالنظام العام، وذلك وفقاً لما قررته نص المادة (8) من قانون التحكيم المصري.

والتي يقابلها نص المادة (7) من قانون التحكيم الأردني، حيث إنه إذا لم يقم بذلك، فإن هذا يعتبر بمثابة قبولاً منه بتعديل اتفاق التحكيم، مما يمتنع عليه بعد ذلك الطعن في حكم التحكيم لهذا السبب الذي لم يعترض عليه رغم علمه به، أما في حال إن أعلن اعتراضه على المخالفة أمام هيئة التحكيم، فإنه يترتب عليه أيضاً أن يتمسك بهذا السبب.

وقد قضت محكمة النقض المصرية في هذا السياق بأن : " خروج المحكمين في حكمهم عن مشارطة التحكيم يجب أن يتمسك به الخصوم أمام المحكمة وإلا فلا يكون لها أن تقضي من تلقاء نفسها ببطلان الحكم لعدم تعلق ذلك بالنظام العام".

هذا ويتوقف قبول المحكمة المختصة أو رفضها، لدعوى البطلان المقامة على أساس أن حكم التحكيم قد فصل في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم، إلى أن البطلان - والحالة هذه - يقتصر على المسائل غير المتفق عليها، بمعنى الأجزاء التي شملها حكم التحكيم ولم يشملها الاتفاق، إذا أنه إذا كانت هناك أجزاء من الحكم تتعلق بموضوع اتفاق التحكيم، ومصالحه بذاتها في الفصل في موضوع النزاع، فإنه لا يحكم ببطلانها هذا ما لم تكن مخالفة للنظام العام، أما في حال إن كان الحكم غير قابل للانفصال بين أجزائه فلا مفر في هذه الحالة من القضاء ببطلان حكم التحكيم برمته، وهذا ما أقرته المادة (1/53/و) من قانون للتحكيم المصري.

وفي هذا السياق قضت محكمة التمييز الأردنية بأنه:( إذا خرج المحكم عن اتفاق التحكيم فلا يبطل حكمه برمته وإنما يبطل الجزء الذي خرج فيه عن الاتفاق، إذا كان حكمه بطبيعته قابلاً للتجزئة لأنه لم يرد في القانون ما يمنع تجزئه حكم المحكم إذا كان قابلاً لذلك).

س: هل يمكن الحكم بالبطلان إذا ما أغفلت هيئة التحكيم الفصل في بعض الطلبات؟

في الواقع؛ إنه إذا لم تفصل هيئة التحكيم في بعض الطلبات المتعلقة بالنزاع الذي عرضه الخصوم عليها ، فإن ذلك لا يشكل سبباً لبطلان حكم التحكيم، وفقاً لأحكام قانون التحكيم المصري، وكذلك الأردني، وذلك لأن أسباب البطلان قد جاءت في القانونين سالفي الذكر على سبيل الحصر وليس من بينها مثل هذه الحالة، وقد جاء نص المادة (51) من قانون التحكيم المصري كالآتي:

أ - يجوز لكل من طرفي التحكيم ولو بعد إنتهاء ميعاد التحكيم، أن يطلب من هيئة التحكيم خلال الثلاثين يوماً التالية لتسلمه حكم التحكيم إصدار حكم تحكيم إضافي في طلبات قدمت خلال الإجراءات وأغفلها حكم التحكيم، ويجب إعلان هذا الطلب إلى الطرف الآخر قبل تقديمه.

ب - وتصدر هيئة التحكيم حكمها خلال ستين يوماً من تاريخ تقديم الطلب ويجوز لها مد هذا الميعاد ثلاثين يوماً أخرى إذا رأت ضرورة لذلك .

وباستقراء نصوص المواد آنفه الذكر يلاحظ ، أن هذا الحل الذي ائتى به المشرعون - في هذا المضمار - يفترض أن هيئة التحكيم التي أصدرت الحكم الأصلي لا تزال قادرة على الاجتماع مرة أخرى، وهذا يدفعنا لإثارة تساؤل حول هذا الحل، وهو في حالة عدم قدرة هيئة التحكيم على الاجتماع مرة أخرى ؟

ذهب رأي في الفقه المصري -  إجابة على السؤال المطروح - إلى القول إنه : " يجب في هذه الحالة العمل على تلافي العيب الذي لحق بتشكيل هيئة التحكيم، لتتمكن من الفصل فيما أغفلت الفصل فيه، كأن يتم تعيين محكم بدل من توفي ، أو أصبح غير صالح للحكم.

وفي النهاية؛ يجب الإشارة إلى أن اختصاص هيئة التحكيم ينحصر في الإجراءات الخاصة بطلب إصدار حكم إضافي، في النظر في الطلبات التي سبق تقديمها إلى هيئة التحكيم ، وغفلت الهيئة عن الفصل فيها، وهذا يعني بأنه يخرج من اختصاص هيئة التحكيم في هذه الإجراءات النظر في أي طلبات جديدة، ولا يجوز لها - أيضاً - إعادةالنظر في الطلبات التي سبق أن فصلت هيئة التحكيم فيها ،وكذلك يمتنع عليها إعادة البحث في أي مسألة تم البت فيها .