الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اسباب بطلان حكم التحكيم / الاحكام القضائية / مجموعة أحكام النقض (2004 – 2006) / لا يجوز الطعن ببطلان حكم التحكيم لأي سبب بخلاف الأسباب الواردة على سبيل الحصر في المادة 53 من القانون رقم 27 لسنة 1994

  • الاسم

    مجموعة أحكام النقض (2004 – 2006)
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    172

التفاصيل طباعة نسخ

-      نظام التحكيم له طبيعة خاصة تتسم بتبسيط الإجراءات ومرونتها بما لا يوجب التقيد بالإجراءات التي نص عليها قانون المرافعات أو قانون الإثبات، قضاء الحكم المطعون فيه ببطلان الحكم لبطلان المعاينة التي أجرتها هيئة التحكيم خطأ.

-      القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية، وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية يجب عدم التوسع في تفسيره.

-      لا يجوز الطعن ببطلان حكم التحكيم لأي سبب بخلاف الأسباب الواردة على سبيل الحصر في المادة 53 من القانون رقم 27 لسنة 1994 – أساس ذلك.

المحكمة:-

وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ قضى ببطلان حكم التحكيم لعدم إتباع ما نصت عليه المادة 25 من قانون المرافعات والمادة 131 من قانون الإثبات بشأن المعاينة التي أجريت للأرض محل النزاع، في حين أن قانون التحكيم لم يتضمن نصاً بالإحالة إلى أي من القانونين فيما لم يرد بشأنه نص خاص، كما أن نظام التحكيم له طبيعة خاصة تتسم بتبسيط الإجراءات ومرونتها بما لا يوجب التقيد بالإجراءات التي نص عليها قانون المرافعات أو قانون الإثبات بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن التحكيم طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية، وإذ صدر القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية متضمناً القواعد الإجرائية الخاصة بالتحكيم من بدايتها حتى تمام تنفيذ أحكام المحكمين، وقد أفادت المذكرة الإيضاحية لذات القانون بأن قواعد المرافعات المدنية والتجارية لا تحقق الهدف المنشود من التحكيم بما يتطلبه من سرعة الفصل في المنازعات وما ينطوي عليه من طبيعة خاصة اقتضت تيسير الإجراءات، ومؤدى نص المادة 28 من قانون التحكيم المشار إليه أنه من سلطة هيئة التحكيم أن تجتمع في أي مكان تراه مناسباً للقيام بأي إجراء من إجراءات التحكيم ومن ذلك المعاينة، وقد خلا هذا النص من وجوب التوقيع على محضر المعاينة من كاتب إلى جانب رئيس هيئة التحكيم ولو كان المشرع قد أراد ذلك لنص عليه صراحة على نحو ما أوردته المادة 36 من ذات القانون التي تخص تقرير الخبراء حيث نصت على أنه لهيئة التحكيم تعيين خبير أو أكثر لتقديم تقرير مكتوب أو شفهي يثبت في محضر الجلسة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان حكم التحكيم استنادا لنص المادة 25 من قانون المرافعات والمادة 131 من قانون الإثبات لبطلان المعاينة التي أجرتها هيئة التحكيم بدون حضور كاتب يحرر محضراً بالأعمال المتعلقة بها، في حين أن ذلك لم يستوجبه قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 وأن هذا البطلان أثر في الحكم لاستناده إلى المعاينة الباطلة فيما انتهى إليه من قضاء، فإن الحكم المطعون فيه بتلك الأسباب يكون معيباً بما يوجب نقضه.

وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ قضى ببطلان حكم هيئة التحكيم لمخالفته للنظام العام باعتبار أن أرض النزاع من الأموال العامة المخصصة لأغراض الدفاع عن إقليم الدولة من جهة الخارج وتأمين سلامة البلاد مما يعتبر عملاً من أعمال السيادة يخرج عن ولاية قضاء الدولة، في حين أن ارض النزاع من أملاك الدولة الخاصة التي تقع بمنطقة قابلة للاستثمار السياحي وقد بيعت للطاعن بصفته من وزارة السياحة – المطعون ضدها – بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت المحاكم هي المختصة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر من السلطة العامة وما إذا كان يعد من أعمال السيادة وحينئذ لا يكون لها أي اختصاص بالنظر فيه وأن محكمة الموضوع تخضع في تكييفها في هذا الخصوص لرقابة محكمة النقض، وكان المشرع لم يورد تعريفاً أو تحديداً لأعمال السيادة التي نص في المادة 17 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 على منع المحاكم من نظرها بطرق مباشرة أو غير مباشرة ولم يعرض كذلك لتعريفها بالمادة 11 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 التي نصت على خروج هذه الأعمال عن ولاية المحاكم الإدارية فإنه يكون منوطاً بالقضاء أن يقول كلمته في وصف العمل المطروح في الدعوى وبيان ما إذا كان يُعد من أعمال السيادة أم يخرج عنها لكي يتسنى الوقوف على مدى ولايته بنظر ما قد يثار بشأنه من مطاعن، وكانت أعمال السيادة تتميز بالصبغة السياسية البارزة فيها لما يحيطها من اعتبارات سياسية فهي تصدر من السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم فينعقد لها في نطاق وظيفتها السياسية سلطة عليا لتحقيق مصلحة الجماعة كلها والسهر على احترام دستورها والإشراف على علاقتها مع الدول الأخرى وتأمين سلامتها وأمنها في الداخل والخارج، والأعمال التي تصدر في هذا النطاق غير قابلة بطبيعتها لأن تكون محلاً للتقاضي لما يكتنفها من اعتبار سياسي يبرر تخويل السلطة التنفيذية الحق في اتخاذ ما ترى فيه صلاحاً للوطن وأمنه وسلامته دون تعقيب من القضاء أو بسط الرقابة عليه فيه، لما كان ذلك، وكان الثابت من حكم هيئة التحكيم أن الأرض محل التداعي هي جزء لا يتجزأ من أرض المشروع التي شملها عقد البيع المؤرخ 4/10/1989 وأن بيع هذه الأرض إلى الشركة المحتكمة تم بناء على اتفاق سابق على عقد البيع بين وزارتي السياحة والدفاع على نقل الوحدات العسكرية من تلك الأرض ولكن وزارة الدفاع لم تلتزم بتنفيذ ذلك الاتفاق المسبق بين الوزارتين، وإذ كان هذا البيع قد صدر للطاعن بصفته من وزارة السياحة وكان في ذلك ما ينفي عن هذه الأرض تخصيصها للعمليات أو متطلبات الأمن القومي ومن ثم فلا يعد التعرض الحاصل بشأنها عملاً من أعمال السيادة التي تخرج عن ولاية المحاكم. ولما كان مفاد نص المادة 435 من القانون المدني أن تسليم المبيع يتم بوضعه تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به بغير حائل، وكانت المحاكم العادية – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هي السلطة الوحيدة التي تملك حق الفصل في المنازعات التي تثار بين الأفراد والحكومة بشأن تبعية الأموال المتنازع عليها أو بشأن ما يدعيه الأفراد من حقوق عينية لهم عليها باعتبار أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية وأن أي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية – ولا يخالف به أحكام الدستور – يعتبر استثناء وارداً على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره، وكان للجهة الإدارية الحق في إزالة التعدي الواقع على أموال الدولة بالطريق الإداري، وكان القضاء الإداري إذ يختص بالفصل في الطعن على القرار الإداري بإزالة ذلك التعدي لا يقضي في منازعة قائمة بين الطرفين المتنازعين بشأن الملكية إذ أن ذلك من اختصاص القضاء العادي الذي يملك وحده الحكم في موضوع الملكية وكان الواقع في النزاع ينصب على طلب الشركة المحتكمة بإلزام وزارة السياحة بتمكينها من قطعة الأرض التي تشغلها القوات البحرية وحرس الحدود في وقت سابق على عقد البيع ومن ثم فإن الخصومة الحقيقية لموضوع التحكيم الماثل تدور حول حق الطاعن بصفته في استلام الأرض التي بيعت له من المطعون ضدها – وزارة السياحة – باعتباره أثراً من آثار البيع الصحيح مما يخضع لاختصاص هيئة التحكيم ومن ثم لا يكون حكمها باطلاً، وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر إذ قضى ببطلان حكم التحكيم فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يعيبه ويوجب نقضه.

وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، كان مؤدى تحديد حالات البطلان في المادة 53 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية – أنه لا يجوز الطعن بالبطلان لسبب آخر خلاف ما أورده نص هذه المادة فلا يجوز الطعن عليه في فهم الواقع أو القانون أو مخالفته وكان ما تدعيه المدعية بالدعويين ليس من حالات البطلان التي عددتها المادة 53 من القانون السالف ذكره فلا تسوغ البطلان بما يتعين معه رفض الدعويين.

(الدائرة المدنية والتجارية – الطعن رقم 4721 لسنة 73 ق – جلسة 27/12/2007)