التنفيذ / اسباب بطلان حكم التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / فاعلية القضاء المصري في مسائل التحكيم التجاري الدولي / دور القضاء في الحد من بطلان أحكام التحكيم
تباينت التشريعات فيما بين تفعيل إرادة أطراف النزاع التي هي أساس العملية التحكيمية وبين تدخل القضاء بالرقابة، فالتشريع المصري - بموجب قانون التحكيم الجديد - حصر وقيد طرق الطعن ومراجعة حكم التحكيم في حالات محددة على سبيل الحصر، ولكنه حظر الاتفاق المسبق على استبعاد الطعن بالبطلان ضد أحكام التحكيم، أما التزول اللاحق على صدور حكم التحكيم فهو جائز طبقاً لنص المادة (54) ، من قانون التحكيم، أما المشرع الفرنسي بموجب المرسوم رقم 48 لسنة 2011 فرق بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي حيث إنه أبقى صراحة بموجب المادة الثانية منه المعدلة لنص المادة (1491) من قانون الإجراءات المدنية على الطعن في الحكم الصادر في تحكيم داخلي بطريق الإبطال ما لم يكن الأطراف قد اتفقوا على الطعن بطريق الاستئناف وذكرت المادة أن كل اتفاق مخالف يعتبر باطلا وغير موجود.
كما استقرت أحكام الاستئناف على أنه لا يملك القضاء مناقشة مدى صواب أو خطأ ما ذهب إليه حكم التحكيم في تصديه لفهم الواقع ما دام كان التعليل الوارد به كاشفا بوضوح عن الطريق المنطقي الذي اتبعته الهيئة التحكيمية لتكوين رأيها.
تقرير قضاء الاستئناف عدم قبول الدعوى كلما كان سبب البطلان يتطلب فحصاً لوقائع الدعوى أو مستنداتها لان هذا يكون تعرضاً لموضوع النزاع بما يخرج عن نطاق دعوى البطلان.
رفض قضاء الاستئناف بطلان حكم التحكيم استناداً إلى تناقض أسباب حكم التحكيم وذلك لأن وقوع تناقض باسباب حكم التحكيم لا يعتبر حالة من حالات البطلان المنصوص عليها بالمادة (53) من قانون التحكيم على سبيل الحصر. للمبرر ذاته رفضت محكمة الاستئناف بطلان حكم التحكيم المبنى على سبب القصور في التسبيب. أو القضاء بغير طلب. أو الاخلال بحق الدفاع .
بموجب هذا الحكم يبرز أيضاً دور القضاء في فاعلية قضاء التحكيم وذلك بإعلاء وسمو الاتفاقيات الدولية ووجوب تطبيقها في حالة تعارضها مع نصوص القانون المصري خاصة قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 وفق الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية تنعدم الرقابة القضائية على أحكام التحكيم الصادرة وفق هذه الاتفاقية ومن ثم لا يجوز الطعن فيه ولو بدعوى البطلان.
حيث نصت المادة (۲/۳) من الاتفاقية على أن "... تكون الأولوية في التطبيق لأحكام الاتفاقية عند تعارضها مع قوانين وأنظمة الدول الأطراف".
التزام القضاة بحماية الحقوق التحكيمية وضمان فاعليتها: ذهب قضاء الإستئناف إلى التأكيد على أن الطبيعة الخاصة للتحكيم تستلزم أن تفسر قواعده بما يتفق والهدف المأمول من اللجوء إليه والبحث عن الغايات المقصودة من داخل الفلسفة التشريعية التي تحكم نظام التحكيم وعناصره الأولية والقضاء ملزم هنا سواء عند تفسير أو تطبيق القاعدة التحكيمية بحماية الحقوق التحكيمية وضمان فاعليتها .
تأكيد قضاء الاستئناف على أن التحكيم ضوابط ومعايير قانونية مشتركة على الصعيد الدولي: قطع التحكيم شوطاً كبيراً في طريق إرساء العديد من مفاهيمه القانونية، فحرص القضاء الوطني على عدم اهدارها مسايرة في ذلك التطور الحاصل في التجارة الدولية .
رسوخ في يقين قضاء الاستئناف أن ثقافة التحكيم واحتياجاته تختلف عن أسس النظام القضائي وضروراته فالنصوص الإجرائية أمام القضاء ذات طبيعة جامدة آمرة على العكس في مجال التحكيم نجد سمو مبدأ سلطان الارادة.
هديا بما تقدم يتأكد فاعلية القضاء لنظام التحكيم بل يمكن القول إن القضاء المصري هو خط الدفاع الأول عن التحكيم والحامي لحكم التحكيم من إبطاله طالما لم يتوافر سبب من أسباب البطلان الواردة على سبيل الحصر في القانون أو اعلاءاً الأحكام اتفاقية دولية تحصن حكم التحكيم وتمنع الطعن فيه بأي طريق.