يجب للقول بوجود اتفاق تحكيم موجود من الناحية القانونية ، في حالة وجود إرادتين على الأقل متطابقتين تمام التطابق ، ومتجهتين إلى اختيار التحكيم وسيلة لحل ما نشأ أو ما قد ينشأ بينهما من منازعات .
وفي هذا الصدد هناك حكم لمحكمة النقض المصرية ذهبت فيـه إلى «أنه وإن أجاز المشرع فى الفقرة ج من المادة ٦٦ من القانون ٣٢ لسنة ٦٦ لهيئات التحكيم أن تنظر أيضا فى المنازعات ، التـي تقــــع بــين شركات القطاع العام وبين الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الاعتباريين وطنيين كانوا ، أو أجانب ، إلا أنها اشترطت قبول هؤلاء الأشخاص بعد وقوع النزاع إحالته إلى التحكيم . وإذا كان من بين الخصوم .... الذى اختصم بوصفه ممثلا لشركة الملاحة التي تتبعها الباخرة وكانت الأوراق قد خلت مما يدل على أن هذه الشركة قد قبلت بعد وقوع النزاع إحالته إلى التحكيم فإنه لا يكون ثمة وجه للقول باختصاص هيئات التحكيم بنظر النزاع، ويكون النعى على الحكم بمخالفة القانون قائما على غير أساس» .
وقد قضت المحكمة أيضا ، بأن حمل سند الشحن اسم الشركة مستأجرة السفينة ، وذلك دون أية إشارة فى السند نفسه إلى اسم الملاك ، لذا فإن إرادتهم لم تتجه لولوج طريق التحكيم - أثره في هذا الصدد مسئولية الشركة المستأجرة وحدها قبل الغير.
وبناء على ذلك وانطلاقا من كون التحكيم استثناء من الأصل وهو القضاء العادى وليس العكس كما ذهب البعض آنفا . إذ لو كان العكس صحيحا لتغير وجه الرأى فى الكثير من الأمثلة التي سنذكرها علـــى عـدم وجود اتفاق تحكيم لذا :
فإنه لا يوجد اتفاق تحكيم ، فيما أعتقد ، إذا اتفق الأطراف على إحالة الخلافات إلى التحكيم . بينما يجب أن تحال المنازعات إلى القضاء العادي ، فما هو المعيار الذي يمكن بواسطته التفرقة بين الخلافات والمنازعات .
كما لا يوجد اتفاق تحكيم فى حالة نص الأطراف ، على أنه يجوز إحالة المنازعات إلى التحكيم .
وقد يتفق الأطراف على اختصاص القضاء في حالة عدم نجاح التحكيم ، وفى هذه الحالة متى نقول أن التحكيم لم ينجح .
وقد يتفق الأطراف ، على إحالة المنازعات الفنية إلى خبراء ، بينما تحال المنازعات القانونية إلى التحكيم ، فما هو معيار التفرقة بين النوعين.
وإذا تضمن العقد بندا يقضى بأن المنازعات التي قد تنشأ عنه تحل عن طريق التحكيم ، وتضمن بندا آخر يقضى باختصاص القضاء العادي ، بالفصل فيها أيضا . فهنا يكون المختص الأصل ، والذي يتمثل في القضاء العادي.
حكم هيئة التحكيم فى الدعوى رقم ۱۸/۱۰۹ تحكيم خاص دولى بتاريخ ۹۹/۳/۱۱ غير منشور وبحوزتى فى النزاع بين شركة مجموعة سرهنك - المحتكمـة - ومجموعة شركات أوراكل والمتعلق بعقد وكالة نفذت فيه سرهنك جميع التزاماتها ولم تقم أوراكل بتجديد الوكالة ولما كان هذا العقد يتضمن شرط تحكيم فقد لجأت سرهنك إلى التحكيم .
ودفعت الشركتان المحتكم ضدهما (مجموعة أوراكل ببطلان شرط التحكيم تأسيسا على التناقض بين البندين ۲۱ و ۲۲ من العقد وأوضحا فيه أنه بينما تحيل المادة ٢١ من اتفاق الوكالة بتاريخ ١/٦/١ والتعديلات التى أجريت عليه ، المنازعات للتحكيم ، فإن المادة ٢٢ من الاتفاق تضمنت صراحة التعبير عن التراضي المتبادل بين الطرفين واشترطهما قبول اختصاص محاكم القاهرة حيث تضمن الشق المرتبط
بهذا الموضوع من المادة ۲۲ ما نصه اتفق الطرفان على قبول الاختصاص القضائي لمحاكم «القاهرة» ولهذا تعد إشارة المدعى للتحكيم غير صحيحة وباطلة وردت هيئة التحكيم على هذا الدفع بقولها وحيث أن شرط التحكيم الوارد في البند ٢١ من العقد صحيح وأنه واضح الدلالة فى انصراف نية طرفيه إلى اعتماد التحكيم كوسيلة لفض المنازعات التى قد تنشأ عن تفسير أو تنفيذ العقد أو أى مسألة مرتبطة به ، وحدد هذا البند بالتفصيل وفى فقرات ثلاث المبدأ العام وهـو فض المنازعات بين الطرفين عن طريق التحكيم بواسطة محكم منفرد يتفق عليه الطرفان ، وألا يتم تعيين محكم من جانب كل طرف خلال مدة حددتها الفقرة الثانية من البند ۲۱ من العقد ، ثم يعين المحكمان المختاران من طرفي النزاع المحكم الثالث ، فإذا لم يصلا إلى اتفاق تولت المحكمة العادية في مصر تعيينه بناء على طلب أحد الطرفين وطبقا لقواعد قانون المرافعات ، أما الفقرة الثالثة من البند ۲۱ فقد أشارت إلى أن الحكم الصادر من المحكم المنفرد أو من المحكمين الثلاثة أو من أغلبيتهم ، حسب الأحوال سيكون نهائيا وملزما للطرفين ولا يخضع للطعن فيه . ثم نص البند ۲۲ من العقد على تطبيق القانون المصرى على تفسير وتنفيذ العقد من جميع الوجوه ، وعلى قبول الطرفين الخضوع لاختصاص محاكم القاهرة وتفسير الشق الأخير من البند ۲۲ يجب أن يتم على ضوء حكم البند ۲۱ من العقد الذي أخذ بالتحكيم كوسيلة لفض المنازعات الناشئة عن العقد وبين إسهاب تنظيم قواعد التحكيم بين الطرفين .
والقول بتعارض البندين ۲۱ و ۲۲ من العقد بما يؤدى إلى بطلان شرط التحكيم الوارد في البند ۲۱ من شأنه أن يهدر إرادة طرفي التعاقد الصريحة والواضحة التي نظمت تفصيلا أهم إجراءات التحكيم في المنازعات الناشئة عن العقد ، وليس من المقبول أن نصف هذا البند بأنه لغو ولا يعتد به وإنما يعتد بالبند ۲۲ فقط ويكون الاختصاص لمحاكم القاهرة في جميع الأمور المتصلة بالمنازعات الناشئة عن العقد . كما أنه ليس من المقبول أن يقتصر التحكيم على المنازعات الناشئة عن تفسير العقد وتطبيقه دون ذلك من الأمور الأخرى المتصلة بالعقد أو التـي تختص بها محاكم القاهرة، فيعد شرط التحكيم بمثابة اتفاق على التوفيق ، وهـو التفسير الذي أشارت إليه الشركتان المحتكم ضدهما على نحو ما قدمنا ، لأن التحكيم نظام قانونى يختلف عن التوفيق ، واتفاق الطرفين على التحكيم واضح وصريح ومفصل ولا لبس فيه . أما البند ۲۲ من العقد ، فإنه يشير إلى أنـه فــي الأمور المتصلة بالتحكيم والتي يحتاج الأمر فيها إلى الرجوع إلى محاكم الدولة ، فإن الاختصاص المحلى ينعقد لمحاكم القاهرة دون غيرها ، من ذلك مثلا تعيين المحكم الثالث عند اختلاف المحكمين المختارين من طرفي النزاع على تعيينه ووفقا لصريح نص البند ۲/۲۱ من العقد الذى أشار إلى اختصاص المحاكم العادية في مصر في هذا الأمر كذلك فإن ثمة أموراً لابد فيها من الرجوع إلى قضاء الدولـــة مثل الأمر باتخاذ التدابير التحفظية أو المؤقتة أو طلب فرض الحراسة على المال موضوع النزاع ، أو الحكم بالجزاءات الجنائية على الشهود المطلوبين في التحكيم عند تخلفهم عن الحضور أو الامتناع عن الإجابة ، أو الأمر بالإنابة القضائية، أو الحصول على الصيغة التنفيذية على الحكم الصادر من هيئة التحكيم ، أو نظر دعوى بطلان حكم التحكيم . فى جميع هذه الأمور وغيرها فإن البند ٢٢ من العقد يقضى بأن يكون الاختصاص القضائي المحلي لمحاكم القاهرة دون غيرها، ولا يغير من هذا النظر أن قانون التحكيم رقم ۲۷ لسنة ٩٤ لم يكن قد صدر وقت إبرام العقد في عام ۹۱ ، لأن هذه الأمور أيضا كان يختص بها القضاء في ظل قواعد التحكيم التي نص عليها قانون المرافعات رقم ١٣ لسنة ٦٨ في المواد من ٥۰۱ إلى ٥١٣ وغيرها . وعند صدور القانون ٢٧ لسنة ١٩٩٤ الخاص بالتحكيم قررت المادة 9 منه تحديد المحكمة المختصة بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصرى .
وحيث أن الثابت هو ما تقدم، فإن الدفع ببطلان شرط التحكيم الوارد في البند ۲۱ من العقد لتعارضه مع البند ۲۲ منه ، يكون في غير محله وتلتفت عنه الهيئة .
وإذا نص الأطراف على حل ما قد ينشأ من منازعات عن طريق التحكيم ثم القضاء فهنا يمكن القول بأن لفظ (ثم ) يفيد الترتيب ، وبالتالي إذا لجأ أحدهم إلى التحكيم ، فلا يستطيع الطرف الآخر ، أن يدفع بعدم وجود اتفاق تحكيم . وإذا لجأ أحدهما إلى القضاء أولا ، فيستطيع الطرف الآخر ، أن يدفع بعدم ولاية القضاء لنظر النزاع .
وإذا نص شرط التحكيم على حل ما قد ينشأ من منازعات بين الأطراف عن طريق القضاء والتحكيم . فهنا لا يمكن القول بوجود اتفاق تحكيم ، هذا فضلا عن أننا قد نجابه بمشكلة أخرى نتيجة سوء الصياغة ، إذ قد يلجأ أحد الأطراف إلى القضاء ، بينما يلجأ الآخر إلى التحكيم .
وإذا اتفق الأطراف على حل ما قد ينشأ بينهما من منازعات عن طريق القضاء أو التحكيم ، ولجأ أحدهما إلى التحكيم ، فإن الطرف الآخر يستطيع الدفع بعدم وجود اتفاق تحكيم ، نظرا لأن حرف أو يفيد من الناحية اللغوية التخيير على قدم المساواة. لكن قد نجابـه هنـا أيـضـا بمشكلة نتيجة سوء الصياغة ، وهى لجوء أحد الأطراف إلى التحكيم ، بينما يلجأ الطرف الآخر إلى القضاء .
ولا يعد تخليا عن ولوج طريق التحكيم ، قيام أحد الأطراف بالرغم
من الاتفاق على التحكيم ، باللجوء إلى القضاء العادي ، لكي يصدر أمــــر
بإجراء مؤقت أو تحفظى ، لذلك لا يستطيع الطرف الآخر رفع النزاع أمام
القضاء والادعاء بتخلى الطرف الآخر عن اللجوء إلى التحكيم
عكس ذلك حكم مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي في الدعوى التحكيمية رقم ٩٦/٧ بالجلسة المنعقدة يوم الأحد ۹۷/٥/١٨ غیر منشور وبحوزتي.
في النزاع بين شركة سعودية مقرها جدة وشركة مصرية للأغذية المحفوظة - مصر وهى شركة مصرية الجنسية ومركزها الرئيسي الإسكندرية وهو متعلق بعقد وكالة تجارية عينت بمقتضاه الشركة المصرية الشركة السعودية كوكيل تجارى وموزع وحيد لمنتجات الشركة بالمملكة العربية السعودية اعتبارا من ٩٣/١١/٢٢
ولمدة ثلاث سنوات تنتهى فى ٩٦/١١/٢١ .
وقد تضمن العقد نصا فى المادة الثامنة عشر بأن يخضع هذا العقد في تنفيذه وتفسيره لقوانين المملكة العربية السعودية ، وكل خلاف أو نزاع ينشب بين الطرفين بشأن تنفيذ هذا العقد أو تفسيره ويتعذر حله وديا يحال إلى الجهة القضائية المختصة بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية للفصل فيه أو محاكم الإسكندرية بجمهورية مصر العربية أو عن طريق التحكيم وفقا لقواعد التحكيم بالمركز الدولى للتحكيم التجاري بمدينة الإسكندرية»
وقد حدث نزاع بين الطرفين فتم اللجوء إلى التحكيم وجاء في مذكرة دفاع الشركة المحتكم ضدها - إدفينا - أن عقد الوكالة التجارية المحرر بين الطرفين في ۹۳/۱۱/۲۲ هو الذي يحكم العلاقة بين الطرفين وأن التحكيم هو أحد سبل ثلاثة لفض النزاع بين الطرفين بمعنى أنه طريق اختيارى بين ثلاثة طرق ، وإذا كان هذا
الخيار قائما ، فإنه يكون على وجه الترتيب على النحو الوارد بالنص وليس على وجه الاختيار المطلق لأى طرف بحيث يكون اختصاص محاكم الإسكندرية بنظر النزاع سابقا على طريق التحكيم ، وإذ بادرت شركة فهد ودون الرجوع إلى شركة ادفينا أو الحصول على موافقتها باختيار طريق التحكيم فإن الإجراءات التي اتخذتها
شركة فهد أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجارى الدولى تكون باطلة لمخالفتها لشروط العقد ، وقد تمسكت شركة ادفينا بهذا البطلان منذ اتصال علمها بإقامة هذا التحكيم، لذلك تمسكت ببطلان تقديم طلب التحكيم في ١٩٩٦/٢/٢٨. وأشارت شركة ادفينا إلى أنها أقامت الدعوى رقم ٣٤٣ لسنة ٩٦ تجارى كلى الإسكندرية قبل ٩٦/٢/٢٧ أى قبل تقديم طلب التحكيم من الشركة المحتكمة - فهد
- وتمسكت شركة ادفينا ببطلان إجراءات استصدار حكم من محكمة استئناف القاهرة في الأمر رقم 3 لسنة ۱۱۳ق الصادر في ٩٦/٨/٢٦ ، ببطلان إجراءات استصدار حكم محكمة استئناف القاهرة ١٩٩٦/١٢/٣٠ بتسمية محكم عن شركة ادفينا ، وببطلان استصدار أمر من مستشار محكمة استئناف القاهرة ٩٦/٣/٥ بتحديد ميعاد إضافي قدره ۱۲ شهراً لإصدار الحكم المنهى للخصومة .
وقد قضت محكمة التحكيم في هذه الدفوع بأن مفاد نص المادة ١٨ من عقد الوكالة المبرم بين الطرفين أنه عند نشوب النزاع بين الطرفين وعدم إمكان حله بالطرق الودية ، فإنه يحق لأى من الطرفين أن يختار عرض النزاع على إحدى الجهات الثلاث المشار إليها في هذه المادة ، ولا يؤدى سياق النص إلى أن يتبع في هذا الاختيار ترتيب معين ، وهو الترتيب المشار إليه فى المادة المشار إليها ، لأن الأخذ بما تزعمه شركة إدفينا يفقد الاختيار الموجود في المادة الثامنة عشر من العقد فحواه ، وليس من المقبول أن يلجأ الطرف الذى يرغب في حل النزاع إلى الجهة الأولى أولا( محاكم السعودية) ، ثم يلجأ إلى الجهة الثانية (محاكم الإسكندرية) ، ثم يلجأ أخيرا إلى الجهة الثالثة ( التحكيم ) وفقاً لقواعد مركز الإسكندرية للتحكيم الدولي لأن هذا المفهوم لا يمكن استخلاصه ، إذ لم يحدد نص المادة المشار إليها متى يتبع هذا الترتيب ، وهل يتم اللجوء إلى القضاء السعودي أولا ، عند فشل المدعى فى الوصول إلى هدفه يلجأ إلى القضاء المصرى بالإسكندرية، فإذا فشل المدعى مرة ثانية فى الوصول إلى مبتغاه يلجأ إلى التحكيم؟
إن منطق الشركة المحتكم ضدها ينفى فكرة الاختيار ويجردها من مضمونها ، فضلا عن أنه ، بينما تسلم الشركة المحتكم ضدها بأن عرض النزاع على إحدى الجهات الثلاث المشار إليها في النص اختيارى للمدعى إلا أنها تتمسك بأن الترتيب
الوارد في النص بين هذه الجهات إلزامي ، ولم تبين متى يتم العدول عن الاختيار الأول واللجوء إلى الاختيار الثانى ثم الثالث ، هذا فضلا عن أن مسلك الشركة المحتكم ضدها برفع الدعوى رقم ٣٤٣ لسنة ٩٦ تجارى كلى الإسكندرية (وهو الاختيار الثاني في الترتيب) قبل اللجوء إلى الاختيار الأول في الترتيب (محاكم السعودية) ، سيناقض التفسير الذي ذهبت إليه الشركة المحتكم ضدها ، الأمر الذي يعنى أن اختيار أحد هذه البدائل الثلاثة المطروحة فى النص للطرف الذى رغب في تسوية النزاع أمر متروك لتقدير المدعى دون إلزام باتباع ترتيب معين بأخذ بضابط الاختصاص من ناحية المدعى إلا في حالات قليلة تعتبر واردة على خلاف الأصل المذكرة الإيضاحية .
ويؤكد رأى في الفقه القانون الدولى الخاص أن الحكمة المقررة في المادة ٢٨ من قانون المرافعات رقم ١٣ لسنة ١٩٦٨ سواء في مجال الاختصاص الداخلي أو في مجال الاختصاص الدولى - ومن باب أولى هى التيسير على المدعى عليه وعدم تكليفه مشقة الانتقال إلى محكمة أخرى غير محكمة المكان الذي يوجد فيه». (انظر مؤلف الأستاذين . الدكتور . فؤاد رياض والدكتورة . سامية راشد ، الوسيط في القانون الدولي الخاص ، الجزء الثاني ، طبعة ٨٥ ، دار النهضة العربية ص ٤٩٤ ، بند (٤٤٧) . كما يرى الفقيهان السابقان أن إعمال ضابط الجنسية المقرر في المادة ۲۸ من قانون المرافعات رقم ١٣ لسنة ١٩٦٨ كما يسرى على الأشخاص الطبيعية يسرى أيضا على الأشخاص المعنوية أن كلمة المصرى الواردة في النص تنصرف إلى المصرى بصفة عامة سواء أكان شخصا طبيعياً أم معنوياً باعتبار أن كليهما مخاطبان بأحكام القانون . المرجع السابق ص ٤٩٦ بند ٤٤٨) وانظر حكم نقض مصرى ١٩٥٠/٤/٢٠ مجموعة ٥٠ سنة مجلدا ص ٨٨٥ بند ۲۳۱.
وحيث أن الشركة المحتكم ضدها خالفت قاعدة الاختصاص الدولي المانعة فـــي القانون المصرى ، فإنه لا يكون للحكم الصادر من محكمة بروكسل الابتدائية بتاريخ ١٩٩٦/١٠/٢٩ إذ لا يجوز الأمر بتنفيذ الأحكام الأجنبية في مصر طبقا للمادة ۲۹۸ من قانون المرافعات رقم ١٣ لسنة ١٩٦٨ إلا بعد التحقق من أن المحاكم المصرية غير مختصة بالمنازعة التي صدر فيها الحكم أو الأمر وقد سبق أن رأينا انعقاد الاختصاص للمحاكم المصرية فى هذه المنازعة طبقا للمادة ٢٨ مرافعات ، وبناء على ما تقدم جمعيه يكون من حق البنك المحتكم أن يتجاهل الدعوى التي رفعت ضده أمام محكمة بروكسل كما له أن يتجاهل بالتالي الحكم الصادر بها ، ولا يعتبر تخلفه عن المثول أمام المحاكم البلجيكية تسليما منه .
كما يجب على المحكمة إذا انصرفت إرادة الأطراف إلى الالتزام باتفاق تحكيم معين ألا تلزم الأطراف باتفاق تحكيم آخر فى هذا الأمر .
وعلى ذلك قضى بأنه لما كان شرط التحكيم ، الذي أحال إليه سند الشحن في البند العاشر منه ، نص على أن يكون مقر التحكيم في لندن فإن هذا الشرط هو الذى يجب إعماله دون الشرط الوارد في مشارطة إيجار السفينة ، الذى يقضى بعرض النزاع على هيئة التحكيم بنيويورك ، لأن الإحالة الواردة في سند الشحن إلى الشروط الواردة في تلك المشارطة ، إنما تكون فيما لم يرد بشأنه نص خاص بسند الشحن . ومن ثم يكون الحكم ، قد أخطأ ، حين اعتد بشرط التحكيم الوارد بمشارطة الإيجار ، دون الشرط الوارد بسند الشحن .
ولا يفوتنا ذكر أن حكم التحكيم يكون باطلا ، إذا اتجهت إرادة الأطراف لحل المنازعات التي نشأت ، أو يمكن أن تنشأ عن طريق التحكيم، وفقا لنظام هيئة أو منظمة أو مركز معنى بالتحكيم - مثال ذلك محكمة تحكيم لندن للتحكيم الدولى - . ولما نشب النزاع بين الأطراف ، قام أحد أطراف النزاع ، بتقديم طلب تحكيم إلى هيئة أخرى – ولتكن مثلا غرفة التجارة الدولية بباريس - ، قامت بالفصل في النزاع رغما عن إرادة باقي الأطراف .
حكم مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم التجارى الدولى فى الدعوى التحكيمية رقم ٩٦/٧ بالجلسة المنعقدة يوم الأحد ۹۷/۱/۱۸ غير منشور وبحوزتي في النزاع بين ادفينا وفهد حيث دفعت شركة ادفينا وهي الشركة المحتكم ضدها بعدم اختصاص مركز الإسكندرية للتحكيم البحرى الدولى بنظر النزاع ، لأنه فرع تابع لجامعة الدول العربية ويقصر اختصاصه على نظر التحكيم البحرى كما يبين مـــن اسم المركز ، وأن طلب التحكيم قدم إلى مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بينما تم إخطار الشركة المحتكم ضدها بطلب التحكيم بخطاب مؤرخ في ٩٦/٣/٣ صادر من مركز الإسكندرية للتحكيم البحرى أى قدم طلب التحكيم إلى مركز القاهرة الإقليمى بينما أخطرت الشركة المحتكم ضدها ذات الطلب من مركز آخر لا علاقة له المركز الذي قدم إليه الطلب . مما يشكل خطأ فادحا في الإجراءات ، إذ لكل من المركزين كيانه القانونى المستقل عن الآخر ، إذ أنشئ مركز القاهرة في إطار اتفاقية بين جمهورية مصر العربية واللجنة الاستشارية القانونية لدول أسيا وإفريقيا في يناير ٧٩ ، ثم جدد بتاريخ نوفمبر ۸۳ ، وأبرم اتفاق إقامة المركز بصفة دائمة فى ۸۹/۷/۲٤ . وقد وافق مجلس الشعب على هذه الاتفاقية وأبرمت اتفاقية المقر الخاص بالمركز فى ديسمبر ۸۷. أما مركز الإسكندرية فقد أبرمت بشأنه اتفاقية أخرى بتاريخ ۹۲/۷/۷ وهى اتفاقية بين اللجنة الإفرو أسيوية وبين جامعة الدول العربية وفى إطار هذا الاتفاق أنشئ مركز الإسكندرية للتحكيم البحرى بمدينة الإسكندرية وهو مقصور على التحكيم البحرى بمدينة الإسكندرية وهو مقصور على التحكيم البحرى ولا علاقة له بالتحكيم التجاري ، ويدل هذا كله على بطلان الإجراءات .
وردت هيئة التحكيم على هذا الدفع بأنه لما كان نص المادة الثامنة عشر من العقد يجرى على أن يحل النزاع عن طريق اللجوء إلى القضاء السعودي أو المصرى أو عن طريق اللجوء إلى التحكيم وفقا لقواعد التحكيم بالمركز الدولي للتحكيم التجاري بالإسكندرية ، فإن هذا يعنى أنه متى أختار الطرف الذى يلجأ إلى طلب حل النزاع ، طريق التحكيم لفض النزاع فإن التحكيم يتم طبقا للقواعد التي يتبعها المركز الدولي للتحكيم في الإسكندرية وليس فى مدينة الإسكندرية إلا فرع مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجارى الدولى والمسمى (مركز الإسكندرية للتحكيم البحري الدولي) ويتبنى هذا المركز قواعد التحكيم التي يتبعها المركز الأصلي وهو مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجارى الدولى ، ذلك أن الثابت من الخطاب المرسل من مركز القاهرة إلى الشركة المحتكم ضدها بتاريخ ٩٦/٣/٢٣ أن مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجارى الدولى وفرعه بالإسكندرية هو المركز الوحيد الذي ينطبق عليه وصف المركز الدولي فى المنطقة الإفرو أسيوية ، ويستمد المركز صفته الدولية من الاتفاق المبرم بينه وبين حكومة جمهورية مصر العربية واللجنة الاستشارية لدول أسيا وإفريقية التي تتكون من ٤٤ دولة أسيوية وإفريقية من بينها مصر ، وقد أبرم هذا الاتفاق في يناير ٧٩ ، ثم جدد في نوفمبر ۸۳ ، وأبرم اتفاق إقامته بصفته دائمة في ۸۹/۷/۲ ، وقد وافق مجلس الشعب على هذا الاتفاق ، وفي ديسمبر ۸۷ أبرمت اتفاقية المقر الخاص بالمركز والتي يتمتع بمقتضاها المركز بجميع الحقوق والمزايا والحصانات التي تتمتع بها المنظمات الدولية المستقلة ، وقد وقع على هذه الاتفاقية وصدق عليها مجلس الشعب فى ۸۷/۱۲/۲۹ ، وعلى هذا أساس يتمتع مركز القاهرة الإقليمى بصفة الدولية وفقا لأداة إنشائه وطبقا لاتفاقية المقر وهـي عناصر لا تتوافر لأى مركز آخر فى المنطقة التي تقع غرب أسيا وفي منطقة القارة الإفريقية .
وتنسحب صفة الدولية هذه على ما ينشئه المركز من فروع بما في ذلك فرعه في
كمدينة الإسكندرية .
وبالإضافة إلى ما تقدم فقد أبرمت فى ۹۲/۷/۷ اتفاقية تعاون بين اللجنة الإفرو أسيوية وبين جامعة الدول العربية وفى إطار هذه الاتفاقية الدولية ، أنشأ مركز القاهرة فرعه بمدينة الإسكندرية فى مقر أكاديمية النقل البحرى بميامي ومن كل ذلك يبين أن مركز الإسكندرية للتحكيم التجارى هو المركز الوحيد الذي له صفة الدولية في هذه المدينة .
ومن ناحية أخرى قدمت الشركة المحتكمة ضمن حافظتها شهادة صادرة من مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجارى الدولى جاء فيها أن مركز الإسكندرية للتحكيم البحرى هو فرع من مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم التجارى الدولى يطبق جميع قواعده وتسرى عليه جميع أحكامه ، وقد خصص إداريا من رئاسة المركز بالقاهرة لإجراء التحكيم البحرى ولكن هذا لا يمنعه من إجراء أي تحكيم آخر أمامه كما أن بعض التحكيم البحرى يتم إجراؤه فى مركز القاهرة ويبين من كل ما تقدم أن المقصود بالمركز الدولى للتحكيم التجارى بالإسكندرية هو مركز الإسكندرية للتحكيم البحرى الدولى ، وأن هذا المركز ليس إلا فرعا لمركز القاهرة، وأنه مع مركز القاهرة ، هما الوحيدان اللذان يصدق عليهما وصف الدولية في المنطقة وأن المركزين تابعان للجنة القانونية والاستشارية لدول أسيا وإفريقية ، ولا يتبع مركز الإسكندرية جامعة الدول العربية ، كما تذهب الشركة المحتكم ضدها ، وإنما كان ارتباطه بالجامعة أن مقره كائن بمبنى الأكاديمية العلمية التي تتبع جامعة الدول العربية كما أن الثابت أن مركز الإسكندرية يطبق ذات قواعد التحكيم التي يطبقها مركز القاهرة .
فإذا كان الثابت هو ما تقدم، وكان الثابت من طلب التحكيم الذي قدمته الشركة المحتكمة إلى مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجارى الدولى وذلك بتاريخ ١٩٩٦/٢/٢٨ أنه قدم إليه باعتباره المركز الأصيل ، وكان الثابت من شهادة مركز القاهرة الإقليمى أن اختصاص مركز القاهرة أو مركز الإسكندرية بنظر التحكيم التجاري أو التحكيم البحرى من قبيل التخصيص الإدارى ، دون أن يحول هذا مطلقا دون نظر أحد المركزين للتحكيم التجارى أو البحرى على السواء ، مما يؤكد أن اختصاص مركز الإسكندرية بالتحكيم البحرى ليس اختصاص نوعيا يترتب على مخالفته البطلان.
ويضاف إلى ما تقدم أن شرط التحكيم الذي ورد فى المادة ١٨ من العقد وإن كان قد حدد بين طرق حل المنازعات الناشئة عنه إجراء التحكيم وفقا لقواعد مركز الإسكندرية، فإن هذا الشرط يشير فقط إلى القواعد التي تتبع في إجراء التحكيم عند نشوب النزاع ، ولا يفيد صراحة اتفاق الطرفين على تحديد مكان نظر التحكيم ، إذ تجيز المادة ٢٥ من قانون التحكيم المشار إليه طرفي التحكيم الاتفاق على الإجراءات التى تتبعها هيئة التحكيم بما في ذلك حقها في إخضاع هذه الإجراءات للقواعد النافذة فى أى منظمة أو مركز تحكيم في جمهورية مصر العربية أو خارجها .
وتقضى المادة ١٦ من قواعد اليونسيترال التي تحيل إليها المادة (1) من قواعد المركز أنه إذا لم يتفق الطرفان على مكان إجراء التحكيم تتولى هيئة التحكيم تحديد هذا المكان مع مراعاة ظروف التحكيم . كما تقضى المادة ۲۸ من قانون التحكيم بأن لطرفي التحكيم الاتفاق على مكان التحكيم في مصر أو خارجها ، فإذا لم يوجد اتفاق عينت هيئة التحكيم مكان التحكيم مع مراعاة ظروف الدعوى وملاءمــة المكان لأطرافها ولا يخل ذلك بسلطة هيئة التحكيم في أن تجميع في أي مكان تراه مناسا للقيام بإجراء من إجراءات التحكيم كسماع أطراف النزاع أو الشهود أو الخبراء أو الاطلاع على مستندات أو معاينة بضاعة أو أموال أو إجراء مداولة بين أعضائها أو غير ذلك
وفي ضوء ما تقدم فإنه إذا كان الثابت من محضر أول جلسة لنظر هذا التحكيم بتاريخ ۱۹۹۷/۳/۳۰ أن طرفي النزاع لم يتفقا على مكان إجراء التحكيم ، لذلك فإن الهيئة تستعمل حقها المخول لها بمقتضى المادة ۲۸ مــن قـانون التحكيم المصرى وبالمادة ١٦ من قواعد اليونسيترال المشار إليهما ، وتحدد مدينة القاهرة كمكان لإجراء التحكيم، وذلك تأييدا لما اتبعته الهيئة من نظر التحكيم الماثل في أول جلسة إدارية بتاريخ ۹۷/۳/۳۰ فى القاهرة طبقا لحقها المشار إليه في المادة ۲۸ من قانونه التحكيم للقيام بالإجراءات الأولية للتحكيم وسماع رأى أطراف النزاع في هذه الإجراءات .
ويثار سؤال أيضا فى هذا المقام وهو هل يمكن القول بعدم وجود اتفاق تحكيم ، إذا اتفق الأطراف على إجراء التحكيم في ظل قانون ما ، كان قد ألغى قبل إبرام اتفاق التحكيم بينهما ؟
أجابت على هذا السؤال محكمة استئناف القاهرة بالنفي . وذلك بقولها وحيث أنه عن النعى بعدم وجود اتفاق تحكيم ، فإنه لما كانت المادة ٣٢ من عقد المقاولة المؤرخ في ۹۷/۷/۸ قد نص على أن أى نزاع …. يتم الفصل فيه نهائيا عن طريق هيئة ثلاثية للتحكيم طبقا للأحكام الواردة في القانون رقم ٧١/٦٠ في شأن التحكيم في منازعات الشركات ، ومفاد ذلك رضاء طرفا العقد بتسوية ما قد ينشأ بينهما من نزاع عن طريق التحكيم دون غيره ، أما النص على إجراء التحكيم طبقا للأحكام الواردة في قانون ملغى فإنه لا ينفى اتفاق الطرفين على اختيار التحكيم دون اللجوء للقضاء العادى ، وتعتبر الإحالة على قواعد قانون ملغى إحالة على هذه القواعد بحسبانها قواعد اتفاقية . وأيا كان وجه الرأى في قابلية هذه الإحالة للتطبيق فى الواقع ، فإن الطرفين قد أكد اتفاقهما على اختيار التحكيم لفض ما بينهما من نزاع بأن قامت الشركة المدعية بالرد على طلب التحكيم المعلن إليها من المدعى عليها ۲۰۰۰/۱۰/۳۰ بتعيين محكم من قبلها للاشتراك مع المحكم المسمى من قبل المدعى عليها في اختيار المحكم الثالث وبموجب اتفاق والصلح المؤرخ ۲۰۰۲/۱/۹ أقرت الشركة المدعية اختيارها المهندس محمد أيهاب أبو زهرة محكما من قبلها ليقوم بالاشتراك مع المحكم المسمى من قبل المدعى عليها باختياره والاتفاق على المحكم الثالث والسير في إجراءات التحكيم طبقا للقانون وذلك عند التعاقد وعندما عقدت هيئة التحكيم التى تم تشكيلها طبقا للاتفاق المتقدم بيانه جلستها بتاريخ ٢٠٠٢/٥/٧ حضر المهندس زكريا حامد شمس بصفته الممثل القانونى للشركة المدعية وأثبت فى المحضر الاتفاق على أن موضوع النزاع : تنظر هيئة التحكيم الدعوى المرفوعة من الشركة المحتكمـة بخصوص عقد مقاولة توريد المواد واتمام تنفيذ الأعمال الاعتيادية والطرق وملحقاتها المحرر فى يوم الثلاثاء الموافق ۹۷/۷/۸ بين المحتكم والمحتكم ضده . أما عن القانون الواجب التطبيق على الإجراءات فهو قانون التحكيم المصرى رقم ٢٧ لسنة ٩٤ وهذا الاتفاق مكمل لشرط التحكيم الوارد في المادة ٣٢ من عقد المقاولة وعقد الاتفاق والصلح سالفي الإشارة . وأخيرا فإن الشركة المدعية قد مثلت بجلسات التحكيم وأبدت دفاعها وطلباتها أمام هيئة التحكيم حتى أصدرت هذه الأخيرة حكمها الطعن في ۲۰۰۳/۲/۲ دون أن يبدو منها (أى المدعية) أى بادرة تفيد اعتراضها ، سواء على وجـود اتفاق تحكيم صحيح بين الطرفين على التحكيم أم على انطباق قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ٩٤ على إجراءاته ، بل إن الممثل القانوني للشركة المدعية ، قد وافق على تطبيق هذا القانون على إجراءات التحكيم ، أخيرا، فإن المدعية لم تتمسك طوال الإجراءات بأية دفوع ، تتعلق بعدم وجود اتفاق تحكيم ، أو بطلانه ، ولم تقدم أية اعتراضات ، سواء على اتفاق التحكيم أم إجراءاته .