التنفيذ / اسباب بطلان حكم التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 4 / القرار الذي يصدر اثناء المحاكمة ويفصل نقاط النـزاع المشـارة ويعطـي كـل نقطـة الحـل الـذي وجـده المحكمون مناسبا يمكن وصفه بأنه نهائي
يكون البند التحكيمي متمتعا بكيان قانوني مستقل عن العقد ولو حواهما صك واحد - المحكم المطلق له أن يختار بين اثنين: اما ان يطبق قواعد القانون أو العقد على أن يبين في تعليله مدى توافق هذه القواعد مع مبادئ الانصاف وإما أن يعتمد مبادئ الانصاف متجاوزا ما ورد في العقد من بنود لا تبدو له منصفة طالما لا تتعلق بالنظام العام. - إن المحكمين فيما ذهبوا إليه باعتبارهم أنه لا يجوز لهم تطبيق قواعد الانصاف في أمور مصيرية لمدة الشركة والحلول محل ارادة الفرقاء قد عرضوا قرارهم للابطال لخروجهم عن المهمة المحددة لهم وفق البند 3 من المادة 800 أ.م.م.
(محكمة الاستئناف المدنية في بيروت- الغرفة الثالثة - قرار صدر بتاريخ 2007/10/16)
أولا- في الشكل
حيث أن الطعن مقدم ضمن المهلة القانونية مستوفيا الشروط الشكلية كافة فيكون مقبولاً
شكلاً لهذه الجهة.وحيث أن المطلوب الأبطال بوجهه أثار مسألة مدى قابلية القرار التحكيمي للطعن على حدة وفق نص المادة 804 معطوفة على المادة 615 م.م.، لصدور، قبل صدور قرار تحكيمي نهائي يعين مصفي الشركة ويحدد مهمته،
وحيث وإن كان واضحاً من نص المادة 615 م.م. عدم جواز الطعن في الاحكام الصادرة اثناء المحاكمة إلا مع الحكم النهائي، إلا أن القرار المطعون فيه، وإن قضى بفتح المحاكمة للسير باجراءات تصفية الشركة، إلا إنه قرار فصل كافة نقاط النزاع المثارة وأعطى كل نقطـة الحـل الذي وجده المحكمون مناسبا، بحيث يمكن وصفه بأنه قرار نهائي انتهت به المحاكمة ولـم يـبـق امام الهيئة التحكيمية إلا الانتقال إلى المرحلة التنفيذية لقرارها القاضي بإعلان انتهاء مدة الشركة، اي السير بإجراءات التصفية، فلا تنطبق بالتالي أحكام المادة 615 م... المذكورة علـى هـذا الوضع، فيقتضي رد ما أثاره المطلوب الابطال بوجهه، وقبول الطعن شكلاً لهذه الجهة كذلك.
ثاليا في الأساس
حيث أن طالبي الابطال يطعنون في القرار استناداً إلى أسباب ستبحثها المحكمة بالقدر المفيد لحسم القضية.
العقد مصير انطلاقاً من حيث أن طالبي الابطال يدلون تحت هذا السبب بأن إبطال أو انتهاء العقد المتضمن بنداً تحكيميا يؤدي الى بطلان أو زوال البند التحكيمي لأن مصير هذا الأخير يتبع . حتماً ، قاعدة الفرع يتبع الأصل، ومن قاعدة عدم استقلالية البند التحكيمي، وإن خصمهم يطالب بإنهاء عقد الشركة مما يحتم سقوط البند التحكيمي،
1- في السبب الأول
وحيث من المسلم به فقها واجتهاداً لا يخفى على الملمين بشؤون التحكيم، كما أن اجتهاد هذه المحكمة مستقر على تكريس استقلال البند التحكيمي عن العقد الذي يتضمنه بحيث يبقى البند التحكيمي نافذاً بالرغم من بطلان العقد، ومبرر ذلك أن طرح مسألة بطلان العقد من قبل الفرقاء لا يمكن أن يجد حلاً إلا من خلال إعمال البند التحكيمي الذي يعطي المحكم الاختصاص للبحث في المسألة المذكورة، بحيث يكون البند التحكيمي متمتعا بكيان قانوني مستقل عن العقد ولو حواهما صك واحد، فيقتضي رد ما ورد تحت السبب المذكور.2- في مجموعة الأسباب المتصلة بعدم تطبيق مبادئ الانصاف (الأسباب 3 و 4 و 6 و 7 و 8) حيث أن طالبي الابطال يدلون بجملة اسباب يأخذون فيها على القرار التحكيمي عدم اعتماد مبادئ الانصاف لحل النزاع بين الفريقين مكتفياً بتطبيق القانون ومعتمداً بعض الاجتهاد الفرنسي دون ان يبين مدى توافق ذلك مع الانصاف، فأعلن انتهاء مدة الشركة بالاستناد إلى نصوص في تفسيرها، مفترضاً أنه حتى ولو تعسف أحد الشركاء في حقه بالانسحاب من الشركة فإن هذا التعسف يؤدي حصراً الى الحق بالمطالبة بالعطل والضرر، كما أخطأ القرار اذ جزم بعدم حق المحكمين بالحلول محل ارادة الفرقاء في أمور مصيرية كمدة الشركة الأمر الذي
يناهض مصلحة الشركة، وهو في ذلك لم يتوصل الى حل تهدئة، وحيث أن المطلوب الابطال بوجهه يرد مدلياً بأن الحل الذي توصل اليه القرار ينطبق على عقد الشركة والقواعد الالزامية التي ترعى شركات الاشخاص وأيضاً على قواعد الانصاف، وانه يحق للمحكم تطبيق قواعد القانون خاصة اذا كانت منصفة، وان القرار المطعون فيه اعتمد مبادئ الانصاف اذ اعتبر انه لا يستطيع الحلول، حتى في التحكيم المطلق، محل ارادة الفرقاء في أمور مصيرية كمدة الشركة.
وحيث يستنتج مما تقدم أن جوهر ما أدلى به الطرفان يطرح امام هذه المحكمة مسألة معرفة ما إذا كانت الهيئة التحكيمية المطعون بقرارها والمكلفة بتحكيم مطلق خرجت أم لا عن حدود المهمة المحددة لها في البند التحكيمي لجهة عدم اعتمادها مبادئ الانصاف في حسم النزاع،
وحيث يتبين من القرار المطعون فيه أنه توصل الى عدم تمديد مدة الشركة استناداً إلى نظامها والى رغبة احد الشركاء، معتبراً أنه لا يجوز للهيئة التحكيمية، وان كان التحكيم مطلقاً أن تحل محل ارادة الفرقاء باستنباط شروط جوهرية تتعلق بمدة الشركة غير واردة في نص النظام التأسيسي (ص 23 من القرار) وأن تحل محل ارادة الشركاء في أمور مصيرية كمدة الشركة (ص 24 من القرار) وأن تعسف أحد الشركاء، في حال ثبوته، لا يمكن أن يؤدي إلى إعطاء الهيئة التحكيمية صلاحية تمديد مدة الشركة، بل منح الشركاء المطلوب التحكيم بوجههم حق
المطالبة بالعطل والضرر (ص 25 من القرار)، وحيث من المسلم به في الفقه والاجتهاد الحديثين أن المحكم المطلق له أن يختار بين اثنين: إما أن يطبق قواعد القانون أو العقد على أن يبين في تعليله مدى توافق هذه القواعد مع مبادئ الانصاف، وهذا ما أخذ به اجتهاد هذه المحكمة في مناسبات عديدة، وإما أن يعتمد مبادئ الانصاف متجاوزاً ما ورد في العقد من بنود لا تبدو له عادلة أو منصفة، فيعدل المسار الذي رسمه الفرقاء لعلاقاتهم التعقادية كي يأتي حله للنزاع متسماً بمسحة من الانصاف فيكون بذلك قد قام بتليين ما ورد في العقد من بنود جامدة وقاسية لا تخدم بالنتيجة روح العقد ومصلحة الفرقاء المتنازعين : بهذا المعنى يراجع:
Cour d'appel de Paris, lère ch.. 6 mai 1988, Rev. d'arb. 1989, p. 83,
note Loquin.
حيث ان تجاوز المحكم لما ورد في العقد من بنود لا تبدو له منصفة يجد تبريـره فـي أن
النصوص التعاقدية، طالما لا تتعلق بالنظام العام، هي ذات طابع مكمل caractere supplétif
مما يعطي المحكم المطلق مجالاً لتعديلها وتلطيفها: Il y a un pouvoir modérateur ou un pouvoir de modification.
يراجع بهذا المعنى: 1- Nabil Antaki: l'amiable composition: actes du ler colloque sur
l'arbitrage international, p. 165.
2- J.D. Bredin: L'amiable composition et le contract: Rev. Arb. 1954,
p.259. وحيث يعزز ما تقدم أنه من طبيعة التحكيم المطلق الذي توافق عليه المتنازعون أن يكون باستطاعة المحكمين اضفاء الطابع المنصف على الحل الذي يقررونه للنزاع المطروح عليهم، ولو تعارض الحل احيانا مع ما ورد في العقد من نصوص، فيكون من واجبهم، وهم محكمون مطلقون، أن يستنيروا في سبيل ذلك بمبادئ الانصاف، حتى لو اضطروا إلى تجاوز واستبعاد ما تضمنه العقد من بنود لا تتسم بالعدالة، مهما تنوعت هذه البنود أو تعددت، أو حتى مهما اتسمت هذه البنود بطابع هام أو "مصيري" وفق تعبير القرار المطعون فيه، فالمهم فقط بالنسبة للمحكمين، وهذا أمر أساسي، أن يتصدوا للمسألة المطروحة عليهم وتحديد ما اذا كانت مبادئ الانصاف تبرر لجوءهم إلى تلطيف البنود التعاقدية لتأتي منسجمة مع حلول منصفة لا يمكن أن تضر بمصلحة أي من الفرقاء المتنازعين، فلا يمكنهم بالتالي ان يتنصلوا من هذه المهمة بحجة عدم تمكنهم من مخالفة بنود العقد الصريحة:
بهذا المعنى:
Cour d'appel de Paris, 12 mars 1985, Rev. d'Arb. 1985.وحيث أن متابعة الاجتهاد الفرنسي الحديث تدل على أنه أصبح يميل بشكل واضح إلى تكريس سلطة المحكم المطلق في التدخل في العقد وتعديل بعض بنوده لمصلحة تطبيق مبادی الانصاف، وهذا يدخل مباشرة في صلب مهمته.
2- قضت محكمة استئناف باريس بأنه يمكن للمحكم المطلق أن يعتبر أن الانصاف يقضي
بعدم الغاء الدعوة الى جمعية عمومية لإحدى الشركات حتى لو وجهت خلافا للشروط الواردة في نظام التأسيس. ... Les arbitres ont pu décider en leur qualité d'amiables compositeurs
que l'assemblée générale extraordinaire du 28 février 1980 ne devrait pas
être annulée. Paris (1 ch), 6 janvier 1984, Rev. Arb. 1985, p. 279.
(Société Langlois et co./G.L.E Taconet)
3- اعتبرت ايضاً محكمة استئناف باريس أن المحكم المطلق بإمكانه أن يعتبر أن تقييم أسهم
الشركة يمكن أن يتم ليس بالتاريخ المحدد في العقد، بل في تاريخ رحيل المساهمين المستقبلين، وأن لا يطبق بعض البنود الأخرى في العقد. Les amiables compositeurs en s'interrogeant sur l'étendue de leurs prérogatives quant à l'application des clauses contractuelles en litige, se sont reconnus à bon droit la faculté de s'écarter de l'application stricte des clauses contractuelles. Paris (1 Ch.) 12 mars 1985, Rev. Arb. 1985, p. 299 (Soc. Intrafor Color et soc. Middle East Co/Gagant).
وحيث أن المحكمة تعتبر أن مبادرة المحكم المطلق إلى تطبيق مبادئ الانصاف لا يعني أبداً هدماً لقوة العقد الملزمة للفرقاء، اذ ان هؤلاء بتضمينهم العقد أو النظام بندا تحكيمياً مطلقاً، وهو بند أساسي غير منفصل عن العقد، يعني قبولهم المسبق بمفاعيل هذا البند من حيث اعطاء المحكم امكانية تطبيق مبادئ الانصاف ولو اقتضى الأمر لذلك تعديل أو تلطيف أو حتى الخروج عن بعض البنود التعاقدية، طالما لا تتعلق هذه البنود بالنظام العام، فلا يمكنهم بالتالي أن يستبعدوا مبادي الانصاف بحجة تعارضها مع بعض بنود العقد، مهما كانت هذه البنود،
وحيث أن التعليل المتقدم يقود الى القول أن المحكمين في هذه القضية اذ اعتبروا انه لا يجوز لهم وإن كان التحكيم مطلقاً ان يحلوا محل ارادة الشركاء في أمور مصيرية كمدة الشركة، يكونون قد خرجوا عن المهمة التي أولاهم اياها الفرقاء، وذلك بغض النظر عن الحل الذي كانوا سيعتمدونه فيما لو طبقوا مبادئ الانصاف خاصة وأن البند المتعلق بمدة الشركة، مهما كان مهما، ليس نصاً إلزامياً أو متعلقاً بالنظام العام ليمنع اللجوء الى مبادئ الانصاف، وكان على المحكمين، مهما كان الحل الذي سيعتمدونه، أن يركزوا حلهم على مبادئ الانصاف حتى لو جاء حلهم لى قواعد القانون أو بنود العقد، فيكونون في ما ذهبوا اليه باعتبارهم أنه لا يجوز لهم تطبيق قواعد الانصاف في أمور مصيرية كمدة الشركة والحلول محل ارادة الفرقاء قد عرضوا قرارهم للابطال لخروجهم عن المهمة المحددة لهم وفق البند 3 من المادة 800 . مستنداً وحيث يقتضي بنتيجة كل ما تقدم ابطال القرار المطعون فيه وعدم البحث في سائر أسباب
الأبطال لعدم الفائدة من ذلك،
وحيث يقتضي بعد هذه النتيجة، وعملا بنص المادة 801 م.م. فتح المحاكمة ونشر الدعوى
في الاساس وتكليف الفريقين بتقديم دفاعهم في أساس النزاع،
لذلــك
تقرر بالاجماع:
1- قبول الطعن شكلاً.
2- ابطال القرار التحكيمي المطعون فيه. 3- فتح المحاكمة وتكليف الفريقين بتقديم ما لديهم من دفاع في الاساس وارجاء الجلسة الى