الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اسباب بطلان حكم التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية العدد 29 / عقد خصخصة لبيع وشراء أسهم – امتياز لمدة 49 سنة علـى عـقـارات للدولة بموجب القانون رقـم 442 - قـرار المجلـس الدستوري الروماني بمخالفـة القـانون 442 للدستور الغـاؤه - إلغـاء القـانون، وبالتالي الإمتيازات الممنوحة بموجبه ليس من قبيل نزع الملكية - حرمان الجهة المدعية حق الإستحصال على امتيازات معينة - صدور قرار عن محكمة عليا بإعادة ملكية العقار إلى الورثة الشرعيين - نزاع - تحكيم أمام الإكسيد- عـدم الإعتراض عـلـى الـشـروط الواجب توافرهـا للإختصاص بموجب المادة 25 من اتفاقية الإكسيد وشروط معاهـدة الـ BIT - إختصاص المحكمة التحكيمية - إدلاء الجهة المدعية بمخالفة قرار المحكمة العليا القاضي بنزع الملكية، لمعاهدة الـ BIT – مخالفة معيار المعاملة العادلة والمنصفة - إخفاق الدولة في سـن قـانـون جـديـد بديل - عدم إحقاق الحق - عدم إمكانية إثارة أي اتهام في ما يتعلـق بـعـدم إحـقـاق الـحـق ضـد قـرار المحكمة العليـا بـسبب قيامها بتطبيق النظـام الـقـانـونـي الـساري المفعول آنذاك المؤيد للرد العيني للمالكين الشرعيين - تعويض الجهة المدعية بسبب الإخلال بالمعاملة العادلة والمنصفة بموجب معاهدة الـ BIT

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية العدد 29
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    822

التفاصيل طباعة نسخ

الصادر بتاريخ 2015/3/2 عن المركز الدولي لتسوية منازعات الإستثمار (في النزاع القائم بين حسان عوده ورفاقه، من جهة، ودولة رومانيا، من جهة أخرى)

 

ترتبط القضية التي صدر في إطارها القرار موضوع التعليق الحاضر، بنزاع بين فريقين،

 

أحدهما هو الدولة الرومانية، فيما الفريق الآخر مؤلف من شخص طبيعـي ومـن شـركتين،

 

وجميعهم من الجنسية الأميركية، وقد أحيل النزاع إلـى المركز الدولي لتسوية منازعـات

 

الإستثمار ICSID (في ما يلي: "الإكسيد) بالإستناد إلى المعاهدة الثنائية حول تشجيع وحمايـة الاستثمار المتبادل الموقعة بين رومانيا والولايات المتحدة الأميركية . قبل التطرق إلى أهم النقاط القانونية التي عالجها القرار موضوع التعليق، لا بد من التوقف، ولو باختصار، عند أبرز وقائع القضية:

 

فقد توجه رجل الأعمال حسان عوده إلى رومانيا عام 1992، وذلك تبعـا لـسقوط النظـام

 

الشيوعي الذي كان يترأسه نيكولاي تشاوشيسكو الذي أطيح في كانون الأول عام 1989، وقد

 

استثمر حسان عوده في قطاعات مختلفة في رومانيا ومن ضمنها قطاع توزيع المطبوعات.

 

في إطار استثماراته في رومانيا، تملك حسان عوده ورفاقه الشركتين التاليتين: ا، شركة Rodipet، وهي شركة توزيع مطبوعات كانت تملكها سابقاً رومانيا، وقد تملكها السيد عوده ورفاقه بعد أن التزمت رومانيا، بالاستناد إلى القانون رقم 442 الصادر في 28 تشرين الأول 2004 الذي تم إقراره خصيصا لشركة Rodipet، إعفاء هذه الأخيرة

 

من الإلتزامات الضرائبية ومن ديون أخرى مستحقة عليها، وأن تمنحها إمتيازاً لمدة 49 عاماً يقضي بالسماح لها بإشغال الأراضي التي تقوم عليها نقاط توزيع المطبوعات. وبالفعل، قام السيد حستان عوده ورفاقه بتوقيع عقد مع هيئة إسترداد الأموال العائـدة للدولة الرومانية AVAS، وهو عقد خصخصة يتعلق بشراء أسهم Rodipet. وقد إلا أن رومانيا رجعت في ما بعد عن القانون رقم 442 وسيطرت على حصة الجهـة المدعية غير المباشرة في شركة Rodipet، الأمر الذي أدى إلى نشوء النـزاع بسين مع التذكير في هذا السياق بأن السيد حستان عوده يحمل الجنسية الأميركية، وأن شركتي Alfa El Corporation , Enterprise Business Consultants Inc المدعيتين مسجلتان في الولايات المتحدة الأميركية (في Delaware)، علما أن السيد عوده يسيطر على الشركتين المذكورتين. تبعاً لنشوء الخـلاف المذكور أعلاه، تقدم السيد حـان عـوده، وكـل مـن شركتي Alfa El Corporation Consultants Inc Enterprise Business بطلب تحكيم أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، مستندا بذلك إلى معاهدة تشجيع المعاهدة وحماية الإستثمار الموقعة في 1992/5/28 بين رومانيـا والولايات المتحدة الأميركية، من جهة، وإلى الإتفاقية التي أنشأت المركز المذكور والمسماة إتفاقية

 

التزمت الهيئة المذكورة أن تقوم رومانيا بإعفاء Rodipet من الإلتزامات الضرائبية ومن ديون أخرى مستحقة على الشركة المذكورة، وعلى أن تمنح Rodipet إمتيازاً كما أسلفناء لمدة 49 عاما لإشغال الأراضي التي تقوم عليها نقاط توزيع المطبوعـات مع إمكانية تمديد المدة 24 سنة وستة أشهر ضمن شروط محددة، (وهذا ما تم بموجب القانون رقم 442). وبالمقابل، تعهدت الجهة المدعية برفع رأس مال شركة Rodipet إلى مليوني يورو، وبأن تستثمر بحدود 3.75 مليون يورو في الشركة (فضلاً عن التزامات أخرى).

 

الطرفين. ب عفار Casa Soare، سمتي في ما بعد Casa Bucur، وهو عقار يقوم عليه فندق فخـم

 

ومطعم وقد نشأ النزاع بخصوص Casa Bucur عندما قضت المحكمة العليا في رومانيا بـأن المرسوم رقم 1950/22 الذي قضى بتأميم العقار المذكور هو مخالف للدستور الروماني وبوجوب إعادة ملكية العقار القائم عليه الفندق والمطعم، عينا، الى ورثة مالكه السابق عائلة سوارس (قبل أن تنتقل الملكية إلى الدولة، ومن ثم الى إحـدى الشركتين المدعيتين).الإكسيد، من جهة أخرى . وقد صدر القرار التحكيمي موضوع التعليق الحاضر، بتاريخ

 

2 آذار 2015 عن الهيئة التحكيمية الناظرة في النزاع، بعد استعراض الوقائع بشكل موجز، سنتطرق، في ما يلي، إلى أبرز النقاط القانونية التي عالجها القرار التحكيمـي موضـوع التعليق الحاضر، حيث ارتأينا حصر البحث بنقاط ثلاث نظراً لأهميتها: في الخلافات المتعلقة بالإستثمار في Casa Bucur سنتطرق تباعاً إلى تلك النقاط في الأقسام الثلاثة التالية التي تؤلف بحثنا:

 

- في قبول الدعوى تبعا لثبوت الإستثمار الدولي. في الخلافات المتعلقة بالإستثمار في Rodipet

 

القسم الأول: في قبول الدعوى تبعاً لثبوت الإستثمار الدولي: في إطار معالجتها لموضوع قبول الدعوى التحكيمية أم لا، إنطلاقا من إنطبـاق أو عدم انطباق تعريف "الاستثمار" على النزاع موضوع التحكيم، إعتمدت الهيئة التحكيمية المقاربـة

 

الآتية:

 

- من جهة، قضت الهيئة التحكيمية بأن تحديد توافر "الإستثمار" يكمن في إرادة الفرقاء على النحو المبين في تعريف الإستثمار في المعاهدة الثنائية بين الولايات المتحدة الأميركيـة ودولة رومانيا، ما دامت هذه الإرادة متوافقة مع المادة 25 من إتفاقية الإكسيد. إذا لقد غلبت الهيئة التحكيمة إرادة الفرقاء على أي اعتبار آخر، وقضت بأنـه لا يمكـن لمعيار Salini (الذي تضمن أول تعريف موضوعي للاستثمار الدولي والذي ستتطرق إليه في ما بعد) أن يتجاوز إرادة الفرقاء الذين أخضعوا صراحة علاقتهم للمعاهدة الثنائية ولمعاهدة الأكسيدة

 

كما إعتبرت الهيئة التحكيمية أن إستكمال تعريف الإستثمار ممكن في حال كان التعريف

 

الوارد في الإتفاقية الثنائية فرضاً غير كاف.- من جهة أخرى، قضت الهيئة التحكيمية أنه لا يمكن للمحكم إضافة شروط إلى المادة 25 من إتفاقية الإكسيد، ومن ضمنها شرط المساهمة في تطوير إقتصاد الدولة المضيفة، وهو

 

شرط وارد في معيار Salini. - ومن جهة ثالثة، خلصت الهيئة التحكيمية إلى التحقق من أن الجهة المدعية قامـت فعـلاً باستثمارات في Rodipet وفي Casa Bucur، وبالتالي معولة علـى وجـود "رابـط اقتصادي بين المدعين والإستثمارات. فالرابط الإقتصادي بالنسبة للهيئة التحكيمية يكمن في مساهمة الطرف المعني برأسمال الشركة المستثمرة وفي ضخ الأموال فيها. بـستفاد إذا أن مجرد المساهمة في رأس المال، وبصورة ضئيلة، هو غير كاف لاضفاء طـابع

 

الإستثمار على عملية تملك الأسهم.

 

إذا تطرقت الهيئة التحكيمية، في قرارها موضوع التعليق الحاضر، إلى تعريف الإستثمار الدولي، وهي مسألة غالباً ما تطرح في النزاعات التحكيمية الدولية من قبل الدولة المضيفة لحجب اختصاص الهيئة التحكيمية بحجة عدم توافر عنصر الإستثمار الذي يبرر تطبيق أحكام المعاهدات

 

الثنائية المتعلقة بتشجيع الاستثمارات.

 

لا بد من الإشارة، بادئ ذي بدء، إلى أن بت الهيئة التحكيمية مسألة توافر عنصر الإستثمار، يندرج ضمن سلطتها للنظر في ولايتها، عملا بمبدأ الـ Competenz-Competenz

 

وقد حازت مسألة تعريف الإستثمار التولي اهتماما كبيرا في التحكيم الدولي، ولاسيما فـي التحكيم الذي يتم تحت جناح الإكسيد ICSID، خصوصاً أن هذه المسألة ترتبط ارتباطاً وثيقاً باختصاص المحكمين الذين يفصلون في النزاعات التحكيمية المتعلقة بالإستثمارات الدولية .

 

وبالفعل،

 

تنص المادة 25 (1) من إتفاقية الإكسيد على ما يلي :

 

"The Jurisdiction of the Centre shall extend to any legal dispute arising directly out of an investment between a Contracting State (or any Constituent subdivision or agency of a Contracting State designated to the Centre by the State) and a national of another Contracting State, which the parties to the disputes consent in writing to submit to the Centre. When the parties have given their consent, no party may withdraw its consent unilaterally".

 

إن هذه المادة لا تعرف الإستثمار، بل أشارت إليه دون أن تحدد مواصفاته، وذلك مرده إلى عدم اتفاق الدول موقعة اتفاقية الإكسيد على مفهوم موحد للإستثمار؛ وقد ذهب البعض للقول بأن هذا المفهوم سريع التطور، وقد يكون من غير المفيد حصره بتعريف محـدد، أمـا أخـرون Delaume فرأوا أن هذه الثغرة مقصودة بهدف إعطاء الفرقاء هامش للإتفاق على مفهـوم الإستثمار، أكان بطريقة صريحة أو ضمنية. انطلاقاً مما هو مذكور أعلاه، وفي ظل غياب أي تعريف للاستثمار في اتفاقية الإكسيد

 

يتعين على الهيئة التحكيمية الناظرة في أي تحكيم تحت جناح المركز الدولي لتسوية منازعـات

 

الإستثمار أن تحدد مفهومه، دون أن تضيف شروطا إليه، وهذا ما فعلتـه الهيئـة التحكيميـة

 

في القرار موضوع التعليـق وقـد ظهـرت فـي هـذا السياق نظريتـان: نظريـة ذاتيـة

 

Théorie subjective ونظرية موضوعية Théorie objective .

 

ة النظرية الذاتية: وهي تستند إلى إقرار الفرقاء الضمني بوجود إستثمار، وذلك بمجـرد قبولهم اللجوء إلى التحكيم تحت جناح الإكسيد أو إشارتهم إلى معاهدة حماية الإستثمار في إطار عقد ما يربط بينهما؛ وقد تم إعتماد النظرية المذكورة في قضايا مختلفة، نذكر

 

منها القضيتين التاليتين:

 

- Antoine Goetz et autres / République de Burundi".

 

- Middle East Shipping and Handling / Egypt. ففي كل من القضيتين المذكورتين، تأكدت الهيئة التحكيمية ما إذا كان النزاع مشمولاً باتفاق الفرقاء حول اللجوء إلى التحكيم تحت جناح الإكسيد، لتخلص إلى إعتبار النزاع متعلقا بالاستثمار ولحمايته، وفقا لإتفاقية الإكسيد.النظرية الموضوعية: إن توصيف الإستثمار، وفقاً لتلك النظريـة، مستقل عـن إرادة الفرقاء أو عن قبولهم اللجوء الى التحكيم، وتشترط تلك النظرية تحقق شروط موضوعية تؤكد على وجود الإستثمار ن القرار التحكيمي Salinic/Maroc يتضمن أول تعريف موضوعي للاستثمار، وقد تم اعتماد هذا التعريف في قرارات لاحقة. ففي قرار Salini المذكور، اعتبرت الهيئـة

 

التحكيمية أن الاستثمار - وفقا لمفهوم اتفاقية الاكسيد - يستوجب توافر مقـدمات ومدة

 

معنية للتنفيذ ومساهمة في مخاطر العملية". كما أضافت الهيئة التحكيمية فـي القـرار

 

المذكور، إلى الشروط المذكورة آنفا، شرطا يتعلق بـ "المساهمة في تطوير اقتصاد

 

الدولة المضيفة للمستثمر".

 

إن التعريف الموضوعي، المعروف تحت "معايير Salini"، قد اعتمدته هيئات تحكيمية فـي قضايا عديدة. وقد اعتبرت الهيئة التحكيمية، في قضية Joy Mining، أن إرادة الفرقـاء ليـست كافيـة

 

وحدها لإضفاء صفة الإستثمار على العلاقة التي كانت قائمة بين الفريقين، إذ إن لحرية الفرقـاء حدود 1.

 

إلا أن قرارات تحكيمية لاحقة خالفت أحد المعايير التي حددها القرار Salini، نذكر منها القرارين الآتيين:

 

- Consortium groupement LESI - Dipenta c/ Algérie". - LESI S.p.A. et Astaldi S.p.A c/Algérie¹2.فقد اعتمدت الهيئة التحكيمية النـاظرة فـي كـل مـن القـرارين المذكورين، الـشروط

 

الآتية:

 

- شرط وجود مقدمات Apports من المتعاقد في البلد المضيف.

 

أن تكون المقدمات لفترة محددة -

 

- أن تتضمن المقدمات خطرا ما.

 

أما شرط المساهمة في تطوير الإقتصاد في البلد المضيف لم يؤخذ بعين الاعتبـار، حيـث

 

خرج القرارات المذكوران عما اعتمده قرار Salini لهذه الجهة، إذ اعتبرا أن هذا الشرط هو

 

صعب الاثبات، وأنه بأي حال مشمول ضمنيا بالشروط الثلاثة الآنفة الذكر .

 

وقد اعتمد هذا المنحى أيضاً في القرار التحكيمي 3 Bayindir e/Pakistan إلا أن قرارات تحكيمية لاحقة عادت واعتمدت معیار Salini، نذكر منها التالية:

 

القرار Patrick Mitchelle الصادر في 2006/11/1.

 

القرار SDN, BH c/Malaisie الصادر في 2007/5/17, القرار MCI Power Group L.C. and New Turbine c/ Equateur الصادر في

 

2007/6/31

 

فقد عادت القرارات المذكورة واعتمدت أيضاً الشرط الرابع المتعلق بالمساهمة في تطـوير اقتصاد الدولة المضيفة، وبالتالي هي طبقت الشروط كافة المعتمدة في القرار Salini

 

وفي هذا السياق، تطرح التساؤلات الآتية: كيف يمكن تقييم المساهمة في تطوير الاقتصاد" ما هو المعيار المعتمد لتحديد ما إذا كانت المساهمة قد أدت الى تطوير الاقتصاد؟ وما هو المؤشر الواجب الركون إليه لتحديد هذا التطوير؟ على سبيل المثال، هل أن المشروع الذي يساهم في زيادة عائدات الدولة المضيفة، وإنما يسبب ضرراً بيئيا، يشكل مساهمة في تطوير الاقتصاد؟ ماذا عن المشاريع المرتبطة بإنشاء سجون

 

مثلا؟ هل هي تساهم في تطوير الاقتصاد؟ وإننا تذكر في هذا السياق بما دونه العلامة ابراهيم فضل الله، في هذا الخصوص :"Le développement est une exigence politique; il n'est pas nécessaire

 

d'en faire une condition juridique " أما في قضيتنا موضوع التعليق، فبعدما استعرضت الهيئة التحكيمية موضـوع الاستثمار والنظريتين، قررت اعتماد النظرية الذاتية التي تغلـب إرادة الفرقـاء فـي اتفاقيـة تـشجيع

 

الاستثمارات، إذ جاء في الفقرة 197 من القرار ما يأتي: "The Tribunal has noted the controversies surrounding the term "investment" as used in Article 25 of the ICSID convention. Absent a definition in Article 25, the tribunal considers that the principal legal framework to determine the existence of an "investment" must lie in the will of the parties as set forth in the definition of an "investment" under the BIT as long as such will is compatible with article 25 of the ICSID convention. The Salini criteria may be useful to describe typical characteristics of an investment, but they cannot, as a rule, override the will of the parties, given the undefined and somewhat flexible term used by the drafters of the ICSID convention".

 

فاعتبرت الهيئة التحكيمية في قرارها ان معيار Salini يشكل خروجـا عـن المـادة 25

 

من إتفاقية الإكسيد، إذ جاء في ملخص الترجمة الى العربية للفقرة 198 من القرار المذكور،

 

ما يأتي:

 

أشار اجتهاد التحكيم أخيرا على وجه الخصوص، إلى الصعوبات المتعلقة بمعايير ومفاهيم Salini كونه الشرط المفروض للمساهمة في تطوير الدولة المضيفة، توافق محكمة التحكيم مـع الجهة المدعية على أن مثل هذا المعيار لا يمكن أن تجده في مصطلح "استثمار" الوارد في المادة 25 من اتفاقية الإكسيد. أولا وبشكل رئيسي، إن نفس المادة 25 لا يتضمن أية إشارة إلى الشرط المذكور أعلاه، كما أن محاكم التحكيم لا يمكنها إضافة أي معنـى أو تفسير ضمني لاتفاقيـة الإكسيد".

 

إن الهيئة التحكيمية إنطلقت من إرادة الفرقاء، كما هو مذكور أعلاه، للإكتفاء بالاشارة الـي وجود رابط اقتصادي للتثبت من توافر الإستثمار، ولم تشترط المساهمة في تطوير الإقتصاد، وقد جاء في ملخص الترجمة العربية للقرار التحكيمي، ما يأتي:200. "تعتبر الهيئة التحكيمية أن مصطلح "مساهمة ، كما هو مستخدم في بعض الأحيان من قبل الأطراف في سياق الاستثمار يتعلق بشرط قيام المستثمر بتأمين كمية معيلة مـن الموارد، اقتصادية أو غير ذلك.

 

201. ابن الهيئة التحكيمية مقتنعة بأن المدعيين السيد حسان عودة و"EBC قد قاما بطريقـة غير مباشرة ببعض الاستثمارات التي تندرج تحت الإتفاقية الثنائية، خاصة عبر شراء الأسهم وضخ الأموال في Rodipet من خلال Magnar، وذلك منذ 12 فبرايـر 2004، وفي Casa Bucw من خلال إدارة المدعيـة Alfa El Corporation Alya El Romania منذ 23 ديسمبر 2003 ولغاية 2 يوليو 2007، ومن خلال إدارة السيد حسان عودة لـ Mona Lisa منذ 2 يوليو 2007 ولغايـة 21 أبريل 2008، وبعد ذلك ابتداء من 21 أبريل 2008. إن هذا الرابط الاقتصادي بين الجهة المدعية والاستثمارات هو كاف لتحديد الاختصاص كون الشرط الواجب للإستثمار بموجب المادة 25 من اتفاقية الإكسيد وشروط المعاهدة الثنائية متوافرة فـي حالتنـا هذه"

 

فالرابط الإقتصادي بالنسبة للهيئة التحكيمية في القضية موضوع التعليق هو مساهمة الطرف المعني برأسمال الشركة المستثمرة وضخ الأموال فيها بشكل ملحوظ. يستفاد إذا أن مجـرد المساهمة في رأس المال، وبصورة ضئيلة، قد يكون غير كاف لاضفاء طابع الإستثمار علـى

 

عملية تملك الأسهم. ان هذا الرابط الإقتصادي لا يمكن خلطه مع معيار المساهمة في تطوير الإقتصاد، لـسبب بسيط، ألا وهو أن وجود رابط إقتصادي، كضخ الأموال في شركة ما، لا يؤدي بالضرورة إلـى تطوير اقتصاد الدولة المضيفة، إذ قد يكون المشروع غير ناجح أو مجدد

 

بالتالي، ان المعيار الذي اعتمدته الهيئة التحكيمية في قرارها موضوع التعليق الحاضر هو صائب. قبل اختتام هذا القسم وعلى هامش الاستثمار، لا بد من الإشارة إلى أن موضـوع جنسية الفريق الذي تقدم بالتحكيم ضد الدولة الرومانية لم يطرح كموضوع خلافي، إذ اعتبرت الهيئـة التحكيمية أن جميع المدعين هم من الجنسية الأمريكية، وأن كل شخص من المدعين كان يحمـل الجنسية الأميركية" بتاريخ مباشرة إجراءات التحكيم وبتاريخ موافقة كل شخص من المدعين على اللجوء إلى التحكيم، وهي بذلك قد طبقت المعيار المنصوص عليه في المادة 25 (2) من إتفاقيـة الإكسيد لناحية الجنسية، ولم يطرح عليها وجوب التنبت من صحة الجنسية كون المدعى عليها لم

 

تجادل بذلك.

 

وفي هذا الإطار، تشير إلى المادة 25 من اتفاقية الاكسيد، التي تنص في فقرتها الثانية على تعريف للشخص الحائز جنسية الدولة غير المضيفة، وذلك في إطار تحديدها لاختصاص مركـز التحكيم للنظر في النزاعات المرتبطة بالاستثمار الدولي، من الطبيعي أن يعرف المستثمر الدولي بأنه الشخص الذي يقوم باستثمار دولي؛ إلا أن تحديد مفهوم الإستثمار الدولي يجعل من السهل معرفة ما إذا كانت صفة المستثمر تنطبق على شخص ما، أم لا؛ يبقى إذا شرط الجنسية، علماً أن اجتهاد الاكسيد أكد على اختصاص الهيئات التحكيمية للنظر في جنسية الفرقاء.

 

وبالفعل، بتاريخ 2004/7/7، صدر قرار تحكيمي عن المركز الدولي لتسوية منازعـات

 

الإستثمار، قضى بأن المدعي في القضية المعنية لم يثبت حيازته الجنسية الايطالية، معتبرا أن

 

جواز السفر الايطالي، وكذلك المستندات الصادرة عن السلطات الايطالية لا تشكل إثباتا غير قابل للدحض على أن المدعي يحمل الجنسية الايطالية؟. وقد تقدم المدعي بطعن ضد القرار تـاريخ 2004/7/7 المذكور، مركزا علـى أن لا سلطة للهيئة التحكيمية لتمحيص المستندات الصادرة عن السلطات الايطاليـة، إلا فـي حالـة الغش. كما أشار المدعي الى أن الهيئة التحكيمية تجاهلت القواعد الايطالية المتعلقة بإثبـات الجنسية.

 

إلا أن المراجعة المقدمة من المدعي موضوع القرار تاريخ 2004/7/7 قد ردت، بالإستناد

 

إلى ما يأتي:

 

من جهة، إن مبدأ سلطة المحكم لبت ولايته Competenz - Competenz يحول الهيئة التحكيمية النظر في مسألة الجنسية والتدقيق بها، وإن إفـادة الجنسية الصادرة عـن السلطات الرسمية في دولة معينة لا تشكل إلا إثباتا ظاهريا Preuve Pima Facie على حيازة الجنسية، وقد جاء في القرار ما يأتي: "International tribunals are empowered to determine whether a

 

party has the alleged nationality in order to ascertain their own jurisdiction, and are not bound by national certificates of nationality

 

or passports or other documentation in making that determination

 

and ascertainment." - ومن جهة أخرى، ميز القرار بين القواعد الإجرائية Les regles procédurals وتلـك التي ترعى أساس النزاع Les règles substantielles. وقد أشار القرار، فـي هـذا

 

السياق، إلى أن الهيئة التحكيمية – بصفتها هيئة تنظر في نزاع دولي - ليست ملزمـة تطبيق قواعد الإثبات الإيطالية:

 

"International case law indicates that an international tribunal concerned with the application of national laws and nationality in correction with determination of its own jurisdiction, is not required to use the national law's approaches to the burden of proof and rules of evidence"

 

وفي قضية أخرى عام 2005، تقدم مدعیان (M. Siag and Mrs. Vecchi) بطلب تحكيم لدى الاكسيد، بالإستناد إلى المعاهدة الثنائية بين إيطاليا ومصر. وقد أدلى المدعيان بأن الحكومـة

 

المصرية صادرت عقارا كانا قد إشترياه لإقامة مشروع سياحي. وقد أدلت مصر، أمام الهيئة التحكيمية، بعدم اخصاص الإكسيد للنظر في النـزاع، مستندة بذلك إلى كون المدعيين يحملان الجنسية المصرية. وقد أثارت مصر أحكام المادة 25 فقرة 2 (1) من إتفاقية الإكسيد لعام 1965، التي تنص على ما يأتي:

 

«Ressortissant d'un autre Etat contractant signifie:

 

(a) Toute personne physique qui possède la nationalité d'un état contractant autre que l'État partie au différend à la date à laquelle les parties ont consenti à soumettre le différend à la conciliation ou à l'arbitrage ainsi qu'à la date à laquelle la requête a été enregistrée conformément à l'article 28, alinéa (3), ou à l'article 36, alinéa (3), à l'exclusion de toute personne qui, à l'une ou à l'autre de ces dates, possède également la nationalité de l'État contractant partie au différend »

 

وقد طرح موضوع جنسية المدعيين، لمعرفة ما إذا كانا يحملان الجنسية المصرية بتـاريخ تقديم طلب التحكيم، وقد حسمت الهيئة التحكيمية الموضوع وقضت بأن المدعيين كانا قـد فقـدا الجنسية المصرية قبل تاريخ تقديم طلب التحكيم، وأنهما حازا الجنسية الإيطالية قبل نشوء النزاع إلا أن البعض إعتبر أن حيازة الجنسية بتاريخ تقديم طلب التحكيم ليس كافياً، إذ يمكـن لأي من الطرفين التلاعب بهذا الشرط، وذلك بالإستناد إلى نص المادة الثانية من قواعد تقديم طلبـات التحكيم في الاكسيد، والتي تنص، في ما تنص، على أنه في حال أبدى الفرقاء موافقتهم بتواريخ مختلفة، يعتد بالتاريخ الأخير".

 

بالتالي، يمكن للفريق الذي يعطي موافقته بعد موافقة الطرف الأول، أن يتحكم بالموضوع،

 

وأن يكتسب الجنسية المطلوبة قبل إبداء موافقته على اللجوء إلى التحكيم.

 

لذلك، قد يكون من المناسب تعديل قواعد نظام الاكسيد لتلافي أي تعسف من هذا القبيل،

 

القسم الثاني: في الخلافات المتعلقة بالإستثمار في Rodipet : ان تملك شركة Rodipet قد تم عن طريق شركة Magnar التي يسيطر عليهـا المـدعي

 

السيد حسنان عوده، إذ اشترت هذه الأخيرة كامل أسهم شركة Rodipet. وقد تم التملك بعـد أن وقعت Magnar وهيئة إسترداد الأصول العائدة للدولة في رومانيا "Avas" إتفاقاً شتى "عقد خصخصة التزمت بموجبه رومانيا إعفاء Rodipet من ضرائب وديون معينة. تنفيذا للإتفاق المذكور أعلاه، صدر بتاريخ 2004/1/29 عن الحكومة الرومانيـة قـراراً قضي بإعفاء Rodipet من الضرائب ومن الديون تجاه الدولة الرومانية، إلا أن القرار المذكور لم يتطرق إلى مسألة منح الامتياز لإشغال بعض الأراضي لمدة 49 عاما، وهذا ما حدا البرلمان الروماني على إصدار القانون رقم 442 تاريخ 2004/10/28 لمنح الإمتياز المذكور، كما الترمت Magnar ضخ أموال في Rodipet وفقا لآلية متفق عليها في عقد الخصخصة (علـى خمس سنوات)، لقاء ضمانات مصرفية مقرونة برهن. وقد أدلى المدعون بأنهم نفذوا موجباتهم المتفق عليها، وذلك عبر ضخ الأموال خلال خمس سنوات بحدود /3750000/ يورو؛ كما أدلوا بأن مجموعة عوده ضخت أموالا فـي Rodipet بحدود 10.5 مليون يورو، فضلاً عن كونهم استثمروا في Rodipet بحدود /25/ مليون يورو وقد قضت الهيئة التحكيمية بما يأتي:

 

- أن Magnar سددت ثمن شراء الأسهم في Rodipet. ب- تم ضخ الأموال في Rodipet عملاً بعقد الخصخصة ج- التزمت Rodipet موجباتها المنصوص عليها في العقد د - أقرت هيئة إسترداد الأصول العائدة للدولة في رومانيا Avas بقيام المدعين بالاستثمار في Rodipet، وكان لها متسع من الوقت للتأكد من فعالية تلك الإستثمارات قبل التأكيد عليها. كما قصت الهيئة التحكيمية بأنه لا يمكن الركون إلى إدلاءات المدعى عليهـا لجهة عدم وجود تقديمات من المدعين في Magnar و Rodipet، كونها متناقضة مع

 

إدلاءات Avas

 

وقد تثبتت الهيئة التحكيمية من أن المدعين قامواء مباشرة أو عن طريق شركات مملوكة

 

و/أو مسيطر عليها من قبل المدعي السيد حسان عوده، باستثمارات في Rodipet بلغ مجموعها

 

/7.543.176,59/ يورو.

 

إن ما خلصت إليه الهيئة التحكيمية في هذا السياق يؤكد إذا على وجود عنصر الإستثمار، وهي دققت في وقائع القضية برمتها وأكدت على قيام المدعين بالإستثمار في رومانيا, وفي هـذا السياق، طبقت الهيئة التحكيمية المبدأ القائل بأنه لا يجوز للمرء الإدلاء بالشيء وبنقيضه، وهـو مبدأ معروف في التحكيم تحت تسمية "الإغلاق 16 Estoppel: فالهيئة التحكيمية لم تشر صراحة إلى المبدأ المذكور، إلا أن ما أثارته حيال موقف AVAS لجهة إقرارها بوجود الإستثمار يشكل تطبيقاً ضمنياً للمبدأ المذكور، ولاسيما أن الهيئة التحكيمية اعتبرت في قرارها أن AVAS هـي هيئة رسمية تندرج ضمن المؤسسات الرسمية في رومانيا.

 

بعد أن تثبتت من وجود عنصر الإستثمار - الأمر الذي أتاح لها التأكيد على اختصاصها

 

للنظر في القضية برمتها – تطرقت الهيئة التحكيمية إلى الظروف التي رافقت وتلـت قـرار المحكمة الدستورية في رومانيا، والذي قضى بإبطال القانون رقم 442 لعدم دستوريته. وفي هذا الإطار، إرتكز المدعون إلى المادة 1 (أ) من إتفاقية تشجيع الاستثمار الموقعة بين رومانيا والولايات المتحدة الأميركية، التي تعرف الإستثمار بأنه "أي حق معطى بموجب القانون أو العقد (...)." وقد أدلوا بأن المحكمة العليا في رومانيا قضت بتـاريخ 7 تشـور 2008 بـأن القانون رقم 442 هو غير دستوري، في حين أن قوانين مشابهة صدرت لصالح شركات أخرى، فتكون رومانيا قد خالفت موجباتها تجاههم، كما أن رومانيا لم تتخذ الإجراءات الآيلة إلى تصحيح القانون رقم 442 تبعا لإعلان عدم دستوريته من قبل المحكمة العليـا فقـد رفـض البرلمـان

 

وبصورة قانونية.والحكومة في رومانيا التدخل في هذا الموضوع، متحججين بمبدأ فصل السلطات (وهـو مبـدأ وقد أثار المدعون المادة 147 من الدستور الروماني، وكذلك المادة 31 من القانون رقم

 

دستوري بحسب المدعى عليها).

 

1992/47، اللتين تعلق بموجبهما مفاعيل قرارات المحكمة الدستورية لمدة 45 يومـاً لتمكين البرلمان والحكومة من تصحيح القانون المشكو منه: فبحسب المدعين، كان يتوجب على المدعى عليها القيام بكل ما هو ضروري خلال تلك الفترة لتصحيح العيوب التي تشوب القانون. بالنتيجة، أدلى المدعون بأن مخالفة رومانيا لأحكام إتفاقية تشجيع الاستثمار أدت إلى انهيار Rodipet، وكذلك الشركات التابعة لها، وأن عدم قدرة رومانيـا علـى تطبيـق القـانون 442

 

وتصحيح الأخطاء الدستورية قد جعلها مخلة بالموجب الملقى على عاتقها، ألا وهو موجب منح

 

المدعين معاملة عادلة ومنصفة Fair and Equitable treatment

 

ان ما يقتضي التوقف عنده في هذا الإطار- بحسب الهيئة التحكيمية – هو معرفة ما إذا كان إلتزام AVAS، بمقتضى عقد الخصخصة المشار إليه أعلام، "ببذل كل الجهود المعقولة لإصدار قانون تنظيمي ، قد تحقق بمجرد صدور القانون رقم 442، أو ما إذا كان الإلتزام المذكور يقضي بالتحقق مما إذا كان القانون سيطبق بانتظام من قبل البلديات، وفقا لما يتضمنه من نصوص.

 

وقد اعتبرت الهيئة التحكيمية أن رفض المدعى عليها التدخل لتصحيح القانون 442 يـشكل

 

إخلالا بالتزامات AVAS، التي تعهدت ببذل جميع "الجهود المعقولة"، وهـذا الإلتـزام يتطلـب

 

تدخلات إضافية في كل مرة يكون فيها من الممكن تحقيق نتيجة إيجابية، وهذا ما كانـت عليـه

 

الحالة في القضية.

 

وقد ركزت الهيئة التحكيمية على ما تضمنه قرار المحكمة الدستورية الذي أبطل القانون رقم 442، إذ اعتبر أن القانون رقم 442 هو قانون عادي، في حين أن تنظيم الملكية يتضمن قانونا أساسيا Organic Law)، بالتالي، كان يتوجب على السلطات الرومانية العمل بما اقترحه القـرار المذكور، وبالتالي إصدار قانون آخر يكون متوافقاً مع متطلبات الدستور، علماً أن AVAS تصرفت بصفتها هيئة حكومية، الأمر الذي يجعل الدولة الرومانية مسؤولة عن أعمالها. وقد انطلقت الهيئة التحكيمية من نص المعاهدة الثنائية بين الولايات المتحدة ورومانيـا والمتعلقة بحماية الاستثمارات، والتي جاء فيها، في ما جاء، ما يأتي:"Article II

 

C...) 2. (a) Investment shall at all times be accorded fair and equitable treatment, shall enjoy full protection and security and shall in no case be accorded treatment less than that required by international law",

 

إن المعاملة العادلة والمنصفة - التي أشارت إليها المادة الثانية من الاتفاقية - هي جزء من الحماية المعطاة للمستثمرين، وهي تشكل معيارا أساسيا لا يمكن تجاهله. ان الإشارة إلى المعاملة المنصفة قد تمت للمرة الأولى من خلال إعـلان هافانـا للعـام 1948، وقد نصت المادة 11 من الإعلان المذكور على وجوب حماية الاستثمارات الأجنبيـة عبر معاملة عادلة ومنصفة. إلا أن السؤال الذي يطرح هو الآتي:

 

ما هو تعريف المعاملة العادلة والمنصفة؟ وماذا لو لم تتضمن معاهدة الاستثمار التي ترعى العلاقة بين طرفي التحكيم الدولي، أي تعريف لتلك المعاملة؟ لقد اعتبر البعض أن مبدأ المعاملة العادلة والمنصفة هو مبدأ قانوني عام لا يمكن تجاهله:

 

Fair and Equitable treatment standard in International Investment law, September 2004, OECD Publishing:

 

"In the notes and comments to article 1 of the OECD Draft convention on the Protection of Foreign Properties, the committee responsible for the draft indicated that the concept of fair and equitable treatment flowed from the "Well established general principle of international law that a State is bound to respect and protect the property of nationals of other States."

 

"(...)".

 

"The committee added:

 

"The phrase" fair and equitable treatment", customary in relevant bilateral agreements, indicates the standard set by international law for the treatment due by each State with regard to the property of foreign nationals. The standard requires that subject to essential security interests protection afforded under the convention shall be that generally accorded by the Party concerned to its own nationals, but, being set by international law,the standard may be more exacting where rules of national law or national administrative parties fall short of the requirements of international law. The standard required conforms in effect to the "minimum standard" which forms part of customary international law (...)".

 

"There is also a view that the "fair and equitable treatment standard" is not limited to the minimum standard ascertained in the international customary law but takes into account the full range of international law sources, including general principles and modern treaties and other conventional obligations (...)".

 

إن مفهوم "المعاملة العادلة والمنصفة" في حماية الإستثمارات هو إذا مفهـوم واسـع، وقد

 

استندت الهيئات التحكيمية الى عدة معايير لتحديد مفهوم تلك المعاملة، إذ اعتبر بعضها أن هـذا

 

المفهوم يوجب على الدولة المضيفة الإمتناع عن اتخاذ أية تدابير تعسفية، فيما اعتبـر الـبعض

 

الآخر أن هذا المفهوم يوجب على الدولة المضيفة حماية المستثمر؛ كما ذهب البعض إلى إعتبار

 

أن المفهوم المذكور يوجب على الدولة المضيفة احترام الشفافية Transparency ، أي أن يتمكن

 

المستثمر من الإطلاع على جميع التشريعات المتعلقة باستثماره في الدولة المضيفة.

 

إن القرار موضوع التعليق الحاضر لم يتطرق إلى تعريف المعاملة العادلة والمنصفة، بـل

 

أشار إليها باقتضاب، وذلك في معرض استعراضه المخالفة التي ارتكبتها من دولة رومانيا لجهة

 

إلغائها القانون رقم 442. بإعتقادنا، إن مفهوم المعاملة العادلة والمنصفة هو مفهوم يتبدل وفقاً لتشريعات الدولة المضيفة، ووفقاً لكيفية تطبيق القوانين فيها: فعدم تطبيق القانون في دولـة مـا يجعـل الجميـع متساوين في "الظلم"، ويكون شرط المعاملة العادلة قد تحقق. أما شرط الإنصاف، فهـو أيـضاً يرتبط بالبيئة التي تحيط بالمستثمر في الدولة المضيفة. لذلك، ترى وجوب استبدال شرط "المعاملة العادلة والمنصفة" بشرط آخر، هو احترام الدولة المضيفة مبدأ حسن النية La bonne foi بالتالي، إن موجب حسن النية هو مبدأ توجيهي Un principe directeur يمكن الإستناد اليه لتحديد ما اذا كانت الدولة المضيفة قد خالفت موجباتها أم لا وإننا نتساءل في هذا السياق عما إذا كان معيار "الأب الصالح" Le bon pere de famille صالحا أيضا للإعتماد كمعيار لتحديد ما إذا كانت الدولة المضيفة قد خالفت موجباتهـا أم لا، وإن كان المشرع الفرنسي قد استبدل أخيراً 18 معيار "الأب الصالح" بمعيـار آخـر، وهـو "العنايـة المعقولة (Soin(s) raisonable(s بالنتيجة، إن ما أقدمت عليها المدعى عليها بخصوص القانون رقم 442 يشكل مخالفـة لموجب المعاملة العادلة والمنصفة، علماً أنه كان بإمكان الفرقاء في النزاع التحكيمـي، وتحديـداً المدعين، إثارة مسؤولية المدعى عليها عن إقرار قانون غير دستوري منذ الاساس، وليس الإكتفاء بمسؤوليتها الناجمة عن عدم القيام بما هو ضروري لتصحيح الوضع تبعا لصدور القرار عن المحكمة الدستورية. وأخيرا، قبل التطرق إلى موضوع الإستثمار في Casa Bucur، لا بد من التوقف عنـد مسألة تنفيذ الرهن من قبل AVAS:

 

ان تنفيذ الرهن الممنوح من Magnar لصالح AVAS على أسهم Rodipet يرتبط بعـدم تنفيذ Magnar جميع موجباتها موضوع خطة الإستثمار الخماسية. وقد تثبتت الهيئة التحكيمية من أنAVAS طلبت من Magnar تزويدها مستندات تتعلـق بتنفيذ موجبات Magnar بالنسبة للسنة الرابعة، وكذلك للسنة الخامسة. وقد تبين أن Magnar تمنعت عن تزويدAVAS بالمستندات المطلوبة قبل 21 حزيران 2008، والتي تثبت تنفيذ الجهة المدعية لالتزاماتها، وقد قرر مجلس إدارة AVAS، خلال جلسة متعقـدة فـي 17 آذار 2009، تنفيذ الرهن، نظرا لعدم إثبات الجهة المدعية قيام Magnar بالتزاماتها كافة، في هذا الخصوص, وقد إعتبرت الهيئة التحكيمية أن رفضAVAS قبول المستندات الصادرة عن Magnar هو منرر وواقع في محله، ولاسيما أن إبرازها لا يفي بالواجب بعد 21 حزيران 2008، والمماطلة

 

في ذلك تثير الشكوك.

 

في هذا السياق، أكدت الهيئة التحكيمية أن سلوك المدعين لا يشكل مخالفة بسيطة تبرر عدم تنفيذ الرهن، بل أن عدم تنفيذ الجهة المدعية لقسم غير ضئيل من التزاماتها، يبرر تنفيذ الرهن. وقد جاء في القرار التحكيمي، في بنده 382، ما يأتي: (...) خلافا لسلوك الجهة المدعية للسنوات الثلاث الأولى المتعلقة بموجب الاستثمار،

 

إن سلوكها بشكل عام في ما يتعلق بالطريقة التي رفضت بها بداية، ثـم محاولتهـا المتعثـرة بانيات تنفيذها لموجبـات الإستثمار للسنتين الرابعة والخامسة لا تشكل مخالفات بسيطة" . ابن الشكوك الجدية التي أحاطت تنفيذ Magnar لمثل هذه الموجبـات بـزرت قرار AVAS

 

لقد انطلقت إذا الهيئة التحكيمية من اتفاق الفرقاء الذي تم بموجبه تملك شركة Rodipet وهي بذلك بدت مرة أخرى إرادة الفرقاء على أي اعتبار : فالمهل المتفق عليهـا تعكس إرادة الفرقاء، وهي لم تتوقف عند ما أثارته الجهة المدعية حيال "المخالفة البسيطة التي ارتكبتهـا فالعبرة من وراء المهل المتفق عليها هو إثبات جدية الإستثمار وقيام Magnar بتنفيذ موجباتهـا وإن تجاوز المهلة المتفق عليها قد أثار شكوكا وغموضاً، خصوصاً في ظل المماطلة التي تلـت انقضاء المهلة.

 

القسم الثالث: في الخلافات المتعلقة بالإستثمار في Casa Bucur تعتبر الجهة المدعية أنها إستثمرت في عقار Casa Bucur ومن ثم قامت المدعى عليهـا بحرمانها ملكيتها. فقد صدر في 2005/11/15 قرار عن المحكمة العليا في رومانيا قضى بإعادة ملكية Casa Bucur إلى ورثة الشخص الذي كان يملك العقار قبل تأميمه عام 1950، نشير في هذا السياق إلى أنه تم تأميم Casa Bucur عام 1950 بالإستناد إلى المرسوم رقـم 1950/92ء ومن ثم تمت خصخصة العقار عام 1990، علما أن الملكية إنتقلت بين عـدة أطـراف إلـى أن اكتسبتها الجهة المدعية. وقد أثارت الجهة المدعية القانون 1999/99 الذي يعطي المستثمرين الأجانب حمايـة فـي حال استرجاع ملكية ما، وذلك عبر تسديد تعويض يوازي قيمة الملكية. عام 2001، صدر قانون يعطي الدولة الرومانية الحق في استملاك أي معالم تاريخية قائمة في ملكية أفراد أو أشخاص معنويين تحت طائلة البطلان المطلق. وقد بيع عقـار Casa Bucur في 5 تشرين الأول 2001 من Alunis إلى Street Corner، وذلك بالرغم من وجود اشـارة دعوى استرجاع الملك مقدمة من المالك الأساسي. بالنسبة للهيئة التحكيمية، إن الجهة المدعية كانت على علم بوضعية الملكيـة فـي عمليـة Casa Bucur وبما يعتريها من احتمال وجوب إعادة الملك إلى مالكه الأساسي دون امكانيـة التحجج بعدم معرفة الجهة المدعية بالموضوع، إن ما تقدم حمل الهيئة التحكيمية على التركيز على المبدأ القائل: "لا يمكن للمرء أن يستحجج بخطئه Nul ne peut se prévaloir de sa هذا من جهة، ومن جهة أخرى، إستندت الهيئة التحكيمية هنا أيضاً إلى مبدأ المعاملة العادلة والمنصفة الذي يوجب إعادة الثمن إلى المدعين، دون أي تعويض متعلق بالأعمال التي تمت في الملكية، لقد اكتفت إذا الهيئة التحكيمية بإعادة ثمن العقار إلى المدعين، دون أية تعويضات أخرى، بإعتبار انه كان يتوجب عليهم الإمتناع عن الإستثمار في Casa Bucur مع وجود الخطر الذي كان يمكـن أن يتأتى عنه جوب اعادة الملك إلى مالكه الأساسي، إن الجهة المدعية كانت عالمة تمام العلم بأن ثمة احتمالا أن يعاد الملك الى مالكه الأساسي، لكونها اشترت هذا الملك على كامل مسؤوليتها. ان ما خلصت إليه الهيئة التحكيمية لهذه الجهة هو صائب وعادل، إذ إنه من غير العادل أن تحرم الجهة المدعية من ثمن شراء العقار المسند من قبلها، وإن كان يتوجب عليها الإطلاع على وضعية العقار المذكور، وإن قبلت مع ذلك بالمخاطر. وقد جاء في ترجمة القرار التحكيمي الى العربية، ما يأتي: 432، "عندما وقعت Street Corner عقد ايجار مع Alumis في مارس 1999 مع شـرط بيع غير قابل للرجوع بالنسبة لـ Casa Bac، وقعت إعلانا بأنها أبرمت الإتفاق وهي على علم بأنه موضوع نزاع، وأنها تقبل المخاطر الناتجة من ذلـك"، بعـدما اكتسبت في وقت لاحق مجموعة عوده Alumis و Sireer Corner، أصبحت علـى علم بالمخاطر الكامنة وراء نقل ملكية Casa Bucur 19- Nemo auditur propriam turpitudinem allegans.

 

"propre turpitude

 

433. عندما اكتسبت Mona Lisa 2687 من حصص is بالمزاد العلني، تم تحذيرها بشكل خاص من المخاطر المرتبطة بـ Casa Bear (...) إذ تكمن هذه المخاطر في الثمن المتدني المدفوع بالنسبة للثمن الذي وافقت عليه Alumis مسبقا عنـد بيـع Street Corner Casa Bucur 434. عندما أبرمت كل من Anis التـي كـانـت الـذاك بإدارة مجموعة عـوده) و Street Corner (التي كانت أيضا بإدارة مجموعة عوده) عقد البيع والشراء فـي أكتوبر 2001، كان النظام الجديد الذي يؤيد الرد العيني بموجب القانون 2001/10 ساري المفعول... 435، بحلول أوائل حزيران 2001، كان السجل العقاري يعيد أن سند ملكية العقار منازع فيه... من الواضح للهيئة التحكيمية، أنه نظرا إلى الثمن المتدني نسبيا الذي يتوجب دفعه بالنسبة لقيمة Casa Bucur، تقبلت مجموعة عودة فكرة تحمل خسارة الملكية. الأمر الذي تحقق في قرار المحكمة العليا الصادر في نوفمبر 2005. بالنسبة للهيئة التحكيمية، كان للجهة المدعية توقعات مشروعة أنه لو تحققت المخاطر المذكورة، كان ينبغي إعادة الثمن المتفق عليـه لـشراء asa Soare) تتطلـب المعاملة العادلة والمنصفة التي تضمنها المعاهدة الثنائية لاستثمارات الجهة المدعيـة في Casa Soare بأن يعاد إليها المبلغ المدفوع والبالغ 147.5.32 يورو. ا، باستثناء إعادة الثمن المدفوع من أجل تملـك Casa Soare)، كما ذكرنا أعلاه، ليس هناك أي تعويض إضافي متوجب للجهة المدعية بموجب هذا الطلب . 442. على وجه الخصوص، ليس هناك أي تعويض متوجب عن الأعمال التي أنجزت على الملكية، مدركة مخاطر الرد العيني وقرار المحكمة العليا بالإدانـة، فـي هـذا الخصوص، كان ينبغي على الجهة المدعية الامتناع عن الإستثمار في Casa Bucur لترميمه .

 

خاتمة:

 

نستخلص من القرار موضوع التعليق الحاضر ما يأتي: 1- أن المبادئ ذاتها التي ركزت عليها الهيئة التحكيمية في عملية Rodipet لإعطاء الجهة المدعية الحقوق التي حرمت منها، هي المبادئ ذاتها التي ركزت عليها الهيئة لحرمـان الجهة المدعية من مطالبها في قضية عقار Casa Bucur، بإستثناء حق الجهة المدعية بإستعادة ثمن شراء هذا العقار المتدني بسبب علمها بأنـه موضـوع دعـوى مطالبـة من مالكه الأساسي وتمسكها بشراء هذا العقار على مسؤوليتها، على الرغم من علمهـا بذلك 2- أن هذا القرار يشكل مثالاً آخر للضمانة التي تتأتى عن اللجوء في المنازعات الناتجـة من الإستثمار الدولي بين الدول والأفـراد إلى المعاهـدات الثنائيـة والـى مـركـز الـ ICSID، حيث أعطت هيئة التحكيم حقا لكل صاحب حق، سواء أكان صـاحب الحق هو الفرد أم الشركة، أم كان الدولة الفريق الأقوى.