يكون هذا البطلان ناتجاً عن تخلف ركن جوهري من أركان الحكم كما حدده قانون التحكيم.
أما الناحية الموضوعية، وكون المحكم يستمد سلطته من اتفاق الأطراف وإرادتهم، فإنه يتوجب عليه ألا يتجاوز حدود المهمة والتصدي لما لم يتفق عليه الأطراف على عرضه على التحكيم، فهو لا يفصل إلا بالموضوعات المتنازع عليها والتي اتفق بشأنها أن يصار إلى حلها بطريق التحكيم.
وفي حالة تصحيح القرار من قبل هيئة التحكيم فإنه لا يجوز أن تتجاوز الهيئة سلطتها في التصحيح فإن تجاوزت جاز التمسك ببطلان هذا القرار المادة (2/50) من قانون التحكيم المصري (المادة 46 من قانون التحكيم الأردني) .
لهذا يلزم أن يتضمن بيان المدعي تحديد مسائل النزاع وطلباته، إذا كان بخصوص شرط في اتفاق التحكيم، أما إذا تعلق الأمر بمشارطة، فإنه يجب أن يتضمن التحديد الدقيق لموضوع النزاع، وهذا ما يحدد نطاق مهمة المحكم، وبالتالي صحة الحكم.
كما أن عدم تسبيب الحكم في حالة عدم اتفاق الأطراف على عدم التسبيب، أو في حالة اختيار الأطراف لقانون يطبق على الإجراءات يقتضي التسبيب، فإن خلو الحكم من التسبيب في هذه الحالات يؤدي إلى اعتباره سبباً لإبطال الحكم؛ كون ذلك يمس قاعدة أساسية تتعلق بمصلحة أطراف النزاع بشكل مباشر.
أما القانون الفرنسي فقد أوجب التسبيب في الحكم في نص المادة (1471) من قانون المرافعات، واعتبره من النظام العام في حالة إن كان التحكيم داخلياً.
أوجبت المادة (47) من قانون التحكيم المصري إيداع نسخة الحكم قلم المحكمة المختصة، وكذلك المادة (1477) من قانون المرافعات الفرنسي التي أوجبت أيضاً إيداع نسخة الحكم مصحوبة بوثيقة الاتفاق على التحكيم قلم الكتاب، ولكن عدم إيداع النسخة لا يؤدي إلى اعتبار ذلك سبباً لإبطال الحكم.
أما فيما يتعلق بالبيانات التي يشتمل عليها حكم التحكيم، فمنها ما هو ضروري وجوهري ويمس مصالح الخصوم؛ وبالتالي فإن أي إغفال له يعتبر سبباً للطعن بالبطلان.
البيان الخاص بأسماء الخصوم وعناوينهم وصفاتهم، أو وقوع خطأ مادي في أسماء المحكمين أو الأطراف أوعناوينهم لا يؤدي إلى إبطال حكم التحكيم في كل من القانون المصري أو الأردني والفرنسي، إذ إن مثل هذه المخالفة ليست من شأنها الإضرار بالأطراف المشاركة في التحكيم ولا بمصالحهم بشكل مباشر.
أما فيما يتعلق بعدم ذكر أسماء المحكمين في القانون الفرنسي، فإن ذلك يرتب البطلان طبقا لنص المادة (1480) من قانون المرافعات الفرنسي كون هذه البيانات تسمح بالتأكد من أنه هو المحكم الذي سماه الخصوم في وثيقة التحكيم وأنه شخص طبيعي وليس شخصاً معنوياً.
أما بالنسبة للبيان الجوهري المتعلق بصورة اتفاق التحكيم، فإن إغفال ذلك يؤدي إلى اعتباره سبباً للبطلان، وذلك للتحقق من صدور حكم المحكمين في حدود سلطانهم المستمد من اتفاق التحكيم ورعاية المصالح الخصوم، مما يؤدي إلى المساس بمصالحهم، لذلك فإن إغفاله يؤدي إلى البطلان.