من الناحية الموضوعية، وكون المحكم يستمد سلطنه من اتفاق الأطراف وإرادتهم، فإنه يتوجب عليه الا يتجاوز حدود المهمة والتصدي لما لم يتفق عليه الأطراف على عرضه على التحكيم، فهو لا يفصل إلا بالموضوعات المتنازع عليها والتي اتفق بشأنها أن يصار إلى حلها بطريق التحكيم.
وفي حالة تصحيح القرار من قبل هيئة التحكيم فإنه لا يجوز أن تتجاوز الهيئة سلطتها في التصحيح فإن تجاوزت جاز التمسك ببطلان هذا القرار المادة (2/50) من قانون التحكيم المصري المادة 46 من قانون التحكيم الأردني) وهذا ما نصت عليه أيضا المادة (42) من اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم السعودي حيث نصت على أنه : ويجوز الطعن في القرار الصادر بالتصحيح إذا تجاوزت فيه الهيئة حقها المنصوص عليه في هذه المادة....
لهذا يلزم أن يتضمن بيان المدعي تحديد مسائل النزاع وطلباته، إذا كان بخصوص شرط في اتفاق التحكيم، أما إذا تعلق الأمر بمشارطة، فإنه يجب أن يتضمن التحديد الدقيق لموضوع النزاع، وهذا ما يحدد نطاق مهمة المحكم، وبالتالي صحة الحكم.
ويلتزم المحكم أو هيئة التحكم بأن يصدروا حكمهم وفقاً للقانون الذي اختاره الأطراف، سواء أكان بالنسبة للموضوع أم للإجراءات، ويعد سبباً لبطلان الحكم تجاهل إرادة الأطراف والحكم وفقاً لقانون آخر، وهذا سبق أن أشرت إليه أنها في هذا البحث، لذلك سوف أتناول الأسباب التي تؤدي إلى إبطال الحكم من الناحية الشكلية .
لهذا فالسؤال الذي يطرح هل كل مخالفة لأي شرط شكلي تؤدي إلى إيطال حكم المحكم؟
للإجابة عن هذا السؤال تقتضي بنا التفرقة بين الشروط التي تتعلق بمصلحة الأطراف مباشرة وبين الشروط التي وضعها المشرع من أجل التيسير في عمل هيئة التحكيم، ومن أجل التيسير في تنفيذ الحكم.
وبذلك يكون حكم التحكيم معرضاً للبطلان وفقا للمادة (1/53 ) من قانون التحكيم المصري، والأمر كذلك في قانون المرافعات الفرنسي الذي أوجب أن يصدر الحكم بعد مداولات سرية (المادة 1469). وكذلك الأمر في حالة عدم صدور الحكم كتابة أو عدم توقيعه من أغلبية المحكمين، وعدم إثبات الحكم لأسباب عدم توقيع الأقلية، استناداً للمادة (43) من قانون التحكيم المصري والمادة (41) من قانون التحكيم الأردني، فإن ذلك يعرض الحكم للبطلان بسبب أن الأمر يمس مصالح الأطراف بشكل مباشر، ولذلك فإنه بعد سببا للبطلان.
كما أن عدم تسبيب الحكم في حالة عدم اتفاق الأطراف على عدم التسبيب أو في حالة اختيار الأطراف لقانون يطبق على الإجراءات يقتضي التسبيب، فإن خلو الحكم من التسبيب في هذه الحالات يؤدي إلى اعتباره سبباً لإبطال الحكم؛ كون ذلك يمس قاعدة أساسية تتعلق بمصلحة أطراف النزاع بشكل مباشر.
أما القانون الفرنسي فقد أوجب التسبيب في الحكم في نص المادة (1471) من قانون المرافعات واعتبره من النظام العام في حالة إن كان التحكيم داخليا، فعدم التسبيب يعد سببا لإبطال الحكم.
أما فيما يتعلق بالبيانات التي يشتمل عليها حكم التحكيم، فمنها ما هو ضروري وجوهري ويمس مصالح الخصوم؛ وبالتالي فإن أي إغفال له يعتبر سبباً للطمن بالبطلان ومنها ما لا يعد كذلك.
أما بالنسبة للبيان الجوهري المتعلق بصورة اتفاق التحكيم، فإن إغفال ذلك يؤدي إلى اعتباره سبباً للبطلان، وذلك للتحقق من صدور حكم المحكمين في حدود سلطانهم المستمد من اتفاق التحكيم ورعاية المصالح الخصوم، مما يؤدي إلى المساس بمصالحهم، لذلك فإن إغفاله يؤدي إلى البطلان .
وأنه لا يعني عدم ذكر التاريخ بطلان الحكم ولا يمنع من تصديقه.