ولقد حرصت معظم النظم القانونية على احترام إرادة الأطراف فيما يتعلق باختيارهم للقواعد التي تحكم موضوع النزاع طالما أنها لا تخالف النظام العام في الدولة، وسليمة غير مشوبة بغش في القانون، وقد واكب معظم المشرعين الاتجاهات الحديثة بشأن مبدأ سلطان الإرادة، فخولوا للأطراف حرية اختيار القانون الذي يحكم موضوع النزاع والذي ينصرف إلى القواعد الموضوعية التي ينظمها هذا القانون وبالتالي يحتم على هيئة التحكيم الفصل في النزاع وفقا للقواعد الموضوعية التي ينظمها القانون المحدد باتفاق الأطراف وهو قانون الإرادة .
والقيد الوحيد الذي يفرض على هذه الإرادة يفرضه اعتبار ضمان تنفيذ حكم المحكم في دولة معينة من مراعاة القواعد القانونية الآمرة في قانونها.
هذا في حالة إن كان الأطراف قد اختاروا قانونا معينا ليحكم نزاعهم، ولكن الأمر يختلف حين لا يتعرض الأطراف للقانون الواجب التطبيق على النزاع، أو في حالة عدم وجود اتفاق على اختيارهم للقانون الذي يحكم موضوع النزاع بينهم، فما هو القانون الذي يحتم على المحكم أو هيئة التحكيم الأخذ به؟
وسوف أجيب عن هذا التساؤل وذلك من خلال تناول موضوع سلطة هيئة التحكيم في تحديد القانون الواجب التطبيق على النزاع في حالتين: حالة وجود اتفاق وتعيين هذا القانون، وحالة عدم وجود اتفاق بين الأطراف على تعيينه .