الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اسباب بطلان حكم التحكيم / الكتب / حدود سلطة هيئات التحكيم تجاه وسائل الإثبات المختلفة (دراسة مقارنة) / بطلان حكم التحكيم لعيب يتعلق بالخبرة

  • الاسم

    محمد يوسف علام
  • تاريخ النشر

    2021-01-01
  • اسم دار النشر

    دار وليد للنشر والتوزيع والبرمجيات المركز القومي للإصدارات القانونية
  • عدد الصفحات

    184
  • رقم الصفحة

    140

التفاصيل طباعة نسخ

من خلال الممارسات القضائية والسوابق الحديثة يتبين أن أحكام المحاكم المختصة بنظر دعوى البطلان المقامة طعناً على حكم التحكيم لا تخلو من البطلان المبني على عيب قانوني أو إجرائي يتعلق بتقرير الخبير الذي اعتمدت عليه هيئة التحكيم ، ونسوق في سياق هذا البحث مثالاً لا حصراً حكم لمحكمة القضاء الإداري العمانية صادر عام 2019م قضت فيه المحكمة ببطلان حكم التحكيم المطعون فيه لعيب يتعلق بتقرير الخبرة أو بنتيجتها وأن هيئة التحكيم قد جارت التقرير واعتمدت عليه دون التأكد من صحة النتائج أو الأسس التي يبني عليها التقرير

ولكي تعم الاستفادة على القايء في سياق موضوع البحث الحالي نورد نص الكامل لهذا الحكم على النحو الآتي

بتاريخ 2019/1/27م أودع الحاضر عن مكتب المحامي / .... للمحاماة والاستشارات القانونية ، أمانة سر المحكمة عريضة دعوى بطلان تستهدف حكم هيئة التحكيم الصادر بتاريخ 2018/10/30م ، قيدت بجدول دعاوي بطلان أحكام التحكيم بالرقم المدون بصدر الحكم الماثل ، طالباً في ختامها الحكم : أولاً :"بقبول الدعوى شكلاً ، ثانياً : وفي موضوع : القضاء ببطلان حكم هيئة التحكيم المؤرخ في 2018/10/30م ، ثالثاً : بإلزام المدعي عليها المصاريف وأتعاب المحاماة بمبلغ مقداره (3000ر.ع)" . 

وتجمل وقائع الدعوى في أنه بتاريخ 2001/10/16م تم إبرام عقد بين المؤسسة المدعية وشركة ... المدعي عليها وفقاً لأحكام وشروط العقد الموحد لإنشاء المباني والأعمال المدنية لسنة 1999م ، وقد التزمت بموجبه الشركة المذكورة ببناء منشآت تخص المؤسسة بمجمع .... بمسقط كان من بينها المبني (KOM2) المكون من ثلاثة طوابق بمساحة مبنية مقدارها (9282/م2) ، وبقيمة إجمالية مقدارها .... ريالاً عمانياً ، وقد تم الانتهاء من أشغال المبنى في بداية عام 2003م وصدرت لفائدة الشركة المنفذة شهادة بإكمال الأعمال بتاريخ 2003/1/31م

وقد فوجئت المؤسسة لاحقاً ببروز تشققات في المبني مما دفعها إلى مخاطبة الشركة لتقديم لها تفسيراً واضحاً لأسباب العيوب وتحدد خطة مهنية لمعالجتها فردت عليها برسالة مؤرخة في 2012/8/26م تقر فيها بخطورة وضع المبنى دون أن تستتبع ذلك بأي حال عملي ، مما اضطرت المؤسسة للتحقق من كل ذلك إلى الاستعانة بشركات هندسية أجنبية متخصصة لتقييم الوضع هندسياً وتحديد مدى خطورته ، فانتهت هذه الأخيرة في خلاصة أعمالها إلى تأكيد أن التشققات الخطيرة في المبنى ناتجة عن التنفيذ الخاطئ لأعمال البناء الواقع تنفيذه من الشركة المدعي عليها وأوصلت بإخلاء المبنى فوراً .

ثم واستناداً لما هو محمول على الشركة من التزام بالضمان العشري بموجب المادة (4/42) من وثائق العقد الموحد فقد شرعت المؤسسة في تنفيذ الإجراءات المقررة بنص المادة (67) من ذات وثائق العقد الموحد فخاطبت المهندس الاستشاري المشرف على المشروع بتاريخ 2015/5/6م ، وبعد انقضاء مدة (90) يوماً دون أن يفصل المهندس في الخلاف وجهت إلى الشركة رسالة في 2015/11/3م ضمنتها رغبتها في اللجوء إلى التحكيم ، وسار الطرفان على درب تعيين هيئة التحكيم فاختارت المؤسسة الأستاذ / ... محكماً مختاراً من قبلها ، وقامت الشركة بتعيين الدكتور / .... محكماً مختاراً من قبلها ، ثم قام المحكمان المعينان من الطرفين بتعيين الدكتور / .... محكماً مرجحاً ورئيساً لهيئة التحكيم

وقد انتهت المؤسسة المدعية في عريضة دعواها إلى هيئة التحكيم إلى طلب الحكم لها

1- بإلزام الشركة المدعي عليها بأن تؤدي لها تعويضاً عن كافة الأضرار التي حاقت بها بمبلغ إجمال مقداره (9525918) ريالأ عمانياً .

2- بإلزام المدعي عليها بأتعاب هيئة التحكيم وأمانة سرها والخبراء وأية مصاريف أخرى

3- بإلزام المدعي عليها بأتعاب المحاماة

وبتاريخ 2016/5/8م أودعت الشركة ردها على عريضة الدعوى بمذكرة تضمنت تأكيدها على دفعها بعدم قبول الدعوى لعدم طلب إحالة النزاع إلى التحكيم خلال المدة المنصوص عليها في بند (67) من العقد الموحد ، وبعدم قبول الدعوى لسقوط حق المدعية في إقامة دعوى الضمان استناداً إلى المادة (16) من قانون تنظيم عمل المكاتب الاستشارية الهندسية

وقد حددت هيئة التحكيم تاريخ 2016/2/18م لعقد جلسة افتتاحية للتحكيم أثبت بمحضرها اتفاق الطرفين على الآتي

1- يكون مكان التحكيم في مسقط

2- تكون العربية لغة التحكيم

3- القانون الواجب التطبيق على خلافهما هو القانون العماني

4- حددت إجراءات التحكيم وجدولها الزمني وفق ما هو مثبت بالمحضر

وبتاريخ 2016/12/25م أصدرت هيئة التحكيم حكماً أولاً منهياً للخصومة في بعض الطلبات الخاصة بالدفوع القانونية المقدمة من الشركة المدعي عليها قاضياً بما نصه

1- رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لفشل المدعية في طلب إحالة النزاع إلى التحكيم خلال الأجل المنصوص عليه في البند رقم (67) من العقد ، وقبول الدعوى

2- سقوط حق المدعية في إقامة دعوى ضمان استناداً لنص المادة (16) من قانون تنظيم عمل المكاتب الاستشارية الهندسية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (94/120) . 

3- ثبوت حق المدعية في إقامة دعوى المطالبة بالتعويض عن الأضرار ، غير مستندة على الضمان العشري ، والاستمرار في سماع الدعوى على هذا الأساس

4- إبقاء الفصل في المصاريف

وعقب صدور الحكم المشار إليه ، أصدرت هيئة التحكيم في ذات التاريخ أمراً إجرائياً باستمرار الإجراءات وتبادل المذكرات حتى يستوفي الطرفان إبداء حججهما وأساس الدعوى وأسانيدها والدفوع وأوجه الدفاع في موضوع النزاع ، دون الإسناد إلى الضمان الممتد المنصوص عليه في المادة (16) من قانون تنظيم عمل المكاتب الهندسية الاستشارية والذي قضى الحكم المذكور بسقوطه

وبتاريخ 2017/4/27م أصدرت هيئة التحكيم حكماً آخر في الدفوع وأوجه الدفاع القانونية والطلبات الجديدة المقدمة من المدعي عليها متضمناً القضاء بما نصه :

أولاُ : حكمت محكمة التحكيم حكماً منهياً للخصومة في بعض الطلبات الخاصة بالدفوع القانونية الإضافية التي أبدتها المدعي عليها بما يلي

1- رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان

2- رفض الدفع بسقوط حق المدعية في اللجوء إلى التحكيم بحجة تقديم صحيفة دعوى جديدة

3- رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها

4- رفض طلب العدول عن الأمر الإجرائي الصادر بتاريخ 2016/12/25م

5- إرجاء الفصل في الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم سريان نصوص قانون المعاملات المدنية إلى حين النظر في الموضوع

6- رفض الدفع بسقوط الدعوى لمخالفة البند (3) من الحكم الصادر بتاريخ 2016/12/25م

ثانياً : وقبل الفصل في الموضوع ، قررت هيئة التحكيم ندب خبير هندسي في الدعوى تكون مهمته كما يلي

1- الإطلاع على الأوراق والمستندات والتقارير الهندسية والفنية المقدمة في الدعوى ، وعلى ما قد يقدمه له الأطراف من مستندات جديدة ذات صلة بموضوع الدعوى

2- الاجتماع مع أطراف الدعوى وممثلهم الفنيين ، والاستماع لأقوالهم وتحقيق أوجه دفاعهم حول الجوانب الفنية الهندسية في موضوع الدعوى وبحث الأضرار التي ادعت المدعية تعرض المبنى لها ، وأسبابها وآثارها على سلامة المبنى وصلاحيته للغرض المخصص له ، والأساليب الهندسية العلمية لمعالجة تلك الأضرار - إن وجدت - وعلى وجه الخصوص بيان ما إذا كان يمكن إصلاحها أم تستدعي إزالة كل المبنى ، والتكاليف المالية المرتبطة بالإصلاح أياً كان ، وغير ذلك من المسائل الفنية الهندسية اللازمة لبيان الحقائق الفنية المرتبطة بالنزاع .

3- الاجتماع بمن يرى لزوم الاجتماع به ، من غير أطراف الدعوى ، وعلى وجه الخصوص الاجتماع بالمكتب الاستشاري الهندسي المشرف على المشروع ..، وسماع أقوال من يرى لزوم سماع أقواله عموماً من غير أطراف الدعوى

4- زيارة المبنى محل الدعوى على الطبيعة ، وهو المبنى التجاري المملوك للمدعية والكائن في .... بمسقط والمسمى المبنى (....) ومعاينته معاينة فنية هندسية على الطبيعة ، ودراسة الحالة المعمارية والهندسية للمبنى على ضوء التقارير الهندسية الصادرة من المكتب الهندسية التي كلفتها المدعية بفحص المبنى ، وبيان الحقيقة التي يتوصل إليها من حيث سلامة المبنى من عدمها ، وسلامة الهياكل من عدمها ، وحالة المبنى عموماً وصلاحيته للاستخدام ، على أن تتم المعاينة في حضور الأطراف ، أو من يمثلهم ، إلا إذا امتنعوا

5- إعداد تقرير خبرة هندسية شامل بأعماله يبين حالة المبنى والرأي الفني في نقاط النزاع الفنية الهندسية ويبين فيه على وجه الخصوص ما يلي :

(أ) ما إذا كانت المدعي عليها (كمقاول) قد أنجزت أعمال البناء المسندة إليها من المدعية (كصاحب العمل) بطريقة صحيحة وحسب الأصول الفنية السليمة للصنعة ، وبيان ما إذا كانت توجد عيوب في المبنى ، وإذا وجدت هل تعود إلى أخطاء في التصميم من قبل استشاري المشروع أو أخطاء في التنفيذ ، وبيان ما إذا كانت أعمال البناء قد صاحبتها أخطاء هندسية أو أخطاء في المصنعية ، أو أنها قد أتت مخالفة للأصول السليمة لأعمال المقاولات، وفي مثل تلك الحالة بيان طبيعة المخالفات وأسبابها وآثارها الهندسية والمالية

(ب) بيان حالة المبنى من حيث السلامة العامة والصلاحية للاستخدام في الغرض المخصص له

(ج) في حالة وجود أخطاء في البناء وعدم سلامة المبنى وعدم صلاحيته للاستخدام بيان الآثار الهندسية على ذلك ، وتكاليف إصلاح تلك الأخطاء .

(د) فحص المطالبات المالية المرتبطة بالنزاع وإبداء الرأي الفني حولها

(هـ) توضيح رأي الخبرة في جميع الجوانب الفنية في الموضوع محل الدعوى

ثالثاً : قررت هيئة التحكيم تكليف الطرفين بالتواصل فيها بينهما لمحاولة الاتفاق على خبير هندسي من خارج سلطنة عمان ، والاتفاق معه على أتعابه لأداء المأمورية ، وإخطار هيئة التحكيم في أجل أقصاه نهاية ساعات العمل من اليوم العاشر من تاريخ إعلان الطرفين بهذا الحكم ، باسم الخبير الذي يتم الاتفاق عليه وعنوانه وأرقام التواصل معه ، ومقدار الأتعاب ، على أنه في حال عدم تمكن الطرفين من الاتفاق على خبير على النحو المذكور وفي الأجل المحدد تقوم هيئة التحكيم بتعيين الخبير الذي تراه مناسباً من خارج أو داخل السلطنة لأداء المأمورية وتحدد أتعابه

رابعاً : إبقاء الفصل في المصاريف

وبتاريخ 2018/4/10م أودع الخبير الهندسي المنتدب .... تضمن تأكيده بوجه الخصوص على الآتي

1- توجد عيوب في المبنى متمثلة في وجود تشققات في خرسانة الأعمدة وتعشيش في الخرسانة ن وإفصال حبيبي لمكونات خلطة خرسانة الأعمدة ، وتكسر حواف وأركان الأعمدة ، واهتراء وتفكك المونة الأسمنتية الرابطة لمكونات الخرسانة ، وبشكل عام ضعف متانة الخلطات الخرسانية المستخدمة في صب أعمدة الجناح الغربي من مبنى (كوم 2)

2- أن العيوب الظاهرة في الجناح الغربي من مبنى (كوم 2) لا تعود لخطأ في التصميم الأصلي للمبنى وإنما تعود إلى خطاء في التنفيذ

3- أن أعمال البناء صاحبتها أخطاء في المصنعية وفي تجهيز وتصنيع الخلطات الخرسانية ومعالجتها بالمخالفة للأصول السليمة لأعمال الإنشاءات ، مما أدى إلى ظهور عيوب جسيمة في الأعمدة .

وقد انتهى الخبير في نتيجة تقريره إلى : أن الشركة المحتكم ضدها لم تلتزم بتنفيذ الأعمدة في الجناح الغربي من مبنى (كوم 2) وفقاً للمواصفات وشروط التعاقد مما تسبب في ظهور تشققات في الأعمدة ، وأن المبنى بحالته الراهنة غير آمن ولا يمكن استخدامه من أجل الغرض المخصص له ، ويجب إجراء إصلاحات جوهرية في أعمدة الجناح الغربي من مبنى (كوم 2) ، ويجب أن تسند تلك الأعمال إلى شركة متخصصة في ترميم وعلاج الخرسانة وفقاً للاشتراطات الواردة في هذا التقرير

وبعد تعقيب الطرفين على تقرير الخبير وتقديمهما لمستندات جديدة إليه اجتمع هذا الأخير مع ممثليهما ، ثم وبتكليف من هيئة التحكيم أودع الخبير المذكور تقريراً تكميلياً بتاريخ 2018/8/30م ورد فيه على اعتراضات الطرفين تقريره الأول دون أن يغير استنتاجاته وتوصياته

وبتاريخ 2018/10/1م وبعد استماعه لشهادات الخبرة الفنية واستلامه لمذكرات ومستندات إضافية من الطرفين ، قد الخبير المنتدب تقريراً تكميلياً ثانياً خلص فيه إلى نتائج وتوصيات مغايرة لما أورده في تقريريه السابقين ، وقد تضمنت تأكيده بوجه الخصوص على الآتي :" العيوب الظاهرة في أعمدة الجناح الغربي من مبنى (كوم 2) من تصدع وانبعاج قضبان التسليح تعود لخطأ في التصميم الأصلي للمبنى ، ولا تعود إلى أخطاء في التنفيذ ، حيث أخطأ المصمم في تقسيط الكانات الانحناء وإجتهادات اللي التي تنجم عن الهزات الأرضية ، كما أخطأ في عدم تحقيق علاقة عمود قوي وكمرات ضعيفة بأن جعل قدرة كمرات المحمولة على الأعمدة من قدرة الأعمدة على مقاومة إجتهادات عزوم الانحناء ، وتلك المتطلبات ورادة في الكود العربي الموحد الصادر عام 1997م وهو الكود الواجب التطبيق على التصميم ، أما عيوب التعشيش والانفصال الحبيبي فإنها تعود لسوء المصنعية من جانب المدعي عليها

وبتاريخ 2018/10/10م أصدرت هيئة التحكيم حكمها في الدعوى قاضياً : " بإلزام المدعي عليها بأن تدفع إلى المدعية مبلغاً مقداره (12000 ر.ع) ، ورفض ما ذاد عن ذلك من طلبات للمدعية ، وألزمت الطرفين بأتعاب ومصاريف التحكيم مناصفة ، ولهذا ألزمت المدعي عليها بأن تؤدي للمدعية مبلغاً مقداره (41263.974 ر.ع)، تعويضاً عما دفعته بالزيادة من أتعاب ومصاريف التحكيم ، ورفض ما زاد عن ذلك ، وفي أتعاب المحاماة والمصاريف التحضيرية حكمت هيئة التحكيم بإلزام كل طرف بما تكبده من أتعاب محاماة ومصاريف تحضيرية " . 

وإذ لم يضاف هذا الحكم التحكيم قبولاً لدى المؤسسة المدعية ، فقد طعنت عليه بدعوى البطلان الماثلة ، بالاستناد إلى أنه استبعد العمل بالقانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع ، وأن تشكيل هيئة التحكيم تم على وجه مخالف للقانون ، وأن الحكم المذكور تضمن ما يخالف النظام العام بالسلطنة وأنه كان قاصراً في التسبيب، وذلك وفقاً للآتي

1- أن حكم التحكيم المطعون فيه متوفرة فيه حالة البطلان المقررة بنص البند (د) من المادة (53) من قانون التحكيم ، ذلك لأنه استبعد تطبيق القانون العماني الذي اتفق الأطراف على تطبيقه ، وشيد قضاءه على الكود العربي الموحد للتصميم معتبراً إياه دون وجه حق نصاً ملزماً في سلطنة عمان

2- أن حكم التحكيم المشار إليه متوفرة فيه حالة البطلان الواردة بنص البند (هـ) من المادة (53) من قانون حالة كونه صدر عن هيئة تحكيم مشكلة ثلاثة محكمين ، والحال أن مقتضيات نص المادة (67) من العقد الموحد لسنة 1999م كانت تقتضي أن يتعهد بنظر الدعوى محكم فرد .

3- جاء الحكم المطعون فيه مشوباً بالبطلان لمخالفته النظام العام بالسلطنة على النحو المقرر بالفقرة (2) من نص المادة (53) من قانون التحكيم ، وذلك بسبب مخالفته لمبدأ الحرص على حماية المال العام المضمن في المادة (4) من المرسوم السلطاني رقم (2011/112) .

4- جاء الحكم المطعون فيه مشوباً بالبطلان لخلوه من الحيثيات الكافية لحمل منطوقه وفقاً لما توجبه المادة (170) من قانون الإجراءات المدنية التجارية في سلطنة عمان

وقد تم إعلان عريضة دعوى البطلان ومرفقاتها إلى الشركة المدعي عليها ، وتحدد لنظر الدعوى جلسة 2019/3/5م ، وفيها حضر المؤسسة العامة للمناطق الصناعية المحامي / .....، كما حضرت مفوض الشركة المدعي عليها وطلب أجلاً للرد ، فقررت الحكمة تأجيل نظر الدعوى إلى جلسة 2019/3/19م لتمكين الشركة المدعي عليها من الرد ، وفيها حضر محامي المدعية سالف الإشارة وحضر عن الشركة المدعي عليها كل من المحامي / .... والمحامي /...... وقدما مذكرة بالرد ، فقررت المحكمة التأجيل إلى جلسة 2019/3/26م لتمكين المدعية من التعقيب ، وفيها حضر عن المؤسسة المدعية المحامي /.... وحضر محاميا الشركة المدعي عليها سالفا الذكر ، فقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 2019/4/16م مع التصريح للمدعية بالتعقيب خلال أسبوع وللمدعي عليها التعقيب عليه خلال الأسبوع التالي ، وبتاريخ 2019/4/2م أودع محامي المدعية مذكرة بالتعقيب ، وفي 2019/4/9م أودع المحامي المدعي عليها مذكرة بالتعقيب ، وفي 2019/4/9م أودع محامي المدعي عليها مذكرة ختامية ، وفي جلسة اليوم ، صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به

المحكمة ... بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات ، وبعد إتمام المداولة ، وحيث تطلب المؤسسة المدعية الحكم بقبول الدعوى شكلاً ، وفي الموضوع ببطلان الحكم التحكيمي الصادر بتاريخ 2018/10/10م عن هيئة التحكيم المشكلة من الدكتور / .... (رئيساً) وعضوية كل من الدكتور / ...... والأستاذ / ...... .

وحيث إنه عن الدفع المقدم من الشركة المدعى عليها بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر دعوى البطلان الماثلة بعلة أن موضوع النزاع فيها لا يتعلق بعقد إداري ، فالثابت من مطالعة الأوراق أن العقد المبرم بين طرفي المنازعة إنما يتعلق بإنشاء مركز تقنية المعلومات بمنطقة الرسيل الصناعية ، وقد كانت الشركة المدعي عليها قد تقدمت بعطائها في شأن المناقصة المتعلقة بالمشروع المذكور إلى رئيس مجلس المناقصات في 2001/10/16م ، وبعد قبول عطائها وجهت إليها رسالة قبول العطاء رقم (AK\PP\2113\01) بتاريخ 2001/11/25م ، وتم بعد ذلك إبرام الاتفاقية بين الطرفين وتوقيعها من طرف المؤسسة (صاحبة العمل) بصفتها ممثلاً قانونياً مفوضاً بالنيابة عن حكومة سلطنة عمان من جهة ومن قبل شركة .... (المقاول) في شخص ممثلها القانوني ، وقد ثبت من نص الاتفاقية أن إرادة الطرفين إنما انعقدت على الإلتزام بطافة البنود المضمنة بوثائق العقد الموحد لإنشاء المباني والأعمال المدنية (الطبعة الرابعة) سبتمبر 1999م ، وهو ما يقطع بأن المنازعة خلافاً لما دفعت به الشركة المدعى عليها إنما يتعلق موضوعها بعقد إداري تتميز بنوده بعديد القواعد غير المألوفة في عقود القانون الخاص ، ويعزز ذلك ويظاهره أن 2016/2/18م على أن " لا حاجة لمشارطة التحكيم استناداً إلى نص المادة (67) من العقد الموحد" ، مما يفصح في جلاء عن تسليمه بأن العقد المبرم مبين الطرفين وإذ تمت صياغة بنوده وفقاً لبنود العقد النموذجي الموحد فذلك إنما يشكل قرينة قاطعة على طبيعته الإدارية مما مؤداه ولازمه أن يكون الاختصاص بنظر منازعة التحكيم المتعلقة به من نظر محكمة القضاء الإداري

وحيث أنه عن شكل الدعوى ، فإنه لما كان حكم التحكيم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 2018/10/30م ، وأقيمت دعوى البطلان عليه بتاريخ 2019/1/27م ، فإن هذه الدعوى تكون قد أقيمت خلال ميعاد التسعين يوماً المقرر قانوناً بالمادة (54) من قانون التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية ، وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية والإجرائية الأخرى ، فتكون مقبولة شكلاً

وحيث أنه عن موضوع الدعوى فتنص المادة (6 مكرراً) من قانون محكمة القضاء الإداري الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (99/91) والمضافة بالمرسوم السلطاني رقم (2009/3) على أن : "تسري أحكام قانون التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية على الخصومات المتعلقة بالعقود الإدارية ، ويكون الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها القانون المذكور إلى القضاء ، فيما يتعلق بالعقود الإدارية للدائرة الابتدائية أو للدائرة الاستئنافية أو لرئيس المحكمة بحسب الأحوال ".

وتنص المادة (15) من قانون التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (97/47) والمعدل بالمرسوم السلطاني رقم (2007/3م) على أنه

1- تشكل هيئة التحكيم باتفاق الطرفين من محكم واحد أو أكثر ، فإذا لم يتفقا على عدد المحكمين كان العدد ثلاثة

2- إذا تعدد المحكمون وجب أن يكون عددهم وتراً وإلا كان التحكيم باطلاً

وتنص المادة (52) على أنه

1- لا تقبل أحكام التحكيم التي تصدر طبقاً لأحكام هذا القانون الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن المقررة قانوناً

2- يجوز رفع دعوى بطلان حكم التحكيم وفقاً للأحكام المبينة في المادتين الآتيتين

وتنص مادته (53) على أنه

1- لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال الآتية

أ - إذا لم يوجد اتفاق تحكيم أو كان هذا الاتفاق باطلاً أو قابلاً للإبطال أو سقط بانتهاء مدته

ب- إذا كان أحد طرفي التحكيم وقت إبرامه فاقد الأهلية أو ناقصها وفقاً للقانون الذي يحكم أهليته

ج- إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلاناً صحيحاً بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته

د- إذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع

هـ - إذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين على وجه مخالف للقانون أو لاتفاق الطرفين

و- إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود هذا الاتفاق ، ومع ذلك إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فلا يقع البطلان إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها .

ز - إذا وقع بطلان في حكم التحكيم ، أو كانت إجراءات التحكيم باطلة بطلاناً أثر في الحكم .

2- تقضي المحكمة التي تنظر دعوى البطلان من تلقاء نفسها ببطلان حكم التحكيم إذا تضمن ما يخالف النظام العام في سلطنة عمان

كما تنص مادته (54) على أن

1- ترفع دعوى البطلان حكم التحكيم خلال التسعين يوماً التالية لتاريخ إعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه ، ولا يحول دون قبول دعوى البطلان نزول مدعي البطلان عن حقه في رفعها قبل صدور حكم التحكيم

2- تختص بدعوى البطلان محكمة الاستئناف المختصة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون

وحيث أن مفاد ذلك أن حكم التحكيم الصادر في منازعات العقود الإدارية لا يقبل الطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن العادية وغير العادية ، ذلك أن اللجوء إلى التحكيم الاختياري يقوم في نشأته وإجراءاته وما يتولد عنه من قضاء على إرادة أطرافه التي تتراضى بحرياتها على اللجوء إليه كوسيلة لفض منازعاتهم بديلاً عن اللجوء إلى القضاء ، وبالتالي فإنه احتراماً لهذه الإرادة واعترافاً بحجية حكم التحكيم ووجوب نفاذه من جهة ، ومواجهة الحالات التي يعتري فيها حكم التحكيم عوار ينال من مقوماته الأساسية كحكم ويدفعه إلى دائرة البطلان بمدارجه المختلفة من جهة أخرى ، أقام المشرع توازناً دقيقاً بين هذين البعدين من خلال السماح لطرفي التحكيم بإقامة دعوى البطلان الأصلية على حكم التحكيم بعد صدوره ، مستصحباً الطبيعة القضائية لهذا الحكم ، ليساوي بينه وبين أحكام المحاكم القضائية بصفة عامة من حيث إقامة دعوى بطلان أصلية عليها إذا توفر موجبها ، وذلك كله احتراماً للضمانات الأساسية في التقاضي وبما يؤدي في النهاية إلى إهدار أي حكم يفتقر أن " الحاجة تقدر بقدرها " ، ومن ثم يأتي المشرع في المادة (53) من قانون التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية المشار إليه ويقرر أن حالات بطلان حكم التحكيم محددة على سبيل الحصر لا يجوز القياس عليها أو التوسع في تفسيرها نسبياً ، وهي الحلات التي يتعين أن يثيرها الطاعن أمام المحكمة التي يتسنى لها التصدي بالفصل فيها ، وتشمل كافة الحالات الواردة في البند (1) من المادة المشار إليها ، والثاني : حالات يكون البطلان فيها مطلقاً ، وهي الحالات التي يجوز للمحكمة أن تثير البطلان من تلقاء ذاتها حتى ولو لم يدفع  به الطاعن ، وهي الحالة الواردة في البند (2) من ذات المادة المذكورة والمتعلقة ببطلان حكم التحكيم لمخالفه النظام العام في السلطنة

وحيث أن هذه المحكمة قد جري قضاؤها على أنها تختص بالفصل في دعوى بطلان الحكم الصادر في التحكيم كلما شاب هذا الحكم عيب جسيم يسمح باستهدافه بهذا الوجه من أوجه الطعن ، وأن هذا الطعن بالبطلان يشكل استثناء ، ويجب لذلك أن يقف عند الحالات المقررة قانوناً ، والتي تقوم في جوهرها على توفر الحكم وظيفته وتنتفي عنه صفة الأحكام ، ومن ذلك أن يصدر الحكم عن تشكيل غير مكتمل أو تنظره هيئة التحكيم دون أن تعلن الخصوم وتمكنهم من ممارسة حق الدفاع ، أما إذا اقتصر الطعن في أحكام التحكيم على مناقشة الأدلة التي استند إليها الحكم أو الخوض من جديد في موضوع الدعوى ، أو إثارة مسائل تتعلق بتأويل القانون وتطبيقه ، أو قام الطعن على مسائل موضوعية تندرج ضمن اجتهاد هيئة التحكيم ، فإن هذه الأسباب لا تمثل إهداراً للعدالة يفقد معها الحكم وظيفته ، وبالتالي لا تصمه بأي عيب ينحدر به إلى درجة الانعدام ، مما يجعل الطعن عليه بعد ذلك غير قائم على أساس سليم ويتعين الالتفات عنه

وحيث أنه بتطبيق ما تقدم على واقعات الدعوى الماثلة ، فالبين من الأوراق أم المؤسسة المدعية إنما شيدت طعتها بالبطلان بوجه أساس على نص البند (د) من المادة (53) من قانون التحكيم سالفة الذكر ، مدعية أن حكم التحكيم بمجاراته للخبير المنتدب وتطبيقه للكود العربي الموحد للتصميم على موضوع النزاع إنما يكون قد استبعد تطبيق القانون العماني الذي اتفق الأطراف على تطبيقه

وحيث أنه لا خلاف بين الطرفين أن الاتفاق قد تم بينهما في الجلسة الافتتاحية للتحكيم المنعقدة بتاريخ 2016/2/18م على أن يكون القانون العماني هو المنطبق على النزاع

وحيث تنص المادة (7) من الأمر المحلي رقم (23) لسنة 1992م الصادر في 1992/4/13م في شأن تنظيم المباني بمسقط على أنه : " يشترط عند إجراء الحسابات الإنشائية لجميع المباني ، مهما كانت ارتفاعاتها ، إتباع أنظمة الممارسة القياسية الدولية المعترف بها شريطة مراعاة استعمال الضغط الأردني من سلسلة الإجهادات والضغوط في حسابات الأساسات ". 

وتنص المادة (8) من ذات الأمر المحلي على أنه :" يشترط في المواد المستعملة في أعمال التشييد في أي بناء جديد ، أو إضافة أو تعديل المبنى قائم ، أن تكون ذات جودة عالية وتتفق مع أنظمة الممارسة الدولية والمحلية المعترف بها في سلطنة عمان". 

وحيث إنه خلافاً لما تمسك به وكيل الشركة المدعي عليها من تأكيد على أن الكود العربي الموحد وإن تم الاستناد إله من قبل هيئة التحكيم ، فذلك إنما تم باعتباره مجرد دليل استرشادي فقط ، فقد وجب التنويه ابتداء إلى أن القواعد المعمول بها في المجال العماري ، وخاصة ما تعلق بها بمجال تصميم وتنفيذ منشآت البناء ، إنما يغلب عليها البعد الفني والهندسي ، وهي بالنظر إلى الأهداف الحمائية المنشودة من وراء إقرارها وأخذاً في الاعتبار أن إقرارها إنما يتم في ضوء مقتضيات الواقع المحلي لأراضي السلطنة ( جيولوجياً وجغرافياً وبيئياً) ، فتلك القواعد الفنية الهندسية وإذ تصل أحكامها إلى حد تحديد مواصفات المواد المستعملة في العمليات الإنشائية ، وتحديد جدول حسابات لكل من الأساسات والأعمدة والجسور وغيرها فإن مجموعها إنما جرى العمل على إدراجها في مرجع واحد يعرف بمسمى " كود تصميم المباني " ، ومقتضى كل ذلك ولازمة إنما يقتضي التعامل مع جميع تلك القواعد بوصفها قواعد قانونية ملزمة ، سواء صدرت في شكل تشريعات أم تعليمات أم كودات أم غيرها ، ومن ثم واستناداً إلى تعدد الكودات الجاري بها العمل في العالم ، فإن الكود واجب التطبيق على واقعات المنازعة الماثلة كمرجع معتمد في القانون العماني إنما يتعين أن يكون منحصراً في الكود الذي تقر الجهة الإدارية المختصة (بلدية مسقط في الحالة الماثلة) بأنه واجب الاعتماد

وحيث أكد مدير إدارة تراخيص البناء ببلدية مسقط في خطابه رقم (ب م / ش ف /7128/18/8) بتاريخ 2018/10/9 ما نصه : " ... نتيجة لعدم وجود كود محلي خاص بالتصميم الإنشائي وسلامة المباني ، ... فقد ارتأت الإدارة ... تطبيق عدد من الكودات العالمية المعترف بها دولياً على نطاق واسع  .... لحين صدور كود محلي ملزم في هذا المجال ، مع وجوب الأخذ في الاعتبار عند تطبيق هذه الكودات مراعاة عدد من المتطلبات الفنية الخاصة بالموقع كتفصيل الأحمال وسرعة الرياح والمنطقة الزلزالية في المحافظة ، وكذلك اعتبار متطلبات الجهات المعنية الأخرى ، ومن هذا المنطلق تصدر الإدارة تعاميم ودوريات منظمة للمهنة للمكاتب الاستشارية الهندسية في هذا الشأن .... وتشمل هذه الكودات : الكود البريطاني والكود الأوروبي والكود الأمريكي ،....... ، أما عن الكود العربي الموحد ، فحسب علمنا أنه لم يتم استخدامه في تصاميم المباني سابقاً".

وحيث يبين من مطالعة حكم التحكيم المطعون فيه بالبطلان أنه تضمن في الصفحة (53) منه ما نصه : " ثبت لهيئة التحكيم أن الجهة التي أعدت التصميم الإنشائي للأعمدة في المباني قد ارتكبت أخطاء تصميمه تمثلت في مخالفة العقد ومخالفة الكود العربي الذي يعتبر كوداً ملزماً في سلطنة عمان ، ... وثبت لهيئة التحكيم أن التصميم المبني محل الدعوى قد خالف أحكام الكود العربي في عدة أمور جوهرية هي :

وحيث يتجلى مما سلف تفصيله أن هيئة التحكيم اقتصرت على مجاراة الخبير المنتدب في تأكيدها على إلزامية " الكود العربي الموحد " وانطباقه على موضوع النزاع ، دون أن تستوثق مسبقاً من مدى صحة تطبيق هذا الكود لدى الجهات الإدارية المختصة بالترخيص والرقابة في مجال إنشاء المباني ، ومن ثم ولما  كان الثابت من إفادة بلديه مسقط المشار إليها أن الكود العربي ليس مطابقاً في سلطنة عمان ، فتكون هيئة التحكيم بذلك قد وقعت في ما هو محظور عليها ، واستبعدت دون وجه حق تطبيق الكودات الدولية المعمول بها ببلدية مسقط التي راجعت خرائط وتصاميم المبنى محل هذه الدعوى ، والتي أكدت - حسب إفادة الجهة المختصة بها سالفة الذكر ، أن تلك الكودات تعد وحدها المرجع المعتمد في القانون العماني المتفق على تطبيقه بين طرفي منازعة التحكيم ، الأمر الذي تتحقق معه إحدى حالات البطلان المقررة قانوناً في حكم التحكيم الماثل ، وهي الحالة الواردة بالفقرة (د) من المادة (53) سالفة الذكر ، وهو ما يتعين معه القضاء ببطلان حكم التحكيم المطعون عليه اكتفاء بتلك الحالة ، دون حاجة لبحث باقي أوجه البطلان الأخرى المدعى بها

وحيث أن من يخسر الدعوى يلزم مصاريفها عملاً بحكم المادة (183) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (2002/29) . 

فلهذه الأسباب ... حكمت المحكمة : بقبول الدعوى شكلاً ، وفي الموضوع ببطلان حكم التحكيم وألزمت الشركة المدعى عليها المصاريف

وعلى ذلك يتوجب على هيئات التحكيم بحث التقرير في ضوء القوانين المعمول بها وفي إطار المسألة الفنية محل النزاع وألا تكتفي بمجرد اعتماد التقرير ومسايرته دون الرجوع لما هو مطبق قانوناً في الدولة التي يقع بها محل النزاع حتى لا يتعرض حكمها للبطلان

(112)