الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اسباب بطلان حكم التحكيم / الكتب / بطلان حكم التحكيم / حالات البطلان المتعلقة باتفاق التحكيم

  • الاسم

    د. خالد أحمد حسن
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    666
  • رقم الصفحة

    231

التفاصيل طباعة نسخ

حيث تنص المادة 53 من قانون التحكيم المصرى رقم ۲۷ لسنة ۱۹۹4، على الحالات المتعلقة باتفاق التحكيم ، والتي يمكن إذا توافرت إحداها علی الاقل ، كان حكم التحكيم باطلا ، وذلك على النحو الآتي :۔

أ- إذا لم يوجد اتفاق تحكيم ، أو كان هذا الاتفاق باطلا ، أو قابلا الأبطال ، أو سقط بانتهاء مدته .

ومما له فائدة من ذكره في هذا المقام ، أن العقد ، يكون باطلا بطلانا مطلقا ، في حالة عدم توافر ركن من أركانه ، بالإضافة إلى ركن الكتابة بالنسبة للعقود الشكلية - ومنها اتفاق التحكيم - والتسليم بالنسبة للعقود العينية ، أي أن العقد الباطل ، لا وجود له من الناحية القانونية ، فهو معدوم أمام القانون ، وبالتالي لا ينتج أية آثار قانونية . وهو يتصف بهذه الصفة بأثر رجع أي منذ إبرامه ، وهذا لا يستقيم مطلقا مع نص المادة 5۳/أ ، التي نصت على جواز رفع دعوى بطلان حكم التحكيم ، إذا لم يوجد اتفاق التحكيم أو كان الاتفاق باطلا ، إذن كون الاتفاق باطلا هو مجرد تكرار لحالة عدم وجود اتفاق التحكيم . أما العقد القابل للإبطال فيتصف بهذه الصفة ، إذا لم توافر شروط صحة التراضي وهي الأهلية وسلامة الإرادة من العيوب .

ويلاحظ أيضا على هذا النص أنه يتضی بسقوط اتفاق التحكيم ويرتب على ذلك بطلان حكم التحكيم . وهو يبدو محل نظر ، ذلك أن سقوط اتفاق التحكيم معناه أن إرادة الأطراف في ولوج طريق التحكيم لم تعد موجودة من الناحية القانونية ، ومن ثم يندرج هذا السبب أيضا تحت مسمى البطلان ، أو عدم الوجود ، كما سبق أن ذكرنا.

ب- إذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقدا الأهلية أو مناقصها وفقا للقانون الذي يحكم أهليته .

أما مسالة الأهلية فإنها تندرج تحت القابلية للإبطال المنصوص عليها في الفترة السابقة ولكن مشرع التحكيم المصري تغاضى عن ذلك - ولا تعرف ماهيا أم متعمدا - وأفرد لها فقرة مستقلة بذاتها وهي الفقرة 53/ ب.

ج- إذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون ، الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع .

 د- إذا فصل حكم التحكيم ، في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم ، أو جاوز حدود هذا الاتفاق .

بقيت ملاحظة على نص الفقرة الأخيرة حيث يبطل وفقا لها اتفاق التحكيم ، إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم ، أو جاوز حدود هذا الاتفاق ، أليس معنى أن حكم التحكيم فصل فی مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود هذا الاتفاق ، أن إرادة الأطراف ، لم تتجه إلى ولوج طريق التحكيم بصددها ، أي أن إرادتهم غير موجودة ، وبالتالي يكون اتفاق التحكيم باهللا . وبناء على ذلك ، فإن هذه الحالة ، تندرج أيضا تحت الحالة الأولى من حالات بطلان حكم التحكيم وهي إذا لم يوجد اتفاق تحكيم.

أما عن الموقف بالنسبة لقانون التحكيم الإنجليزي الجديد الصادر سنة 1996، فنجد أنه ، قد عالج هذا الموضوع ، علاجا مختلفا عن قانون التحكيم المصري ، حيث تقضى المادة ( ۲/۹۸ب) ببطلان اتفاق التحكيم ، إذا تجاوزت هيئة التحكيم المهمة الموكولة إليها . كما تقضي الفقرة (۲/د) من نفس المادة ببطلان اتفاق التحكيم ، إذا لم تفصل هيئة التحكيم في كل الطلبات المعروضة عليها .

عدم وجود اتفاق تحكيم:

يعد عدم وجود اتفاق التحكيم أحد أهم أسباب بطلان حكم التحكيم ، فأكثر من 80% من قضايا التحكيم، يدفع فيها ببطلان حكم التحكيم لعدم وجود اتفاق تحكيم ، وهذا السبب قد يتمثل في قيام الطرف بالادعاء بان اتفاق التحكيم لا يسرى عليه ، أو إذا وجد اتفاق تحكيم لكنه فسخ أو انتهت مدته. وبعبارة أخرى أن إرادته لم تتجه لإبرام اتفاق التحكيم .

ويتسليط الضوء على موقف القوانين من هذه المسألة ، نجد أن بعضها تنص صراحة على بطلان حكم التحكيم في حالة عدم وجود اتفاق التحكيم ، مثال ذلك نص المادة 1/53 من قانون التحكيم المصري والمادة ۱/۱۳۸4 من قانون التحكيم الفرنسي المتعلق بالتحكيم الوطني والمادة 1/۱5۰۲ من قانون التحكيم الفرنسي المتعلق بالتحكيم الدولي والمادة

3/أ /۲/34 من قانون اليونسيترال الثمونجی ، أما القوانين الأخرى ، فيمكن إدراج عدم وجود اتفاق التحكيم كسبب من أسباب بطلان حكم التحكيم تحت مسألة عدم الاختصاص بحيث إذا قضت هيئة التحكيم باختصاصها رغم عدم وجود اتفاق تحكيم ، فإنه يجوز النعي على حكم التحكيم بالبطلان ، مثال ذلك المادة 4 4/۱۷۰ من قانون الإجراءات المدنية البلجيكي والمادة 4/۸9 من قانون الإجراءات المدنية اليوناني والمادة ۲/۹۸/ب من القانون الإنجليزي الصادر سنة 1996والمادة ۲/۱۹۰/ب من القانون الفيدرالي السويسرى.

. . ويمكن القول بعدم وجود اتفاق تحكيم في حالة عدم وجود التراضی وهذا ما سوف أتناوله في هذا المبحث في مطلب أول ، كما يعد اتفاق التحكيم غیر موجود في حالة عدم توافر شروط محل اتفاق التحكيم وسأتكلم فيها عن مسألة عدم القابلية للتحكيم وعدم تحديد موضوع النزاع وسقوط اتفاق التحكيم ومجاوزة حكم التحكيم حدود اتفاق التحكيم وهو ما سأخصص له المطلب الثاني ، كما يعد اتفاق التحكيم غير موجود إذا كان سببه غير مشروع وهو ما سأتناوله في المطلب الثالث ، كما أن اتفاق التحكيم يعد غير موجود في حالة وجود الكتابة حيث أصبحت الكتابة ركنة شكلية في اتفاق التحكيم وفقا للقانون المصري وبعض القوانين الأخرى ولم تعد مجرد وسيلة لإثباته.

عدم وجود التراضي يجب للقول بوجود اتفاق تحکیم موجود من الناحية القانونية ، فی حالة وجود إرادتين على الأقل متطابقتين تمام التطابق ، ومتجهتين إلى اختيار التحكيم وسيلة لحل ما نشا أو ما قد ينشأ بينهما من منازعات .

وفي هذا الصدد هناك حكم المحكمة النقض المصرية ذهبت فيه إلى أنه وإن أجاز المشرع في الفقرة ج من المادة 66 من القانون ۳۲ لسنة 66 الهيئات التحكيم أن تنظر أيضا في المنازعات ، التي تقع بين شركات القطاع العام وبين الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الاعتباريين وطنيين كانوا ، أو أجانب ، إلا أنها اشترطت قبول هؤلاء الأشخاص بعد وقوع النزاع إحالته إلى التحكيم ، وإذا كان من بين الخصوم .... الذي اختصم بوصفه ممثلا الشركة الملاحة التي تتبعها الباخرة وكانت الأوراق قد خلت مما يدل على أن هذه الشركة قد قبلت بعد وقوع النزاع إحالته إلى التحكيم فإنه لا يكون ثمة وجه للقول باختصاص هيئات التحكيم بنظر النزاع، ويكون النعي على الحكم بمخالفة القانون قائما على غير أساس»..

وقد قضت المحكمة أيضا ، بأن حمل سند الشحن اسم الشركة مستأجرة السفينة ، وذلك دون أية إشارة في السند نفسه إلى اسم الملاك ، لذا فإن إرادتهم لم تتجه لولوج طريق التحكيم - أثره في هذا الصدد - مسئولية الشركة المستأجرة وحدها قبل الغير.

كما كانت هناك قضية عرضت أمام القضاء الفرنسي تتعلق بتوريد مواد غذائية للحيوانات ولم تكن تصلح للاستهلاك أثيرت أمام محكمة بواتييه أيضا مسالة شرط التحكيم بالإحالة ، وأثيرت هذه المسألة نتيجة أن السيدة التي اشترت هذه المواد واسمها Durinner قد طالبت الشركة الموردة واسمها Negobcuirculf بالتعويض عن عدم صلاحية المواد الغذائية للاستهلاك الحيواني فقامت هذه الشركة بإدخال الشركة التي وردتها إليها وهی شركة Jouandin التي اختصمت بدورها الشركة الموردة لها وهي شركة Lucernex فقامت هذه الأخيرة بالتمسك بعدم اختصاص محكمة بواتييه لوجود إحالة إلى شرط التحكيم في وثيقة أخرى . ورفضت محكمة بواتييه إحالة الدعوى للتحكيم . ولم توافقها محكمة النقض الفرنسية في ذلك حيث قررت أنه كان ينبغي على تلك المحكمة أن تبحث مدى قبول الأطراف لشرط التحكيم بالإحالة حيث أنهم نفذوا كل ما جاء بالعقد المدرج به هذا الشرط .

وبناء على ذلك وانطلاقا من كون التحكيم استثاء من الأصل وهو ضياء العادي وليس العكس كما ذهب البعض أنفا . إذ لو كان العكس صحيحا لتغير وجه الرأي في الكثير من الأمثلة التي سنذكرها على عدم وجود اتفاق تحكيم لذا :

فإنه لا يوجد اتفاق تحكيم ، فيما أعتقد ، إذا اتفق الأطراف على إحالة الخلافات إلى التحكيم ، بينما يجب أن تحال المنازعات إلى القضاء العادي ، فما هو المعيار الذي يمكن بواسطته التفرقة بين الخلافات والمنازعات .

كما لا يوجد اتفاق تحكيم في حالة نص الأطراف ، على أنه يجوز إحالة المنازعات إلى التحكيم .

وقد يتفق الأطراف على اختصاص القضاء في حالة عدم نجاح التحكيم ، وفي هذه الحالة متى نقول أن التحكيم لم ينجح .

وقد يتفق الأطراف ، على إحالة المنازعات الفنية إلى خبراء ، بينما تحال المنازعات القانونية إلى التحكيم ، فما هو معيار التفرقة بين النوعين.

وإذا تضمن العقد بندا يقضي بأن المنازعات التي قد تنشأ عنه تحل عن طريق التحكيم ، وتضمن بندا أخر يقضي باختصاص القضاء العادي ، بالفصل فيها أيضا . فهنا يكون المختص الأصل ، والذي يتمثل في القضاء العادي.

وإذا نص الأطراف على حل ما قد ينشأ من منازعات عن طريق التحكيم ثم القضاء فهنا يمكن القول بان لفظ (ثم) يفيد الترتيب ، وبالتالي إذا

لجا أحدهم إلى التحكيم ، فلا يستطيع الطرف الأخر ، أن يدفع بعدم وجود اتفاق تحكيم ، وإذا لجا أحدهما إلى القضاء أولا ، فيستطيع الطرف الآخر، أن ينفع بعلم ولاية القضاء لنظر النزاع.

وإذا نص شرط التحكيم على كل ما قد ينشأ من منازعات بین الأطراف عن طريق القضاء والتحكيم . فهنا لا يمكن القول بوجود اتفاق تحكيم ، هذا فضلا عن أننا قد نجابه بمشكلة أخرى نتيجة سوء الصياغة ، إذ قد يلجا أحد الأطراف إلى القضاء ، بينما يلجا الآخر إلى التحكيم .

وإذا اتفق الأطراف على حل ما قد ينشأ بينهما من منازعات عن طريق القضاء أو التحكيم ، ولجا أحدهما إلى التحكيم ، فإن الطرف الأخر يستطيع الدفع بعدم وجود اتفاق تحكيم ، نظرا لأن حرف أو يفيد من الناحية اللغوية التخيير على قدم المساواة). لكن قد نجابه هنا أيضا بمشكلة نتيجة سوء الصياغة ، وهي لجوء أحد الأطراف إلى التحكيم ، بينما يلجا الطرف الأخر إلى القضاء .

ولا يعد تخليا عن ولوج طريق التحكيم ، قيام أحد الأطراف بالرغم من الاتفاق على التحكيم ، باللجوء إلى القضاء العادي ، لكي يصدر أمر بإجراء مؤقت أو تحفظي ، لذلك لا يستطيع الطرف الأخر رفع النزاع أمام القضاء والادعاء بتخلي الطرف الأخر عن اللجوء إلى التحكيم.

كما يجب على المحكمة إذا انصرفت إرادة الأطراف إلى الالتزام باتفاق تحكيم معين ألا تلزم الأطراف باتفاق تحكيم أخر في هذا الأمر .

وعلى ذلك قضى بأنه لما كان شرط التحكيم ، الذي أحال إليه سند الشحن في البند العاشر منه ، نص على أن يكون مقر التحكيم في لندن ، فإن هذا الشرط هو الذي يجب إعماله دون الشرط الوارد في مشارطة إيجار السفينة ، الذي يقضي بعرض النزاع على هيئة التحكيم بنيويورك ، لأن الإحالة الواردة في سند الشحن إلى الشروط الواردة في تلك المشارطة ، إنما تكون فيما لم يرد بشأنه نص خاص بسند الشحن . ومن ثم يكون الحكم ، قد أخطأ ، حين اعتد بشرط التحكيم الوارد بمشارطة الإيجار ، دون الشرط الوارد بسند الشحن.

ولا يفوتنا ذكر أن حكم التحكيم يكون باطلا ، إذا اتجهت إرادة الأطراف الحل المنازعات التي نشات ، أو يمكن أن نتشا عن طريق التحكيم، وفقا لنظام هيئة أو منظمة أو مركز معنی بالتحكيم - مثال ذلك محكمة تحكيم لندن للتحكيم الدولى -، ولما نشب النزاع بين الأطراف ، قام أحد أطراف النزاع ، بتقديم طلب تحكيم إلى هيئة أخرى - ولتكن مثلا غرفة التجارة الدولية بباريس - قامت بالفصل في النزاع رغما عن إرادة باقي الأطراف.

ويثار سؤال أيضا في هذا المقام وهو هل يمكن القول بعدم وجود اتفاق تحكيم ، إذا اتفق الأطراف على إجراء التحكيم في ظل قانون ما ، كان قد ألغي قبل إبرام اتفاق التحكيم بينهما ؟.

أجابت على هذا السؤال محكمة استئناف القاهرة بالنفي ، وذلك بقولها وحيث أنه عن النعي بعدم وجود اتفاق تحكيم ، فإنه لما كانت المادة ۳۲ من عقد المقاولة المؤرخ في ۹۷/۷/۸ قد نص على أن أي نزاع .... يتم الفصل فيه نهائيا عن طريق هيئة ثلاثية للتحكيم طبقا للأحكام الواردة في القانون رقم ۷۱/۶۰ في شان التحكيم في منازعات الشركات ، ومفاد ذلك رضاء طرفا العقد بتسوية ما قد ينشا بينهما من نزاع عن طريق التحكيم دون غيره ، أما النص على إجراء التحكيم طبقا للأحكام الواردة في قانون ملغی فإنه لا ينفي اتفاق الطرفين على اختيار التحكيم دون اللجوء للقضاء العادي ، وتعتبر الإحالة على قواعد قانون ملغ إحالة على هذه القواعد بحسبانها قواعد اتفاقية . وأيا كان وجه الرأي في قابلية هذه الإحالة للتطبيق في الواقع، فإن الطرفين قد أكد اتفاقهما على اختيار التحكيم لفض ما بينهما من نزاع بان قامت الشركة المدعية بالرد على طلب التحكيم المعلن إليها من المدعى عليها ۲۰۰۰/۱۰/۳۰ بتعيين محكم من قبلها للاشتراك مع المحكم المسمى من قبل المدعي عليها في اختيار المحكم الثالث وبموجب اتفاق والصلح المؤرخ ۲۰۰۲/۱/۹ أقرت الشركة المدعية اختيارها المهندس محمد أيهاب أبو زهرة محكما من قبلها ليقوم بالاشتراك مع المحكم المسمى من قبل المدعى عليها باختياره والاتفاق على المحكم الثالث والسير في إجراءات التحكيم طبقا للقانون وذلك عند التعاقد وعندما عقدت هيئة التحكيم التي تم تشكيلها طبقا للاتفاق المتقدم بيانه جلستها بتاریخ ۲۰۰۲/۵/۷ حضر المهندس زكريا حامد شمس بصفته الممثل القانوني للشركة المدعية وأثبت في المحضر الاتفاق على أن موضوع النزاع : تنظر هيئة التحكيم الدعوى المرفوعة من الشركة المحكمة بخصوص عقد مقاولة توريد المواد واتمام تنفيذ الأعمال الاعتيادية والطرق وملحقاتها المحرر في يوم الثلاثاء الموافق ۹۷/۷/8 بين المحتكم والمحتكم ضده . أما عن القانون الواجب التطبيق على الإجراءات فهو قانون التحكيم المصرى رقم ۲۷ لسنة 94 وهذا الاتفاق مكمل لشرط التحكيم الوارد في المادة ۳۲ من عقد المقاولة وعقد الاتفاق والصلح سالني الإشارة . وأخيرا فإن الشركة المدعية قد مثلت بجلسات التحكيم وأبدت دفاعها وطلباتها أمام هيئة التحكيم حتى أصدرت هذه الأخيرة حكمها الطعن في ۲۰۰۳/۲/۲ دون أن يبدو منها (أى المدعية) أي بادرة تفيد اعتراضها ، سواء على وجود اتفاق تحكيم صحيح بين الطرفين على التحكيم أم على انطباق قانون التحكيم رقم ۲۷ لسنة 94 على إجراءاته ، بل إن الممثل القانوني للشركة المدعية ، قد وافق على تطبيق هذا القانون على إجراءات التحكيم ، أخيرا، فإن المدعية لم تتمسك طوال الإجراءات باية دفوع ، تتعلق بعدم وجود اتفاق تحكيم ، أو بطلانه ، ولم تقدم أية اعتراضات ، سواء على اتفاق التحكيم أم إجراءاته.

 التوقيع على وثيقة المهمة :

والسؤال المطروح الآن بعد ما تقدم ذكره هل مجرد توقيع الطرف على وثيقة المهمة ، يعد في ذاته بمثابة اتجاه الإرادة هذا الطرف إلى الدخول في اتفاق تحكيم ؟.

وقبل أن نجيب على هذا السؤال ينبغي أن نحدد ماهية وثيقة المهمة.

ووثيقة المهمة منصوص عليها في المادة 13 من لائحة غرفة التجارة الدولية بباريس والتي تنص :

١- يقوم المحكم قبل البدء في تحضير القضية ، بوضع وثيقة تحدد مهمته على اساس المستندات المقدمة ، أو في حضور الأطراف ، وعلى ضوء أقوالها الأخيرة ، تشمل الوثيقة ، بصفة خاصة على البيانات الأتية :

 أ- أسماء وألقاب وصفات الأطراف.

 ب- عناوين الأطراف التي يجوز أن توجه إليها ، بصورة صحيحة، جميع التبليغات والإعلانات أثناء سير التحكيم .

ج- عرض موجز لادعاءات الأطراف.

 د - تحديد نقاط النزاع الواجب الفصل فيها .

 ه- اسم المحكم ولقبه وصفته وعنوانه .

 و- مكان التحكيم .

 ز- الإيضاحات المتعلقة بالقواعد الواجبة التطبيق على الإجراءات ، إذا دعا الأمر الإشارة إلى تقويض المحكم في الصلح .

ح-  أية بيانات أخرى مطلوبة ليصبح الحكم قابلا للتنفيذ قانونا أو تراها هيئة التحكيم أو المحكم مفيدة .

۲- يجب على الأطراف وعلى المحكم أن يوقعوا على الوثيقة المبينة في الفترة من هذه المادة . وعلى المحكم خلال شهرين من تسلمه الملف أن يرافي هيئة التحكيم بالوثيقة موقعا عليها منه ومن الأطراف . وللهيئة بناء على طلب مسبب من المحكم أو من تلقاء نفسها ، عند الاقتضاء ، تحديد المهلة المذكورة إذا رأت ضرورة لذلك .

وإذا رفض أحد الأطراف المشاركة في وضع هذه الوثيقة أو توقيعها تبت هيئة التحكيم في أمر وثيقة المهمة للتصديق عليها متى تحقق لها توفر إحدى الحالات المنصوص عليها في الفترتين ۲ و ۳ من المادة 8 تحدد الهيئة عندئذ للطرف المتخلف مهلة لتوقيع الوثيقة المذكورة، تواصل بعد انقضانها إجراءات التحكيم ويصدر الحكم.

 وبعبارة أخرى تحول وثيقة المهمة دون أن يتربص كل طرف بالآخر ، حتى إذا أزمعت المحكمة إصدار الحكم ، فإذا بأحد الخصوم يظهر مستندا جديدا يعرقل به صدور الحكم .

وبعد ما تقدم ذكره يمكن القول ، بأن مجرد توقيع أي طرف علی وثيقة التحكيم ، لا يعد بمثابة اتجاه لإرادته لولوج طريق التحكيم . فهو يعد مجرد إجراء إداري ، لا أكثر ولا أقل). ويحبذ تحفظ هذا الطرف عند التوقيع ، مثبتا أنه ، بالرغم من توقيعه على وثيقة المهمة ، فإن إرادته لم تتجه لولوج طريق التحكيم . فقد يجد هذا الطرف أن من مصلحته ، بدلا من تجاهل عملية التحكيم ، أن يشارك فيها حتى يمكنه إثبات أن إرادته لم تتجه الولوج طريق التحكيم ، وبالإضافة إلى ذلك ، فقد يكون تحفظه على الوثيقة ، من شأنه أن يجنبه سريان اتفاق التحكيم عليه ، لأنه لا يضمن اتجاه هيئة التحكيم في هذا المقام .

أما عن موقف القضاء المصري الحالي ، فنجد أنه قد تغير عن ذی قبل تماما ويتضح من اتجاه محكمة النقض المصرية ، أنها قد اعتبرت أن الإحالة العامة المجهلة تعني عدم انصراف إرادة الأطراف إلى الالتزام بالتحكيم . أي أن هناك عدم وجود تحكيم ، وفي هذا الموقف الأخير تتفق مع كل من القضاء الإنجليزي والأمريكي ، وتختلف في ذلك عن القضاء الفرنسي كما سبق أن أوضحنا .

حيث ذهبت محكمة النقض المصرية إلى القول في النزاع بين شركة مصر للتأمين وشركة الإسكندرية للتوكيلات الملاحية (توكيل مينيس للملاحة) بصفتها وكيلة العبارة تزییلی ووكيلة ملاحيها ومجهزیها ومستاجريها ومستغليها بأنه من حيث أن هذا النعي سيد ذلك أن التحكيم على ما جرى به قضاء هذه المحكمة طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج عن طريق التقاضي العادية بما تكلنه من ضمانات ، وكان سند الشحن يمثل في الأصل دليل الشاحن أو المرسل إليه قبل الناقل ، فإنه يتعين أن يفرغ فيه كافة الشروط الخاصة بعملية النقل بحيث إذا ما اتفق بين طرفي عقد النقل على الالتجاء إلى التحكيم في أن ما يثور من منازعات يتعين أن ينص عليه صراحة في ذلك البند ولا محل للإحالة المجهلة في أمره بالنظر إلى خطورته إلى مشارطة ايجار السفينة وسيما أن الشاحن أو المرسل إليه لم يكن أيا منهما طرفا في تلك المشارطة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بالإحالة العامة المعماة الواردة في سند الشحن إلى كافة شروط أو بنود مشارطة ايجار السفينة والتي تضمنت في البند العشرين منها الاتفاق على التحكيم باعتبارها مندمجة في سند الشحن فإنه يكون قد شابه القصور في التسبيب ، جره إلى الخطأ في تطبيق القانون ، وتأويله، مما يوجب بالتالى نقضه .

موقف قضاء مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجارى الدولى :

 أما عن موقف قضاء مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجارى الدولى ، فنجد أنه جاء ، متوافقا ، مع ما استقرت عليه أخيرا محكمة النقض المصرية ، من عدم الاعتداد بالإحالة العامة المجهلة.

موقف قانون التحكيم المصري والإنجنیزی وفقا لنص المادة العاشرة من قانون التحكيم  المصری بيعتبر اتفاقا على التحكيم كل الحالة ترد في العقد على وثيقة تتضمن شرط تحكيم اذا كانت الاحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد. وهذا النمو وافق مع نص المادة  6/2 من قانون التحكيم الإنجليزي الجديد الصادر سنة 96 و التي تقضي بأن يمير نواف على التحكيم الإحالة إلى شرط تحكيم و به ، أو إلى وثية تعنين شريط نحكيم ، إذا كانت الإحالة واضحة في جعل شرط التحكيم جزءا من العقد.

 هل يجوز الاعتداد بالرضا الضمني في اتفاق التحكيم:

قد يكون التعبير عن الإراده في ولوج  طريق التحكيم صريحا - وهذا ما ينطبق على القضايا التي أشرنا إليها أنفا – و ذلك اذا كان بوسيلة من الوسائل المكونة بين الناس ، أي يكون هناك بلورة للارادة بأسلوب مباشر مثل القول ، او الكتابة، أو الإشارة أو باتخاذ موقع لا يدع مجالا للشك في حقيقة المقصود .

وقد يكون التعبير عن الإرادة في ولوج طريق التحكيم ضمنيا (الماده 9 من القانون المدني المصری) ، إذا كانت الوسيلة التي تبلورث بها ارادة ، لم توضع أصلا للكشف عنها ، فهي لا تتفق و المألوف بين الناس.

ويلاحظ أنه لا يوجد أدنى فرق بين التعبير الصريح ، التعبير الضمني ، إلا إذا تطلب القانون صدورها في صورة معينة ، أو حين يتفق الأطراف ، على ذلك (انظر المادة ۲/۹۰ من القانون المدني المصری) . وبناء على ذلك فقد تتشا علاقات متصلة بين شركتين ، ويبرمان بصدد هذه العلاقات عقدا يحوی شرط تحكيم ، ويحدث أن يبرمان عقدا من نفس نوعية العقد التي سبق قيامهما بإبرامه ، دون أن يحوی شرط تحكيم، فهنا يمكن القول بوجود اتفاق تحكيم ضمنی ، استنادا لتواتر العمل بينها على التحكيم .

وقد أكدت محكمة النقض الفرنسية على ذلك ، إلا إذا استبعد الطرفان شرط التحكيم في العقد الأخير صراحة.

وذهبت محكمة النقض الفرنسية في نزاع تتلخص وقائعه بان شركة port-proclex الرومانية مع شركة  lergeau الفرنسية على توريد لحوم مجمدة إليها في أكتوبر ۸۹ ونشب نزاع بينهماحول عدم كفاية خطابات الاعتماد المتفق عليها بينهما . وبعد ذلك ألت شركة كليرجو إلی شركة أخرى أسها FMT Produtions . وأثيرت أمام محكمة استئناف بواتييه مشكلة الإحالة إلى شرط تحكيم موجود في وثيقة أخرى وهل يعتبر الطرف الذي تلقى هذه الإحالة ملتزما بالشرط الذي أحيل إليه قضت محكمة بواتييه بأنه غير ملزم به بينما رفضت ذلك محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر بتاريخ ۱۹۹۷/۹/۳ . وقررت أنه في مسائل التحكيم الدولي يعتبر شرط التحكيم بالإحالة على مستند يشترط التحكيم ص حيحا ، إذا كان الطرف الذي يحتج به عليه ، قد علم به في لحظة انعقاد العقد، ويكفي سكوته للدلالة على هذه الإحالة .

مدى صلاحية السكوت للالتزام باتفاق التحكيم :

غني عن البيان أن هناك فارقا بين التعبير الضمني والسكوت فالتعبير الضمني يفترض سلوكا إيجابيا من الشخص ، يمكن أن يقطع في الدلالة على إرادته . أما السكوت ، فهو أمر سلبي ، لا يقترن بای مسلك أو موقف . بالإضافة إلى أنه لا يقترن بلفظ ، أو كتابة ، أو إشارة . ويترتب على ذلك أن السكوت ، لا يصلح كقاعدة للتعبير عن القبول ، امتثالا للقاعدة الواردة في الشريعة الإسلامية الغراء «أنه لا ينسب لساكت قول» .

وأبرز مثال على موضوع السكوت ، أنه قد يرسل أحد الطرفين إلى الأخر رسالة يعرض فيها التحكيم ، ويحدد ميعادا للرد على هذا العرض ، فإذا فات الميعاد دون أن يصل الرد ، فهل يعتبر سكوت المخاطب رضاء بالتحكيم ؟

وبالتالي يمكن القول بوجود اتفاق تحكيم ، ولا يجوز التنصل من القبول هنا.

- موقف القضاء المصري :

وقد جاء موقف محكمة النقض المصرية ، متفقا من الأحكام المشار . إليها أنفا في هذا المقام ، حيث ذهبت إلى القول بأن «استلام المرسل إليه سند الشحن دون اعتراض وقيامه بتنفيذ عقد النقل دون تحفظ يعد قرينة على القبول الضمني للشروط الواردة في سند الشحن ، سواء كانت شروطا عادية أم استثنائية ، بما في ذلك شروط التحكيم ، وذلك رغم عدم توقيع الشاحن على سند الشحن».

 مدى صلاحية الإرادة المفترضة للالتزام باتفاق التحكيم:

 أما الصورة الثالثة من صور الإرادة المفترضة وهي التي يتم تحديدها عن طريق ما كان يمكن أن يقصده المتعاقدان . فالمحكم لا يبحث

عن إرادة موجودة فعلا ، بل يترض على الأطراف إرادة غير موجودة ، و يقيمها على قرائن مستمدة من ظروف العقد .

۳- موقف قانون التحكيم المصري من صور الإرادة الثلاث :

وفقا لقانون التحكيم المصري (المادة ۱۲) يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا وإلا كان باطلا ، ولا يشترط توقيع الاتفاق من الأطراف ، لذا يمكن أن يكون واردا فيما تبادله الأطراف من رسائل أو برقيات أو غيرها من وسائل الاتصال المكتوبة.

ويتضح من هذا النص ، أنه لا يعتد بالإرادة الضمنية ، أو المفترضة بل بالإرادة الصريحة في صورتها المكتوبة ، دون غيرها من الصور المشار إليها آنفا ، إلا أنه يمكن القول ، بان النص يسرى أيضا في حالة السكوت ، إذا كانت هناك معاملات جارية بين الأطراف (الإرادة الضمنية) ، وكانت تتضمن عقودها شرطا تحکيميا .

وبعد ذلك يمكن القول ، بان قانون التحكيم المصري ، يرفض الإرادة المفترضة لولوج طريق التحكيم . ولا يعتد بالإرادة الضمنية ، إلا في الصورة المشار إليها آنفا فقط.

عدم توافر شروط محل اتفاق التحكيم:

يمكن القول بعدم توافر شروط محل اتفاق التحكيم في حالة عدم قابلية المسالة للخضوع للتحكيم ، وعدم تحديد موضوع النزاع ، وسقوط اتفاق التحكيم ، ومجاوزة حكم التحكيم حدود اتفاق التحكيم وهو ما س اتناوله على النحو الآتي :

أولا : عدم القابلية للتحكيم :

بداءة يمكن القول بأن مسألة القابلية أو عدم القابلية للتحكيم تخضع القانون التحكيم المصري ، إذا جرى التحكيم في مصر أو الخارج واتفق الأطراف على خضوعه لأحكام قانون التحكيم المصري ، وهذا واضح من نص المادة الأولى والعاشرة . أما أحكام التحكيم الأجنبية ويراد تنفيذها في مصر فيجب أن تكون صادرة في مسألة يجوز التحكيم فيها طبقا لقانون الجمهورية (المادة ۱۹۹ مرافعات) . وهذا ما تقضى به أيضا المادة ۱/۲/5 من اتفاقية نيويورك سنة 1958.

وإذا كانت معظم قوانين ومؤسسات التحكيم على مستوى العالم بل وكتابات الفقه تشجع على اللجوء إلى التحكيم لما فيه من مزايا وفوائد عديدة يتميز بها عن القضاء خاصة في مجال التجارة الدولية ، فهل معنى ذلك وضع كافة المسائل التي تخضع لقضاء المحاكم العادية تحت مظلة التحكيم بحيث تكون قابلة للتحكيم ؟

نجيب على ذلك بانه يجب اتخاذ موقفا وسطا بلا إفراط أو تفريط بمعنى ألا تجعل الدول كل المسائل التي تخضع للقضاء تخضع للتحكيم ولا أن تمنع التحكيم أو تفرط في وضع القيود أمام المسائل التي تقبل التحكيم في هذا الصدد بل تجعل أن الأصل هو الالتجاء إلى التحكيم والاستثناء هو الالتجاء إلى القضاء العادي). وهو ما يأخذ به قانون التحكيم المصري فيما أعتقد (المادة 1 والمادة 10 والمادة ۱۱) .

 تنص المادة الأولى من قانون التحكيم المصري على سريانه على كل تحكيم يجري في مصر أو كان تحكيما تجاريا دوليا يجري في الخارج أيا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع ولو كانت من قبيل منازعات العقود الإدارية . وهو ما يقضي به قانون التحكيم أيضا بمقتضی المادة ۱/۱۰ .

ووفقا لنص المادة 11 من قانون التحكيم المصري فإنه لا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح . وبعبارة أخرى مايجوز الصلح فيه يجوز التحكيم وما لا يجوز الصلح فيه لا يخضع للتحكيم .

 ولا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية ، أو بالنظام العام . لكن يجوز الصلح على المصالح المالية التي تترتب على الحالة الشخصية ، أو التي تشا عن ارتكاب إحدى الجرائم المادة 551 من القانون المدني المصری) .

ويهدف المشرع من عدم جواز التحكيم في المنازعات المتعلقة بالنظام العام ، أن تخضع لرقابة وإشراف القضاء العادي .

وتنص المادة ۲ من قانون التحكيم على أن « يكون التحكيم تجاريا في حكم هذا القانون إذا نشا النزاع حول علاقة قانونية ذات طابع اقتصادی، عقدية كانت أو غير عادية ، ويشمل ذلك على سبيل المثال توريد السلع أو الخدمات والوكالات التجارية وعقود التشييد والخبرة الهندسية أو الفنية ومنح التراخيص الصناعية والسياحية و غيرها ونقل التكنولوجيا والإستثمار وعقود التنمية وعمليات البنوك والتأمين والنقل وعمليات تنقيب واستخراج الثروات الطبيعية وتوريد الطاقة ومد أنابيب الغاز أو النفط ، وشق الطرق والأنفاق واستصلاح الأراضى الزراعية وحماية البيئة وإقامة المفاعلات النووية».

أما عن موقف قانون التحكيم الإنجليزي للتحكيم الصادر سنة 96، قاضي المادة الأولى منه بمراعاة القواعد المتعلقة بالنظام العام عند اللجوء إلى التحكيم ، كما تقضى المادة ۱/6 منه، بأن اتفاق التحكيم يشمل المنازعات سواء كانت عقدية أم غير عقدية ، ولا يعطي أمثلة على ذلك .