حددت المادة ٥٣ من قانون التحكيم بعض حالات مخالفة حكم التحكيم للقانون على سبيل الحصر ، واعتبرتها الأسباب الوحيدة لبطلان حكم التحكيم ، ويمكن رد أغلب تلك الأسباب إلى مخالفة القانون الإجرائي (قانون التحكيم في ذاته)،في حين تكاد تتلاشى الرقابة القضائية على تطبيق هيئة التحكيم لأحكام العقد محل النزاع والقانون الموضوعى واجب التطبيق.
تداخل أحكام المادة ٥٣ فقرة 1
1- برغم أن المادة ٥٣ فقرة 1 بند (أ) من قانون التحكيم قد قررت أن أحد أسباب بطلان حكم التحكيم هو صدوره رغم عدم وجود اتفاق تحكيم ، إلا أن المادة ٥٣ فقرة ١ بند (و) من قانون التحكيم اعتبرت احد صور عدم وجود اتفاق التحكيم ( وهى صورة عدم شمول اتفاق التحكيم للمسألة محل النزاع) سببا مستقلا لبطلان حكم التحكيم .
2 - برغم ان المادة ٥٣ فقرة 1 بند (أ) من قانون التحكيم قد قررت أن أحد أسباب بطلان حكم التحكيم هو صدوره استنادا إلى اتفاق تحكيم قابل للإبطال .
وبمطالعة أسباب بطلان حكم التحكيم يتضح ما يلى:
انه لا يجوز إقامة دعوى بطلان حكم التحكيم حتى اذا خالف الحكم القانون الموضوعى أو اخطأ في تطبيقه أو تفسيره إلا في حالة استثنائية نادرة يصعب إثباتها وهى حالة استبعاد القانون الموضوعي واجب التطبيق الذي اتفق عليه طرفا التحكيم .
مقارنة حالات بطلان حكم التحكيم
بحالات الطعن بالنقض والطعن امام المحكمة الإدارية العليا
يضاف إلى ما تقدم أنه بمقارنة المادة ٥٣ من قانون التحكيم بالمادة ٢٤٨ من قانون المرافعات والمادة ٢٣ من قانون مجلس الدولة يتضح ما يلى:
1- أن وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم يمثل الحالة السادسة لبطلان حكم التحكيم ، ويمثل ايضا الحالة الثانية للطعن بالنقض والطعن امام المحكمة الإدارية العليا .
2- أن استبعاد القانون واجب التطبيق الذي اتفق عليه طرفا التحكيم يمثل الحالة الرابعة لبطلان حكم التحكيم، ويدخل ضمن صور الحالة الأولى للطعن بالنقض والطعن امام المحكمة الإدارية العليا .
وتجدر الإشارة إلى أن المادة ٥٣ من قانون التحكيم لم تنص على باقي صور مخالفة القانون الموضوعي والخطأ في تفسيره أو تطبيقه ، والقضاء بما لم يطلبه الخصوم ، وتعارض حكم التحكيم مع الأحكام القضائية النهائية وأحكام التحكيم النهائية الأخرى الصادرة بين نفس الخصوم في ذات موضوع النزاع كأسباب لبطلان حكم التحكيم .
ضرورة الرقابة القضائية
على تطبيق حكم التحكيم للقانون الإجرائي والموضوعي
لكل ما تقدم أرى ضرورة وجود رقابة قضائية كاملة على تطبيق حكم التحكيم للقانون الإجرائي والموضوعي لأسباب عديدة منها :
1- أن أحكام التحكيم هي أحكام نهائية شأنها في ذلك شأن الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف أو محاكم القضاء الإدارى ، لذلك فهى في حاجة للخضوع للرقابة القضائية على تطبيق القانون الإجرائي والموضوعي لذات الأسباب التي يطعن فيها على الأحكام القضائية الصادرة من محاكم ثاني درجة .
2- أن حكم التحكيم يبدو أكثر قابلية للوقوع في الأخطاء القانونية عن الحكم القضائي الصادر من محكمة ثانى درجة نظرا لأنه يصدر من هيئة تحكيم لم يتطلب القانون في أعضائها أي معرفة أو خبرة أو ثقافة قانونية ، ومن ثم فإن حكم التحكيم أكثر حاجة إلى الرقابة القضائية على تطبيق القانون الإجرائي والموضوعي من باب اولى .
3- أن الغرض من التحكيم - بحسب الأصل - هو سرعة الفصل في النزاع وفقا لأحكام القانون الموضوعى وليس الفصل في النزاع وفقا للمزاج الشخصي لأعضاء هيئة التحكيم ، لذلك اذا حادت هيئة التحكيم عن التطبيق الصحيح للقانون الموضوعي ، جاز لكل من طرفي التحكيم اللجوء إلى القضاء بطلب تصحيح الخطأ الذي وقعت فيه هيئة التحكيم لأنها تكون بذلك قد خرجت عن حدود التفويض الذي منحه اياها طرفا التحكيم .
الاستثناء من الرقابة على تطبيق القانون الموضوعي
ويستثنى من الرقابة على تطبيق القانون الموضوعى حكم التحكيم الصادر من هيئة تحكيم مفوضة بالصلح أو بالحكم وفقا لقواعد العدالة والإنصاف نظرا لعدم التزامها بتطبيق أحكام أي قانون موضوعى .
الاقتراح
لكل ما تقدم اقترح تعديل المادة ٥٣ من قانون التحكيم بحيث تنظم أسباب الطعن على حكم التحكيم، وإضافة مخالفة القانون الموضوعي والخطأ في تفسيره وتطبيقه اذا كان التحكيم وفقا للقانون . والقضاء بما لم يطلبه الخصوم ، وتعارض حكم التحكيم مع أى حكم قضائى نهائى أو حكم تحكيم نهائی آخر صدر بين نفس الخصوم في ذات موضوع النزاع كأسباب جديدة للطعن على حكم التحكيم .
النص المقترح للمادة ٥٣
(۱) يجوز الطعن على حكم التحكيم بالطريق المبين بالمادة ٥٤ من هذا القانون في الأحوال الآتية:
(أ) اذا كانت هيئة التحكيم غير مختصة بنظر النزاع المعروض عليها سواء لعدم وجود اتفاق التحكيم أو عدم شموله لموضوع النزاع أو انعدامه أو بطلانه أو عدم نفاذه ، على أنه اذا لم يشمل اتفاق التحكيم المسائل التي فصل فيها حكم التحكيم وأمكن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل غير الخاضعة للتحكيم عن باقي أجزائه ، فلا يقع الإلغاء إلا على الأجزاء غير الخاضعة للتحكيم وحدها .
(ب) اذا وقع بطلان في حكم التحكيم ، أو كانت إجراءات التحكيم باطلة بطلانا أثر في الحكم، ويشمل ذلك بطلان تشكيل هيئة التحكيم .
(جـ) اذا تعذر على احد طرفي التحكيم إبداء دفاعه لسبب خارج عن إرادته.
(د) اذا كان حكم التحكيم مبنيا على مخالفة للقانون الموضوعي أو خطأ في تفسيره أو تطبيقه وكانت هيئة التحكيم غير مفوضة بالصلح أو بالحكم وفقا لقواعد العدالة والإنصاف ، ويشمل ذلك استبعاد حكم التحكيم للقانون الذي اتفق طرفا التحكيم على تطبيقه على موضوع النزاع .
(هـ) اذا قضى حكم التحكيم بما لم يطلبه الخصوم .
(و) اذا تعارض حكم التحكيم مع حكم قضائي نهائي أو مع حكم تحكيم نهائی آخر سبق صدوره بين نفس الخصوم في ذات موضوع النزاع .
(۲) واذا خالف حكم التحكيم النظام العام في جمهورية مصر العربية ، وجب على محكمة الطعن أن تقضى من تلقاء نفسها بالغاء حكم التحكيم ، على أنه اذا أمكن فصل أجزاء الحكم المخالفة للنظام العام عن باقي أجزائه ، فلا يقع الإلغاء إلا على الأجزاء المخالفة للنظام العام وحدها » .