الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اسباب بطلان حكم التحكيم / الكتب / التحكيم في القوانين العربية / أسباب ترجع للحكم 

  • الاسم

    د. أحمد ابو الوفاء
  • تاريخ النشر

  • اسم دار النشر

    منشأة المعارف بالأسكندرية
  • عدد الصفحات

    216
  • رقم الصفحة

    496

التفاصيل طباعة نسخ

أسباب ترجع للحكم 

أ - تجاوز الحكم مدة إصداره

تقضي بعض القوانين العربية بإمكانية بطلان حكم التحكيم إذا صدر خارج المدة المحددة لذلك في اتفاق التحكيم، وهو ما عبرت عنه بعض القوانين ، بالقول أن يصدر حكم التحكيم بناء على اتفاق أو وثيقة أو مشارطة سقطت بتجاوز الميعاد  . والمقصود بوثيقة أو مشارطة التحكيم في القانونين الإماراتي والقطري، اتفاق التحكيم عموماً كما هو الحال في النص اللبناني. أما القانون العراقي، فلم ينص صراحة على هذه الحالة، وإنما اكتفى بالقول في المادة (273) بأن من أسباب إبطال الحكم، خروج المحكم عن حدود الاتفاق ويشمل ذلك، بطبيعة الحال، المدة المحددة في الاتفاق لإصدار الحكم خلالها. ونرى بأن النصوص المعنية، تشمل كذلك المدة المحددة قانوناً، في حال عدم الاتفاق عليها لاتحاد العلة، بمعنى أن الحكم يكون قابلاً للإبطال إذا تجاوز المحكم مدة التحكيم المنصوص عليها في الاتفاق أو القانون ، ويستوي في ذلك أن يكون المحكم بالقانون أو بالصلح لا فرق في ذلك .

ومن جانب آخر إذا اشترط الاتفاق مدة للجوء أحد الطرفين للتحكيم، وهذه هي إحدى حالات الشروط المسبقة للتحكيم، وانقضت هذه المدة دون الذهاب للتحكيم، يكون الاتفاق قد سقط بتجاوز الميعاد. فإذا باشر أحد الطرفين التحكيم بعد انقضاء هذه المدة، واعترض الطرف الآخر على ذلك، إلا أن هيئة التحكيم رفضت اعتراضه واستمرت بالإجراءات إلى حين صدور الحكم، يكون هذا الحكم عرضة للبطلان .

أما في سوريا التي لا يعرف قانونها دعوى البطلان كما تقدم، فقد قضت المادة (520) بأنه يجب على المحكمين عند عدم اشتراط أجل للحكم، أن يحكموا في ظرف ثلاثة أشهر من تاريخ قبولهم التحكيم، وإلا جاز لكل واحد من الخصوم أن يطلب من المحكمة تعيين محكمين آخرين للحكم فيه. وكما ذكرنا نرى تطبيق هذا الحكم على مدة التحكيم المتفق عليها أو المحددة قانوناً لاتحاد العلة. ويترتب على ذلك القول أن ولاية المحكمين تنقضي بانقضاء هذه المدة، مما يعني عدم الاعتداد بالحكم الذي يصدر بعد ذلك. والواضح من المادة (520) ، أن اتفاق التحكيم لا يسقط في هذه الحالة، وإنما يبقى قائماً. غاية ما في الأمر أنه يجوز للأطراف اللجوء للقضاء لتعيين محكمين بدلاً من أولئك الذين انتهت ولايتهم. ومع ذلك، اتجهت محكمة النقض السورية في العديد من أحكامها إلى أن انتهاء أجل التحكيم دون حكم، يؤدي إلى زوال اختصاص المحكم بنظر النزاع بصورة تعود معها السلطة بالفصل فيه للقضاء صاحب الولاية العامة . 

إلا أن القضاء السوري اتجه في أحكام أخرى إلى التفرقة بين فرضين الأول: أن لا يكون اتفاق التحكيم نص على تعيين محكمين بأشخاصهم، أي لذاتهم وفي هذا الفرض، يبقى الاتفاق قائماً ، ويتوجب تعيين محكمين آخرين لنظر النزاع. الثاني: أن ينص الاتفاق على تعيين محكمين بعينهم دون سواهم . وعلى العكس من الفرض الأول، فإن اتفاق التحكيم يسقط هنا، ويعود الاختصاص بنظر النزاع للقضاء صاحب الولاية العامة . ومسألة ما إذا كان تعيين المحكمين في الاتفاق كان لعينهم أم لا ، هي مسألة تفسير لإرادة المتعاقدين، يؤخذ في تقديرها كافة الظروف المحيطة حسب القواعد العامة في التفسير.

وكما تقدم، نرى لغايات عملية، بعيداً عن الطقوس والشكليات، أن العبرة لتاريخ الحكم، هي لتاريخ النطق به إذا كان لذلك مقتضى أو توقيعه من المحكم ، أيهما يحدث أولاً، ولا عبرة من هذه الناحية لإيداعه في القوانين التي توجب مثل هذا الإيداع، ولا لوقت تسليمه للأطراف أو تبليغهم به

البطلان بسبب الحكم ذاته

تقضي بعض القوانين مثل الإمارات والبحرين وقطر، بأن من أسباب دعوى بطلان حكم التحكيم أن يكون الحكم بحد ذاته باطلاً. وينص القانون العراقي على بطلان الحكم في حالة وقوع خطأ جوهري فيه. ونرى أن ذلك يشمل في القوانين المذكورة، الحالة التي لا يشتمل فيها حكم التحكيم على أحد الشروط الشكلية، التي تطلبها القانون فيه وفق ما هو مبين سابقاً. والحكم في القانون اللبناني كان أكثر وضوحاً من هذه الناحية، حيث نص صراحة في المادة (5/800) على جواز إبطال الحكم إذا لم يشتمل على جميع بياناته الإلزامية، المتعلقة بمطالب الخصوم والأسباب والوسائل المؤيدة لها، وأسماء المحكمين وأسباب الحكم ومنطوقه وتاريخه وتوقيع المحكمين عليه. وحسب المادة (790) من القانون اللبناني، فإن هناك بيانات أخرى يجب أن يتضمنها الحكم، مثل مكان إصدار الحكم، وأسماء الخصوم وصفاتهم وأسماء وكلائهم. وبمقارنة النصين مع بعضهما ، يمكن القول أن البيانات الأخرى الواردة في المادة (790) ليست من البيانات الجوهرية، ولا يترتب على إغفالها قابلية الحكم للبطلان إلا أننا لا نؤيد ذلك بصورة مطلقة، ونرى إبطال الحكم في تلك البيانات، بالنسبة لأسماء الخصوم . أما البيانات الأخرى، وهي مكان إصدار الحكم وصفات الخصوم وأسماء وكلائهم فليس بالضرورة أن يتضمنها الحكم، ولا يكون بالتالي عرضة للبطلان في حال إغفالها أو إغفال أي منها. 

والقانون الليبي أيضا واضح بالنسبة لهذه المسألة، حيث نص في المادة (5/769) بأن من أسباب قابلية الحكم للبطلان، عدم اشتماله على البيانات المطلوبة في تحريره حسب المادة (760) . وعمومية النص في القانون الليبي، تشير إلى إبطال الحكم حتى لو كان أحد هذه البيانات ليس جوهرياً في الحكم مثل ذكر مكان التحكيم، وهو ما لا نؤيده

وقد يتضمن الحكم كافة بياناته الإلزامية بل وغيرها، ومع ذلك يكون عرضة للبطلان لذاته، كأن يكون متناقضاً مع بعضه البعض لدرجة مربكة ، أو يخالف فيه المحكم مخالفة صارخة أحكام القانون الواجب التطبيق، أو يخرج فيه المحكم بالصلح على قواعد العدالة والمنطق بشكل واضح، أو يقرر تطبيق قانون معين على النزاع، في حين يحكم وفقاً لقانون آخر مناقض تماماً للقانون الأول، أو يحكم المحكم على هواه وتعليل ذلك بأسباب واهية لا معنى لها ، أو يتضمن طلبات الخصوم بشكل غير صحيح كليا أو جزئياً مما ينعكس سلباً على منطوق الحكم، أو يكون حكمه مناقضاً تماماً للبينة المقدمة في الدعوى.

ويمكن القول أن هذه الأحوال ومثيلاتها ، تدخل ضمن عبارة "إذا وقع بطلان في الحكم الواردة في بعض القوانين مثل الإمارات والبحرين وقطر، أو ضمن الخطأ الجوهري في حكم التحكيم وفق ما هو منصوص عليه في القانون العراقي. ويمكن أيضاً إدخالها ضمن حالات البطلان في القانون اللبناني، تحت مخالفة إجراءات التقاضي الأساسية، ما دام أن الحكم هو الفصل الأخير من الإجراءات التي لا تنتهي انتهاء طبيعياً إلا بصدوره. ومن هذه الإجراءات الأساسية أن لا يتضمن الحكم ما يعيبه بصورة جوهرية، كما هو الحال في الأمثلة المذكورة.

ومن أسباب بطلان حكم التحكيم في بعض القوانين مثل الإمارات والبحرين وقطر، صدور الحكم من واحد أو أكثر من المحكمين في غيبة المحكمين الآخرين دون أن يكونوا مأذونين بذلك من قبل أولئك المحكمين. ونرى أن المقصود بذلك ليس المداولة التي تسبق الحكم، ولا صدور الحكم بالمعنى القانوني وتوقيعه إذ في هذه الأحوال، يجب أن يشارك جميع المحكمين بصرف النظر عن رأي بعضهم المخالف للآخرين. ولا بد من توقيع الحكم من الأغلبية إن لم يكن صدر بالإجماع على النحو المبين سابقاً . وإنما يقصد بذلك صدور الحكم مادياً والنطق به، إذا تقرر عقد جلسة تحكيم لهذا الغرض بعد توقيعه. في هذه الحالة، يجوز للمحكمين الاتفاق على قيام أحدهم أو بعضهم بحضور هذه الجلسة للنطق بالحكم، حتى ولو غاب الآخرون، بصرف النظر عن سبب غيابهم .