يقضي القانونان الإماراتي والقطري بقابلية الحكم للبطلان إذا كان المحكم قد خرج عن حدود الوثيقة". والمقصود بالوثيقة هنا، كما نرى اتفاق التحكيم سواء ورد في صيغة شرط تحكيم، أو في اتفاق منفصل عن العقد ، وسواء أبرم هذا الاتفاق قبل وقوع النزاع أو بعده وهو ما عبر عنه القانون البحريني بعبارة "خروج هيئة التحكيم عن اتفاق التحكيم الصحيح، وما عبّر عنه القانون الليبي في المادة (4/769) بقوله أن يصدر حكم المحكمين خارج نطاق الموضوع المحدد في مشارطة التحكيم، أو خرج عن حدود المشارطة...". ويأخذ القانون اللبناني بالحكم ذاته مع اختلاف الصياغة بقوله، أن من أسباب بطلان الحكم، خروج المحكم عن حدود المهمة المعينة له.
وخروج المحكم على اتفاق التحكيم قد يتعلق بالشكل أو الموضوع فمن حيث الشكل، يشمل ذلك بشكل خاص إجراءات التحكيم المتفق عليها بين الأطراف، بما فيها اتفاقهم على القانون المطبق على النزاع. ومن حيث الموضوع، يشمل ذلك بشكل خاص حالتين: فصل الحكم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم، وتجاوز المحكم لطلبات الخصوم . والمشرع في أغلب القوانين موضوع الدراسة، نص على مخالفة إجراءات التحكيم كحالة مستقلة من حالات قابلية الحكم للبطلان، سواء كانت هذه الإجراءات منصوص عليها في اتفاق التحكيم، أو القانون، أو تحددت بقرار من هيئة التحكيم. وهو ما سنبحثه في بند خاص بعد قليل. أما تجاوز الهيئة لاتفاق التحكيم كسبب من أسباب البطلان، فقد سبق وبينا ذلك عند البحث في اختصاص هيئة التحكيم، فنحيل له .
ونود أن نضيف هنا أنه من حالات تجاوز الهيئة لاختصاصها، حالة ما إذا حكمت الهيئة بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه. وهذه الحالة، تعتبر سبباً من أسباب إعادة المحاكمة، في قوانين الدول التي أجازت الطعن بأحكام التحكيم بهذا الطريق، كوسيلة مستقلة عن وسائل الطعن الأخرى مثل سوريا وقطر ولبنان وليبيا . أما في قوانين الدول التي اعتبرت إعادة المحاكمة من أسباب البطلان، فلا يجوز للطاعن طلب إعادة المحاكمة بدعوى مستقلة، وإنما يرفع دعوى لبطلان الحكم، ويستند في ذلك لأحد الأسباب المنصوص عليها في القانون لإعادة المحاكمة، ومن ذلك إعطاء الهيئة لأحد الخصوم شيئاً لم يطلبه أصلاً ، أو بأكثر مما طلبه . .