اختلف تقسيم أنواع البطلان ما بين الفقهاء، ورغم أن البطلان يؤدي إلى انعدام العقد ومعه يكون منطقياً بأن يكون البطلان درجة واحدة لا تقبل التدرج، حيث إن الانعدام لا يتخيل أن يكون هناك تفاوت فيه، إلا أن النظرية التقليدية قد اتجهت إلى تقسيم البطلان لتقسيم ثلاثي، من حيث الانعدام، البطلان المطلق، والبطلان النسبي وذلك على أساس أن للعقد أركان يجب توافرها ليتكون العقد بطريقة صحيحة.
ويرجع البطلان إلى اعتبارات شكلية أو موضوعية، ويبطل العقد شكلياً إذا لم يتوافر فيه ركن الشكل ويكون العقد باطلاً، ولما كان الشكل هو من صنع القانون فيكون باطلاً العقد الذي لا يستوفي الشكل الذي يتطلبه القانون، كما أن القانون يحدد الجزاء بالنسبة للعقد عند الإخلال بشكل العقد، فقد يجعل العقد الذي لم يستوف الشكل المطلوب باطلاً لا تلحقه الإجازة أو يسمح بإجازته كما في عقد الهبة الباطل شكلاً، كما يمكن للقانون أن يقبل أن يستكمل الشكل وأن يحتج به وفقاً لما ينص القانون.
ويبطل العقد موضوعياً إذا لم يتوافر فيه ركن من أركان العقد الثلاثة وهي الرضاء والمحل والسبب، فبغياب أي ركن من الأركان ثلاثة لا ينشأ العقد ويكون باطلاً، ويتمثل اختلال الركن بعدم توافره، فيشترط في الرضاء التمييز وتقابل الإيجاب والقبول وتطابقهما، كما يشترط في المحل الإمكان والتعيين والمشروعية، والسبب يشترط فيه المشروعية، فبتلك الشروط الخاصة للأركان لا يكتمل العقد إلا بها وباختلالها يكون العقد باطلاً. ويكون العقد الباطل منعدما طبيعة أو شرعاً، فلا يكون له آثار ويتيح القانون لكل ذي مصلحة التمسك ببطلانه، وتقضي المحكمة بالبطلان من تلقاء نفسها.
ويمكن تصحيح العقد الباطل من خلال انتقاص العقد، إذ يؤدي الانتقاص إلى استبعاد الجزء الباطل منه وبالتالي تصحيح العقد من البطلان، ومن ثم نتجنب من البطلان إلى أجزاء العقد الباقية وذلك بشرط ألا يكون الجزء الباطل جوهريا. فإذا اتجهت إرادة المتعاقدين أو أحدهما إلى أن الجزء الباطل من العقد ما كان العقد ليتم بدونه، عندها لا يكون للقاضي إنقاص العقد. فالواضح من نص المادة (143) من القانون المدني المصري، أن تصحيح العقد بانتقاصه، ببتر الجزء الباطل مقيد بقيد هو ألا يكون الجزء الباطل من العقد هو الدافع إلى التعاقد، فلا يمكن تصحيح العقد الباطل، إذا أثبت من يدعي البطلان الكلي، أن الجزء الباطل هو الدافع إلى التعاقد. وفي كل الأحوال يجب أن يتضمن الجزء الصحيح المتبقي من العقد، العناصر اللازمة لوجود العقد. من جهة أخرى، يجب ألا يؤدي انتقاص جزء من العقد إلى تغيير في وصفه القانوني، أي ألا يؤدي إلى تغيير في نوعه وطبيعته، فإذا كان العقد بعد انتقاص الجزء الباطل منه، قد أصبح نوعاً آخر غير الذي كان ينتمي إليه قبل الانتقاص فعندها لا نكون أمام تصحيح للعقد الباطل بانتقاصه وإنما نكون أمام تحول للعقد الباطل إلى عقد آخر. ومن أبرز حالات التطبيق المفيد لتصحيح العقد الباطل بانتقاصه، حالة اقتران العقد بشرط باطل سواء كان شرطاً تعليقياً أو كان شرطاً تقييدياً.
وقضت محكمة النقض بأن "مفاد نص المادة 143 من القانون المدني .على ما جرى به قضاء محكمة النقض – أنه إذا لحق البطلان شقاً من عقد ولم يقدم من يدعي بطلان العقد كله الدليل على أن الشق الباطل لا ينفصل عن جملة التعاقد فإن ما بقي من العقد يظل صحيحاً ويقتصر البطلان على الشق الباطل وحده وهو ما يعرف بانتقاص العقد ويستوي في ذلك أن يكون البطلان الذي لحق بهذا الشق مطلقاً أم نسبياً ويدخل في نطاق قاعدة انتقاص العقد - تلك – ما يشترط فيه القانون أن يقف عند رقم محدد على أن ينقص ما يزيد على هذا الرقم. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الورثة المطعون ضدهم ادعوا ببطلان عقود استغلال المصنفات الفنية التي أبرموها ومورثهم مع الشركة الطاعنة لعدم تحديد مدة الاستغلال بها إلا أنهم لم يقدموا الدليل على أن إرادتهم أو إرادة مورثهم قد انصرفت إلى إبرام تلك العقود بقصد تأييد مدتها وأنهم أو مورثهم ما كانوا يرتضون إبرامها لو كانت مدتها محددة بما لا يجاوز مدة الحماية القانونية المنصوص عليها في المادة ٢٠ من قانون حماية حق المؤلف سالف الذكر ومن ثم فإن البطلان لا يصيب من العقد إلا الشق الذي قام به سببه وعلى ذلك يبطل العقد في شقه الخاص بعدم تحديد مدة الاستغلال بما يدل على أنها مؤيدة ويظل العقد صحيحاً في حدود المدة المقررة قانوناً لانقضاء حقوق الاستغلال المالي للمصنفات الفنية وهي خمسون عاماً على وفاة المؤلف - مورث المطعون ضدهم أولاً – وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان عقود الاستغلال المؤرخة ۱۹۸۰/۲/۳، ۱۹۸۲/۷/۱۱، 1984/8 لعدم تحديد مدتها دون أن يعرض لقصد طرفيها من ذلك في ضوء الظروف المحيطة بإبرام تلك العقود سيما وأن الشركة الطاعنة تمسكت بتأقيت مدة التعاقد بمدة الحماية القانونية وأن الورثة المطعون ضدهم أعوزهم الدليل على أن الشق الباطل لا ينفصل عن جملة التعاقد فإنه يكون قد شابه القصور المبطل الذي جره إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه".