الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / تصنيف حالات البطلان / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / استقلال شرط التحكيم بين النظرية والتطبيق / حالات البطلان وآثاره

  • الاسم

    أشرف محمد محسن خليل الفيشاوي
  • تاريخ النشر

    2021-01-01
  • عدد الصفحات

    403
  • رقم الصفحة

    190

التفاصيل طباعة نسخ

حالات البطلان وآثاره

  لما كان للعقد أركان أساسية يقوم عليها حتى ينتج الأثر القانوني المبتغى من إبرامه كان من الضروري أن تكون هذه الأركان متواجدة وقائمة بصورة صحيحة، فما يشوب العقد في أركانه وطريقة إبرامه من عوار يسمى بالبطلان في العقد. وبطلان العقد هو الجزاء القانوني على عدم استجماع العقد لأركانه كاملة مستوفية لشروطها.

   وقد نص التقنين المدني الجديد على القواعد العامة التي تؤدي لبطلان العقد، فجمع النصوص التي تبين الخطوط الرئيسية لبطلان العقد على عكس القانون القديم الذي لم يفرد مكاناً لنظرية البطلان، وهو الأمر الذي تداركه المشرع بتخصيص المواد ۱۳۸ -١٤٤ لنظرية البطلان .

   وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشرع التمهيدي في النظرية العامة للبطلان ما يأتي (اتقى المشرع ما تستهدف له التقنينات اللاتينية من مأخذ حين تجمع بين أحكام البطلان وأسباب انتفاء الالتزامات في صعيد واحد ، وقد نهج في هذا الشأن نهج التقنين البرازيلي، وجعل للبطلان نظرية جامعة، فهيأ بذلك مكانا مناسباً لطائفة من الأحكام تناثرت وانفرط عقدها، مع ما بينها من سبب جامع ، كالنصوص الخاصة بالتزام ناقص الأهلية برد ما تسلمه عند إبطال العقد، وقد تسمك المشرع بتقاليد المذهب اللاتيني فيما استحدث في هذا الشأن بوجه عام على أن المذهب الجرماني لم يعدم أثره في هذه الناحية فقد اقتبس المشروع أحكاماً هامة من التقنين الألماني والسويسري فمن ذلك نظرية انتقاص العقود ونظرية تحويل العقود أو انقلابها، وتطبق الأولى عند ورود البطلان المطلق أو النسبي على شق من العقد، وتطبق الثانية إذا توافرت للعقد الباطل أو القابل للبطلان شروط انعقاد عقد آخر انظر المادتين ۱۳۹،۱٤۰ من التقنين الألماني" ويراعى من ناحية أخرى أن المشرع قد نص على تقادم دعوى البطلان بانقضاء ثلاث سنوات مستلهما في ذلك تقنين الالتزامات السويسري انظر" المادة ۲۲۹ وهي تجعل المدة سنة واحدة" هذا فضلاً عن التقادم الطويل المقرر بمقتضى القواعد العامة، ويراعى أن مبدأ سريان التقادم القصير في هذه الحالة يختلف عن مبدأ سريان التقادم الطويل، ولذلك يكون لهذا التقادم الطويل أثره إذا اكتملت مدته قبل انقضاء أجل السنوات الثلاث) (مجموعة الأعمال التحضيرية ٢ ص ٢٣٣- ص ٢٣٤)

حالات البطلان

   اختلف تقسيم أنواع البطلان ما بين الفقهاء ، ورغم أن البطلان يؤدي إلى انعدام العقد ومعه يكون منطقياً بأن يكون البطلان درجة واحدة لا تقبل التدرج، حيث إن الانعدام لا يتخيل أن يكون هناك تفاوت فيه، إلا أن النظرية التقليدية قد اتجهت إلى تقسيم البطلان لتقسيم ثلاثي، من حيث الانعدام البطلان المطلق، والبطلان النسبي وذلك على أساس أن للعقد أركان يجب توافرها ليتكون العقد بطريقة صحيحة.

   ويرجع البطلان إلى اعتبارات شكلية أو موضوعية، ويبطل العقد شكلياً إذا لم يتوافر فيه ركن الشكل ويكون العقد باطلاً ، ولما كان الشكل هو من صنع القانون فيكون باطلاً العقد الذي لا يستوفي الشكل الذي يتطلبه القانون، كما أن القانون يحدد الجزاء بالنسبة للعقد عند الإخلال بشكل العقد، فقد يجعل العقد الذي لم يستوف الشكل المطلوب باطلاً لا تلحقه الإجازة أو يسمح بإجازته كما في  عقد الهبة الباطل شكلاً ، كما يمكن للقانون أن يقبل أن يستكمل الشكل وأن يحتج به وفقاً لما ينص القانون.

 ويبطل العقد موضوعياً إذا لم يتوافر فيه ركن من أركان العقد الثلاثة وهي الرضاء والمحل والسبب فبغياب أي ركن من الأركان ثلاثة لا ينشأ العقد ويكون باطلاً، ويتمثل اختلال الركن بعدم توافره فيشترط في الرضاء التمييز وتقابل الإيجاب والقبول وتطابقهما، كما يشترط في المحل الإمكان والتعيين والمشروعية، والسبب يشترط فيه المشروعية، فبتلك الشروط الخاصة للأركان لا يكتمل العقد إلا بها وباختلالها يكون العقد باطلاً . ويكون العقد الباطل منعدما طبيعة أو شرعاً، فلا يكون له آثار ويتيح القانون لكل ذي مصلحة التمسك ببطلانه، وتقضي المحكمة بالبطلان من تلقاء نفسها.

  وقد تضمن المشرع التمهيدي نصاً يجمع الحالات التي يكون فيها العقد باطلاً، فنصت المادة ١٩٣ من هذا المشروع على ما يأتي: "يكون العقد باطلاً في الحالات الآتية: (أ) إذا أبرمه شخص لا أهلية له إطلاقاً . (ب) إذا انعدم فيه الرضاء أو المحل أو السبب، أو إذا لم تتوافر في المحل وفي السبب شروطه الجوهرية . (ج) إذا اشترط القانون في العقد شكلاً يكون باطلاً بدونه ولم يستوف العقد هذا الشكل، أو إذا أغفل المتعاقد إجراء شكلياً يعتبره القانون ركناً في تكوين العقد. (د) إذا ورد في القانون نص خاص على البطلان" وقد حذفت هذه المادة في المشروع النهائي لأن أحكامها منصوص عليها في المواد السابقة" (مجموعة الأعمال التحضيرية ٢ ص ٢٥٠ في الهامش)

   ويمكن تصحيح العقد الباطل من خلال انتقاص العقد، إذ يؤدي الانتقاص إلى استبعاد الجزء الباطل منه وبالتالي تصحيح العقد من البطلان، ومن ثم نتجنب مد البطلان إلى أجزاء العقد الباقية وذلك بشرط ألا يكون الجزء الباطل جوهريا.

   وفي كل الأحوال يجب أن يتضمن الجزء الصحيح المتبقي من العقد، العناصر اللازمة لوجود العقد. من جهة أخرى،  يجب ألا يؤدي انتقاص جزء من العقد إلى تغيير في وصفه القانوني، أي ألا يؤدي إلى تغيير في نوعه وطبيعته، فإذا كان العقد بعد انتقاص الجزء الباطل منه، قد أصبح نوعاً آخر غير الذي كان ينتمي إليه قبل الانتقاص فعندها لا نكون أمام تصحيح للعقد الباطل بانتقاصه وإنما نكون أمام تحول للعقد الباطل إلى عقد آخر. ومن أبرز حالات التطبيق المقيد لتصحيح العقد الباطل بانتقاصة حالة اقتران العقد بشرط باطل سواء كان شرطاً تعليقياً أو كان شرطاً تقييدياً.

   وقضت محكمة النقض بأن مفاد" نص المادة ١٤٣ من القانون المدني – على ما جرى به قضاء محكمة النقض - أنه إذا لحق البطلان شقاً من عقد ولم يقدم من يدعي بطلان العقد كله الدليل على أن الشق الباطل لا ينفصل عن جملة التعاقد فإن ما بقي من العقد يظل صحيحاً ويقتصر البطلان على الشق الباطل وحده وهو ما يعرف بانتقاص العقد ويستوي في ذلك أن يكون البطلان الذي لحق بهذا الشق مطلقاً أم نسبياً ويدخل في نطاق قاعدة انتقاص العقد - تلك - ما يشترط فيه القانون أن يقف عند رقم محدد على أن ينقص ما يزيد على هذا الرقم. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الورثة المطعون ضدهم ادعوا ببطلان عقود استغلال المصنفات الفنية التي أبرموها ومورثهم مع الشركة الطاعنة لعدم تحديد مدة الاستغلال بها إلا أنهم لم يقدموا الدليل على أن إرادتهم أو إرادة مورثهم قد انصرفت إلى إبرام تلك العقود بقصد تأبيد مدتها وأنهم أو مورثهم ما كانوا يرتضون إبرامها لو كانت مدتها محددة بما لا يجاوز مدة الحماية القانونية المنصوص عليها في المادة ۲۰ من قانون حماية حق المؤلف سالف الذكر ومن ثم فإن البطلان لا يصيب من العقد إلا الشق الذي قام به سببه وعلى ذلك يبطل العقد في شقه الخاص بعدم تحديد مدة الاستغلال بما يدل على أنها مؤبدة ويظل العقد صحيحاً فيحدود المدة المقررة قانوناً لانقضاء حقوق الاستغلال المالي للمصنفات الفنية وهى خمسون عاماً على وفاة المؤلف - مورث المطعون ضدهم أولاً - وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان عقود الاستغلال المؤرخة ۱۹۸۰/۲/۳، ۱۹۸۲/۷/۱۱،۸، ۱۹۸٤/۸ لعدم تحديد مدتها دون أن يعرض لقصد طرفيها من ذلك في ضوء الظروف المحيطة بإبرام تلك العقود سيما وأن الشركة الطاعنة تمسكت بتأقيت مدة التعاقد بمدة الحماية القانونية وأن الورثة المطعون ضدهم أعوزهم الدليل على أن الشق الباطل لا ينفصل عن جملة التعاقد فإنه يكون قد شابه القصور المبطل الذي جره إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه".

107