تنص المادة ٥٣ من قانون التحكيم المصرى رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤، على الحالات المتعلقة باتفاق التحكيم ، والتي يمكن إذا توافرت إحداها على الأقل ، كان حكم التحكيم باطلا . وذلك على النحو الآتي :-
أ- إذا لم يوجد اتفاق تحكيم ، أو كان هذا الاتفاق باطلا ، أو قابلا للإبطال ، أو سقط بانتهاء مدته .
ومما له فائدة من ذكره فى هذا المقام ، أن العقد ، يكون باطلا بطلانا مطلقا ، في حالة عدم توافر ركن من أركانه ، بالإضافة إلى ركن الكتابة بالنسبة للعقود الشكلية - ومنها اتفاق التحكيم - والتسليم بالنسبة للعقود العينية ، أى أن العقد الباطل ، لا وجود له من الناحية القانونية ، فهو معدوم أمام القانون ، وبالتالى لا ينتج أية آثار قانونية . وهو يتصف بهذه الصفة بأثر رجعى أى منذ إبرامه ، وهذا لا يستقيم مطلقا مع نص المادة ١/٥٣ ، التي نصت على جواز رفع دعوى بطلان حكم التحكيم ، ، إذا لم يوجد اتفاق التحكيم أو كان الاتفاق باطلا ، إذن كون الاتفاق باطلا هـو مجرد تكرار الحالة عدم وجود اتفاق التحكيم . أما العقد القابل للإبطال فيتصف بهذه الصفة ، إذا لم تتوافر شروط صحة التراضي وهي الأهلية وسلامة الإرادة من العيوب . وهو عقد موجود قانونا ، وليس هناك فرق بينه وبين العقد الصحيح من الناحية القانونية ، سوى أنه مهدد بالانعدام من الوجود القانوني ، فإذا تقرر إبطاله ، فإن آثاره القانونية تنمحى بأثر رجعي منذ إبرامه .
موقف القانون المصرى فى هذا الصدد وعالجت موضوع عدم وجود اتفاق التحكيم ، معتبرا إياها حالة مستقلة عن حالة بطلان الاتفاق ، بالرغم من عدم وجود فروق بينهما ، كما سبق أن أوضحنا .
ويلاحظ أيضا على هذا النص أنه يقضى بسقوط اتفاق التحكيم ويرتب على ذلك بطلان حكم التحكيم .
ب- إذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقدا الأهلية أو ناقصها وفقا للقانون الذي يحكم أهليته .
أما مسألة الأهلية فإنها تندرج تحت القابلية للإبطال المنصوص عليها في الفقرة السابقة ولكن مشرع التحكيم المصرى تغاضى عن ذلك - ولا نعرف ساهيا أم متعمدا - وأفرد لها فقرة مستقلة بذاتها وهي الفقرة ٥٣ / ب .
ج- إذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون ، الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع .
د- إذا فصل حكم التحكيم ، في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم ، أو جاوز حدود هذا الاتفاق .
بقيت ملاحظة على نص الفقرة الأخيرة حيث يبطل وفقا لها اتفاق التحكيم ، إذا فصل حكم التحكيم فى مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم ، ، أو جاوز حدود هذا الاتفاق ، أليس معنى أن حكم التحكيم فصل في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود هذا الاتفاق ، أن إرادة الأطراف ، لم تتجه إلى ولوج طريق التحكيم بصددها ، أى أن إرادتهم غير موجودة ، وبالتالي يكون اتفاق التحكيم باطلا .
أما عن الموقف بالنسبة لقانون التحكيم الإنجليزي الجديد الصادر سنة ١٩٩٦ ، فنجد أنه ، قد عالج هذا الموضوع ، علاجا مختلفا عن قانون التحكيم المصرى ، حيث تقضى المادة (٢/٦٨ ب) ببطلان اتفاق التحكيم ، إذا تجاوزت هيئة التحكيم المهمة الموكولة إليها . كما تقضى الفقرة (٢/د) من نفس المادة ببطلان اتفاق التحكيم ، إذا لم تفصل هيئة التحكيم في كـــل الطلبات المعروضة عليها
وبناء على ما تقدم ، سوف أقسم هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث مغايراً في ذلك نص القانون المصرى، للأسباب سالفة الذكر في هذا الصدد، فأتكلم فى المبحث الأول عن عدم وجود اتفاق التحكيم ، ثم نستعرض في مبحث ثان موضوع قابلية اتفاق التحكيم للإبطال ، ثم نعالج في مبحث ثالث مسألة استبعاد القانون الواجب التطبيق .