الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / تصنيف حالات البطلان / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية العدد 42 -43 / تحكيم - تعيين قـاض محكمـا - صـدور قـرار تحكيمـي - دعـوى إبطال الحكم التحكيمـي لأن الرخصة المعطاة للقاضـي جـاءت بـصـورة لاحقـة - الرخصة صدرت قبـل مناقشة الموضـوع - لا بطلان - حالات البطلان محددة حصرا بقانون التحكيم

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية العدد 42 -43
  • تاريخ النشر

    2019-04-01
  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    316

التفاصيل طباعة نسخ

إن موافقة مجلس القضاء الأعلى المبرزة في الملف التحكيمي كانـت قبـل البحـث فـي موضوع النزاع، ولو جاءت بعد جلستين من التحكيم، فإن هذا السبب لا ينال ولا يبطل القـرار التحكيمي موضوع هذه الدعوى.

ان المادة (50) من قانون التحكيم هي مادة قطعية الدلالة، وأوجبت الحكم بالب طلان وفـق الحالات التي وردت فيها حصراً.

(محكمة الاستئناف المدنية الأولى بدمشق، قرار رقم 71 تحكيم، تاريخ 27/7/2016)

تعليق المحامي فاضل حاضري (سوريا) إن حق اللجوء إلى التحكيم بدلاً من القضاء الرسمي هو أسمى تكـريس للحريـة الشخـصية للأفراد والمؤسسات إذ يجيز لهم اختيار من سيحكم بينهم خاصة وأن هذا الخيار يشمل أيضاً القانون أو النظام الذي ستخضع له إجراءات التحكيم . ويخفف قانون التحكيم السوري مـن شـأن الإطـار الاجرائي للتحكيم، بالمقارنة بما هو عليه القضاء، متأثراً بمصدره التـاريخي، ألا وهـو القـانون النموذجي للتحكيم، فهو أولاً يعلي من إرادة الأطراف فالإجراءات تحدد باتفاقهم وهيئـة التحكـيم تشكل بمعرفتهم ثم أنه ثانياً يخفف من العب ء الإجرائي على الأطراف وهيئة التحكيم، سـواء مـن حيث التخفف من شكل الإعلانات فتجوز بالبريد طالما لم تتعلق بإعلانات قضائية، أو بعدم الـنص على استلزا م أمانة السر، والتحرير الدقيق لمحاضر الجلسات حيث يكفي أن تدون وقائع كل جلـسة تعقدها هيئة التحكيم في محضر تسلم صورة منه إلى كل من الطرفين ما لم يتفقا على غير ذلـك، إنها الأطر الإجرائية التي يترتب على مخالفتها توافر العيب الإجرائي والذي يعد أحد أسباب الطعن على حكم التحكيم بالبطلان، على أنه يجوز النزول عن ذلك ضمناً أثناء إجراءات التحكيم. وقد تمسكت الجهة المدعية بعدة أسباب لبطلان الحكم التحكيمي وهي:

1 -المحكم القاضي حصل على موافقة مجلس القضاء الأعلى بـإجراء التحكـيم بتـاريخ 4/5/2016 وأبرزها بجلسة 12/5/2016 ،وحيث أن أول جلسة تحكيم كانت بتـاريخ 29/3/2016 فتكون جميع الإجراءات التي تمت قبل تاريخ إبراز الموافقة باطلة.

2 –عدم تحديد القانون الواجب التطبيق على النزاع وعلى إجراءات التحكيم.

3 –الخطأ في نظام الجلسات بجلسة29/3/2016 لم يذكر ساعة محددة لعقد التحكيم ومـدة التحكيم، وجلسة 5/4/2016 القاضي لم يوقع على الجلسة، في جلسة4/6/2016 لـم يذكر في أي يوم كان تاريخ4/6/2016 ،ولم يذكر ساعة الاجتماع ولـم يـذكر اسـم المقرر واقتصر على توقيع المقرر. وبجلسة 27/4/2016 وردت عبارة وكيل الجهة طالبة التحكيم مرتين : مرة وقّع عليهـا المحامي... والثانية تركت دون تعليل.

وبجلسة 28/4/2016 أجلت الجلسة إلى تـاريخ الأربعاء 4/5 دون كتابة 2016 .

4 –هيئة التحكيم لم تجب عن دفوع المدعي وطلباته.

5 –عقدت الجلسات بمكتب المحامي... فكانت الجلسات مفتوحة يدخل زبائنه ومحامون من المكاتب المجاورة أثناء الجلسات، مما يوجب بطلان التحكيم.

6 –لم يتم وضع إشارة الدعوى على صحيفة العقار لكون النزاع عيني على العقار ملتمـساً من حيث النتيجة:

قبول دعوى البطلان شكلاً وموضوعاً ووقف تنفيذ القرار التحكيمي. وبالنتيجة فقد قررت محكمة الاستئناف مصدرة الحكم محل التعليق ما يلي:

تقرر بالاتفاق:

1 – قبول دعوى الابطال شكلاً وردها موضوعاً.

2 –تضمين المدعي الرسوم والمصاريف.

قراراً مبرماً صدر بتاريخ 27/7/2016 وأفهم علناً حسب الأصول.

صحيح أن ما يتعلق بتكييف دعوى البطلان ونطاقها، أن دعوى البطلان تمثـل خـصومة خاصة لا تشكل امتداداً للدعوى التحكيمية، إذ أن ما يعرض على محكمة الـبطلان لـيس هـو موضوع الدعوى التحكيمية أو وقائع النزاع، حيث أن دعوى البطلان تمثّـل مخاصـمة لحكـم التحكيم بسبب مخالفته نواح إجرائية محددة على سبيل الحصر، ويمتنع الإضافة إليها أو التبـديل فيها أو القياس عليها تأكيداً للنطاق الضيق المحدد لدعوى البطلان.

وصحيح أن قاضي الدعوى هو صاحب السلطة في تكييفها القانوني الصحيح، دون التقيد بما يصفه بها المدعي، إلاّ أنّه ينبغي الرد على أسباب دعوى البطلان التي أثارها المدعي وكل سبب على حدة. وسنتناول التعليق على الحكم من باب التساؤل وليس المساءلة وذلك من خـلال المحـاور الثلاثة التالية:

المحور الأول- الأثر القانوني لموافقة مجلس القضاء الأعلى.

المحور الثاني- تعريف الحكم أو القرار القضائي وأهمية التسبيب.

المحور الثالث– خطورة الحكم الذي يقضي برد دعوى البطلان بدون تعليل كافٍ.

المحور الأول– الأثر القانوني لموافقة مجلس القضاء الأعلى:

أثار مدعي البطلان في السبب الأول من أسباب البطلان أن المحكم القاضي حـصل علـى موافقة مجلس القضاء الأعلى بإجراء التحكيم بتاريخ4/5/2016 وأبرزها بجلسة 12/5/2016 ، وحيث أن أول جلسة تحكيم كانت بتاريخ 29/3/2016 فتكون جميع الإجراءات التي تمـت قبـل تاريخ إبراز الموافقة باطلة. وقد ردت المحكمة مصدرة الحكم محل التعليق على هذا السبب بتعليل على أنّـه : "... لمـا كان سبب البطلان المثار بأن القاضي... حصل على إذن مجلس القضاء الأعلى بعد جلستين من التحكيم، وذلك يخالف الاجتهادات المستقرة لمحكمة التي أوجبت الحصول علـى الإذن الخـاص لممارسة التحكيم، وما استند إليه المدعي من اجتهادات واردة في لائحة الادعاء جميعهـا كانـت للقضايا التحكيمية الصادرة من القاضي المحكم بدون إذن مجلس القـضاء الأعلـى، وحيـث أن موافقة مجلس القضاء الأعلى المبرزة في الملف التحكيمي كانت قبل البحث في موضوع النـزاع ولو جاءت بعد جلستين من التحكيم، فإن هذا السبب لا ينال ولا يبطل القرار التحكيمي موضوع الدعوى...".

ونحن نتفق مع المحكمة ونؤيدها في هذه النتيجة التي انتهت إليها حين ردت هـذا الـسبب لأن الأذن المطلوب قد توفر في الدعوىولأنه كما تقضي القاعدة الإجرائية الكلية بأنـه طالمـا تحققت الغاية من الإجراء فإن الضرر يمتنع قانوناً ومن ثم فلا يحكم بـالبطلان .

لـذلك فـالأذن اللاحق كالأذن السابق.

فسبب البطلان - كل بطلان - يجب أن يكون منتجاً وهو لا يعد كذلك إذا كان لا يحقق للطاعن سوى مصلحة نظرية بحتة، حيث يكون في هذه الحالة غير مقبول، وعلـى ذلك فإنه وبفرض ثبوت المخالفة فلا يحكم بالبطلان ما لم يؤد الشكل أو الإجراء المعيـب إلـى وقوع ضرر قانوني للمتمسك به.

وصحيح أنه لا يجوز للقاضي بغير موافقة مجلس القضاء الأعلى أن يكون محكماً ولو بغير أجر ولو كان النزاع غير مطروح على القضاء، إلا أن التأخير في الحصول على الأذن المطلوب لا يمتد إلى بطلان تشكيل هيئة التحكيم وأن هذا الخلل لا يرقى إلى درجة بطلان حكم التحكـيم ،لأن الابطال في القرارات التحكيمية لا يجوز إلاّ في الحالات التي نص عليها المشرع في صلب المادة 50 من قانون التحكيم السوري والتي تنص على ما يلي:

1 - لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلاّ في الأحوال الآتية:

أ- إذا لم يوجد اتفاق تحكيم أو كان هذا الاتفاق باطلاً أو سقط بانتهاء مدته.

ب- إذا كان أحد طرفي التحكيم وقت إبرامه فاقد الأهل ية أو ناقصها وفقاً للقانون الذي يحكم أهليته. -ج إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم تبليغه تبليغـاً صـحيحاً بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته.

د- إذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقـه علـى موضوع النزاع.

هـ- إذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين على وجه مخالف لهذا القـانون أو لاتفاق الطرفين.

و- إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها التحكيم أو جاوز حدود هذا الاتفـاق ومع ذلك إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيمعـن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فلا يقع البطلان إلا علـى الأجـزاء الأخيرة وحدها.

ز- إذا وقع بطلان في حكم التحكيم أو إذا كانت إجراءات التحكيم باطلة بطلاناً أثّـر في الحكم.

2 -تقضي المحكمة التي تنظر دعوى البطلان من تلقاء نفسها بـبطلان حكـم التحكـيم إذا تضمن ما يخالف النظام العام في سورية .

ثم إن الفقرة هـ من المادة 50 من قانون التحكيم السوري والمتعلقة بتشكيل هيئة التحكـيم تعني أن الإجراءات الخاصة بتعيين المحكمين لا يمكن أن تتعدى إلى الشروط الواجب توافرهـا في المحكمين، لذلك فإن اشتراط الترخيص المسبق منالسلطة المختصة بالنسبة إلى القاضي قبل القيام بمهمة التحكيم ليس له تأثير على صحة أو بطلان القرار التحكيمي إذ لا أثر لـه إلا بـين القاضي ومجلس القضاء الأعلى فحسب مع ما يترتب على ذلك من آثار لها طابع تأديبي بحت. وليس هذا فحسب ومن جانبنا نرى أن حكم التحكيم صحيح حتى ولـو حـسمت الـدعوى التحكيمية ولم يرد الأذن أو الترخيص لأوراق الدعوى لأن الحظر الوارد فـي قـانون الـسلطة القضائية، موجه إلى القاضي وتترتب على مخالفته المساءلة التأديبية، ولا يتعدى الـبطلان إلـى العمل الذي تم بالمخالفة لذلك النهي أو الحظر طالما أن هذا العمل هو في ذاته ومحتواه وأركانـه 5 صحيحاً .

المحور الثاني- تعريف الحكم القضائي وأهمية التسبيب:

الحكم أو القرار القضائي هو العمل الرئيسي للقاضي، ويستمد كيانه ومشروعيته وإلزامه من  قوانين الأصول المدنية والجزائية حسب طبيعة الحكم .

والحكم الصحيح هو الحكم السليم وتوافرأركانه الأساسية وشروط صحته والـشكل الـذي نصت عليه قوانين الأصول. والأركان الأساسية للحكم كما ورد في قرار لمحكمة النقض السورية كما يلـي :

"أن يكـون صادراً عن جهة قضائية مختصة وممن يملك ولاية القضاء ومن محكمة مشكلة تشكيلاً صـحيحاً في خصومة صحيحة قائمة بين طرفين تت وافر فيهما أهلية التقاضي، وأن يكون هذا الحكم مكتوباً 7 وان تتضمن هذه الكتابة بياناته الأساسية" .

وفي اجتهاد آخر: "إن إغفال بيان جوهري في الحكم يؤدي إلى بطلانه ولا يغني عن هـذا البيان إمكان معرفته من ورقة أخرى من أوراق الدعوى ولو كانت رسمية لأن الحكم يجـب أن يكون دالاً بذاته على استكمال شروط صحته بحيث لا يمكن تكملة ما نقص فيـه مـن البيانـات  الجوهرية بأي طريق من طرق الإثبات".

وقد أورد المشرع أصولاً خاصة في إصدار الأحكام ويجب أن يشتمل الحكم علـى أسـباب الحكم ومنطوقه.

إن الغاية من تسبيب الأحكام القضائية – بصفة عامة يه – توفير الرقابة على عمل القاضي والتحقق من حسن استيعابه لوقائع النزاع ودفاع طرفيه والوقوف على أسباب قضاء المحكمة فيه، وليس لمجرد استكمال شكل الحكم باعتباره ورقة من أوراق المرافعات، بل حتى يقتنـع المطّ لـع على الحكم بعدالته. ويجب أن يكون التسبيب جدياً يحقق ال غاية منه، فلا يعتبر من هذا القبيل التـسبيب المجمـل المجهل والغامض الذي يصلح لكل طلب، كأن يقول الحكم مثلاً أن المدعي محق في دعواه أو أن حقه ثابت في المستندات دون بيان ماهية هذه الأوراق ودلالاتها .

وكذلك إذا كانت هذه الأسـباب المذكورة في الحكم لا تكفي لمعرفة السبب الذي أفضى إلى المنطوق وإن مثل هذا النـوع مـن التسبيب يتكافأ مع خلو الحكم من الأسباب. كما لا يكفي الحكم محل التعليق القول بصفة عامة بأن أسباب الحكم المدعى بطلانه"جاءت متماسكة قائمة على فرضيات معقولة واستنتاجات مقبولة دون تناقض، والنتيجة التي انتهى إليهـا الحكم لا تتنافر مع أسبابه" فمثل هذه العبارات العامة غير المحددة لا تكفي لتسبيب الحكم، إذ مثل هذه الأسباب تعجز محكمة النقض عن أداء وظيفتها في مراقبة تسبيب الحكم .

ويكفي لتحقق الغاية من التسبيب أن يتضمن الحكم القضائي بياناً وجيـزاً لوقـائع وطلبـات الخصوم والرد الجوهري على كل منها، فضلاً عن الأسانيد القانونية والواقعية التي ركن إليهـا الحكم فيما انتهى إليه.

وقد أثار المدعي في السبب الثاني من أسباب البطلان أن هيئة التحكيم لـم تحـدد القـانون الواجب التطبيق على النزاع وعلى إجراءات التحكيم. وكان الأولى بالمحكمة أن تتولى الرد على هذا السبب ولا سيما أن هذا السبب نصت عليـه 10 الفقرة د من المادة 50 من قانون التحكيم السوري .

وكذلك هو الحال فقد أثاره مدعي البطلان في السبب الثالث من أسباب الـبطلان والمتعلـق بمدة التحكيم أيضا فقد كان المطلوب من المحكمة مصدرة الحكم أن تتولى الرد الكافي على هـذا السبب لأن المسألة فيها شيء من التفصيل، وهل كان مدعي البطلان متمسكا بهذا الـسبب فـي الوقت المناسب أمام هيئة التحكيم أم كان موالياً لها بالحضور وليس هناك أي اعتـراض علـى انتهاء المدة (الموافقة الضمنية على التمديد) كل هذه الأمور كان يقتضي توضـيحها مـن قبـل المحكمة مصدرة الحكم وليس أن تكتفي بالرد المجمل على معظم أسباب الـبطلان،لأن الجهـة مدعية البطلان إذا لم تتمسك بهذه المخالفة أمام هيئة التحكيم في الوقت المناسب وإن الطرف الذي لا يدلي أمام المحكمة التحكيمية بمخالفة تعترض سير التحكيم، ولا سيما إذا كانت الفرصة م تاحة له، لا يستطيع الادلاء بهذه المخالفة أمام قضاء الابطال .

وهذا ما قررته المادة 31 مـن قـانون التحكيم السوري حيث جرى نصها على أنه"إذا استمر أحد طرفي النزاع في إجراءات التحكـيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط في اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام هذا القانون مما يجوزالاتفاق على مخالفته ولم يقدم اعتراضاً على هذه المخالفة في الميعاد المتفق عليه أو في وقت معقـول، 11 عند عدم الاتفاق، اعتبر ذلك نزولاً منه عن حقه في الاعتراض" .

وفي اجتهاد لمحكمـة اسـتئناف عمـان - الأردن – (قـرار رقـم 334/2009 ،تـاريخ 9/4/2012 جاء فيه " :

إن مخالفة شرط في اتفاق التحكيم أو حكم من أحكام القانون ممـا يجـوز الاتفاق على مخالفته، دون أن يقوم أطراف التحكيم بتقديم اعتراضاتهم على المدة، وعلـى هـذه المخالفة في الموعد المتفق عليه أو في وقت معقول عند عدم الاتفاق، يعتبر نزولاً مـنهم عـن حقهم في الاعتراض و يتأيد ذلك مع ما استقر عليه اجتهاد محكمـة التمييـز الأردنيـة بـصفتها الحقوقية في قرارها رقم 1242/2007( هيئة خماسية) تاريخ 7/11/2007 منـشورات عدالـة، والذي جاء فيه ما يلي " : إذا استمر احد طرفي النزاع في إجراءات التحكيم مـع علمـه بوقـوع مخالفة لشرط في اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام قا نون التحكيم، مما يجوز الاتفاق على مخالفته ولم يقدم اعتراضاً على تلك المخالفة في الموعد المتفق عليه أو في وقت معقـول، يعتبـر ذلـك نزولاً منه عن حقه في الاعتراض، كما تقضي بذلك المادة 7 من قانون التحكيم رقـم 31 لـسنة 2001 ولا يجوز له معه إثارة هذا الطعن في هذه الم رحلة، لأن الساقط لا يعود، كما أن المعدوم لا يعود".

ولما كان التحكيم نظام قانوني متميز عن القضاء وله تطبيقاته المستقلة عن تطبيقات القضاء وقواعده الخاصة التي تفرضها العملية التحكيمية ومقاصدها القائمة علـى مفـاهيم هـي ليـست بالضرورة مفاهيم وقواعد أصول المحاكمات ولهذا فليس لمدعي البطلان والحال كذلك أن يعـود ويثير ما سبق له أن نزل عن حقه في الاعتراض عليه أمام هيئة التحكيم لأن الـساقط لا يعـود، فضلاً عن أن القرابة في حد ذاتها لا تشكل خللاً في تشكيل المحكمة طالما أنها كانت معلومة لدى من يرغب أن يتمسك بها كسبب للبطلان، وبمعنى أنها ليست من النظام العام. ومما لا شك فيه أن الحال يختلف فيما لو أن مدعي البطلان كان قد سبق وتمسك باعتراضه على انتهاء مدة التحكيم إلا أن هيئة التحكيم استمرت في الإجراءات وأصدرت الحكم بعد انتهـاء المدة ففي هذه الحالة يكون الحكم قد صدر من هيئة لا ولايةلها في إصدار الحكم نظرا لانتهـاء مدة التحكيم. وكذلك هو الحال ولما كان مدعي البطلان قد أثار في السبب الرابع من أسباب الـبطلان أن هيئة التحكيم لم تجب على دفوع المدعي وطلباته.

ومن يدري فقد يكون هذا الدفع صحيحاً وقد يكون مدعي البطلان قد طلب من المحكم طلبـاً جوهرياً لو أن المحكم قرر الرد عليه لكان قد تغير وجه الرأي في الدعوى، ومع افتراض صحة ما يقول به في هذه الحالة يكون المحكم قد حرم صاحب الطلب من حقه في الدفاع وبالتالي يكون قد خرق مبدأ الوجاهية ويتعين بالتالي إبطال حكم التحكيم سنداً للمادة للفقرة2 من المادة 50 لأن خرق المحكم لمبدأ الوجاهية هو من النظام العام. والعكس صحيح فقد يكون هذا السبب عبثي وغير جدي من خـلال واقـع أوراق الـدعوى التحكيمية حيث يستخلص أن هذا الطلب غير موجود أصلاً أو أنه موجود ولكن هيئـة التحكـيم ردت عليه الرد الكافي وهي المقدرة للاستجابة إليـه او عـدمالاسـتجابة باعتبارهـا محكمـة  موضوع .

وفي جميع الأحوال كان المطلوب من محكمة الاستئناف مصدرة الحكم محل التعليق أن ترد على أسباب البطلان الرد الكافي ووضعها موضع المناقشة والتمحيص ، أما وأنها لم تتول الـرد على هذه الأسباب من أسباب البطلان بل اكتفت بالرد المجمل ب قولها " :

وحيث أن جميع ما أثـاره المدعي من الأسباب المذكورة سابقاً لا تتطابق مع أحكام المادة50 من القـانون رقـم4 لعـام 2008 "وبهذا الشكل تكون محكمة البطلان قد أخطأت في تطبيق القانون . خاصة وأن خرق مبدأ الوجاهية وحرمان أحد أطراف الدعوى التحكيمية من حق الدفاع إنم ا هو من متعلقـات النظـام العام.

نعود ونؤكد أ نه كان يتعين على المحكمة احترام الشكل الخاص للحكم القـضائي وبياناتـه وتعليله المبسط، وتضمينه المبررات الكافية لحمل منطوقه، وذلك وفقاً للمعمول بـه فـي مجـال تسبيب الأحكام القضائية.

المحور الثالث– خطورة الحكم الذي يقضي برد دعوى البطلان بدون تعليل كافٍ:

الواقع أن المشرع السوري قد أخذ بفكرة فعالية التحكيم وأكَّد على السرعة باعتبارها ميـزة وأنّه قابل للتنفيـذ  أساسية للتحكيم وأن حكم التحكيم يعد مبرماً ويتمتع بحجية الأمر المقضي به تلقائياً من قبل الأطراف أو بصفة إجبارية إذا رفض المحكوم تنفيذه طوعاً بعد اكـسائه صـيغة .

وقد نصت المادة 53 من قانون التحكيم السوري رقم4 لعام 2008 على ما يلي:

"تتمتع 14 التنفيذ أحكام المحكمين الصادرة وفق أحكام هذا القانون بحجية الأمر المقضي به، وتكون ملزمة وقابلة للتنفيذ تلقائياً من قبل الأطراف أو بصفة إجب ارية إذا رفض المحكوم عليه تنفيـذها طوعـاً بعـد اكسائه صيغة التنفيذ". وقد نصت المادة 55 : " لا يترتب على رفع دعوى البطلان وقف تنفيذ حكم التحكيم ومع ذلـك يجوز للمحكمة أن تقرر في غرفة المذاكرة وقف التنفيذ لمدة أقصاها 60 يوماً إذا طلـب المـدعي ذلك في صحيفة الدعوى وكان يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه ويجوز للمحكمة أن تلزم المدعي بتقديم كفالة مالية تضمن لخصمه أضرار وقف التنفيذ إذا قضت برد الدعوى".

ومن خلال المادتين السابقتين نجد أن المشرع السوري قد أخذ بفكرة التقاضي مـن درجـة واحدة في قضاء التحكيم وذلك على خلاف القضاء الرسمي للدولة. فالحكم الصادر عن هيئة التحكيم يتمتع بحجية الأمر المقضي به ولا يجوز الطعن فيه بـأي طريق من الطعن العادية وهو مبرم وقابل للتنفيذ بعد اكسائه صيغة التنفيذ. والجدير بالذكر أن طلب وقف التنفيذ ليس ملزماً للمحكمة الناظرة بدعوى البطلان وهو غير حتمي وإنما هو أمر جوازي وإذا ما قررت المحكمة وقف التنفيذ فإنه سيكون لمـدة محـدودة لا تتجاوز 60 يوماً ويجوز للمحكمة أن تلزم المدعي بتقديم كفالة تضمن الأضرار التي قد تحـصل من جراء وقف التنفيذ.

ويثور في هذا المقام السؤال الآتي : ما هو الأثر القانوني المترتب على رد دعوى البطلان؟

إننا نحيل في الإجابة على هذا السؤال إلى ما قررته الفقرة الرابعة من المادة51 من قانون التحكيم السوري حيث نصت على ما يلي " : إذا قررت المحكمة رد دعوى البطلان فإن قرارهـا يقوم مقام إكساء حكم المحكمين صيغة التنفيذ" . ويثور في هذا المقام أيضاً السؤال الآتي : هل يترتب على فوات الميعاد المقرر لرفع دعوى البطلان عدم قابلية الحكم للطعن فيه بأي وجه من الوجوه؟ وللإجابة على هذا التساؤل نرى أن المشرع السوري قد قرر صراحة عدم قبـول أحكـام التحكيم والطعن فيها سوى رفع دعوى البطلان .

وبالتالي لا يجوز قانونـاً تقـديمطعـن آخـر كالاستئناف وغيره. وتكمن خطورة الحكم محل التعليق أنه لا يقبل الطعن بالنقض على اعتبار أنه مبرم وقد أيد وصدق حكم التحكيم بدون الرد والتعليل الكافي على معظم أسباب البطلان خاصة وأن هذا الحكم غير قابل للطعن بالنقض وذلك إعمالاً لمفهوم المخالفة للمادة 52 من قانون التحكيم السوري والتي نصت على ما يلي " : يقبل قرار المحكمة بإبطال حكم التحكيم الطعن أمام محكمة النقض خلال30 يوما التالية لتبليغ الحكم".

وهنا ينبغي التأكيد على أن القضاء يعني الإلـزام والحكـم، ويعنـي فـض الخـصومات والمنازعات وفق نص تشريعي تقاس عليه الو اقعة، وتخلص الى حكـم يـصدره قـاض تتـسم وظيفته بالاستقلال والحياد .

ولا بد من التذكير أن المرتكز الأساسي لاستقلال القضاء هم القـضاة فإن صلحوا صلحت المحاكم وصلح المجتمع وعمت الطمأنينة. ويمكن ضـمان وجـود عدالـة فاعلة في وجود قضاة يحققونها عند مباشرة أعمالهم . والخلاصة أن النظام القـضائي المـستقل والمتماسك يهدف الى تحسين مستوى الأداء عن طريق تقديم عدالة ناجزة تتوافر فيها ضـمانات العدالة.

الخلاصة: إن المواضيع التي أثارها مدعي البطلان كانت تتطلب من محكمة الاستئناف دراسة أعمـق وفتح آفاق جديدة من خلال تعليل مستفيض يخرج عن إطا ر النقل أو التبني لتعليلات إجمالية.

لأن الغاية من تسبيب الأحكام القضائية – بصفة عامة – هو توفير الرقابة على عمل القاضي والتحقق من حسن استيعابه لوقائع النزاع ودفاع طرفيه والوقوف على أسباب حكم التحكيم، وليس لمجـرد استكمال شكل الحكم باعتباره ورقة من أوراق المر افعات.

ونحن نقول أنّه لكي يقتنع المطّلع على الحكم بعدالته يجب أن يكون التسبيب جدياً يحقق الغاية منه، فضلاً عن الأسانيد القانونية والواقعية التي ركن إليها الحكم فيما انتهى إليه.

ونلاحظ كذلك أن الحكم الاستئنافي محل التعليق لا يتسم بالجدية القانونية اللازمـة ا ذ مـن الواضح أن تعليله جاء مجتزاً ومكيفاً حسب وجهة نظر معينة للتوصل الى النتيجة التـي خلـص اليها، فقضى الحكم الاستئنافي بعدم موافقته للمادة50 دون تبنّي أي تحليل قانوني يدعم النتيجـة التي توصل اليها لا سيما فيما يتعلق بالسبب الثاني والثالث والرابع من أسباب البطلان. وهكذا يتضح أننا كنا متفقين مع بعض جوانب الحكم محل التعليق إلا أننا لم نؤيد الحكم فـي جوانب أخرى.