يجب مراعاة شرط انعقاد الاختصاص للقضاء المصري بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم، بأن يكون حكم التحكيم محل دعوى البطلان قد صدر في مصر .
يجب مراعاة عدم اختصاص القضاء المصري بنظر دعوى بطلان أحكام التحكيم الأجنبية طالما لم يكن التحكيم تجارياً دولياً أو كان تجارياً دولياً ولم يتفق أطرافه على إخضاعه لقانون التحكيم المصري، ففي هذه الحالة يخرج النزاع وإجراءات الفصل فيه من دائرة اختصاص القضاء المصري، فقواعد البطلان الخاصة تطبق على الأحكام التي تصدر طبقاً للقانون المصري هذا من جانب. ومن جانب آخر فإن المادتين ٣ و ٥ من اتفاقية نيويورك المتعلقة بالاعتراف بأحكام التحكيم وتنفيذها قررتا قاعدة اختصاص محاكم الدولة التي صدر حكم التحكيم على إقليمها وحدها دون غيرها بنظر دعوى بطلان تلك الأحكام، وبالتالي ليس لمحاكم الدول الأخرى أن تعيد النظر في ذلك الحكم من حيث صحته أو بطلانه بحيث تقضي المحاكم المصرية بعدم
اختصاصها الولائي بنظر دعوى البطلان في هذه الحالة وتقف عند هذا الحد فقط دون الخوض في موضوع النزاع.
الحالة الثالثة في حالة صدور حكم التحكيم في نزاع ناشئ عن تطبيق أحد القوانين الوارد ذكرها في المادة (٦) من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم ١٢٠ لسنة ۲۰۰۸، وحيث أناط المشرع المصري الاختصاص للفصل في النزاعات الناشئة عن تطبيق القوانين السابقة للدائرة الابتدائية في المحكمة الاقتصادية إذا لم تتجاوز قيمة النزاع خمسة ملايين جنيه، وإذا تجاوزت ذلك أو كان النزاع غير مقدر القيمة، ففي هذه الحالة تختص الدائرة الاستئنافية في المحكمة الاقتصادية، ولكن هل تختص محكمة الدرجة الثانية (وهي الدائرة الاستئنافية في المحكمة الاقتصادية ذاتها التي تتبعها الدائرة الابتدائية بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم ؟ وهل يجوز الطعن بالحكم القضائي الصادر في دعوى بطلان حكم التحكيم بالنقض رغم أنه ابتدائي؟ وهل تعد الدائرة المختصة بمحكمة النقض هي محكمة الدرجة الثانية بالنسبة للدوائر الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية وهي المختصة بنظر دعوى بطلان حكم تحكيم صدر في نزاع تجاوزت قيمته خمسة ملايين جنيه؟
ذهب رأي فقهي إلى أن الموافقة على التساؤلات السابقة يترتب عليها مخالفة مبدأ التقاضي على درجتين، وهو ما يتنافى مع دور محكمة النقض كونها محكمة قانون وليس محكمة موضوع، خاصة وأن محكمة البطلان التي ورد النص عليها في قانون التحكيم تراقب الخطأ في الإجراء وليس الخطأ في التقدير وفي ذلك إهدار لقاعدة المساواة بين المراكز القانونية المتماثلة بالنسبة للخصوم في منازعات ناشئة عن قوانين ذات طبيعة اقتصادية، مما يتعين عدم تطبيق قواعد الاختصاص الواردة في قانون المحاكم الاقتصادية في شأن دعوى بطلان حكم التحكيم والاستمرار في تطبيق قواعد الاختصاص الواردة في قانون المرافعات والتي اعتمد عليها قانون التحكيم بشأن تحديد المحكمة المختصة بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم صادر في تحكيم وطني (داخلي).
وبالرغم من التبرير الفقهي السابق ذهبت محكمة القاهرة الاقتصادية إلى عدم إجابة طلب رد محكم أحيل إليها من مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي دون أن تقضي بإعلان عدم اختصاصها .