الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / الاختصاص بدعوى البطلان / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / أثر فكرة النظام العام على حكم التحكيم في منازعات العقود الإدارية / المحكمة المختصة بالنظر دعوى البطلان المتعلقة بمخالفة النظام العام في أحكام التحكيم الإدارية

  • الاسم

    عبدالرزاق هاني عبدالرزاق المحتسب
  • تاريخ النشر

    2021-01-01
  • عدد الصفحات

    591
  • رقم الصفحة

    346

التفاصيل طباعة نسخ

المحكمة المختصة بالنظر دعوى البطلان المتعلقة بمخالفة النظام العام في أحكام التحكيم الإدارية

    عنـد إصـدار هيئة التحكيم حكمها النهائي في دعوى العقد الإداري ويتضح بعد ذلك ان الحكم يحتوي على حالة من حالات البطلان المحددة على سبيل الحصر، فأن الطريق الوحيد للطعن بالحكم هو رفع دعوى لبطلان حكم التحكيم بالصورة التي تم توضيحها سابقاً، . الأخذ بعين الاعتبار ان يمكن رفع الدعوى ابتداءاً بناءاً على مخالفة الحكم للنظام العام وللقاضي ان يحكم ببطلان حكم التحكيم من تلقاء نفسه اذا تم رفع الدعوى لاي سبب آخر. 

   إلا ان السؤال المطروح هنا: من هو القضاء المختص في نظر دعوى البطلان المتعلقة بمنازعات العقود الإدارية؟ هل هو القضاء العادي أم القضاء الإداري؟ وفي حال كان الحكم وطنياً أو أجنبياً يخضع للقانون الوطني من هي المحكمة المختصة بنظر الدعوى؟ وفي حال كان الحكم اجنبيا ولم يتفق أطراف النزاع على إخضاعه للقانون الوطني من هي المحكمة المختصة بنظر الدعوى، هل هي محكمة بلد التنفيذ أم محكمة بلد إصدار الحكم ؟

   للإجابة على هذه التساؤلات لابد من الرجوع الى النصوص القانونية المحكمة المختصة بالنظر دعوى البطلان المتعلقة بمخالفة النظام العام في أحكام التحكيم الإدارية التي تنظم هذا الأمر في القوانين الوطنية، وبرجوع الى نص المادة ٢/٥٤ من قانون التحكيم المصري رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ نجد انها نصت على " تختص بدعوى البطلان في التحكيم التجاري الدولي المحكمة المشار إليها في المادة (۹) من هذا القانون وفي غير التحكيم التجاري الدولي يكون الإختصاص لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع "

   وبتطبيق هذا النص على المنازعات في العقود الإدارية فأن المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان في منازعات العقود الإدارية – اذا لـم يكـن التحكيم تجارياً دولياً – هي المحكمة الإدارية العليا، لانها تعتبر محكمة الدرجة الثانية للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع وهـي محكمة القضاء الإداري، وترفع دعوى البطلان امام المحكمة الإدارية العليا مباشرة.

  اما اذا كان حكم التحكيم الإداري يتعلق بالتحكيم التجاري الدولي فأن المحكمة المختصة بنظر الدعوى هي . محكمة استئناف القاهرة مالم يتفـق الخصوم على جعل الاختصاص لمحكمة استئناف اخرى داخل مصر، إلا ان هذا الأمر يشكل مخالفة لنص المادة ١٧٢ من الدستور المصري الذي جعل مجلس الدولة هو المختصة بالفصل في المنازعات الإدارية، وبالتالي يشكل اعتداءاً الأختصاص القاضي الإداري المختص أصلاً بنظر المنازعات الناشئة عن العقد الإداري، ومنح القاضـي العـادي سلطة الرقابة على حكـم التحكيم في العقود الإدارية.

   بطبيعة الحال لابد من تدخل تشريعي لتحديد المحكمة المختصة في نظر دعوى البطلان في منازعات العقود الإدارية مع مراعاة طبيعة المنازعات الإدارية وإختصاص محاكم القضاء الإداري، خصوصاً بعد عرض موضـوع تنازع الاختصاص على المحكمة الدستورية العليا في مصر المختصة بنظر تنازع الاختصاص، إلا ان المحكمـة الدستورية لـم تحسـم الخـلاف حـول اختصاص القضاء العادي أو القضاء الإداري بدعوى بطلان حكم التحكيم في منازعات العقود الإدارية استناداً الى نص المادة 9 من قانون التحكيم المصري.

   موقف المحكمة الدستورية العليا في مصر مخالف لموقف المحكمة الدستورية العليا في فرنسا والتي جعلت المحكمة المختصة بدعوى البطلان في العقود الإدارية الدولية والوطنية من اختصاص القضاء الإداري المختص أصلاً بنظر النزاع المعروض على هيئة التحكيم.

   اما في الأردن فان التنظيم القانون لدعوى البطلان يختلف عنها في القانون المصري، حيث ان المشرع الأردنـي لـم يـفـرق بين التحكيم الـدولي والتحكيم الداخلي، ولم يفرق ايضاً التحكيم التجاري الدولي عن غيره من انواع التحكيم، وذلك استناداً الى نص المادة 3 من قانون التحكيم الأدني رقم 31 لسنة ٢٠٠١.

   كما أن المشرع الأردني في القانون المعدل لقانون التحكيم رقم 41 لسنة ٢٠١٨ جعل المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان من أختصاص محكمة التمييز حصراً وذلك بتعديل نص المادة 50 من قانون التحكيم الأردني  رقم 31 لسنة ٢٠٠١، وبغض النظر عن طبيعة التحكيم أكان داخلياً أم خارجياً سواءاً تعلق بالتجارة الدولية أم بغيرها وبطبيعة الحال فأن محكمة التمييز هي اعلى محكمة في الأردن مما يعني ان حكمها المتعلق بالبطلان يعتبر نهائي ولا

يمكن الطعن فيه.

  ويجب الإشارة هنا الى ان دعوى البطلان الصادرة في مصر وتخضع لقانون غير القانون مصـري، فيعتبر القانون المصري هو القانون الأولى بالتطبيق إعمالا لمبدأ الأختصاص الإقليمي للمحاكم المصرية، وهو ما ينطبق إيضاً على الاحكام الصادرة خارج الأردن وتخضع لقانون غير أردني. 

   وبالتالي فأن صدور حكم التحكيم في دولة معينة يؤدي الى منح الولاية لمحاكم هذه الدولـة لنظـر دعـوى البطلان، فيكون اختصاص نظر دعـوى البطلان لمحاكم الدولة التي صدر فيها حكم البطلان ولو اتفق الأطراف على خضوعة لقانون تحكيم أجنبي او لائحة مركز تحكيمي يوجد في الخارج.

    أما دعوى البطلان أحكام التحكيم الاجنبية الصادرة خارج مصر ولم يتفق الأطراف المتنازعة على إخضاعها للقانون المصري فأن المحاكم المصرية لا تختص بدعوى بطلانه استناداً الى المـادة الاولـى مـن قـانون التحكيم المصري، إلا انه اذا طلب الخصوم تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي في إتباع الإجراءات المتعلقة بإصدار أمر بالتنفيذ وفي هذه الحالة يمكن للمحكوم مصر فعليه اتباع الإجراءات المتعلقة بإصدار أمر بالتنفيذ وفى هذه الحالة يمكن المحكوم عليه التمسك بمخالفة النظام العام لمنع إصدار أمر التنفيذ وهذا ما سنبينه لاحقاً.

  إلا ان المشكلة تكمن في الحكم التحكيمي الأجنبي اذا صـدر خـارج مصر وأتفق أطرافه على إخضاعه للقانون المصري، فهل يكون الأختصاص بالنظر بدعوى البطلان المتعلق بمخالفة النظام العام من إختصاص المحاكم المصرية استناداً الى قاعدة تغليب إرادة الأطراف في إخضاع النزاع للقانون المصري، أو يكون الأختصاص لمحكمة الدولة التي يصدر فيها حكم التحكيم إستناداً الى قاعدة الأختصاص الإقليمي؟

  يرى جانب من الفقـة – وبحق – انه ما دامت المحاكم المصرية تختص بدعوى بطلان أحكام التحكيم التي تصدر في مصر ولو كانت غير خاضعة للقانون المصري استناداً الى قاعدة الإختصاص الإقليمي للمحاكم فأنه من الطبيعي عدم إختصاص المحاكم المصرية في النظر بدعوى البطلان الصادرة في حكم تحكيم أجنبـي صـادر خارج مصر حتى ولو كان خاضعاً لأحكام القانون المصري.

   والجدير بالذكر ان المادة 3 من اتفاقـة نيويورك لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية لسنة 1958 ألزمت الدول المنظمة الى الإتفاقية بلاعتراف بحجية حكم التحكيم الصـادر خـارج إقليمها وتنفيذه حسب قوانينها الداخلية، إلا ان المادة 5/هـ حضرت على الدول رفض الأعتراف بحكم التحكيم الأجنبي أو رفض تنفيذه ما لم يقدم الخصوم دليلاً على إلغاءه في الدولة التي صدر في إقليمها.

   يتضح من نصوص اتفاقية نيويورك لسنة 1958 انها ربطت احكام المحكميين الأجنبية بالنظام القانوني للدولة التي صدر فيها الحكم دون غيرها، - وبالتالي ليس لدولة التنفيذ إعادة النظر في حكم التحكيم من ناحية صحته أو بطلانه، ولا ان تعيد النظر في موضـوع النزاع، وإلا انها تستطيع رفض تنفيذ الحكم وعدم منحه أمر التنفيذ اذا تبين لها ان الحكم مخالف للنظام العام أو اذا توافرت الشروط المنصوص عليها في قوانينها الوطنية.