التنفيذ / الاختصاص بدعوى البطلان / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم في منازعات الدولة في ضوء القانون المصري للتحكيم / المحكمة المختصة بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم الإداری
المحكمة المختصة بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم الإداری
تنص المادة (54) تحكيم على أنه: "تختص بدعوى البطلان في التحكيم التجاري الدولى المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون، وفي غير التحكيم التجارى الدولى يكون الاختصاص لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع".
مؤدي النص السابق.. أن قانون التحكيم رقم 27لسنة 1994م قد فرق في تحديد المحكمة المختصة بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم الإداري الدولي والداخلي كالآتي:
أ- حكم التحكيم الإداري الدولي:
تختص المحكمة المشار إليها في المادة (9) بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم، حيث تنص المادة (1) من قانون التحكيم على أنه : "إذا كان التحكيم تجاريا دوليا سواء جرى في مصر أو في الخارج، فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر". مؤدي نص المادتين (2/54) و(1/9) مجتمعتين أن محكمة استئناف القاهرة أو أي محكمة استئناف أخرى يحددها الطرفان، هي المختصة بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم الإداري الدولي.
يرى الباحث .. ضرورة تدخل المشرع المصرى سريعا لتدارك هذه المخالفة الدستورية والقانونية الجسيمة، لأن إعداد تشريع وإصدار قانون مستقل ينظم التحكيم في مسائل العقود الإدارية يحتاج إلى وقت، والوضع الحالي لايحتمل التأخير، وليكن هذا التدخل بإضافة فقرة ثالثة للمادة (54) تختص بدعوى بطلان حكم التحكيم الإداري، نص المادة (3/54) يكون كالآتي: "تختص بدعوى البطلان في أحكام التحكيم الصادرة في منازعات العقود الإدارية محكمة القضاء الإداري المختصة أصلا بنظر النزاع".
فهذا التدخل سوف يصحح كثيرا من العوار الدستوري الحالي، خاصة في مسألة تنازع الاختصاص فيما بين محاكم القضاء العادي ومحاكم مجلس الدولة، والتي فشل الجميع في حلها بما في ذلك المحكمة الدستورية العليا ذاتها وهي المختصة أصلا بإصدار حكم قضائی ملزم باختصاص إحداهما.
" ففي قضية ماليكورب اعترضت محكمة القضاء الإداري على اختصار محكمة استئناف القاهرة - أو غيرها من محاكم الاستئناف - بنظر أي نزاه خاص بالتحكيم في العقود الإدارية الدولية وفقا لنص المادة (1) من قانون التحكيم المصرى، وقضت برفض الدفع المبدى من شركة ماليكورب ليمتد بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى، وقضت ببطلان شرط التحكيم المنصوص عليه في عقد الامتياز، المبرم بين وزير الطيران المدني المصرى بصفته والشركة، مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها وقف دعوى التحكيم المقامة، التي أقامتها الشركة ضد الحكومة المصرية، أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجارى الدولى) إلا أن المركز لم يبالی بحكم محكمة القضاء الإداري واستمر في القضية التحكيمية، وأصدر حكما يلزم الحكومة المصرية بدفع مبلغ أربعة عشر مليون وسبعمائة ثلاثة وسبعون ألف وأربعمائة وسبعة وتسعون دولار أمريکی.
طعن وزير الطيران المصرى على هذا الحكم التحكيمي بالبطلان أمام المحكمة الإدارية العليا، وذلك استنادا إلى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ببطلان شرط التحكيم في عقد الامتياز، وبطلان الإجراءات التي بني عليها الحكم، وعدم تطبيق قواعد القانون الإداري التي اتفق الأطراف على تطبيقها على موضوع النزاع، وأصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمها بقبول الطعن ووقف تنفيذ حكم التحكيم، وأحالة الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيره وإعداد تقرير بالرأي القانوني.
كما أقام وزير الطيران المصرى دعوى بطلان حكم التحكيم، لذات الأسباب أمام محكمة استئناف القاهرة، لأنها هي المختصة طبقا لنص المادة (9) من
قانون التحكيم، وقامت المحكمة بتأجيل الدعوى، وبذلك أصبحت دعوی بطلان حكم التحكيم منظورة أمام جهتى القضاء العادي ومجلس الدولة، أي تواجد تنازع اختصاص بين المحكمة الإدارية العليا ومحكمة استئناف القاهرة.
ذهبت شركة ماليكورب للمحكمة الدستورية العليا للحصول على حكم بتحديد الجهة القضائية المختصة بنظر دعوى البطلان.
وبرغم الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بقبول الطعن بالبطلان شكلا ووقف تنفيذ حكم التحكيم، وإحالة الطعن لهيئة مفوضي الدولة لتحضيره وإعداد تقرير بالرأي القانوني، وبرغم أن محكمة استئناف القاهرة قد باشرت الدعوى وأجلتها من 2006/8/5 م إلى 2007/12/7 م .. مما يعني بوضوح تنازع الاختصاص، وبرغم ذلك قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم قبول الدعوى، وجاء في منطوق الحكم الآتي: "وحيث أن المقرر على ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا أن مناط قبول دعوی الفصل في تنازع الاختصاص (.....) هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أوالهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولاتتخلى إحداهما عن نظرها أوتتخلى كلتاهما عنها، وشروط انطباقه بالنسبة إلى التنازع الإيجابي، أن تكون الخصومة قائمة في وقت واحد أمام الجهتين المتنازعتين، عند عرض الأمر على المحكمة الدستورية العليا، مما يبرر الالتجاء إليها لتعيين الجهة المختصة بنظرها والفصل فيها (.....)، وحيث أن الشركة المدعية لم ترفق بطلبها وفقا لحكم المادتين (31، 34) من قانون المحكمة الدستورية العليا، ما يدل على أن محكمة استئناف القاهرة قد تمسكت باختصاصها بالفصل في المنازعة المطروحة أمامها، سوى أن الدعوى المقامة أمامها تحدد لنظرها جلسة 2006/8/5 م وأجلت لجلسة 2007/12/7 م.
ويرى الباحث .. أن هذا الحكم بعد هروبا من المحكمة الدستورية العليا من صميم اختصاصاتها، وكان الأولى بالمحكمة أن تقضي أولا في مدي دستورية نص المادة (1) من قانون التحكيم المصرى رقم 27 لسنة 1994م، والذي يجعل الفصل في المسائل المتعلقة بالتحكيم في العقود الإدارية الدولية لمحكمة استئناف القاهرة، والذي يؤكد الباحث عدم دستوريته، ثم تصدر المحكمة حكمها في مسائل تنازع الاختصاص، بإسناد الفصل في الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري.