تنظر المحكمة المختصة دعوي بطلان حكم التحكيم بإعتبارها دعوى مبتدأة، ليست محكمة الدرجة الثانية للهيئة التي أصدرت الحكم، وليست دعوي البطلان استئنافاً علي حكم التحكيم .
وتنحصر سلطة محكمة البطلان عند نظر الدعوى، في بحث مدى قيام إحدي الحالات التي وردت علي سبيل الحصر بالمادة 53 من قانون التحكيم من عدمه، فلا يجوز لها الخوض في موضوع النزاع الذي فصل فيه حكم التحكيم، لأن هذه الدعوى ليست وسيلة مراجعة للحكم فيما فصل فيه، وليست إستئنافيه.
وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض، من المقرر قضاء أن دعوى بطلان حكم التحكيم ليست طعناً عليه بالإستئناف ومن ثم فلا تتسع لإعادة النظر في موضوع النزاع وكان ما يثيره الطاعن بشأن تعييب حكم التحكيم لإستناده إلى مستندات محررة باللغة الأجنبية وغير مترجمة للعربية وخطؤه في تاريخ إنتهاء العقد سند الدعوى التحكيمية وإغفاله مخالفات أثبتها بمدوناته قبل المطعون ضده وطلب الأخير إجراء المقاصة لا تتسع له نطاق دعوى البطلان ويضحي النعي في هذا الصدد غير مقبول .
وتعتبر محكمة البطلان - وإن جاز التعبير - محكمة قانون تراقب تطبيق صحيح القانون، ولكن في نطاق يجد حدوده في أسباب البطلان الواردة بالمادة 53 من قانون التحكيم دون أن تتجاوزها إلي بحث غيرها من الأسباب التي لم يرد النص عليها في قانون التحكيم.
كما أن دعوي البطلان بمثابة مخاصمة لحكم التحكيم بسبب مخالفته لنواحي إجرائية محددة علي سبيل الحصر، فيكون دور المحكمة النظر في مقتضيات صحة حكم التحكيم كعمل إجرائي، دون النظر في موضوع النزاع المعروض علي التحكيم، وهي دعوي خاصة ليست إمتداد للدعوي التحكيمية .
فلا تقبل دعوي البطلان التي تقوم علي أسباب موضوعية، أو للخطأ في تحصيل وفهم الواقع أو في مخالفة القانون الواجب التطبيق أو الخطأ في تطبيقه ، فهذه الدعوى ليست إستئنافاً لحكم التحكيم، وليست طريقاً من طرق الطعن عليه بالمعنى الفنى المقصود في الطعن علي الأحكام الوارد في قانون المرافعات .
وقد كان المشرع حريصاً على أن يبرز ذلك النطاق، عندما قرر بنص المادة ٥٢ من قانون التحكيم بعدم قبول أحكام المحكمين التي تصدر طبقاً لأحكام هذا القانون الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية.
وقضت محكمة استئناف القاهرة،بأن دعوى البطلان لا تتسع لإعادة النظر في موضوع النزاع، أو تعييب ما قضى به حكم التحكيم في شأنه، ولا تمتد سلطة القاضي فيها إلى مراجعة الحكم المذكور ومراقبة حسن تقدير المحكمين وصواب أو خطأ إجتهادهم في فهم الواقع أو تكييفه، لأن ذلك مما يختص به قاضي الإستئناف لا قاضي البطلان ولا خلاف أن دعوى البطلان ليست طعناً بالإستئناف على حكم التحكيم .
وقضت ذات المحكمة بأن المجادلة في شأن صحة ما ذهب إليه حكم التحكيم في مسألة ما أمر يتعلق بسلطة هيئة التحكيم في فهم الواقع وتكييفه من ناحية صواب أو خطأ إجتهادها في تفسير القانون وتطبيقه مما لا يتسع له نطاق دعوي البطلان .
وجدير بالذكر أن قيام محكمة البطلان بدورها علي النحو السابق لا يمنعها من القيام بتفسير إتفاق التحكيم للوصول إلى تحديد حقيقة ما إنصرفت إليه إرادة طرفیه ، وتحديد نطاق سلطة هيئة التحكيم للوقوف علي مدي إلتزام هيئة التحكيم بحدود تلك السلطة عند الفصل في موضوع النزاع، وبيان أوجه النزاع التي أحال الأطراف إلى هيئة التحكيم الفصل فيها، وعلي وجه الخصوص بحث مدي إلتزام هيئة التحكيم بنطاق ولايتها علي موضوع النزاع .
وقضت محكمة استئناف القاهرة، بأن لمحكمة البطلان سلطة البحث في كل العناصر القانونية أو الواقعية- دون مراجعة موضوعية- وذلك من أجل التحقق فقط من توافر سبب أو مقتضي البطلان أو عدم تحققه فقاضي البطلان عند فحصه حكم التحكيم لكي يتأكد من توافر مقتضي البطلان لا يفعل ذلك لبحث موضوع النزاع التحكيمي ولكن يكون بحثه عرضياً لكشف وجه الصواب في سبب البطلان المدفوع به، رقابة القضاء علي حكم التحكيم ونواحية الإجرائية ضرورة تقدر بقدرها .