الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / الاختصاص بدعوى البطلان / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / حكم التحكيم بين الإنعدام والبطلان / المحكمة المختصة بنظر الدعوى وطريق رفعها وأثرها على تنفيذ حكم التحكيم

  • الاسم

    ناصر شحاته حسن صالح
  • تاريخ النشر

    2019-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    650
  • رقم الصفحة

    574

التفاصيل طباعة نسخ

 المحكمة المختصة بنظر الدعوي

تولت المادة ٢/٥٤ من قانون التحكيم بيان المحكمة المختصة بنظر دعوي بطلان حكم التحكيم حين نصت علي أنه " تختص بدعوى البطلان في التحكيم التجاري الدولي المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون، وفي غير التحكيم التجاري الدولي يكون الإختصاص لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع". وقد جرى نص المادة (١/٩) من ذات القانون على أن: " يكون الإختصاص  بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصرى للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع أما إذا كان التحكيم تجارياً دولياً سواء جرى في مصر أو في الخارج فيكون الإختصاص لمحكمة إستئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان على إختصاص محكمة إستئناف أخرى".

أما إذا كان التحكيم في غير ذلك إنعقد الإختصاص لمحكمة الدرجة الثانية للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع.

وتخضع دعوي البطلان كغيرها للقواعد العامة الواردة في قانون المرافعات فيما لم يرد بشأنه نص خاص في قانون التحكيم، وعلي وجه الخصوص، قواعد الإختصاص القيمي والنوعي والمحلي، فيتم تحديد المحكمة المختصة وفقاً لتلك القواعد . 

 ولقد فرق المشرع في تحديد المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان بين التحكيم المحلي والتحكيم التجاري الدولي فجعل نوعية التحكيم هي المعيار في تحديد تلك المحكمة ومنحها سلطة الفصل في تلك الدعوى.

أولا: التحكيم الداخلي

تكون المحكمة المختصة بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم المحلي هي دائماً محكمة الدرجة الثانية مباشرة، وإختصاصها في هذه الحالة يكون إختصاصاً نوعياً متعلقاً بالنظام العام، فلا يجوز رفع الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى (جزئية كانت أو إبتدائية)، فإذا رفعت أمامها الدعوي تعين عليها أن تقضى من تلقاء نفسها بعدم إختصاصها نوعياً بنظر الدعوى، والإحالة إلى محكمة الدرجة الثانية (الإبتدائية أو الإستئناف) المختصة إعمالاً لحكم المادة 110 من قانون المرافعات لتتولى الفصل في الدعوى وفقاً لنص المادة ٢/٥٤ من قانون التحكيم.

1 - إذا كانت الدعوى من إختصاص المحكمة الجزئية كانت المحكمة الإبتدائية هي المختصة بنظر دعوى البطلان، وكذا الحال إذا كانت المنازعة مما يدخل في إختصاص المحكمة الإبتدائية كانت محكمة الإستئناف هي المختصة بنظر الدعوى والفصل فيها، وفي جميع الأحوال تراعي القواعد المنظمة للإختصاص القيمي والمحلى والنوعي لهذه المحاكم التي ورد النص عليها في قانون المرافعات، وإذا تعددت المحاكم المختصة محلياً، كما لو تعدد المدعي عليهم، فإن دعوي البطلان ترفع أمام المحكمة الإستئنافية التي تتبعها أي منها .

٢- إذا كانت المنازعة تدخل في الإختصاص النوعي لمحكمة القضاء الإداري فتكون المحكمة الإدارية العليا هي المختصة بنظر دعوى البطلان والفصل فيها .

 3- إذا كانت المنازعة التي فصل فيها حكم التحكيم من المنازعات الإقتصادية التي ورد النص عليها في قانون المحاكم الإقتصادية الصادر بالقانون رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ فإن تحديد الدائرة المختصة بنظر دعوى البطلان مرده وبالضرورة معيار الإختصاص القيمي الذي ورد النص عليه في المادة (6) من هذا القانون، فإذا كانت قيمة النزاع لا تتجاوز خمسة ملايين جنيه فتكون الدائرة الإبتدائية في المحكمة الإقتصادية هي المختصة أصلاً بنظر النزاع وتكون الدائرة الإستئنافية هي المختصة بنظر دعوى البطلان والفصل فيها بإعتبارها محكمة الدرجة الثانية مباشرة لهذه المحكمة.

ويكون الحكم الصادر من الدائرة الإستئنافية التي تنظر دعوى البطلان قابلاً للطعن عليه بطريق النقض إعمالاً لما جرى به نص المادة 11 من هذا القانون، على إعتبار أن الدائرة الإستئنافية تنظر دعوى البطلان كدعوى مبتدأة وتفصل فيها من الناحية القانونية، فهي تراقب مدى إلتزام حكم التحكيم بالنموذج القانوني الذي نص عليه القانون، فهي محكمة قانون لا موضوع ومن ثم يكون حكمها قابلا للطعن عليه بالنقض.

- المحكمة المختصة ودور محكمة النقض في ضوء أحكام القانون رقم ۱۲۰ لسنة ٢٠٠٨ بشأن المحاكم الاقتصادية.

إذا كانت المنازعة التي فصل فيها حكم التحكيم مما يدخل في نطاق الإختصاص القيمي للدوائر الإستئنافية بالمحاكم الإقتصادية، بأن كانت قيمة النزاع تتجاوز خمسة ملايين جنيه أو كانت المنازعة غير مقدرة القيمة، فتكون المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع الدائرة الإستئنافية بالمحكمة الإقتصادية بإعتبارها محكمة الدرجة الأولى.

وهنا يثور التساؤل في ضوء هذا الإختصاص القيمي الذي يمنح الدوائر الإستئنافية إختصاصاً مبتدأ بالفصل في المنازعات الإقتصادية التي تجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه حول تحديد محكمة الدرجة الثانية للدوائر الإستئنافية؟

ولعل الاجابة على هذا التساؤل تتطلب الرجوع إلى نص المادتين (۱۱، ۱۲) من قانون المحاكم الإقتصادية، حيث جرى نص المادة 11 منه على أنه: فيما عدا الأحكام الصادرة في مواد الجنايات والجنح والأحكام الصادرة إبتداء من الدوائر الإستئنافية بالمحكمة الإقتصادية، لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة من المحكمة الإقتصادية بطريق النقض دون إخلال بحكم المادة ٢٥٠ من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

وجرى نص المادة ١٢ على أنه:" تشكل بمحكمة النقض دائرة أو أكثر تختص دون غيرها بالفصل في الطعون بالنقض في الأحكام المنصوص عليها في المادة 11 من هذا القانون.

كما تنشأ بمحكمة النقض دائرة أو أكثر لفحص تلك الطعون تتكون كل منها من ثلاثة من قضاة المحكمة بدرجة نائب رئيس على الأقل لتفصل منعقدة في غرفة المشورة فيما يفحص من الطعون بشأن عدم جوازه أو عن عدم قبوله لسقوطة أو لبطلان إجراءاته. ويعرض الطعن فور إيداع نيابة النقض مذكرة برأيها، على دائرة فحص الطعون، فإذا رأت أن الطعن غير جائز أو غير مقبول للأسباب الواردة في الفقرة السابقة أمرت بعدم قبوله بقرار مسبب تسبيباً موجزاً وألزمت الطاعن المصروفات فضلاً عن مصادرة الكفالة إن كان لذلك مقتضى، وإذا رأت أن الطعن جدير بالنظر أحالتة الى الدائرة المختصة مع تحديد جلسة لنظره، وفي جميع الأحوال لا يجوز الطعن في القرار الصادر من دائرة فحص الطعون بأي طريق".

وإستثناء من احكام المادة 39 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وأحكام الفقرة الثانية من المادة ٢٦٩ من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وإذا قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه حكمت في موضوع الدعوى ولو كان الطعن لأول مرة .

والواقع أن البادي من ظاهر هذين النصين أن محكمة النقض بما لها من اختصاص موضوعي إستثنائي ورد النص عليه بالفقرة الأخيرة من المادة ١٢ سالفة البيان، يوحي بأنها محكمة الدرجة الثانية للدوائر الإستئنافية، وبالتالي تكون هي المختصة بنظر دعوى البطلان والفصل فيها، غير أن المنطق القانوني السليم يأبى التسليم بهذا التفسير لعدة أسباب:

الأول: أن دور محكمة النقض تجاه الأحكام الصادرة من الدوائر الإستئنافية بالمحاكم الإقتصادية الذي نص عليه بالمادة ١٢ من القانون رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ بالفصل في موضوع الدعوى ولو كان الطعن لأول مرة، هو إستثناء من دورها الرئيسي وهو مراقبة صحة تطبيق القانون دون الفصل في الموضوع إلا في حالتين ورد النص عليهما في المادة ٢٦٩ من قانون المرافعات، إذا كان الطعن للمرة الثانية أو كان الموضوع صالحاً للفصل فيه، وهو ما يمثل إستثناء من هذا الأصل، والقاعدة أن الإستثناء لايجوز التوسع فيه أو القياس عليه.

الثاني: أن إعتبار محكمة النقض هي محكمة الدرجة الثانية للدوائر الإستئنافية في المحاكم الإقتصادية، من شأنه التعارض مع المبدأ القانوني المتعلق بالتقاضي على درجتين، خاصة مع كون دعوى بطلان حكم التحكيم تنظرها محكمة البطلان كدعوى مبتدأه، وهو ما يترتب عليه أن القول بإعتبار محكمة النقض محكمة الدرجة الثانية، من شأنه إيجاد نوع من التمييز غير المبرر بين المنازعات الإقتصادية التي تدخل في إختصاص الدوائرة الاستئنافية بالمحاكم الإقتصادية وتلك التي تدخل في إختصاص غيرها من المحاكم.

الثالث: أن نص المادة ٢/٥٤ من قانون التحكيم الذي تولي تحديد المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان يقرر بأنها محكمة الدرجة الثانية للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع، وهو تحديد يقوم على مفترض أساسي قوامه أن محكمة الدرجة الثانية هي محكمة موضوع وإن إختلف دورها إزاء دعوى البطلان والفصل فيها، ومحكمة النقض تمثل قمة الهرم القضائي وهي محكمة قانون وليست محكمة موضوع.

وفي تقديرنا، أن الاختصاص النوعي للدوائر الاستئنافية في قانون المحاكم الإقتصادية من شأنه أن يثير اشكالية قانونية عند تطبيق نص المادة ٢/٥٤ من قانون التحكيم وتحديد المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان، من شأنه أن يمثل عائقاً يحد من فاعلية التحكيم كوسيلة ودية لتسوية المنازعات، خاصة أنه لا توجد مبادئ قضائية في تلك المسألة يمكن الرجوع إليها للوقوف على معالجة محكمة النقض لها نظراً لحداثة نظام المحاكم الإقتصادية.

وهو ما نرى معه أهمية التدخل التشريعي بتعديل نص المادة (٢/٥٤) من قانون التحكيم بإستثناء التحكيم في المنازعات التي تدخل في الإختصاص النوعي والقيمي للدوائر الإستئنافية في المحاكم الإقتصادية من الأحكام الواردة في تلك الفقرة وجعل الإختصاص لمحكمة إستئناف القاهرة أو محكمة الإستئناف التي يتفق عليها الطرفان، أسوة بالتحكيم التجاري الدولي، وذلك حتى لا يقف الخلاف حول إختصاص محكمة النقض بنظر دعوى البطلان حائلا دون فاعلية أحكام التحكيم وهدم الثقة التي تبنيها هذه الأحكام في نفوس المتحاكمين.

وعلي ذلك يقترح ان يكون نص المادة ٢/٥٤ من قانون التحكيم بعد التعديل علي النحو التالي:

المادة ١:٢/٥٤.... ۲. تختص بدعوى البطلان في التحكيم التجاري الدولي والتحكيم في المنازعات التي تختص بنظرها الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية محكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى، ويكون الاختصاص في غير ذلك لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع".

ثانياً: التحكيم التجاري الدولي

حدد المشرع بنص المادة (9) من قانون التحكيم المحكمة المختصة بنظر مسائل التحكيم والفصل فيها وفرق في ذلك بين التحكيم الداخلي والتحكيم التجاري الدولي، فجعل الإختصاص في الأول إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع علي ما سلف بيانه، وجعل الإختصاص في الثاني لمحكمة استئناف القاهرة من حيث الأصل أو لمحكمة الإستئناف التي يتفق عليها الطرفان في مصر، يستوى في ذلك أن يكون التحكيم التجاري الدولي قد تم في خارج مصر أو داخلها .

غير أن المشرع في تحديد المحكمة المختصة بالفصل في دعوى البطلان قد ميز بين التحكيم الداخلي والدولي، فجعل محكمة الدرجة الثانية للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع هي المنوط بها نظر الدعوى والفصل فيها وذلك بالنسبة للتحكيم الداخلي، وجعل الإختصاص لمحكمة الإستئناف العالي بالقاهرة بالنسبة للتحكيم التجاري الدولي من حيث الأصل إلا إذا نص الإتفاق بين الطرفين أيا كانت صورته ( شرط أو مشارطة) أو إتفقا لاحقاً بعد صدور حكم التحكيم على إختصاص محكمة إستئناف أخرى بنظر دعوى البطلان والفصل فيها.

ومن المستقر عليه قضاء عدم جواز الدفع بعدم الإختصاص المحلي لأحد مأموريات محكمة الإستئناف العالي بنظر دعوي بطلان حكم التحكيم الدولي، كونها من دوائر محكمة الإستئناف الأم من الوجهتين القضائية والإدارية وتصدر أحكامها بإسمها.

وتطبيقاً لذلك، قضت محكمة النقض، في قضاء حديث لها، أن المقرر قضاء أن إنشاء مأموريات لمحاكم الإستئناف، لا يعني إنفصالها أو إستقلالها، بل تظل من دوائر محكمة الإستئناف الأم من الوجهتين القضائية والإدارية وتصدر أحكامها بإسمها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم إختصاص محكمة إستئناف القاهرة محلياً بنظر دعوى البطلان، لإنعقاد الإختصاص لمأمورية الجيزة التابعة لذات المحكمة، يكون على غير أساس، وعلى غير ما إستقر عليه قضاء هذه المحكمة فضحي غير مقبول  .