بالإضافة إلى أن النص على مبدأ اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها- تقرير لمبدأ الاختصاص بالاختصاص، وهو من قبيل الاستثناء على الاستثناء، والاستثناء على الاستثناء هو إثبات ظاهر ويعني ذلك العودة للقضاء صاحب الولاية العامة للفصل في تقرير الاختصاص من عدمه.
وكذلك أحكام المحاكم الفرنسية، ومنها: حكم محكمة النقض بين شركتين فرنسيتين وشركة DMN الهولندية "۲۰۰۹":
تتلخص وقائع الحكم في أن شركة DMN أبرمت في ۲۸ يونيو ۱۹۹۰ عقد توزيع منتجاتها مع شركة ريبته وشركة رينو الفرنسيتين، وقد قررت الشركة الهولندية تعديل توزيع منتجاتها، فعقدت محادثات مع الشركتين الفرنسيتين لإلغاء فرع مشترك وإعادة شراء فرع من نشاط هذه الشركة، ولكنها وفي عام ۲۰۰۲ أعلنت عن نيتها في إنهاء عقد التوزيع مع الإخطار بذلك قبل سنة، كما أن عرض الشراء قد ألغي، وعلى أثر ذلك رفعت الشركتان الفرنس الدعوى أمام محكمة Nanterre التجارية؛ لدفع التعويض بسبب الإنهاء الألفي للمفاوضات بين الأطراف، حول تكوين فرع مشترك، ثم شراء فرع من نشاط الشركة المدعى عليها، وقد أسست مسئولية الشركة على أساس المادة ۱۳۸۲ من القانون المدني والمادة 6/44۲ من القانون التجاري. وقد دفعت الشركة المدعى عليها بعدم اختصاص المحكمة على أساس شرط التحكيم الوارد بالمادة ۲۷ من عقد التوزيع، وقد صيغت المادة على النحو التالي: "كل نزاع ناشئ عن العقد الذي تطبق عليه الشروط التالية للتسليم إجمالا أو جزئيا أو الناشئ عن اتفاقات أخرى تالية للعقد تسوى بالتحكيم طبقا للائحة Stiching raad van في لاهاي والتي تصدر حكما بمراعاة لوائح هذا المجلس"، وقد رفضت المحكمة الدفع المقدم من الشركة الهولندية، وقررت اختصاصها بنظر الدعوى المقدمة من الشركتين الفرنسيتين بالرغم من ورود شرط التحكيم السابق ذكره، وفي الطعن باستئناف فرساي أوضحت المحكمة أن عقد التوزيع المبرم في ۲۸ يونيو ۱۹۹۰ يدخل في اختصاص القضاء الفرنسي، واستندت إلى أن شرط التحكيم ظاهر عدم التطبيق على النزاع؛ لأن طلب التعويض يقوم على أساس تقصيري، فبنت الصلة بعقد التوزيع الذي يحكم من قبل العلاقات بين الأطراف، والذي لا تكون هذه المحادثات جزءا منه، ولا تكون معه مجموعا تعاقدا واحدا، وأكدت المحكمة وأيدت - من ثم - اختصاص محكمة Nanterre التجارية؛ لأن المفاوضات لو استمرت حتى نهايتها لأدت إلى إنشاء فرع جديد وكان يلزمه كيان قانوني جديد، وهو ذاته غريب عن عقد التوزيع الذي يلزم الأطراف، والذي ينتج من هذه المفاوضات؛ كأن يمكن أن يتم في تاريخ لاحق على انتهاء عقد التوزيع. وقد استند الطعن بالنقض إلى مخالفة المادة 1458 والمادة 1466 من قانون المرافعات المدنية، وأوضح أن تحلیل حكم محكمة الاستئناف يوضح عدم قابلية شرط التحكيم التطبيق لا يمكن إثباتها ظاهريا دون بحث الموضوع، ونلاحظ أن المادة 1458 من قانون المرافعات تعرض الأثر السلبي لمبدأ وام بالاختصاص، والذي يفرض على القاضي أن يحكم بعدم اختصاصه؛ لأنه لا يملك إمكانية أن يحل محل المحكم في تقدير اختصاصه، كما : المادة 1466 من قانون المرافعات التي تجيز للمحكم أن يفصل في اختصاصه، تتعلق بالأثر السلبي لهذا المبدأ، وقد نقضت محكمة النقض الحكم على أساس المبدأ والذي وفقا له يكون للمحكم أن يفصل في اختصاصه بالاختصاص، وقد خالف حكم فرساي هذا المبدأ؛ وذلك بالحكم بأسباب غير سليمة لإثبات بطلان شرط التحكيم وعدم قابليتة للتطبيق، ويدخل الحكم محل التعليق في قضاء المبادئ، ويؤكد الطابع غير التعاقدي للطلب أنه غير كاف الاستبعاد الاختصاص المرجح للمحكم، وأن الفحص الذي يقوم به القاضي طبقا للمادة 1408، فحص
ظاهري، والنزاع بين الأطراف لم ينتج عنه فسخ عقد التوزيع بالمعني الدقيق، ولكن من الإنهاء الفجائي للمفاوضات، ولم يكن طلب التعويض عن إنهاء المفاوضات طلا تعاقدا بل كان طلبا تقصيرنيا، وتم بحث مسئولية شركة DMN على أساس المادة ۱۳۸۲ من القانون المدني، و 6/۶۲۲ من القانون التجاري، ويجب من ثم أن تفصل محكمة النقض حول مدى خروج الطلب غير التعاقدي من الاختصاص المسبق للمحكم ليفصل في الاختصاص بالاختصاص ؛ ولذلك فإن نقض حكم محكمة الاستئناف ليس مفاجئا؛ إذ إنه من المسلم به منذ فترة طويلة أن اختصاص المحكم لا يقتصر عند طلب التعويض عن عمل أو فعل ضار".
وقد اجازت محكمة النقض بالحكم محل التعليق الفحص الذي قامت به محكمة استئناف فرساي التخلص إلى عدم قابلية شرط التحكيم التطبيق، وقد أوضحت أن الأسباب التي أخذت بها هذه المحكمة غير صحيحة لإثبات الطابع الظاهر لبطلان شرط التحكيم أو عدم قابليته للتطبيق، والأسباب التي استندت إليها محكمة استئناف فرساي في حكمها الصادر في ۳۱ مارس ۲۰۰۵، والتي تقض بالحكم محل التعليق التقرير عدم قابلية شرط التحكيم على النزاع، ناتجة من بحث الموضوع، أي تحليل موضوعي يجاوز البحث الظاهري والذي يفرضه القضاء، وفي هذا الشأن فإن الرقابة التي قامت بها محكمة اس فرساي تطبيقا للمادة 1458 من قانون المرافعات، قد تكونت من تحديد الطيب التعاقدية أو التقصيرية للطلب من الشركتين والرابطة بين النزاع والعقد المتضمن شرط التحكيم، وذكرت المحكمة أن شرط التحكيم" يطبق على كل نزاع ناشئ عن عقد تطبق عليه هذه الشروط الخاصة بالتسليم كليا أو جزئا، أي ناشئ عن اتفاقات أخرى تالية لهذا العقد".
وبملاحظة أن المفاوضات المتعلقة بإنشاء فرع مشترك كان يمكن أن تؤدي إلى اتفاق جديد ينشئ به کیانا قانونا جديدا، وهو بذاته غريب عن عقد التوزيع. وخلصت المحكمة إلى أن "طلبات التعويض لشركة ريبته ورينو علی الأساس التقصيري للإنهاء المفاجئ للمفاوضات، لا ترتبط بعقد التوزيع الحاكم من قبل العلاقات بين الأطراف، والذي لا تكون هذه المفاوضات معه مجموعا تعاقدا واحدا، وبناء على ذلك قامت محكمة استئناف فرساي ببحث مجال تطبيق شرط التحكيم، وهذا يجوز الرقابة المطلوبة بواسطة القضاء للحكم حول الطابع الظاهر لبطلان شرط التحكيم.
ومن القضاء المستقر أنه لبحث الطابع الظاهر لبطلان شرط التحكيم أو عدم قابليته للتطبيق، يتفق الفقه والقضاء على أن القاضي يجب أن يقوم ببحث ظاهري للشرط، وتحظر محكمة النقض على قضاة الموضوع القيام ببحث موضوعي ومتعمق لشرط التحكيم.