الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / الاختصاص بدعوى البطلان / الكتب / التحكيم التجاري الدولي في ظل القانون الكويتي والقانون المقارن / المحكمة المختصة بدعوى البطلان وسلطتها

  • الاسم

    د.حسنى المصري
  • تاريخ النشر

    1996-01-01
  • عدد الصفحات

    665
  • رقم الصفحة

    505

التفاصيل طباعة نسخ

المحكمة المختصة بدعوى البطلان وسلطتها

   - المحكمة المختصة بالفصل في دعوى بطلان حكم التحكيم، في فرنسا ، هي محكمة الاستئناف التي يقع في دائرتها المكان الذي صدر فيه حكم التحكيم ، وهى نفس المحكمة التي تنظر دعوى استئناف هذا الحكم.

   وفى مصر تختص بدعوى البطلان في التحكيم التجاري الدولي المحكمة المشار إليها في المادة 4 من قانون التحكيم المصري رقم ۲۷ لسنة ١٩٩٤  ، وهى محكمة استئناف القاهرة مالم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر، وذلك سواء جرى التحكيم في مصر أو في الخارج. أما في غير التحكيم التجاري الدولي فيكون الاختصاص بهذه الدعوى منعقدا لمحكمة الدرجة الثانية التى تتبعها المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع ( المادة 54/2 من قانون التحكيم المصرى )

   إذ يستطيع الخصم المحكوم ضده - بفضل هذا المبدأ - تعويض ما فاته في الدرجة الأولى من درجات التقاضي لأسباب قد لا ترجع إلى إرادته.

    هذا ، ولا يترتب على رفع دعوى البطلان وقف تنفيذ حكم التحكيم، وهو ما قررته المادة ٥٧ من قانون التحكيم المصري، ومع ذلك أجازت نفس المادة للمحكمة أن تأمر بوقف التنفيذ إذا طلب المدعى ذلك في صحيفة الدعوى وكان الطلب مبنيا على أسباب جدية ، وعلى المحكمة الفصل في طلب وقف التنفيذ خلال ستين يوما من تاريخ أول جلسة محددة لنظره. وإذا أقرت المحكمة بوقف التنفيذ جاز لها أن تأمر بتقديم كفالة أو ضمان مالي ، وعليها إذا أمرت بوقف التنفيذ الفصل في دعوى البطلان خلال ستة أشهر من تاريخ صدور هذا الأمر. ووفقا للمادة ١/٥٨ من نفس القانون لا يقبل طلب تنفيذ حكم التحكيم إذا لم يكن ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قد انقضى.

    بيد أن قانون التحكيم المصري لم يبين ما إذا كان يجوز للمحكمة المختصة بدعوى بطلان حكم التحكيم أن تعرض لموضوع النزاع وتفصل في طلبات الخصوم إذا كانت قد قضت ببطلان هذا الحكم ، ونعتقد أنه ليس ما يمنع هذه المحكمة من ذلك إذا طلبه أحد الخصوم .

 

بطلان حكم التحكيم في النظام الدولي

    يمكن القول بوجه عام، أن الأسباب التي تنص عليها القوانين الوطنية لبطلان حكم التحكيم هي ذاتها التي تؤدى - كمبدأ عام - إلى عدم الاعتراف بأحكام التحكيم التجاري الدولي وتنفيذها في إقليم الدولة التى يطلب إليها ذلك ونحن ولئن كنا سنفرد دراسة خاصة بهذا الموضوع إلا أننا نقتصر هنا على الإشارة إلى النصوص التي تعتبر بطلان حكم التحكيم التجاري الدولي سببا مانعا من هذا الاعتراف والتنفيذ، كما نشير من جهة أخرى إلى الأسباب الخاصة لبطلان أحكام التحكيم التجاري الدولي التى تعالجها بعض اتفاقيات وأنظمة التحكيم التجاري الدولي فضلا على الاجراءات التي تتضمنها لإصدار هذا الحكم مع بيان ميعاد رفع الدعوى والمحكمة المختصة بها.

   النصوص الدولية التى تعتبر بطلان حكم التحكيم التجاري الدولي سببا مانعا من الاعتراف به أو تنفيذه

   لعل أول هذه النصوص هو نص المادة ١/٢ من اتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷ بشأن تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية التي تنص على جواز رفض تنفيذ الحكم في الدول التي يطلب إليها هذا التنفيذ في إقليمها إذا ثبت للقاضي المختص بإصدار أمر التنفيذ أن حكم التحكيم قد قضى ببطلانه البلد الذي صدر فيه  . بل لقد نصت المادة الثالثة من نفس الاتفاقية على أنه يجوز لهذا القاضي ، إذا ثبت له وجود سبب يقدح في صحة أحكام التحكيم الأجنبي ، فضلا على رفض الاعتراف به أو تنفيذه، وقف هذا التنفيذ وتحديد مهلة معقولة للمحكوم عليه للحصول على حكم ببطلانه من المحكمة المختصة .

    ولقد تبنت نفس النصوص - بوحه عام - اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ بشأن الاعتراف بأحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها . فمن جهة نصت المادة ١/٥هـ منها على أنه يجوز رفض الاعتراف بهذه الأحكام وتنفيذها إذا قدم الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ الدليل على أن الحكم.... قد أبطلته أو أوقفته السلطة المختصة في البلد التي فيها أو بموجب قانونها صدر الحكم  . ومن جهة أخرى نصت المادة ١/٦ من نفس الاتفاقية على أنه السلطة المختصة المطروح أمامها الحكم اللأمر بتنفيذه) - إذا رأت مبررا- أن توقف الفصل في هذا الحكم إذا كان قد طلب إيطال الحكم أو وقفه أمام السلطة المختصة " في البلد التي فيها أو بموجب قانونها صدر الحكم .

    ولم تخرج على النهج المتقدم اتفاقية جنيف لعام ۱۹٦١ بشأن التحكيم التجاري الدولي ولئن وضعت بعض الضوابط أو الشروط التي يلزم توافرها لعدم تنفيذ أحكام التحكيم التجاري الدولي ، في الدول الأطراف التي يطلب إليها هذا التنفيذ ، بسبب القضاء ببطلان هذه الأحكـلم فوفقا للفقرة الأولى من المادة 9 من هذه الاتفاقية لا يحول الحكم ببطلان حكم التحكيم الخاضع لهذه الاتفاقية، فى إحدى الدول المتعاقدة دون الاعتراف بهذا الحكم وتنفيذه في دولة أخرى متعاقدة إلا إذا كان حكم البطلان المذكور صادرا في الدولة التي صدر فيها حكم التحكيم المقضي ببطلانه أو صدر هذا الحكم وفقا لقانونها. وينبني على ذلك أنه إذا صدر حكم ببطلان حكم التحكيم فى دولة متعاقدة لم يصدر فيها حكم التحكيم المقضي ببطلانه ولم يكن هذا الحكم قد صدر وفقا لقانونها الإجرائي في حكم البطلان المذكور لا يمنع من الاعتراف بحكم التحكيم المقضي ببطلانه أو تنفيذه في إقليم دولة أخرى متعاقدة ، وذلك نظرا لتخلف الضابط أو الشرط الذي وضعته المادة ۱/۹ المذكورة . غير أن هذه المادة لم تكتف لمنع الاعتراف أو تنفيذ حكم التحكيم المقضي ببطلانه بصدور حكم البطلان في الدولة التي صدر فيها حكم التحكيم أو الذي صدر وفقا لقانونها الإجرائي و إنما اشترطت فوق ذلك أن يكون البطلان راجعا لحالة من الحالات المنصوص عليها في هذه المادة، وتتمثل هذه الحالات فيما يلي:-

    (أ) أن يكون أحد أطراف اتفاق التحكيم مصاب بعارض من عوارض الأهلية وفقا لقانونه الشخصي ، أو أن يكون هذا الاتفاق غير صحيح طبقا للقانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه عليه أو طبقا لقانون البلد الذي صدر فيه حكم التحكيم في حالة عدم وجود ذلك الاتفاق.

( ب ) إذا لم يكن الطرف الذي طلب بطلان حكم التحكيم قد أخطر بتعيين المحكم ، أو لم يكن قد أخطر بإجراء من إجراءات التحكيم ، أو إذا لم يتمكن من تقديم دفاعه لسبب آخر لا يرجع إلى إرادته .

( ج ) إذا فصل حكم التحكيم في نزاع لم تشمله مشارطه التحكيم أو لم يكن من بين النزاعات المحتملة المشار إليها في شرط التحكيم أو إذا فصل في مسائل تجاوز حدود مشارطه أو شرط التحكيم . ومع ذلك إذا أمكن فصل المسائل الخاضعة للتحكيم عن المسائل غير الخاضعة للتحكيم فان البطلان لا يلحق ما فصل فيه الحكم من المسائل الخاضعة للتحكيم.

( د ) إذا لم يكن تشكيل محكمة التحكيم أو لم تكن إجراءات التحكيم موافقة لاتفاق التحكيم أو لإحكام هذه الاتفاقية الخاصة بذلك عند عدم وجود ذلك الاتفاق .

   ولقد قصدت هذه الاتفاقية من تحديد حالات البطلان المشار إليها  ، و هي الحالات التى حصرت فيها ، أثر بطلان حكم التحكيم على الاعتراف به أو تنفيذه ، تقييد الدول المتعاقدة والأطراف أيضا في اتفاقية نيويورك لعام ۱۹۵۸ ، بحالات البطلان المذكورة في تطبيقها الأثر الحكم ببطلان حكم التحكيم المنصوص عليه فى المادة ٥ من الاتفاقية الأخيرة وهو الأثر المتمثل فى منع الاعتراف بحكم التحكيم المقضي ببطلانه أو تنفيذه في إقليم الدولة المتعاقدة التي يطلب إليها ذلك .

تنظيم الطعن ببطلان حكم التحكيم في اتفاقيات وأنظمة التحكيم التجاري الدولي

    انه ولئن كانت أحكام التحكيم الصادرة من مؤسسات التحكيم الدولية الدائمة ، كغرفة التجارة الدولية بصفة خاصة ، تخضع لمراجعة الحكم من قبل الهيئة الدائمة تفاديا لصدور أحكام معيبة  إلا أن ذلك لا يمنع بداهة من صدور أحكام معيبة بعيوب تعرضها للبطلان ولم يضع نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية نظاما خاصا للطعن بالبطلان في أحكام التحكيم الصادرة عنها ، بيد أن ذلك لا يمنع من الطعن في هذه الأحكام بالبطلان أمام المحاكم القضائية الوطنية المختصة دون أن يقدح في ذلك ما نصت عليها المادة ٢٤ من هذا النظام من أن : ١- حكم المحكمين نهائي - وان الطرفين يلتزمان ضمنيا .. بان يتنازلا عن مباشرة طرق الطعن التى لا يجوز لهما التنازل عنها قانونا  لأن الطعن في حكم التحكيم بدعوى البطلان الأصلية ليس من بين طرق الطعن التي يجوز للطرفين التنازل عنها قبل صدور حكم التحكيم، كما أن التنازل عن تلك الدعوى بعد صدور هذا الحكم يحتاج إلى اتفاق الطرفين عليه وعلى عكس نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية نظمت اتفاقية واشنطن لعام ١٩٦٦ المنشئة لمركز تسوية منازعات الاستثمار الطعن ببطلان أحكام التحكيم الصادرة عنه وذلك من حيث بيان حالات البطلان ، وميعاد رفع الدعوى وإجراءاتها ، والجهة المختصة بها وسلطاتها، وكذلك فعل القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الصادر عن الأمم المتحدة عام ۱۹۸۵ ، وفيما يلي تفصيل هذا الإجمال .

(أولا) حالات بطلان حكم التحكيم التجاري الدولي فى اتفاقيه واشنطن والقانون النموذجي

   نصت الفقرة الأولى من المادة ٥٢ من اتفاقية واشنطن على أنه يجوز لكل طرف أن يطل إلى الأمين العام لمركز تسوية منازعات الاستثمار إيطال حكم التحكيم لأحد الأسباب الآتية :

(أ) وجود عيب في تشكيل محكمة التحكيم .

( ب ) تجاوز السلطة المخولة لمحكمة التحكيم .

(ج) توافر سبب من أسباب رد أحد أعضاء محكمة التحكيم.

(د) وقوع مخالفة خطيرة Inobservation grave لقاعدة أساسية Une regle Foindamentale من القواعد المتعلقة بإجراءات التحكيم .

(هـ) خلو حكم التحكيم من الأسباب

    - أما حالات بطلان حكم التحكيم في ظل القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي فقد روعيت فيها اعتبارات معينة لم تكن أمام واضعي اتفاقية واشنطن سالفة الذكر، إذ بينما أقتصر اهتمامهم في تحديد حالات البطلان المشار إليها في المادة ٥٢ المذكورة على إبراز الحالات التي تبرر بطلان أحكام التحكيم الصادرة عن مركز تسوية منازعات الاستثمار وحصرها في أضيق نطاق ممكن فان واضعي القانون النموذجي المذكور قد وضعوا في اعتبارهم ان تحظى حالات البطلان المحددة فيه بقبول اكبر عدد من الدول ورعاياها من الأشخاص المعنوية العامة والخاصة حتى يلجئوا إلى التحكيم المقرر فى هذا القانون ، الأمر الذي استوجب قيام هذه الحالات على مخالفات خطيرة للأسس الجوهرية التي تبنى عليها العدالة الإجرائية Procedural justice في القانون المقارن .

    لذا نلاحظ أن حالات بطلان حكم التحكيم في القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي تقترب إلى حد كبير من حالات بطلان أحكام التحكيم في القانون المقارن .

    ولقد وردت هذه الحالات في المادة ٢/٣٤ من القانون النموذجي حيث نصت على أنه لا يجوز للمحكمة القضائية الوطنية المختصة بدعوى البطلان ان تقضى ببطلان أي حكم تحكيم ( خاضع للقانون المذكور) ما لم يقدم المدعى الدليل على وجود حالة من حالات البطلان الآتية :-

1-  ان أحد طرفي اتفاق التحكيم مصاب بأحد عوارض الأهلية، أو أن الاتفاق المذكور غير صحيح وفقا للقانون الذي أخضع الطرفان له هذا الاتفاق أو وفقا لقانون الدولة الذي تخضع له أهليه الطرفين إذا لم يتفقا على إخضاع الاتفاق لقانون دولة أخرى .

 2 - أن لا يكون مدعى البطلان قد أبلغ على وجه صحيح بتعيين أحد المحكمين أو بإجراء مــن إجراءات التحكيم أو لم يستطع لسبب آخر عرض قضيته .

 3- أن يكون حكم التحكيم قد فصل في نزاع لم يقصده الطرفان أو لم يشمله اتفاق التحكيم ، أو أن يكون هذا الحكم قد فصل في مسائل تتجاوز هذا الاتفاق، على أنه إذا أمكن فصل مـــــا يكون الحكم قد فصل فيه من مسائل خاضعة للتحكيم عن ما يكون قد فصل فيه الحكم من مسائل غير خاضعة للتحكيم فان البطلان لا يلحق إلا هذا الشق الأخير من الحكم .

 4- أن تشكيل محكمة التحكيم أو الإجراء الذي اتبع أمامها كان مخالفا لاتفاق الطرفين ما لـــــم يكن هذا الاتفاق منافيا لحكم من أحكام هذا القانون التى لا يجوز للطرفين مخالفتها ، أو كان ذلك التشكيل أو الإجراء مخالفا لهذا القانون عند عدم وجود اتفاق للطرفين بشأنه.

٥- إذا وجدت المحكمة المشار إليها أن موضوع النزاع لا يقبل التسوية بطريق التحكيم وفقا لقانون الدولة التي تتبعها هذه المحكمة أو وجدت أن حكم التحكيم يتعارض مع النظام العام في هذه الدولة

    - وتجدر الإشارة إلى أن حالات البطلان المتقدمة تماثل من حيث الجوهر ، أسباب رفض الاعتراف بأحكام التحكيم وتنفيذها المنصوص عليها في المادة ٣٦ من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي ، وهى نفس الأسباب المقررة في المادة ٥ من اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ بشأن منع الاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها  . وقد استمر و اضعوا القانون النموذجي هذا التطابق بين حالات البطلان المقررة في المادة ٢/٣٤ من هذا القانون و أسباب رفض الاعتراف بأحكام التحكيم وتنفيذها المقررة فى المادة ٥ من اتفاقية نيويورك المذكورة من الاتفاقية الأوروبية للتحكيم التجاري الدولي المبرمة في جنيف عام ١٩٦١ . فلقد قدمنا أنه وفقا للمادة 4 من الاتفاقية الأخيرة لا يعتبر الحكم الصادر من محكمة أجنبية ببطلان حكم تحكيم لأي سبب آخر غير الأسباب الواردة فى المادة ٥ من اتفاقية نيويورك لسنة ١٩٥٨ موجبا لرفض تنفيذه في إقليم دولة أخرى متعاقدة ، كما قدمنا أن المادة 9 من الاتفاقية الأوروبية المشار إليها قد حضرت أسباب البطلان المحددة لنطاق تطبيق المادة ٥ من اتفاقية نیویورك ، و هو نفس النهج الذي اتبعه و اضعوا القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي في حصرهم لأسباب البطلان المقررة في المادة ٢/٣٤ و أسباب منع الاعتراف بأحكام التحكيم وتنفيذها المقررة في المادة ١/٣٦ من نفس القانون.

    ومع ذلك تجب ملاحظة أن ما قرره القانون النموذجي من بطلان حكم التحكيم أو عدم الاعتراف به أو تنفيذه بسبب عدم قابلية موضوع النزاع للتحكيم قد يخضع لتفسيرات مختلفة أمام المحاكم الوطنية باختلاف مضمون النزاع من دولة لأخرى من الدول التي ترفع أمام محاكمها دعوى البطلان أو طلب الاعتراف والتنفيذ ، هذا من جهة . ومن جهة أخرى ، وهى الأهم ، فان الحكم ببطلان حكم تحكيم في الدولة التي صدر فيها هذا الحكم يترتب عليه أثر مانع جامع هو أنه يمنع تنفيذ الحكم المذكور فى جميع الدول الأخرى ، سواء بموجب المادة ٣٦ من القانون النموذجي أو بموجب المادة ٥ من اتفاقية نيويورك.

(ثانيا) ميعاد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم وإجراءاتها في اتفاقية واشنطن والقانون النموذجي

   وفقا للفقرتين الأولى والثانية من المادة ٥٢ من اتفاقية واشنطن لتسوية منازعات الاستثمار يجب أن يقدم طلب حكم التحكيم الصادر عن مركز تسوية منازعات الاستثمار إلى أمانته العامة ، ويجب أن يكون الطلب مكتوبا، ويجب أن يقدم خلال ۱۲۰ يوما تبدأ من اليوم التالي لصدور الحكم المطلوب بطلانه، فإذا كان طلب البطلان مبنيا على قيام سبب من أسباب رد أحد المحكمين الذين تتألف منهم محكمة التحكيم بدأت هذه المدة من اليوم التالي لاكتشاف هذا السبب، على أنه لا يجوز - في الحالة الأخيرة - أن يتجاوز ميعاد تقديم طلب البطلان ثلاث سنوات من تاريخ صدور الحكم في جميع الأحوال.

(ثالثا) المحكمة المختصة بدعوى بطلان حكم التحكيم وسلطانها في اتفاقيه واشنطن والقانون النموذجي

- تقضى المادة ٥٢ من اتفاقية واشنطن لعام ١٩٦٦ المنشئة لمركز تسوية منازعات الاستثمار بأنه متى تسلم الأمين العام للمركز طلب بطلان حكم التحكيم وجب عليه أن يعين فورا لجنة خاصة un comité ad hoc من بين الأشخاص المذكورة أسماؤهم في قائمة المحكمين وتتألف هذه اللجنة من ثلاثة أعضاء، ولا يجوز أن يكون أى منهم من بين المحكمين الذين تألفت منهم محكمة التحكيم التي أصدرت الحكم المطعون فيه بالبطلان أو أن يكون أي منهم حاملا لجنسية أحد هؤلاء المحكمين أو جنسية الدولة الطرف في النزاع (الدولة المضيفة الاستثمار) أو جنسية الدولة التي يتبعها المستثمر الطرف في النزاع، أو أن يكون أي منهم معينا من قبل إحدى هاتين الدولتين، أو أن يكون قد تم تعيينه من قبل كموفق conciliateur في نفس القضية (فقرة ۳).

   وتتبع أمام هذه اللجنة نفس القواعد الإجرائية المنصوص عليها في هذه الاتفاقية (فقرة). وتتمتع اللجنة بسلطة أبطال حكم التحكيم كليا أو جزئيا لأي سبب من أسباب البطلان المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة ٥٢ من الاتفاقية  . ويجوز للجنة، إذا رأت مبررا لذلك وفقا لظروف الحال أن تقرر وقف تنفيذ حكم التحكيم إلى حين الفصل في طلب البطلان ، وإذا طلب المحكوم عليه طلب وقف تنفيذ الحكم أوقف تنفيذه مؤقتا provisoirement إلى حين الفصل في هذا الطلب فقرة ٥) . فإذا قضت اللجنة المشار إليها ببطلان حكم التحكيم عرض النزاع من جديد ، بناء على طلب الطرف الأكثر نشاطا a partie la plus diligente على محكمة تحكيم جديدة un nouveau tribunal يتم تشكيلها وفقا للقواعد المقررة لذلك في الاتفاقية (فقرة ٦).

    وقد روعي في القواعد المتقدمة، بداهة، أن حكم التحكيم المطلوب إيطاله صادر من مؤسسة تحكيم دولية دائمة حرص نظامها أن يتم الفصل في طلب البطلان في إطارها (۳)، وهو اتجاه يختلف عن الاتجاه الذي سار فيه القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي ، حيث يجوز اتباع قواعده سواء في مؤسسات التحكيم الدولية الدائمة التى لا يمنع نظامها من اتباع هذه القواعد أو تحكيم الحالات الخاصة.

    ولقد جعلت المادة ٢/٣٤ من القانون النموذجي الاختصاص بدعوى بطلان حكم التحكيم للمحكمة المنصوص عليها في المادة ٦ من نفس القانون. ووفقا لهذه المادة (السادسة) تحدد كل دولة تصدر هذا القانون النموذجي - كقانون من قوانينها الوطنية - المحكمة أو المحاكم أو السلطة  التي تدخل تلك الدعوى في اختصاصها . ووفقا للفقرة ٤ من المادة ٣٤ من القانون النموذجي يجوز لهذه المحكمة أو السلطة ، عندما يطلب منها إيطال حكم التحكيم، أن توقف إجراءات البطلان إذا رأت أن الأمر يقتضي ذلك وطلبه أحد الطرفين ، وذلك لمدة تحددها هي كي تتيح لمحكمة التحكيم استئناف السير في إجراءات التحكيم أو اتخاذ أي إجراء آخر من شأنه، في رأى تلك المحكمة أو السلطة الوطنية ، أن يزيل الأسباب التي بني عليها طلب البطلان.

    وهكذا تجيز المادة ٢/٣٤ من القانون النموذجي المذكور للمحكوم عليه في حكم التحكيم أن يطلب إخضاع هذا الحكم لرقابة القضاء، وهى الرقابة التى تتم بلجوئه إلى المحكمة أو السلطة القضائية المختصة التي تدخل ضمن أجهزة النظام القضائي لدولة من الدول. لكن لا يعني ذلك حرمان أى طرف من اللجوء إلى محكمة تحكيم من الدرجة الثانية إذا كان الطرفان قد اتفقا على ذلك في اتفاق التحكيم، وذلك حسبما يجري عليه العمل في بعض أنواع التجارة الدولية المتعلقة بأنواع خاصة من السلع الأساسية أو الاستراتيجية .