وقد أقر قانون التحكيم التجاري الدولي الأونسيترال اور العام (۱۹۸۹م) والمعدل عام ۲۰۱۰م مبدأ الاختصاص بالاختصاص في المادة (16)، حيث نصت على أن: أ- يجوز لهيئة التحكيم البت في اختصاصها، بما في ذلك البت في أي اعتراضات تتعلق بوجود اتفاق التحكيم أو صحته، ولهذا الغرض ينظر إلى شرط التحكيم الذي يشكل جزءا من عقد كما لو كان اتفاقا مستقلا عن شروط العقد الأخرى، وأي قرار يصدر من هيئة التحكيم ببطلان
العقد لا يترتب عليه بحكم القانون بطلان شرط التحكيم. ب- يثار الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم في موعد أقصاه تقديم بيان
الدفاع، ولا يجوز منع أي من الطرفين من إثارة مثل هذا الدفع بحجة أنه عين أحد المحكمين أو أسهم في تعيينه، أما الدفع بتجاوز هيئة التحكيم نطاق سلطتها فيجب إبداؤه بمجرد أن تثار إجراءات التحكيم المسألة التي يدعي بأنها خارج نطاق سلطتها، ولهيئة التحكيم في كلتا الحالتين أن
تقبل دفعا يثار بعد هذا الموعد إذا اعتبرت أن التأخير له ما يبرره. ج- يجوز لهيئة التحكيم أن تفصل في أي دفع من الدفوع المشار إليها في
الفقرة (۲) من هذه المادة إما كمسألة أولية وإما في قرار موضوعي وإذا قررت هيئة التحكيم في قرار تمهيدي أنها مختصة فلكل من الطرفين في بحر ثلاثين يوما من تارخ إعلانه بذلك القرار أن يطلب من المحكمة المحددة في المادة السادسة أن تفصل في الأمر ولا يكون قراراها قابل للطعن إلى أن يبت في هذا الطلب لهيئة التحكيم أن تمضي في إجراءات وأن تصدر قرار تحكيم.
وفي القانون المصري نصت المادة (۲۲) من قانون التحكيم المصري على أن"
- تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بما في ذلك الدفوع
المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله
الموضوع النزاع.
- يجب التمسك بهذه الدفوع في ميعاد لا يجاوز میعاد تقديم دفاع المدگی
به المشار إليه في المادة الثانية من المادة (۳۰) من هذا القانون، و برلب على قيام أحد طرفي التحكيم بتعيين محكم أو الاشتراك في من يشاء
له في تقديم أي من هذه الدفوع، أما الدفع بعدم اتفاق التحكهم لما - الطرف الآخر من مسائل أثناء نظر النزاع بيحب التي به فيا وإلا سقط الحق فيه، ويجوز - في جميع الاحوا في الدفع المتأخر إذا رأت أن التأخير كان لسبب معقول.
- تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة
قبل الفصل في الموضوع أو أن تضمها إلى الموضوع لتفصل فيهما معا، فإذا قضت برفض الدفع فلا يجوز التمسك به إلا بطريق دعوى بطلان حكم التحكيم المهني للخصومة كلها وفقا للمادة (53) من هذا القانون".
وتجدر الإشارة أن عدم اختصاص هيئة التحكيم هذا قد يكون راجعا لعدم وجود اتفاق التحكيم نفسه أو انعدامه أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله الموضوع النزاع، وفي هذه الحالة تحكم هيئة التحكيم بناء على طلب الخصم الآخر بعدم اختصاصها بنظر النزاع، وحكم هيئة التحكيم الصادر في هذه الحالة حكم حائز على قوة الأمر المقضي ولا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن، سوى عن طريق دعوى بطلان حكم المحكمين وفقا لنص المادة (۲۲) من قانون التحكيم المصري.
الحرص على تقرير مبدا الاختصاص بالاختصاص لهيئة التحكيم هو تقرير لسلطة لم يكن معترف بها لتلك الهيئة، وأن الاعتراف بتلك السلطة لهيئة التحكيم لا يسلب القضاء هذا الحق علاوة على ذلك، فإن النص على اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها تقريرا لمبدأ الاختصاص بالاختصاص، وهو من قبيل الاستثناء على الاستثناء، والاستثناء على الاستثناء عودة للأصل باختصاص القضاء صاحب الولاية العامة. وفي هذه الحالة يكون لصاحب المصلحة التمسك بعدم اختصاص هيئة التحكيم، جدير بالذكر أنه لا يشترط الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم في حالة إبداء الطرف الأخر للدفع بوجود اتفاق التحكيم في الجلسة الأولى وقبل الكلام في الموضوع، لأن المحكمة ملزمة في هذه الحالة بالرد على دفاع المدعى عليه في الدعوى خاصة في حالة الدفع بوجود اتفاق التحكيم دون تحديد ميعاد محدد للتحكيم، غير أن أهمية الدفع بعدم الاختصاص أمام القضاء يدق في حالة عدم شمول اتفاق التحكيم للنزاع
المطروح على المحكمة أو بطلانه أو سقوطه.
لا يجوز لها الحكم ببطلان أو صحة اتفاق التحكيم، ويجوز لها الاستمرار في التحكيم إذا تبين لها أن العقد باطل أو غير صحيح لترتيب الآثار المالية المترتبة على بطلانه، لكنها لا تملك الاستمرار في التحكيم إذا تبين لها أن اتفاق التحكيم باطل أو لاغ أو غير مشتمل على موضوع النزاع؛ إذ يتعين عليها في هذه الحالة الحكم بانتهاء التحكيم أو الحكم بعدم الاختصاص بحسب
الحالة.
ونصت المادة (۲/۲) من نظام غرفة التجارة الدولية بباريس على أنه: "إذا لم يرد المدعى عليه على الطلب على النحو الوارد في المادة (5) أو إذا أثار أحد الأطراف دفعا أو أكثر حول وجود أو صحة أو مضمون اتفاق التحكيم، فيجوز للهيئة حينئذ إذا اقتنعت من ظاهر الأوراق باحتمال وجود اتفاق التحكيم أن تقرر الاستمرار في التحكيم، دون إخلال بحقها في تقدير مدى صحة ما أثير أمامها أو مدى سلامة حجته، وفي هذه الحالة يكون لمحكمة التحكيم البت في مسألة اختصاصها بنفسها، وإذا لم تقتنع الهيئة بهذا الأمر تخطر الأطراف بعدم إمكان التحكيم، وفي هذه الحالة يظل للأطراف الحق في اللجوء إلى المحاكم القضائية المختصة للفصل فيما إذا كانوا مرتبطين باتفاق تحكيم من عدمه"، وقد نصت المادة (۲۲) من لائحة غرفة ميلانو للتحكيم المحلي والدولي المعمول اعتبارا من الأول من يناير (۲۰۰۶م)، على أنه: "يجب إبداء الدفع بعدم اختصاص
هيئة التحكيم مع أول إجراء أو جلسة تالية للطلب الذي يشير إليه الدفع وإلا سقط الحق في إبدائه"(۲).
أما في حالة سكوت التشريع الوطني على النص على اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في اختصاصها وفقا لمبدأ الاختصاص بالاختصاص ويكون التمسك بالدفع بعدم الاختصاص في ميعاد لا يجاوز میعاد تقديم جواب المدعي عليه على دعوى التحكيم، أو الميعاد الذي يحدده الأطراف أو المحدد من قبل هيئة التحكيم، وهو ما نصت عليه المادة (
۲/۲۲) من قانون التحكيم المصري، بقولها: يجب التمسك بهذه الدفوع في ميعاد لا يجاوز ميعاد تقديم دفاع المدعي عليه المشار إليه في الفقرة الثانية من المادة (۳۰) من هذا القانون، ولا يترتب على قيام أحد طرفي التحكيم بتعيين محكم أو الاشتراك في تعيينه سقوط حقه في تقديم أي من هذه الدفوع، أما الدفع بعدم شمول اتفاق التحكيم لما يثيره الطرف الآخر من مسائل لنظر النزاع فيجب التمسك به فورا وإلا سقط الحق فيه، ويجوز - في جميع الأحوال – أن تقبل هيئة التحكيم الدفع المتأخر إذا رأت أن التأخير كان لسبب معقول"، وهو نفس ما نصت عليه المادة (
۲/۱۶) من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الأونسيترال بصيغته عام (۱۹۸۹م)، بقولها: "يثار الدفع بعدم اختصاص
هيئة التحكيم في موعد أقصاه ايم بيان الدفاع، ولا يجوز منع أي من الطرفين من إثارة مثل هذا الدفع بحجة انه عين أحد المحكمين أو أسهم في تعيينه، أما الدفع بتجاوز هيئة الحليم نطاق سلطتها فيجب إبداؤه بمجرد أن تثار إجراءات التحكيم المسألة
کی بدعي بأنها خارج نطاق سلطتها، ولهيئة التحكيم في كلتا الحالتين أن تقبل شما يثار بعد هذا الموعد إذا اعتبرت أن التأخير له ما يبرره"(1). |
- ويكون لهيئة التحكيم الفصل في هذه الدفوع على استقلال قبل الفصل في الموضوع أو الفصل فيها مع موضوع النزاع بحكم واحد، فإذا قضت برفض الدفع فلا يجوز التمسك به إلا بطريق دعوى بطلان حكم التحكيم، وهم ما نصت عليه المادة ( ۳/۲۲) من قانون التحكيم المصري، بقولها: "تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة قبل الفصل في الموضوع أو أن تضمها إلى الموضوع لتفصل فيهما معا، فإذا قضت برفض الدفع فلا يجوز التمسك به إلا بطريق دعوى بطلان حكم التحكيم المنهي للخصومة كلها وفقا للمادة (53) من هذا القانون". " أما الحال في القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الأونسيترال الصادر عن الأمم المتحدة عام (۱۹۸۰م)، فيكون الطعن خلال ثلاثين يوما من تاريخ الإعلان بالقرار أمام المحكمة المختصة، ولا يكون قرار المحكمة في الطعن في قرار هيئة التحكيم قابل للطعن مرة أخرى، وهو ما نصت عليه الفقرة (۳) من المادة (16) من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي، بقولها: يجوز لهيئة التحكيم أن تفصل في أي دفع من الدفوع المشار إليها في الفقرة (۲) من هذه المادة إما كمسألة أولية وإما في قرار موضوعي، وإذا قررت هيئة التحكيم في قرار تمهيدي أنها مختصة، فلأي الطرفين في المادة (6) أن تفصل في الأمر، ولا يكون قرارها هذا قابلا للطعن، وإلى أن يبت في هذا الطلب لهيئة التحكيم أن تقضي في إجراءات التحكيم وأن تصدر قرار التحكيم".
في حين خولت قواعد التحكيم التجاري الدولي (الأونسيترال) (۱۹۷۶م) هيئة التحكيم الفصل في الدفع بعدم اختصاصها بوصفه مسألة أولية، ومع ذلك يجوز لهيئة التحكيم الاستمرار في الإجراءات وأن تفصل في الدفع بعدم الاختصاص في قرارها النهائي، وهو ما أكدته نفس القواعد بصيغتها عام (۲۰۱۰م).
والسؤال، هل النص على مواعيد الطعن أمام المحاكم في القواعد والأنظمة الدولية للتحكيم التجاري الدولي، يصلح أساستا لاختصاص المحاكم الوطنية بتلك الطعون خاصة في الدول التي لم تنص تشريعاتها على مبدأ الاختصاص بالاختصاص، وذلك في الحالات التي يتفق فيها الأطراف على تطبيق تلك القواعد والأنظمة؟.
وتجدر الإشارة أن اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في اختصاصها القانون التحكيم المصري رقم (۲۷) لسنة (۱۹۹۶م) وقواعد التحكيم التجاري الأونسيترال الصادرة عام (۱۹۷۹م)، (۲۰۱۰م) والقانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الأونسيترال الصادر عام (۱۹۸۰م) بصياغته عام (۲۰۰۹م) قد يكون راجعا لعدم وجود اتفاق التحكيم نه للتحكيم التجاري الدولي تراجعا لعدم وجود اتفاق التحكيم نفسه أو انعدامه أو سقوطه مولة الموضوع النزاع، وفي هذه الحالة تحكم هيئة التحكيم لب الخصم الآخر بعدم اختصاصها بنظر النزاع، وحكم هيئة التحكيم الصادر في هذه الحالة حكم حائز على قوة الأمر المقضي ولا يجوز
فيه بأي طريق من طرق الطعن، سوى عن طريق دعوى بطلان حكم المحكمين وفقا لنص المادة (۲۲) من قانون التحكيم المصري رقم (۲۷) لسنة (۱۹۹۶م).(1) | ويرى الباحث أن الضمان الأمثل لحسن استعمال هيئة التحكيم لهذه الصلاحية أو السلطة يستلزم النص على صدور حكم التحكيم من هيئة غير مختصة كحالة من الحالات التي يجيز فيها القانون الطعن بالبطلان في حكم التحكيم، أو النص على البطلان في حالة عدم وجود اتفاق التحكيم أو كان هذا الاتفاق باطلا أو قابلا للإبطال أو سقط بانتهاء مدته.