الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / الاختصاص بدعوى البطلان / الكتب / الرقابة القضائية على التحكيم في منازعات العقود الإدارية / الاختصاص بدعوى البطلان

  • الاسم

    سهيلة بن عمران
  • تاريخ النشر

    2015-01-01
  • اسم دار النشر

    مركز الدراسات العربية للنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    272
  • رقم الصفحة

    202

التفاصيل طباعة نسخ

ثانيا: المحكمة المختصة بنظر بطلان حكم التحكيم:
1. أساس الرقابة القضائية في دعوى البطلان:
حددت المادة 1056 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية حالات رفع دعوى بطلان الحكم التحكيمي، تاركة للقضاء تقرير توافر شروط انطباقها من عدمه، والتثبت من صحة الحكم على نحو يرفعه إلى مصاف الأحكام القضائية ،  وبالتالي عليه أن يراعي في الوقت ذاته استبعاد الأحكام التحكيمية التي تفتقد المقومات الأساسية الواجب توافرها في الأحكام القضائية.
يجب أن يلتزم القضاة بجميع هذه الأسس التي تحدد النطاق القانوني للرقابة التي يمارسونها على أحكام التحكيم بمناسبة نظر دعوى البطلان، وعليهم التمسك بدورهم الرقابي من خلال رفض أو تقرير بطلان الحكم التحكيمي، الدور الرقابي تتحدد معالمه في ضوء النصوص القانونية التي تمنح القضاء الوطني الأساس القانوني الذي يبرر له فرض هذه الرقابة في الحدود التي تكفل التحقق من صحة الحكم الصادر ورسم سياسة واضحة تحدد كيان وجوهر الخصومة التحكيمية.
2. سلطات المحكمة التي تنظر دعوى البطلان:
إذا رفعت دعوى بطلان الحكم التحكيمي أمام المحكمة المختصة وقضت المحكمة في هذه الدعوى، وجب التمييز بين فرضيتين:
* الفرضية الأولى،
في حالة صدور الحكم برفض دعوى بطلان الحكم التحكيمي فإن ذلك يعتبر بمثابة الحكم بالاستمرار في تنفيذ الحكم التحكيمي وفي هذه الحالة لا يثور أي إشكال قانوني بخصوص الإجراءات، فالمحكوم لصالحه يستمر في إجراءات التنفيذ، بينما المحكوم ضده يحق له أن يسلك طريق الطعن بالنقض في القرار الصادر من المجلس برفضه طلبه بإلغاء القرار التحكيمي إطلاقًا، تأسيسًا على أحكام المادة 1061 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
* الفرضية الثانية:
في حالة صدور الحكم ببطلان الحكم التحكيمي، في هذه الحالة يثور التساؤل التالي: هل يجوز للمحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان أن تتعرض لموضوع النزاع الأصلي على أساس توفير الوقت والجهد والنفقات؟
أم ليس لها ذلك على أساس احترام إرادة الأطراف المتمثلة في عرض النزاع على محكمين بعيدًا عن قضاء الدولة؟
ثالثًا: حدود سلطة المحكمة المختصة بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم:
يقتصر دور المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان على الرقابة القانونية لضمان التأكد من مدى صحة شرعية أو عدم شرعية حكم التحكيم، ومدى صدوره وفقًا للقواعد القانونية التي نص عليها القانون، ومن ثم تقرير بطلانه من عدمه.
لا تعتبر دعوى بطلان حكم التحكيم دعوى استثنائية، بل تعتبر طريق استثنائي غير مألوف في عداد طرق الطعن في الأحكام له أسبابه المحددة حصرًا في القانون.
ويتم تنظيم إجراءات طلب بطلان حكم التحكيم وفقًا للتشريع العام في إجراءات الدعوى الإدارية، وهو قانون الإجراءات المدنية والإدارية، فالمحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان لا تنظرها باعتبارها درجة ثانية من درجات التقاضي، حيث إن دعوى البطلان ترفع ابتداء بصورة أصلية باعتبارها قضية جديدة غير التي فصل فيها حكم التحكيم محل دعوى البطلان، إذ تقوم هذه المحكمة إما برفض دعوى البطلان وتأييد حكم التحكيم، وإما بقبولها وإبطال هذا الحكم. 
فإذا قبلت المحكمة المختصة دعوى البطلان إذا توافرت أسبابها فإن دورها  يقتصر فقط على مجرد إبطال حكم التحكيم، فلا يجوز لها البحث في موضوع  النزاع، أو التعرض لأساس تقدير المحكمين، فالمشرع لم يعطي للمحكمة سلطة البحث  في موضوع النزاع والحكم فيه، فإذا حدث وأن تعرضت المحكمة لموضوع الحكم مثل التأكد من مطابقته للنظام العام من عدمه فإن ذلك يكون بهدف القضاء ببطلانه فقط، ليس بتعديله ونقضه كونها لا تعتبر محكمة استئنافية، فدعوى البطلان ليست سوى رقابة قضائية على احترام المحكمين للعناصر الأساسية المكونة لتلك الدعوى، فهي دعوى لها صيغة إجرائية أو شكلية لا تنفذ إلى أصل النزاع، فليس للمحكمة أن تبحث في كيفية تأويل وتطبيق المحكمين للقانون إلا إذا كان هناك ما بشكل خرقًا لقواعد النظام العام.
ولم يتطرق المشرع الجزائري لسلطة المحكمة المختصة بدعوى البطلان بالفصل في موضوع الحكم بعد القضاء ببطلانه، فالأصل تنتهي المحكمة المختصة عند الفصل ببطلان الحكم ما لم يتفق الخصوم على غير ذلك، فيترك لهم حرية اختيار الطريق الذي يرونه مناسبًا لحل النزاع، فقد يفضلون اللجوء إلى التحكيم مرة أخرى باتفاق جديد، أو اللجوء إلى القضاء ورفع دعوى أمام المحكمة المختصة أصلًا بنظر النزاع وفقًا للقواعد العامة.
ويثار التساؤل في حال إذا ما صدر الحكم ببطلان حكم التحكيم بعد الطعن عليه بالبطلان أمام المحكمة المختصة به، فهل يجوز الطعن على الحكم بالبطلان بأي طريق من طرق الطعن؟
للإجابة على ذلك أنه لا يوجد من بين نصوص تشريعات التحكيم ما يمنع من إمكانية الطعن على الحكم الصادر ببطلان حكم التحكيم، ولكن نظرًا لأن حكم البطلان يصدر غالبًا من محكمة الاستئناف أو محكمة الدرجة الثانية فإن الطعن عليه يكون بطريق النقض.
وكخلاصة لما سبق يمكن القول إن المشرع الجزائري لم يتطرق إلى إمكانية رفع دعوى البطلان ضد قرارات التحكيم الداخلي، وتناولها فقط بالنسبة للتحكيم الدولي.
وحكم المحكم غير قابل للطعن فيه –بالنسبة للتحكيم الداخلي- ذلك حرصًا من المشرع على تحقيق التحكيم للحماية القضائية المطلوبة، ومع ذلك يرى بعض الفقه أن إلغاء الطعن في حكم المحكم بالتماس إعادة النظر في جميع 
الأحوال يؤدي إلى صدور أحكام مبنية على مستندات مزورة أو وقائع غير سليمة لا سبيل للطعن عليها أو رفع دعوى بإبطالها لأن هذه الأسباب لا تعتبر من الأسباب الواردة على سبيل الحصر لتأسيس دعوى الإبطال، ورغم أن الحكم يعتبر عملًا قضائيا، مما يستتبع عدم جواز المساس به إلا بواسطة طرق الطعن التي ينص عليها القانون بالنسبة له إلا أن تأثير الأساس العقدي لنظام التحكيم واعتبار الاتفاق على التحكيم هو مصدر سلطات المحكمين فإن ذلك قد أدى إلى فتح سبيل دعوى البطلان ضد حكم التحكيم - خاصة في التحكيم الدولي -.
وحكم التحكيم بالمعنى الدقيق هو القرار الصادر من هيئة التحكيم والذي يفصل بصفة قطعية كليًا أو جزئيًا في نزاع معروض عليهم سواء تعلق بالموضوع أو بالاختصاص أو بوسيلة إجرائية إذا كان هذا الفصل يقود إلى وضع حد للخصومة.
وعلى ذلك فإن حكم التحكيم الذي يكون محلًا لدعوى البطلان هو القرار الصادر:
1. من هيئة التحكيم، وبالتالي ما يصدر من قرارات من مركز التحكيم الذي يجري التحكيم وفقًا لنظامه أو تحت إشرافه لا يعتبر حكم تحكيم، ولا يجوز مهاجمته عن طريق رفع دعوى البطلان التي ينظمها قانون التحكيم.
2. كما يجب أن يكون هذا القرار قطعيًا أي فاصل في مسألة بصفة قاطعة تفصح عن عدم عودته لبحثها من جديد وخروجها من ولاية الهيئة التي أصدرت القرار واستنفاذ ولاية هيئة التحكيم بشأنها سواء كان القرار الصادر في أصل النزاع أو في مسألة متفرعة عنه أو متعلقة به أو كان صادرًا في مسألة إجرائية.
وعلى ذلك فلا يدخل في مفهوم حكم المحكم القابل لرفع دعوى بطلان ضده القرارات التالية لأنها ليست قطعية، بحيث يكون لهيئة التحكيم العودة فيها أو إصدار قرارات مغايرة.
مثال ذلك: القرارات المتعلقة بالإثبات أو بسير الخصومة مثل قرار الإحالة لخبير أو قرار سماع شهود أو قرار إجراء معاينة،... إلخ.

(111)