جرى نص المادة 1/54 من قانون التحكيم على أن: " ترفع دعوى بطلان حكم التحكيم خلال التسعين يوماً التالية لتاريخ إعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه".
ومقتضى هذا النص أنه يتعين أن ترفع دعوى البطلان خلال مدة التسعين يوماً التالية لإعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه ، كما يجب أن يتم الإعلان على الوجه الذي رسمه القانون حتى يبدأ هذا الميعاد.
والمقصود بالإعلان في مفهوم هذا النص، هو إعلان المحكوم عليه بصورة من حكم التحكيم بواسطة قلم المحضرين، طبقاً للقواعد التي نص عليها قانون المرافعات في هذا الشأن، بإعتباره النص العام واجب التطبيق لخلو قانون التحكيم من نص ينظم إعلان حكم التحكيم، ولا يغني تسليم صورة الحكم للمحكوم عليه بواسطة سر أمين هيئة التحكيم عن ضرورة إجراء الإعلان ولا ينفتح به الميعاد .
ويترتب على عدم إعلان حكم التحكيم إلى المحكوم عليه، أن يبقى ميعاد رفع دعوى البطلان مفتوحاً حتى تمام الإعلان .
ومن المقرر إعمالاً للقواعد العامة أن ميعاد التسعين يوماً المحدد لرفع دعوى البطلان هو ميعاد ناقص، يجبأن يتم الإجراء خلاله وإلا سقط الحق فيه، فإذا إنقضي دون إتخاذه بفوات اليوم الأخير منه دون رفع الدعوى، كانت الدعوي غير مقبولة لسقوط الحق في رفع الدعوى لإنقضاء الميعاد، وتقضي المحكمة به من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام . وجدير بالذكر أن بدء سريان الميعاد المقرر لرفع دعوي البطلان يكون من اليوم التالي لتاريخ إعلان المحكوم عليه بحكم التحكيم، وهو بهذا يختلف في حسابه عن القاعدة العامة في مواعيد الطعن في الأحكام، الواردة بالمادة ٢١٣ من قانون المرافعات، والتي يبدأ إحتسابها من تاريخ صدور الحكم.
يري بعض الفقه، أنه إذا كان يترتب علي فوات ميعاد رفع دعوي البطلان سقوط الحق في أنه الطعن علي حكم التحكيم بهذا الطريق وتحصن الحكم إزاء أي طريق آخر، فإن بعض الفقه يرى إذا صدر الحكم بناء علي غش من أحد الخصوم فإن ذلك يفتح الباب للطعن علي هذا الحكم بالبطلان، حيث أنه الطريق الوحيد للطعن المقبول ضد أحكام المحكمين في القانون المصري ويبدأ الميعاد في رأينا من تاريخ كشف الغش وليس من تاريخ صدور الحكم أو إعلانه وفي ذلك مخالفة لنص المادة 1/54 التي تحدد ميعاد الطعن بالبطلان من تاريخ اعلان الحكم إلي المحكوم عليه. د/ نبيل إسماعيل عمر - التحكيم في المواد المدنية والتجارية – مرجع سابق – ص ٢٨٤.
والواقع في تقديرنا، أن الطعن في حكم التحكيم الصادر بناء علي غش في هذه الحالة يكون بموجب دعوي إنعدام حكم التحكيم، فلسنا إزاء دعوي البطلان بتنظيمها ومفهومها الوارد بنص المواد (٥٢، 53، 54 من قانون التحكيم) فدعوي إنعدام الحكم وحدها علي ما إستقر عليه الفقه والقضاء - هي سبيل صاحب المصلحة لمواجهة الحصانة التي إكتسبها الحكم بمجرد صدوره، كما أن اللجوء إليها لا يقيده ميعاد ولا يحول دون رفعها في أي وقت نص في القانون، لأن حكم التحكيم الصادر بناء علي غش هو حكم منعدم وهو ما لا خلاف عليه فقها وقضاء، فالمتعلم لا حرمة أو حماية قانونية له ولا يستنفد ولاية المحكم علي المسألة التي فصل فيها، عدا الحالة المتعلقة بوجود إتفاق التحكيم أو إنعدامه، ويجوز إنكاره عند التمسك بما تضمنه من قضاء، فدعوي بطلان حكم التحكيم بتنظيمها الحالي لا تواجه جميع الحالات التي يكون فيها الحكم محلاً لطعن وعلي وجه الخصوص الحالات التي يكون حكم التحكيم فيها منعدماً فاقد مقومات وجوده وأركانه الأساسية عاجزاً عن أداء وظيفته كحكم.
ومن المقرر وفقاً لنص المادة 1/54 من قانون التحكيم، أنه لا يحول دون قبول دعوى البطلان نزول مدعي البطلان عن حقه رفعها قبل صدور حكم التحكيم، ومقتضي ذلك علم الإعتداد بالتنازل عن أوجه البطلان، الصريح أو الضمني، الذي قد يصدر من المحكوم عليه قبل صدور حكم التحكيم.
كما لا يحول دون قبول الدعوي التي رفعت في الميعاد، قيام أحد الخصوم بتقديم طلب إلي هيئة التحكيم لإصدار حكم تحكيم إضافي أو لتفسير حكم التحكيم أو أخطاء مادية أوحسابية فيه.
ويجب أن يتم إعلان الحكم الذي يبدأ به ميعاد دعوي البطلان إلي شخص المحكوم عليه أو في موطنه الأصلي، عملا بنص المادة ٣/٢١٣ من قانون طلب تصحيح المرافعات.