ينشأ الحق برفع دعوى البطلان بموجب أغلب قوانين التحكيم على الدراسة من يوم إعلانه أو تسليمه للأطراف باستثناء قانون التحكيم اليمني الذي لم يحدد بدء میعاد دعوى البطلان.
في قانون التحكيم النموذجي
تقضي المادة (٣/٣٤) منه بأنه لا يجوز تقديم طلب إلغاء بعد انقضاء ثلاثة أشهر من يوم تسلّم الطرف صاحب الطلب قرار التحكيم أو من اليوم الذي حسمت فيه هيئة التحكيم في الطلب الذي كان قد قدم بموجب المادة (۳۳)، إذا كان قد قدم مثل هذا الطلب.
إذاً ميعاد رفع دعوى البطلان بموجب قانون التحكيم النموذجي هي ثلاثة أشهر تحتسب بداء من يوم تسلم الطرف طالب البطلان حكم التحكيم.
أما إذا كان مدعي البطلان قد تقدم لهيئة التحكيم بأي من الطلبات التي تنص عليها المادة (۳۳) وهي المتعلقة بتصحيح الأخطاء المادية في حكم التحكيم أو تفسير أي غموض في المنطوق أو إصدار حكم إضافي فإن ميعاد البطلان يبدأ من اليوم الذي أصدرت فيه هيئة التحكيم قرارها بشأن موضوع الطلب وليس من تاريخ تسلمه القرار.
في قانون التحكيم المصري :
تنص المادة (١/٥٤) بأن ترفع دعوى بطلان حكم التحكيم خلال التسعين يوماً التالية لتاريخ رض إعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه ولا يحول دون قبول دعوى البطلان نزول مدعي البطلان عن حقه في رفعها قبل صدور حكم التحكيم.
فميعاد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم بموجب القانون المصري هو تسعون يوماً وهي نفس المدة تقريباً التي ينص عليها قانون التحكيم النموذجي. ويبدأ الميعاد من تاريخ إعلان الحكم إلى المحكوم عليه أي مدعي البطلان وليس من تاريخ صدوره.
في قانون التحكيم الأردني :
تنص المادة (٥٠) منه بأن تُرفع دعوى بطلان حكم التحكيم خلال الثلاثين يوم التالية لتاريخ تبليغ حكم التحكيم للمحكوم عليه، ولا يحول دون قبول دعوى البطلان نزول مدعي البطلان عن حقه في رفعها قبل صدور حكم التحكيم .
يتفق قانون التحكيم الأردني مع القانون المصري في بدأ ميعاد رفع دعوى البطلان وهو تاريخ إبلاغ حكم التحكيم للمحكوم عليه ويختلف في المدة التي خلالها يجوز لمدعي البطلان رفع دعواه. حيث قصر القانون الأردني هذه المدة بثلاثين يوماً فقط مكرساً في ذلك مبدأ السرعة في حسم منازعات التحكيم وجعل السرعة تمتد أيضاً إلى ما بعد صدور حكم التحكيم.
في قانون التحكيم اليمني :
تقضي المادة (٥٤) منه بأن ترفع دعوى البطلان إلى محكمة الاستئناف خلال مدة الاستئناف القانونية... ويجوز للمحكمة أن تقبل رفع الدعوى بعد انقضاء الميعاد المحدد إن كان التأخير ناتجاً عن أسباب قهرية، شريطة أن يقوم الطالب برفع الدعوى في أقرب وقت بعد زوال هذه الأسباب.
ولنا ثلاث ملاحظات على حكم هذه المادة الأولى: جاء في النص بأن ترفع دعوى البطلان (خلال مدة الاستئناف القانونية وكأن المشرع هنا قد اعتبر أن حكم التحكيم، حكماً ابتدائياً وأن دعوى البطلان هي استئناف الحكم التحكيم وليس دعوى مبتدأه ترفع بإجراءات رفع الدعوى المعتادة. وبمعنى آخر فإنه وعلى الرغم من أن محكمة الاستئناف وباعتبارها محكمة ثاني درجة هي التي أسند لها قانون التحكيم نظر دعوى البطلان إلا أنها لا تنظرها باعتبارها درجة ثانية من درجات التقاضي، بل باعتبار دعوى البطلان قضية جديدة غير القضية التي فصل فيها حكم التحكيم محل دعوى البطلان .
الثانية: أن النص لم يحدد بدء ميعاد رفع دعوى البطلان هل من تاريخ صدور حكم التحكيم؟ أم من تاريخ إعلانه للمحكوم ضده إعلاناً صحيحاً ؟ أم من تاريخ تسلمه الحكم. وبسبب إغفال المشرع لهذه المسألة وعدم تضمينها قانون التحكيم، فإن ذلك يعني تطبيق القواعد العامة في قانون المرافعات المتعلقة بالطعون على الأحكام.
الثالثة: إن النص على قبول دعوى البطلان بعد انقضاء ميعاد رفعها يفتح باباً واسعاً لعرقلة تنفيذ أحكام التحكيم ويعطي المحكوم ضده سبيلاً للحجج والأعذار لكسب الوقت تحت مسمى أسباب قهرية.
في نظام التحكيم السعودي وفي قانون التحكيم السوري :
تقضى تقضي المادة (١٥١ تحكيم سعودي بأن تُرفع دعوى بطلان حكم التحكيم من أي من طرفيه خلال الستين يوماً التالية لتاريخ إبلاغ ذلك الطرف بالحكم، ولا يحول تنازل مدعي البطلان عن حقه في رفعها قبل صدور حكم التحكيم دون قبول الدعوى.
وتقضي المادة (۱۵۱) تحكيم سوري بأن ترفع دعوى بطلان حكم التحكيم خلال مدة ثلاثين يوماً التالية لتاريخ تبليغه حكم التحكيم للمحكوم عليه ولا يحول دون قبول دعوى البطلان نزول مدعي البطلان عن حقه في رفعها قبل صدور حكم التحكيم.
نظام التحكيم السعودي ومعه القانون السوري، اتبع نفس المبدأ الذي سارت عليه قوانين تحكيم مصر والأردن في تحديد مسألة بدء ميعاد رفع دعوى البطلان وهو تاريخ إبلاغ المحكوم ضدة بحكم التحكيم. أما المدة التي يجوز فيها رفع دعوى البطلان فهي ستين يوما في نظام التحكيم السعودي وهي نفس المدة تقريباً في القانون اليمني وثلاثين يوماً في القانون السوري والتي تعتبر مساوية للمدة التي تنص عليها قانون التحكيم الأردني.
في قانون التحكيم العراقي:
تقضي المادة (٤٠) بالألي - أولاً: للمحكمة التي تنظر في طلب الإبطال أن تؤجل البيت فيه لمدة المحددها لإتاحة الفرصة أمام هيئة التحكيم للاطلاع على الأسباب التي بني عليها طلب الإبطال والتخاذ الإجراء المناسب في شأنها.
ثانياً: يقدم طلب إبطال قرار التحكيم خلال (۹۰) تسعين يوماً من تاريخ تسلم قرار التحكيم.
يختص قانون التحكيم العراقي بنص تخلو منه قوانين التحكيم الحديثة بما فيها القوانين محل الدراسة. فبموجب حكم الفقرة (أولاً) من هذه المادة يفهم أنه وبعد أن يرفع المحكوم ضده دعوى البطلان تقوم المحكمة التي تنظر البطلان بوقف البت في نظر الدعوى وإحالة ملف الدعوى الهيئة التحكيم مُصدرة الحكم لدراسة أسباب البطلان التي تضمنتها الدعوى واتخاذ الإجراء المناسب بشأن ذلك.
وهذا النص فيه نظر لأنه يبعث عدداً من الملاحظات ومنها - أولاً: أن هيئة التحكيم تنتهي ولايتها فور إصدارها حكم التحكيم المنهى للخصومة والاستثناء الوحيد لامتداد هذه الولاية محصور فقط في تصحيح أو تفسير حكم التحكيم أو إصدار حكم إضافي بناءً على طلب أحد الأطراف.
ثانياً: لا يظهر الهدف من مقصود النص ( واتخاذ الإجراء المناسب في شأنها. هل يعني هذا أنه يحق للهيئة إجراء تعديل في حكم التحكيم الذي أصدرته على ضوء الأسباب التي تضمنتها دعوى البطلان ؟ أم أنه مطلوب من الهيئة إعادة فتح باب المرافعة في إجراءات التحكيم من جديد؟. نعتقد أنه لا يجوز ذلك في كلا الحالتين. كما نعتقد بأنه ليس هناك أي حكمة لوجود مثل هذا النص.
ونخلص مما تقدم إلى أن ميعاد البطلان يعتبر ميعاداً قطعياً وحتمياً لا يجوز مخالفته ولو باتفاق طرفي التحكيم. ولذلك حُكم على أنه "إذا رفعت الدعوى بعد انقضاء الميعاد، كانت غير مقبولة، لسقوط الحق في رفع الدعوى وتحكم المحكمة بهذا السقوط من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام " وأن " عدم رفع دعوى البطلان خلال الميعاد يترتب عليه سقوط الحق في رفعها ".