الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / طلب البطلان / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية العدد 42 -43 / الطعن بالبطلان في الحكم التحكيمي والمادة 2 من القانون 08.05 أي علاقة؟ دراسة على ضوء العمل القضائي المغربي

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية العدد 42 -43
  • تاريخ النشر

    2019-04-01
  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    186

التفاصيل طباعة نسخ

إذا كان الأصل في الأحكام التحكيمية أنها لا تقبل أي طعن وان الأحكام القضائية لا يطعـن فيها بالبطلان من حيث الأصل فإن أغلب التشريعات أجـازت الطعـن بـالبطلان فـي الحكـم التحكيمي، بحيث وإن كان الحكم التحكيمي في الغالب الأعم يجـب أن يعامـل معاملـة الحكـم القضائي، فإنه من بين أوجه الاختلاف الأساسية بين هذا الأخير والحكـم الـصادر فـي إطـار الخصومة التحكيمية هو قابلية الحكم التحكيمي للطعن بالبطلان بدعوى مبتدئة من نوع خـاص،غالباً ما يتم اسناد الاختصاص للبت فيها لمحاكم الدرجة الثانية ؛ على اعتبار أن التحكيم يعتبر عدالة خاصة لا يتواءم بسهولة مع طرق الطعن، التي اعتدناها بخصوص الحكم القضائي والتي ترمي عادة إلى إعادة فحص النزاع وإحـلال القاضـي محـل المحكم، فرقابة محكمة البطلان تقتصر على رقابة المشروعية أو الصحة، بمعنى أنهـا تنـصب 4 فقط على رقابة الطريق الذي تم به اتخاذ المحكم قراره، وليس عما يتم تقريره أو الفصلفيـه ، أو أنها تعتبر رقابة خارجية على النحو الوارد بقـر ار محكمـة الاسـتئناف التجاريـة بالـدار البيضاء .

. والمشرع المغربي شأنه شأن أغلب التشريعات ورغبة منه في مواكبة المستجدات الحاصـلة على مستوى الساحة القانونية فقد أقر من خلال القانون رقم 05.08 المتعلق بالتحكيم والوسـاطة الاتفاقية قابلية الحكم التحكيمي للطعن بالبطلان أمام محكمة الاستئناف المختصة، هذا الطعن ذو الطبيعة الخاصة الذي يبقى حكرا على الأحكام التحكيمية ولا علاقة له بطرق الطعن المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية .

هذا من جهة ومن جهة ثانية فإنه في ظل مقتضيات ظهير1974 الخاص بقانون المـسطرة المدنية في شقها المتعلق بالتحكيم المنسوخ بموجب القانون 05.08 فالحكم التحكيمي لم يكن يقبـل الطعن بالبطلان، بل أن الحكم التحكيمي لم يكن يقبل أي طعن وكان فقط الأمر القاضـي بمـنح  الصيغة التنفيذية هو الذي يقبل الاستئناف .

مع الإشارة أن المبدأ حتى في القانون الحالي أنه، كقاعدة، فالحكم التحكيمي لا يقبل أي طعن .

ومن جهة أخرى فالمادة 2 من القانون رقم 05.08 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية نصت على أن مقتضيات القانون القديم المنسوخة تظل بصورة انتقالية مطبقة على اتفاقات التحكيم المبرمة قبل دخول القانون الجديد حيز التنفيذ وعلى الدعاوى العالقة أمام المحاكم أو الهيئات التحكيمية؛ لذلك فالإشكال المطروح في هذا الصدد هو حول مدى إمكانية الطعن بالبطلان في الحكـم التحكيمي الذي صدر في ظل المقتضيات الجديدة لكن الشرط التحكيمي وقع الاتفاق عليه في ظل المقتضيات المنسوخة؟

هذا وتتعين الإشارة بداية أن دعوىالبطلان هي سبب هذا الجدل حول المادة الثانيـة مـن القانون رقم 05.08 بحيث أن طرفي الحكم التحكيمي دائما ما يكون أحدهما قد صدر الحكم فـي صالحه، وبالتالي هو لا يريد أن يكون هذا الحكم التحكيمي قابلا للطعن بالبطلان، مما يدفعه إلى تبني الرأي القائل بتطبيق القانون القديم الذي لم يكن يعرف دعوى البطلان، وفي المقابل هنـاك الطرف الآخر المطلوب في التحكيم أو الطرف الذي لم يكن الحكم التحكيمي في صالحه والـذي يتمسك بضرورة تطبيق القانون الجديد الذي يخول له ممارسة الطعن بالبطلان.

لذلك فمحكمة الطعن بالبطلان التي هي محكمة الاستئناف بالنسبة للمشرع المغربي والكثيـر من التشريعات فمن بين أولى الدفوع التي تثار أمامها كأثر ناشئ بمجرد ممارسة الطعن بالبطلان هو هل يطبق القانون القديم وبالتالي تصرح بعدم قبول الطعن شكلا لكون القانون القديم لم يكـن يعرف الطعن بالبطلان أو أنها ستطبق القانون الجديد وبالتالي ستقوم بمناقشة الطعن المعـروض عليها على ضوء الأحكام المنظمة للطعن بالبطلان الواردة في القـانون رقـم05.08 المتعلـق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية؟

وأنه من أجل معالجة الإشكالية موضوع الدراسة قمنا بتناول الموضوع من خلال المطلبـين الآتيين: المطلب الأول: علاقة آثار الطعن بالبطلان بالمادة 2 من القانون 05.08 .

المطلب الثاني: موقف العمل القضائي المغربي.

المطلب الأول: علاقة آثار الطعن بالبطلان بالمادة 2 من القانون 05.08 :

لتحديد علاقة آثار الطعن بالبطلان بالمادة الثانية من القانون رقم05.08 المتعلق بـالتحكيم والوساطة الاتفاقية لا بد من الوقوف على تحديد مفهوم المادة الثانية ودراستها على ضوء مبدأي تطبيق القانون من حيث الزمان وهما الأثر الفوري والرجعي للقانون، لذلك فإننا سـنتناول فـي الفقرة الأولى من هذا المطلب تحديد مفهوم المادة2 من القانون رقم 05.08 مع استحضار مبدأي الأثر الفوري للقانون والأثر الرجعي، وفي الفقرة الثانية تحديد أي قانون يسري علـى دعـوى البطلان كأثر ناتج عن الطعن بالبطلان.

الفقرة الأولى : مفهوم المادة 2 من القانون رقم 05.08 على ضوء مبدأي الأثر الفـوري والرجعي للقانون؛

أولاً - نص المادة 2 من القانون 05.08 :

تنص المادة 2 من القانون رقم 05.08 على الآتي:

''تظل مقتضيات الباب الثامن من القسم الخامس من قانون المسطرة المدنية مطبقة بصورة انتقالية على

-اتفاقات التحكيم المبرمة قبل تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ؛

- الدعاوى التحكيمية الجارية أمام الهيئات التحكيمية أو المعلقة أمام المحاكم في التاريخ المذكور إلى حين تسويتها النهائية واستنفاذ جميع طرق الطعن''.

ثانياً- مبدأي الأثر الفوري لقانون الشكل وعدم رجعية القوانين:

إن الأصل في سريان القوانين من حيث الزم ان أنها تكون واجبة التطبيق ابتداءمن تـاريخ نشرها بالجريدة الرسمية أو من التاريخ الذي يحدده القانون لسريان أحكامها والذي لا يمكـن أن يكون بأثر رجعي؛

بحيث أنه من المبادئ المتعارف عليها أن أي قانون لا يسري إلا على ما يقع فـي تـاريخ نفاذه، ولا تجري أحكامه على ما يكون قد وقع قبله، ما لم ينص هذا القانون على خـلاف ذلـك، طبقاً لمبدأ عدم الرجعية، غير أن ذلك لا يمنع من أن هنالك حالات يستمر فيها أثر القانون القديم في السريان رغم صدور القانون الجديد إلا أن ذلك يكون بشكل محدود لكونه يشكل استثناء فضلاً عن كونه يحتاج إلى التنصيص عليه صراحة.

غير أنه يجب التمييز بين قانون الموضوع وقانون الشك ل على اعتبار أن قانون الشكل يكون له الأثر الفوري، بحيث يحكم كل الخصومات الجديدة التي طرأت بعد نفاذه ولـو كـان الحـق تتمتع بمركز موضوع الدعوى، قد نشأ قبل صدوره ذلك أن الخصومة حسب ما يعتبر البعض قانوني مستقل عن الحق ذاته.

لذلك فتحديد نطاق تطبيق القانون من حيثالزمان يقوم بحـسب الأصـل علـى مبـدأين أساسيين :

الأول وهو الأثر المباشر أو الفوري أو الحالي للقانون ويعني أن القانون يسري علـى الوقائع التي تحدث من يوم نفاذه إلى يوم إلغائه والثاني : وهو عدم رجعية القوانين أو عدم سريان القوانين على الماضي أو عدم استناد القوانين إ لى الماضي ومفاده أن القـانون لا يـسري علـى الوقائع التي تحدث قبل نفاذه .

 -1مبدأ عدم رجعية القوانين:

ويقصد به أن القانون الجديد لا يسري على الوقائع التي تمت قبل أن يصير نافذاً إذ أن هذه الوقائع يحكمها القانون القديم الذي عرضت تحت ظلــه بحيث أن أحكام القانون الج ديد لا يمكن أن تسري على الماضي .

ويعتبر هذا المبدأ من المبادئ الأزلية المتفق عليها في كل التشريعات والدسـاتير ، فـالفقرة الأخيرة من الفصل 6 من الدستور المغربي تنص على أنه "ليس للقانون أثر رجعي".

وهذا المبدأ لم يأتِ بشكل آلي بل فرضته عدة اعتبارات مـن منطـق وعدالـ ة ومـصلحة عامة، ذلك أنه كيف يسوغ أن نأخذ على الأفراد عدم احترامهم لقانون صدر بعد إتيـانهم العمـل الذي نلومهم بناءا عليه رغم أنه لم يكن له وجود أثناء إتيـانهم تلـك الأفعـال أو القيـام بتلـك التصرفات .

غير أن هذا المبدأ وعلى الرغم من صرامته وقدسيته في جل التشريعات،فإنه ما فتـئ أن وردت عليه بعض الاستثناءات، كأن ينص المشرع صراحة على تطبيقه بأثر رجعي . وأن ذلك لا يكون إلا في حالة الضرورة القصوى، بالإضافة إلى ذلك هناك حالة أخرى في القانون الجنائي  والتي تقضي بتطبيق القانون الأصلح للمتهم .

وفي هذا الصدد فقد ظهرت نظريتين حو ل إشكالية تنازع القوانين من حيث الزمـان نـشير باختصار شديد إلى مغزى هاتين النظريتين:

النظرية التقليدية : تعتمد في حل مشكلة تنازع القوانين من حيث الزمان علـى مبـدأ عـدم رجعية القوانين وتفرق ببيان حدود تطبيق هذا المبدأ بين الحق المكتسب ومجرد الأمل.

ذلك أنه حسب هذه النظرية يمتنع امتناعا كليا تطبيق القانون الجديد على الحق المكتسب لأن تطبيقه عندئذ يعني أن القانون قد طبق بأثر رجعي وهذا لا يجوز ويتوجب تطبيق القانون الجديـد على مجرد الأمل لأن هذا التطبيق لا يؤدي إلى المساس بمبدأ عدم رجعيـة القـوانين، وتُـ دخل النظرية التقليدية بعض الاستثناءات على المعيار الذي أخذت به حيث يجوز أن يكـون للقـانون الجديد أثر رجعي رغم ما في ذلك من مساس بحقوق مكتسبة، كالنص الصريح على الرجعية،

نقد النظرية التقليدية : من العيوب التي تم تسجيلها على هذه النظرية التقليدية أنها غامـضة في أساسها مع عدم صلاحيتها، خصوصا اعتمادها على معيار الحق المكتسب وهو فـي نظـر خصومها معيار غير منضبط، بحيث إذا قلنا إن الحق المكتسب يتضمن مصلحة يحميها القـانون فمتى يكون للشخص مصلحة من هذا النوع؟

خصوصا أنه في كثير من الحالات تدق المسألة فلا نستطيع أن نجزم ما إذا كان للـشخص في حالة معينة حق مكتسب أو مجرد أمل.

النظرية الحديثة : قامت النظرية الحديثة على أساس التفرقة بين مبدأين، مبدأ عـدم رجعيـة القانون الجديد من جهة ومبدأ سريان القانون الجديد سرياناً مباشراً من جهة أخرى.

وحسب هذه النظرية فالقوانين الجديدة يجب أن تطبق فور العمل بها، وتبعا لذلك يتم التوقيف عن العمل بالقوانين القديمة .

غير أن المسألة تدق حول مسألة تنازع القوانين من حيث الزم ان عندما يكون ذلك في إطار القوانين الإجرائية الشكلية، على اعتبار أن الخصومة بطبيعتها مكونة من أعمال متتابعـة زمنيـا تمتد عادة لبعض الوقت، مما يجعل احتمال صدور تشريع جديد قبل انتهائها أمر كثير الوقـوع، مما استدعى تكريس مبدأ الأثر الفوري بالنسبة للقوانين الإجرائية .

 -2 مبدأ الأثر الفوري:

يقصد بالأثر الفوري أنه بمجرد صدور القانون ونشره بالجريدة الرسـمية يكـون سـاري المفعول .

وأن سريان القانون الجديد بأثر فوري فيه إع مالا لسيادة القانون وخاصة القوانين الإجرائيـة التي لا تمس جوهر حقوق الخصوم الموضوعية، ولأن هؤلاء لا يعنيهم أن تنظر دعواهم محكمة  دون أخرى أو محكمة مشكّلة تشكيلاً معينا دون تشكيل آخر .

لذلك فقوانين المسطرة تتمتع بالأثر الفوري فهي تطبق على الـدعاوى القائمـة مـنيـوم صدورها شأنها في ذلك شأن سائر القوانين الأخرى، مع ملاحظة شرط عدم المـساس بـالحقوق المكتسبة، وإن كان حسب ما يرى نفس التوجه أن نظرية الحقوق المكتسبة لـيس لهـا بالنـسبة لقواعد المسطرة تلك الأهمية التي تتمتع بها في المجالات الأخرى .

وأنه بمجرد صدور تشريع جديد في مجال القواعد الاجرائية فإننا نكون أمام ثلاثة أنواع من الخصومات .

- خصومات سابقة : ليس للتشريع الجديد أي سريان عليها، فجميع الأعمال التي تمت فيهـا آثار هذه الأعمال، تبقي خاضعة للتشريع القديم . فإذا صدر تشريع يغير من طريقة رفع الدعوى، أو يمنع من قبول أدلة معينة أو يحرم حكما معينا من حجيته أو يلغي طريق تنفيـذ، فـإن هـذا التشريع لا يسري علي الخصومة التي انقضت، ولا يبطل طريق التنفيذ الذي تم . 

 - خصومات مستقبلية : أي الخصومات التي لم تكن قد بدأت بعد صدور التـشريع الجديـد وهذه تخضع له حسب التفصيل الآتي:

أ) – الحق في طريق معين للحماية القضائية: يخضع للقانون الساري وقـت ممارسـته، بمعني أنه لا يمكن استعماله إلا إذا كان القانون الساري وقت بدء الخصومة يعتـرف به، فإذا ألغى تشريع جديد طريق حماية قضائية بواسطة خصومة معينة أو بواسـطة طريق تنفيذ معين، زال تبعاً لذلك الحق في الحصول عل ى الحماية القضائية بواسطة هذا الطريق ولو كان هذا الحق قد نشأ قبل التشريع الجديد.

ب) – إجراءات الخصومة: تخضع إجراءات الخصومة للتشريع الجديد السابق على بدئها.

الخصومات أو الدعاوى القائمة : الاتجاه السائد في الفقه هو تطبيق التشريع الجديد فـورا . فتخضع الإجراءات التي تمت قبل صدوره للتشريع الذي تمت في ظله ، أما الإجراءات اللاحقـة فتخضع للتشريع الجديد . ويستند هذا الاتجاه نظرياً إلى أن كل إجراء يعتبر عملاً قانونياً مـستقلاً، 21 ويحتم مبدأ الأثر الفوري للتشريع وعدم رجعيته إخضاع كل إجراء للتشريع الذي تم في ظله.

لذلك، فإن الدعاوى القضائية التي تمت صحيحة في ظل قانون معين تبقي كذلك، ولو صدر قانون جديد يرتب شكلا أخر لها، ومن ناحية أخري فإن الدعاوى التي تمت معيبة وفقا لأحكـام قانون معين لا يصححها صدور قانون جديد؛ وهذا أيضا يسري على طرق الطعن في الأحكام، ولهذا فإن الآثار التي ترت بهـا الـدعاوى القضائية، مثلا كقطع تقادم الدعوى، أو يرتبها رفع الطعن أو صدور الحكم أو أي إجراء آخـر،

تبقى خاضعة للقانون الذي يحكم الإجراء. لذلك فإنه إذا صدر تشريع يلغي طريق طعن قـائم، أو ينشئ طريق طعن جديد فيجب تطبيق القانون الساري عند صدور الحكم .

لذلك إذا كان القانون منظما لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل به متى كان ملغيا أو منشئا لطريق من تلك الطرق فقد يحدث القانون الجديد طريقا من طرق الطعن لم يكن موجودا في ظل القانون القديم أو قد يلغي طريقا من طرق الطعن كان قـد نـص عليـه القانون القديم .

ففي مثل هذه الحالات يبقى القانون القديم نافذا بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بالقانون الجديد والعبرة في تعيين القانون الواجب التطبيق هنا هي لتاريخ صدور الحكم لا لتاريخ تبلغيه .

ثالثاً- موقف المادة 2 من مبدأي عدم الرجعية والأثر الفوري:

بالرجوع إلى نص المادة 2 أعلاه من القانون رقم 05.08 يتضح أنها تضمنت أحكاما انتقالية تهم من جهة اتفاقات التحكيم المبرمة قبل تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ ومن جهة أخـرى الدعاوى التحكيمية الجارية أمام الهيئات التحكيمية أو المعلّقة أمام المحاكم في التاريخ المذكور إلى حين تسويتها النهائية واستنفاذ جميع طرق الطعن.

وأنّه بإمعان النظر في كل من البندين الأول والثاني من المادة موضوع الدراسة سيتضح أنها تضمنت قاعدة موضوعية وهي البند الأول المتعلق باتفاقات التحكيم، التي تنطبق عليها قاعدة عدم رجعية القوانين مادام أنها قاعدة تهم الموضوع، على اعتبار أنها تتعلق بصحة اتفاقات التحكـيم،

ومعنى ذلك أنه لا يعقل أن يتم إبرام اتفاقات التحكيم بشكل صحيح في ظل القانون القديم ويـأتي القانون الجديد ويقرر عدم صحتها، لهذا كان من الطبيعي أن يقرر المشرع الـنص علـى ذلـك صراحة.

وأنّه بالنسبة للبند الثاني يتضح أنه تضمن قاعدة تخـص الـشكل أو الإجـراءات وتتعلـق بالدعاوى التحكيمية الرائجة أمام المحاكم الرسمية أو قضاء التحكيم، ونص على أنه تبقى خاضعة للقانون القديم الذي تم تحريك الخصومة في ظله، تفادياً لعدم سريان القانون الجديـد فـي شـقه الإجرائي المسطري عليها أي أنه جاء باستثناء على عدم سريان قـانون الـشكل بـأثر فـوري بخصوص الدعاوى التحكيمية الرائجة قبل دخول القانون الجديد حيز التنفيذ؛

وحيث إن معنى ذلك أن المشرع المغربي قرر نتيجة لذلك أنه بالنسبة للخصومة التحكيميـة التي سيتم تحريكها بعد دخول القانون05.08 حيز التطبيق بناءا على اتفاقات التحكيم أبرمت في ظل القانون القديم أنها ستخضع للقانون الجديد؛

أي أن اتفاقات التحكيم من حيث صحتها ستخضع للقانون القديم تطبيقاً لمبدأ عدم الرجعيـة بخصوص القواعد الموضوعية المشار إليه أعلاه، وان الخصومة التحكيمية ستخـضع للقـانون الجديد الذي حركت في ظله مادام أن المشرع في البند الثاني من المادة2 يتحدث عن الـدعاوى التي كانت رائجة في ظل القانون القديم ولم يتم الحسم فيها بعد دخول القانون الجديد ولم يتحـدث عن الخصومات المستقبلية؛

وأنه بذلك فالدعاوى التحكيمية التي تم تحريكها في ظل القانون الجديد تخضع له ف ي كل ما يتعلق بالقواعد الإجرائية المسطرية بدءا من تعيين الهيئة التحكيمية وتشكيلها وآجال صدور الحكم التحكيمي وطرق الطعن، أما بخصوص صحة اتفاقات التحكيم فهي تخضع للقانون القديم الـذي أبرمت في ظله؛

وأنه بخصوص دعوى البطلان، وكما رأينا أعلاه، أن العبـرة فـي طـرق ال طعـن هـي بالقانون الذي صدر في ظله وأنه تبعا لذلك فالحكم التحكيمي الذي صدر في ظل القانون05.08 يكون قابلاً للطعن بالبطلان، وإن كان صادراً بناءا على اتفاق تحكيم أبـرم فـي ظـل القـانون القديم.

الفقرة الثانية : أي قانون يسري على دعوى البطلان كأثر ناتج عن الطعن بالبطلان: بمجرد ممارسة الطعن بالبطلان في مواجهة حكم تحكيمي بناء على شرط تحكيم أبرم قبـل دخول القانون 05.08 حيز التطبيق إلاّ أن النزاع نشأ بعد دخول هذا القانون حيز التطبيـق وان الحكم التحكيمي صدر في ظل القانون الجديد، يثار الإشكال حول القانون الذي يسري على الط عن بالبطلان هل قانون المسطرة المدنية في صيغته الأصلية قبل تعديله بموجب القانون 05.08 أم في صيغته الحالية بعد التعديل؟

من الحالات التي كانت ولازالت محل خلاف في هذا الإطار على مستوى القضاء تجلّ ت في تطبيق المادة 2 من القانون رقم 08-05 التي ذهب البعض في تفسيرها إلى كون أن هذا القانون لا يطبق على اتفاقات التحكيم المبرمة قبل دخول هذا القانون حيز التنفيذ ولا يطبق كـذلك علـى الدعاوى التحكيمية المتعلقة بها دون تمييز بين الدعاوى التحكيمية التي كانت رائجة قبل دخولـه حيز التنفيذ والدعاوى التي تم تحريكها بعد دخوله حيز التنفيذ بشأن أحكام تحكيمية صدرت فـي ظل القانون الجديد، في حين ذهب جانب آخر من القضاء كذلك إلى أن هذا القانون لا يطبق على اتفاقات التحكيم المبرمة قبل دخوله حيز التنفيذ التي تظل خاضعة من حيـث شـروط صـحتها للقانون الملغى، إلا أنّه يطبق على الدعاوى المقدمة بعد دخولـه حيـز التنفيـذ دون الـدعاوى التحكيمية التي كانت جارية أمام الهيئات التحكيمية أو الع القة أمام المحاكم في تاريخ دخول هـذا القانون حيز التنفيذ إلى حين تسويتها واستنفاذ طرق الطعن فيها .

وواضح أن هذا الاتجاه الأخير ميز في إطار المادة الثانية بين الفقرة الأو لى التـي تعتبـر متعلقة بالشروط الجوهرية لصحة اتفاقات التحكيم وبين الفقرة الثانية التي يميز في إطارها بـين الدعاوى السابقة لدخول القانون حيز التنفيذ والدعاوى اللاحقة لسريانه؛

بحيث أن الاتجاه الذي يقول بتطبيق القانون القديم في حقيقة الأمر لا يقيم أي تمييـز بـين الفقرتين الأولى والثانية من المادة الثانية على اعتبار أنه يجب أن يأخذ بعين الاعتبار أن القانون الجديد يتضمن قواعد موضوعية لا تقبل التطبيق على اتفاقات التحكيم المبرمة قبل دخوله حيـز التنفيذ التي تظل خاضعة للقانون الملغى حسبما هو منصوص عليه في الفقرة الأولى من القـانون المذكور؛

لذلك فإن الاتجاه القائل بأن القانون الملغى يطبق على اتفاقات التحكيم المبرمة قبـل دخـول القانون 05.08 حيز التنفيذ بخصوص القواعد الموضوعية المتعلقة بـصحتها وعلـى الـدعاوى المسجلة قبل ذلك وأن الدعاوى المسجلة بعد دخوله حيز التنفيذ تكون خاضعة لـه، هـو الـذي يتماشى مع المنطق القانوني على ضوء المبدأين المشار إليهما أعلاه .

لذلك وعلى ضوء ما تمت دراسته فـي المطلـب الأول نعـرض مـن خـلال المطلـب الثاني لموقف القضاء المغربـي علـى مـستوى محـاكم الموضـع ومحكمـة الـنقض مـن الإشكالية موضوع الدراسة وكيف تأثرت محاكم الموض وع بموقف محكمة النقض بعـد صـدور قرار 2011؛

المطلب الثاني : موقف العمل القضائي المغربي:

تطبيق المادة 2 من القانون رقم 05-08 من حيث الزمان عرفت خلافـاً علـى مـستوى القضاء بحيث ذهب بعض القضاء في تفسيرها إلى كون أن هذا القانون لا يطبق علـى اتفاقـات التحكيم المبرمة قبل دخول هذا القانون حيز التنفيذ ولا يطبق كذلك علـى الـدعاوى التحكيميـة المتعلقة بها.

لذلك سنتناول موقف القضاء المغربي من هذه الإشكالية وهلقبِل الطعن بـالبطلان المقـدم ضد الأحكام التحكيمية التي صدرت في ظل القانون الجديد ، وإن كانت اتفاقات التحكيم المتعلقـة بها أبرمت في ظل القانون القديم، أم قضى بتطبيق القانون القديم ورد طلب الطعن بالبطلان مادام أن القانون المنسوخ لم يكن يعرف هذا الطعن .

الفقرة الأولى : موقف العمل القضائي من خلال محاكم الموضوع قبل صدور قرار محكمة النقض عدد 1467 لسنة 2011:

أولاً- على مستوى المحاكم التجارية:  

حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء عدد 10303 بتاريخ 26 أكتوبر 2009 جـاء فيـه "وحيث إن تمسك المدعى عليها بالفقرة الأولى من المادة المـذكورة(المـادة 2 مـن ق 05.08 (غير مؤسس لأن استثناء المشرع لإ تفاقات التحكيم قـد حـصره فيمـا يتعلـق بالاتفاقات المذكورة وبنودها أي ما هو مرتبط بالنزاعات الخاصة بمضمون هذه الاتفاقات وإلاّ لما حصر الفقرة الموالية الاستثناء في الدعاوى التحكيمية الجارية في تاريخ دخـول 28 القانون حيز التطبيق وأخرج منها ضمنيا الدعاوى التي ترفع بعد دخوله حيز التطبيق"

. بالرجوع إلى هذا الحكم يتضح أنّه تنبه إلى التمييز بين البند الأول والبند الثاني بل الأكثـر من ذلك ذهب إلى تكريس مسألة في غاية الأهمية وهي أن المشرع لو أراد تطبيق القانون القديم بالنسبة للنزاعات المستقبلية لما حصر الفقرة الثانية في الدعاوى الجارية في تاريخ دخول القانون الجديد حيز التطبيق، أي أن المشرع حسب ما ذهب إليه الحكم قد أخرج بـشكل ضـمني مـن الاستثناء المنصوص عليه في الفقرة الثانية الدعاوى المستقبلية التي سترفع بعد دخول القانون رقم05.08  حيز التنفيذ.

بحيث أن القول بغير ما ذهب إليه الحكم أعلاه أي القول بتطبيق القانون القديم حتـى علـى الدعاوى المستقبلية المتعلقة بالطعن بالبطلان في الأحكام التحكيمية الصادرة فـي ظـل القـانون الجديد بناءا على اتفاقات تحكيم أبرمت في ظل القانون القديم يقودنا إلى طرح التساؤلالآتي:

ما الفائدة من الفقرة الثانية القائلة بتطبيق القانون القديم على الدعاوى التحكيمية الجارية أو العالقـة أمام المحاكم أو الهيئات التحكيمية إذا كنا سنطبق القانون القديم حتى على تلك الدعاوى أو طرق الطعن المستحدثة بموجب القانون رقم 05.08؟

جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بمراكش 858/2/2010: "لكن حيث إن المقرر التحكيمي صدر في ظل ال قانون رقم 05.08 وأن المقصود بالاستثناء المنصوص عليه في المادة الأولى المشار إليها أعلاه هو القواعد المطبقة بشأن النـزاع المثـاربشأن اتفاقات التحكيم المبرمة قبل صدور القانون رقم05.08 بحيث تبقى خاضعة للقواعد التـي كان منصوصاً عليها في الفصل 306 وما بعده من قانون المسطرة المدنية فيما يخـص شـروط صحتها وأسباب بطلانها، أما المقرر التحكيمي المطعون فيه فإنه صدر في ظل القـانون05.08 ويبقى خاضعاً لمقتضياته وبالتالي قابلاً للطعن بالبطلان في نطاق الفصل 36.327

." حيث يتضح بالإطلاع على هذا القرار أنّه قبِل الطعن بالبطلان المقدم في مواجهـة الحكـم التحكيمي الذي صدر في ظل القانون الجديد وإن كان قد صدر بناءا على اتفاق التحكيم أبرم طبقا للقانون القديم قبل تعديله، أنه اعتمد القاعدة المشار إليها أعلاه في مبدأ الأثر الفوري والتي مفادها أنه في طرق الطعن أن العبرة بالقانون الذي صدر في ظله الحكم، وانه مادام الحكـم التحكيمـي المطعون فيه أمام محكمة الاستئناف التجارية بمراكش قد صدر في ظل القانون الجديد فهو حسب القرار المشار إليه أعلاه يقبل الطعن بالبطلان .

ثانياً- على مستوى محاكم الاستئناف الإدارية:

جاء في قرار لمحكمة الاستئناف الإدارية بالربا ط: "وحيث إنه في ضـوء هـذه المبـادئ والمقتضيات القانونية، ولما نصت الفقرة الثانية المشار إليها أعلاه على أن الـدعاوى التحكيميـة الجارية أمام الهيئات التحكيمية أو المرفوعة أمام المحاكم وقت نشر القـانون رقـم08.05 فـي الجريدة الرسمية بتاريخ 6 دجنبر 2007 تظل خاضعة إلى المقتضيات المنسوخة بموجـب هـذا الأخير إلى حين تسويتها نهائياً واستنفاذ جميع طرق الطعن خلافاً لأصل القاعدة الذي يقضي بأن القواعد الإجرائية يبتدئ سريانها فوراً بعد نشرها بالجريدة الرسمية حتى بالنسبةالى التي نـشأت في ظل القانون القديم، فهذا بمفهوم المخالفة أن غيرها من الدعاوى التحكيمية الأخرى التـي تـم 30 تحريكها بعد نشر القانون المذكور بالجريدة الرسمية تخضع لأحكام هذا ألأخير منذ البداية" .

يتضح من خلال القرار أعلاه أن محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بدورها تبنّـت نفـس التوجه القائل بتطبيق القانون رقم 05.08 أي قبول الطعن بالبطلان في الحكم التحكيمي الـصادر في ظل القانون الجديد بناءا على اتفاق أبرم في ظل القانون القديم، وإن كان القرار اعتمد مفهوم المخالفة للفقرة الثانية من المادة الثانية موضوع الدراسة لقبول الطعن بالب طلان وبالتـالي القـول بتطبيق القانون في صيغ إلاّ أنّه وعلى الرغم من ذلك فإن عمل محاكم الموضوع مباشـرة بعـد صدور قرار محكمة النقض تغير تماماً وأصبح يقول بتطبيق القانون القديم تماشياً مع هذا القرار كما يتضح ذلك من خلال القرارات التي ستتم الإشارة إليها في الفقرة الثانية.

الفقرة الثانية : موقف العمل القضائي من خلال محاكم الموضوع بعد صدور قرار محكمة النقض عدد 1467 لسنة 2011:

بمجرد صدور قرار محكمة النقض لسنة2011 سرعان ما تغير توجه محاكم الموضـوع ، جاء في هذا القرار ما يلي: "والمحكمة التي بالرغم مما ثبت لها من أن اتف اق التحكيم ابرم بتاريخ 12/7/2007 وطبقت على النزاع مقتضيات قانون التحكيم رقم05.08 الذي لا تطبق مقتـضياته إلا على نزاعات التحكيم المنبثقة عن اتفاقات تحكيم أبرمت في ظله تكون قد عللت قراراها تعليلاً فاسداً بمثابة انعدامه مما يعرضه للنقض"

. يعتبر هذا القرار الصادر بتاريخ 22 دجنبر 2011 أول قرار تعبر من خلاله محكمة النقض عن موقفها بخصوص الإشكالية موضوع الدراسة، والذي قام بنقض قرار محكمـة الاسـتئناف التجارية بمراكش، بحيث ذهبت محكمة النقض من خلاله إلى القول بتطبيق القانون القديم علـى نزاعات التحكيم المنبثقة عن اتفاقات التحكيم المبرمة في ظله وصرحت بنقض القرار الصادر عن محكمة الاستئناف التجارية التي كانت قد قضت بتطبيق القانون الجديد وقبلت الطعن بالبطلان في الحكم التحكيمي.

غير أنه وإن كانت محكمة النقض قد قضت بتطبيق القانون القديم ، وان كنا نحترم مواقـف محكمة النقض المغربية في جميع الأحوال، غير أن وجهة نظرنا إلى جانب بعض الباحثين في هذا الصدد لا تتفق مع ما قضت به محكمة النقض في هذا الصدد بناءا على عدة اعتبارات، منها ما تمت الإشارة إليه أعلاه بحيث أن محكمة النقض لم تعتمد في القول بتطبيـق القـانون القـديم مبدأي عدم رجعية القوانين والأثر المباشر أو الفوري لقانون الشكل، هذا المبدأ في حقيقة الأمـر وإن كان على الأقل بالنسبة للمشرع المغربي غير منصوص عليه في أي نص غير أنّه مبدأ قار ومن المبادئ الأساسية في الدراسات القانونية، كما أن القضاء المغربي قد تبناه في العديـد مـن المناسبات .

كما أن قرار محكمة النقض موضوع المناقشة في تعليله جاء بقاعدة لم تنص عليها المـادة الثانية بحيث ذهبت إلى القول بأن مقتضيات القانون رقم 05.08 لا تطبـق إلاّ علـى نزاعـات التحكيم المنبثقة عن اتفاقات تحكيم أبرمت في ظله، في حين أنّ ه بالرجوع إلى المـادة 2 نجـدها نصت على تطبيق القانون القديم على اتفاقات التحكيم التي أبرمت في ظله وليس على النزاعـات المنبثقة عنها، بدليل أن البند الثاني من نفس المادة حصر تطبيق القانون القديم فقـط بخـصوص الدعاوى الرائجة، إذ لو كان المشرع يرمي إلى القول بتطبيق القانون القـديم علـى النزاعـات المنبثقة عن اتفاقات التحكيم المبرمة في ظل القانون القديم لما كان بحاجة إلى إدراج البند الثـاني في المادة الثانية، ثم كيف يمكن القول بتطبيق القانون القديم على النزاعات المنبثقة عن اتفاقـات تحكيم أبرمت قبل دخول القانون الجديد حيز التطبيق في حين أن المشرع خص فقـط الـدعاوى الجارية واتفاقات التحكيم.

لذلك يتضح أن قرار محكمة النقض لم يميز بـين الفقـرة الأولـى التـي تهـم اتفاقـات التحكيم والتي يطبق عليها القانون القديم من حيـث صـحتها، والـدعاوى التحكيميـة الرائجـة التي نص المشرع صراحة على خضوعها للقانون في صـيغته القديمـة والـدعاوى التـي تـم تحريكها بعد دخول القانون حيز التطبيق التي تكون خاضعة للقانون في صيغته الحاليـة، أي أن الأحكام التحكيمية الصادرة بعد دخول القانون2005.08 حيز التطبيـق تكـون قابلـة للطعـن بالبطلان.

أولاً- على مستوى محكمة الاستئناف التجارية بمراكش

 -1قرار عدد 1601 الصادر في الملفين المضمومين رقم ي 421/12 و858/10 بتـاريخ 10/10/2012 جاء فيه: "وحيث بالرجوع إلى قرار محكمة النقض الـصادر بتـاريخ 22/12/2011 تح ت عدد 1467 في الملف التجاري عـدد 308/03/01/2011 تبـين للمحكمة أن الإحالة هي عدم إمكانية تطبيق القانون رقم05.08 المقدم في نطاقه الطعن بالبطلان على اتفاق تحكيم أبرم قبل دخول القانون المذكور حيز التنفيذ.

وحيث إنه وبمقتضى المادة الثانية من القانون رقم05/08 الـصادر بتنفيـذه الظهيـر الشريف رقم 01.07.169 بتاريخ 19 ذي القعدة 1428 الموافق ل ـ 30/11/07 رقـم 08/05 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5584 وتـاريخ 06/12/2007 فإنـه تظـل بصورة انتقالية مقتضيات الباب الثامن من القسم الخامس من قانون المـسطرة المدنيـة لسنة 1974 مطبقة على اتفاقات التحكيم المبرمة قبل دخول هذا القانون حيز التنفيذ وانّه في نازلة الحال فإن شرط التحكيم أبرم بين الطرفين بتاريخ 12/07/07 حسب البين من الفصل 48 من عقدي الصفقة المدرجين بالملف أي قبل دخول القانون رقم05.08 حيز التطبيق وبالنتيجة فإن اتفاق التحكيم المشار إليه يبقى خاضعا للباب الثامن مـن القـسم الخامس من قانون المسطرة المدنية باعتباره القانون الواجب التطبيـق علـى اتفاقـات التحكيم المبرمة في ظله وأن المحكمة تبت دائماً في طلبات الأطراف وطبقـاً للقـوانين المطبقة على النازلة ولو لم يطلب الأطراف ذلك بصفة صريحة طبقا للفـصل5 مـن قانون المسطرة المدنية.

وحيث إنه بالرجوع إلى مقتضيات الباب الثامن من القسم الخامس من قانون المـسطرة المدنية الملغى تبين للمحكمة أن حكم المحكمين لم يكن يقبل أي طعن في أية حالة على معنى الفصل 319 سواء بالبطلان أو غيره من طرق الطعن العادية ، إلا أنه يمكـن أن يكون محل طعن بإعادة النظر أمام المحكمة التي قد تكون مختصة في القضية ولو لـم يتم فيها التحكيم حسب منطوق الفصل325 من نفس القانون من جهة، ومن جهة أخرى فإن الأمر الصادر عن رئيس المحكمة المانح للصيغة التنفيذية لحكم المحكمين أو رفض إعطاء تلك الصيغة لإخلال وقع فيه حكم المحكمين لم يكن بدوره يقبل الطعن بالبطلان وإنما كان يقبل الطعن بالاستئناف خلال أجل الثلاثين يوماً من تـاريخ تبليغـه، ويقـدم الطعن المذكور أمام محكمة الاستئناف التي صدر حكم المحكمين في دائرتها ما لم يتخل الأطراف مقدما عن هذا الطعن. كما يقبل الأمر القاضي بتذييل حكم المحكمين بالصيغة التنفيذية أيضاً الطعن عن طريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة بموجب الفـصل325    ضمن الشروط المقررة في الفصل 303 وما بعده من ق م.م. . وتقبل أيضاً الطعن بالنقض القرارات الصادرة انتهائياً في طلب إعادة النظر أو في استئناف الأمر القاضي بتذييل حكم المحكمين بالصيغة التنفيذية (ف 326 ) واعتباراً إلى أن المقتضيات المشار إليها لم تنظم الطعن بالبطلان سواء في حكم المحكمي ن أو في الأمر القاضي بتذييل حكم المحكمين بالصيغة التنفيذية والذي يعتبر طعناً استئنافياً لا يمكن سـلوكه إلاّ إذا تـولى المشرع تنظيم آلياته المسطرية بمقتضى نصوص خاصة إذ لا طعن بدون نـص فـإن طعن شركة أطلس بيتوك بالبطلان في حكم المحكمين الصادر بتـاريخ16/03/2010 تحت عدد 001/2010 وكذا الأمر عدد 589 بتاريخ 24/03/2010 القاضـي بتـذييل المقرر المذكور بالصيغة التنفيذية يبقى معيباً شكلاً ويتعين التصريح بعدم قبوله وتحميل رافعه الصائر.."

. -1قرار 202 بتاريخ 5 فبراير 2014 :تراجعت فيه محكمة الاستئناف التجارية عن التوجه الأول: جاء في هذا القرار: ''حيث إن عرض النزاع على المحكمين وصدور حكمهـم بعد سريان القانون 05.08 حيز التنفيذ لا يجعل هذا الأخير هو الواجب التطبيق وإنمـا تبقى المقتضيات المنظمة للتحكيم في ظل قانون المسطرة المدنيـة لـسنة 1974 هـي الواجبة التطبيق''

ثانياً- على مستوى محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء:  

قرار عدد 3309/ 2013 الصادر بتاريخ 18/06/2014" :إن العقد الرابط بين الطرفين المتضمن لشرط التحكيم ابرم في دجنبر 2005 والمشرع كان صريحاً في المادة 2 من قانون رقم 05/08 في اعتبار اتفاقات التحكيم المبرمة قبل تاريخ دخول القانون الجديـد 35 حيز التطبيق خاضعة للمقتضيات المنسوخة  

 

 جاء في قرار لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء ما يلي: ''حيث إن الأمر في 36 النازلة يتعلق بتفعيل بند التحكيم المنصوص عليه في الفـصل172 مـن بروتوكـول الاتفاق المؤرخ في 19 مارس 2003 وأن مقتضيات القانون رقم 05/08 الـذي نـشر بتاريخ 6/12/2007 فإن المادة الثانية منه نصت على أن المقتضيات المنسوخة تظـل مطبقة في اتفاقات التحكيم المبرمة قبل تاريخ دخول القانون الجديد حيز التطبيق أي قبلدجنبر 2007 ،وبما أن الاتفاق المبرم بين الطرفين والذي تضمن بند التحكـيم تـم بتاريخ 19 مارس 2005 فإن مقتضيات الباب الثامن من القانون تبقـى هـي الواجبـة التطبيق في النازلة.

وحيث إن الفصل 319 من ق .م. م القديم نص على أن حكم المحكمين لا يقبل الطعن في أية حالة، وعليه فإن المشرع حسم الأمر بشكل صريح ومنع الطعن في حكم المحكمين، وبالتالي يكون طلب الطعن بالبطلان غير مرتكز على أساس قانوني ويتعين الحكم بعدم  قبوله .

وحيث يتضح بذلك أن محاكم الاستئناف وإن كانت قـد طبقـت مقتـضيات المـادة2 والنقاش المرتبط بها بسبب دعوى البطلان وطبقتها على النحو المفصل أعلاه، فإنها ما لبثت أن قامت بالعدول عن التوجه الأول القائل بتطبيق القانون القـديم علـى صـحة اتفاقات التحكيم وبتطبيق القانون الجديد على الأحكام التحكيمية الصادرة في ظله للقول بقبول دعوى البطلان التي تعتبر السبب الرئيسي في هذا الجـدل الواقـع علـى هـذا المستوى، والعدول عن ذلك التوجه كان سببه الأساسي هو قرار محكمة النقض لـسنة .2011

مع العلم وكما سبقت الإشارة إلى ذلك أن بعض المحاكم ، ولو بعد صـدور قـرار2011، ظلت تقول بتطبيق القانون الجديد لكن التوجه العام أن أغلب المحاكم انصاعت لموقـف محكمـة النقض؛ 

كما أن محكمة النقض أصدرت مؤخرا عدة قرارات تقضي فيها بتطبيق القانون القديم . وختاماً نشير إلى محضر مداولات مجلس المستشارين دورة أبريل 2007 محضر عـدد 548للتصويت على مشروع القانون 05.08 بحيث يتضح بالرجوع إليـه أن المـادة 2 مـن القانون رقم 05.08 لم يتم التصويت عليها مطلقا، بحيث تم التصويت على المادة الأولى التـي تم بموجبها نسخ وإضافة المواد من 327. 1 إلى 327. 70 التي تم التصويت عليها بالإجماع وتم مباشرة الانتقال إلى التصويت على المادة 3 التي تم التـصويت عليهـا بالإجمـاع دون التصويت على المادة 2 ،الشيء الذي يطرح معه التساؤل حول تأثير ذلك على العمـل بهـذه المادة؟