التنفيذ / طلب البطلان / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد رقم 28 / التحكيم هو خروج عن الأصل المقرر في ولاية المحاكم - يقتضي قصره على ما تنصرف إليه إرادة المحتكمين
التحكيم.. ولئن كان قوامه إرادة الخصوم ويبنى مباشرة على اتفاقهم في كل حالة على حدة، فإنه يرتكن أساساً إلى حكم القانون الذي أجاز اللجوء إلى هذا الطريق خروجا عن الأصل المقرر في ولاية المحاكم، مما يقتضي قصره على ما تنصرف إليه إرادة المحتكمين في حدود ما يسمح به القانون مع التزام الحذر في تفسير الاتفاق عليه أو النصوص القانونية التي تنظمه عند تحديد المنازعات التي تخضع له.
(محكمة التمييز الطعن رقم 2001/60، جلسة 2001/5/7)
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 9/83/2000/2 أمام المحكمة الكبرى المدنية بلائحة طلبت فيها الحكم ببطلان الحكم الصادر من المحكمة والمودع لدى المحكمة الكبرى المدنية في الدعوى رقم 2/426/98/2 بتاريخ 1999/12/6 ، والذي قضى بإلزامها بأن تؤدي للأول مبلغ 54 ألف دولار أميركي، وللثاني مبلغ 30,000 دولار أميركي والفوائد، وبإلزام الطرفين بأتعاب الخبير والتحكيم مناصفة بينهما، والمحكمة أجابت الطاعنة عن طلباتها. استأنف المطعون ضدهما بالاستئناف رقم 1/802/2000/3 ومحكمة الاستئناف العليا المدنية حكمت بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق التمييز، والمكتب الفني للمحكمة قدم مذكرة برأيه في الطعن وحيث ما تنعاه الطاعنة بالسبب الأول من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المحكم أقام حكمه على بطلان العقد المبرم بين الطاعنة والمطعون ضدهما والمعروف بإتفاقية الزبون، وفقاً لتفسيره بشرط التحكيم الوارد في المادة 18 منها، ولمشارطة التحكيم المبرمة بينهما، في حين أن بطلان تلك الاتفاقية لم تكن محل منازعة بين الطرفين، وأن التحكيم يجب قصره على ما تتصرف اليه إرادة المتخاصمين في حدود ما يسمح به القانون.وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن التحكيم هو طريق استثنائي لفض المنازعات بين الخصوم بغير طريقها المعتاد، ولئن كان قوامه إرادة الخصوم ويبنى مباشرة على اتفاقهم في كل حالة على حدة، فإنه يرتكن أساساً إلى حكم القانون الذي أجاز اللجوء إلى هذا الطريق خروجاً عن الأصل المقرر في ولاية المحاكم، مما يقتضي حتماً قصره على ما تنصرف إليه إرادة المحتكمين في حدود ما يسمح به القانون مع التزام الحذر في تفسير الاتفاق عليه أو النصوص القانونية التي تنظمه عند تحديد المنازعات التي تخضع له، ولا يجوز التوسع في شأن كل استثناء، فإذا كان ذلك، وكانت المادة 233 من قانون المرافعات قد أجازت للمتعاقدين أن يشترطوا بصفة عامة عرض ما قد ينشأ بينهم من نزاع في تنفيذ عقد معين على محكمين، فإن ما اشترطته الطاعنة والمطعون ضدهما في المادة الثانية عشرة من اتفاقية الزبون لجهة أن أي خلاف أو فرق جدي بين الطاعنة والزبون يكون ناجماً عن أو ذا علاقة بهذا الاتفاق، أو لنظم وشروط المتاجرة، يجب حله عن طريق التحكيم، وما ورد في البند الثاني من مشارطة التحكيم من أن المحكم تم تعويضه بإتخاذ كافة الخطوات الضرورية من أجل إصدار قرارات سليمة وفعالة، وفي الوقت المحدد، حول كافة النزاعات الناشئة بين أطراف التحكيم، إنما يقتصر ضمناً على منازعاتهم في شأن تنفيذ تلك الاتفاقية، ولا ينصرف إلى المنازعات التي لا تتعلق بتنفيذها. وإذ انتهى المحكم في حكمه الصادر بتاريخ 1999/12/4 بإلزام الطاعنة أن تدفع للمطعون ضدهما المبالغ الواردة استناداً إلى أنها مارست أعمالاً لم يرخص لها القيام بها بما يجعلها تتحمل مسؤولية ما لحق بالمطعون ضدهما من أضرار، وبالتالي يلغى كل ما يترتب على المعاملات التي جرت بين الطرفين بما مفاده أنه انتهى إلى بطلان اتفاقية الزبون التي تسلمت الطاعنة بموجبها تلك المبالغ المتاجر بها في السوق الدولية للعملات الأجنبية، والتي تضمنت شرط التحكيم، يكون قد خرج عن اختصاصه المحدد في القانون، ويكون الحكم المطعون فيه، إذ انتهى إلى أن ما توصل اليه المحكم في هذا الخصوص له صلة وثيقة بالنزاع القائم بين الطرفين بالاتفاق المبرم بينهما، وهو ما رتب عليه تحملها مسؤولية ما لحق بالمطعون ضدهما من ضرر، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويستوجب نقضه. وحيث إن المحكمة تلزم المطعون ضدهما بمصاريف الطعن. وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعيّن رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف مع الزام المطعون ضدهما بالمصاريف الاستئنافية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وفي موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المطعون ضدهما مصاريف الطعن ومصاريف الاستئناف ومبلغ مائة ألف دينار مقابل أتعاب المحاماة.