اذا أصبح تنفيذ العقد مرهقا فان الالتزام المرهق يرد إلى الحد المعقول والاتفاق على خلاف ذلك يقع باطلا.
(حكم تحكيمي- القضية رقم 9 لسنة 2007- مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم- صدر بتاريخ 2008/6/10 بمقر المركز)
وحيث أنه عن موضوع الدعوى ولما كانت المادة (169) من القانون المدني تنص على: "اذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على ارادة المتعاقدين" وكانت المادة (171) من ذات القانون تنص على أن: "العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه أو تعديله الا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون" ومع ذلك اذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أو تنفيذ الالتزام التعاقدي وان لم يصبح مستحيلاً، صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للقاضي تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق الى الحد المعقول ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك.
كما تنص المادة (172) من القانون القطري على أن: "يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية ولا يقتصر العقد على التزام المتعاقد بما ورد فيه ولكن يتناول أيضاً ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام".
وحيث أنه بإفراد ما تقدم من نصوص القانون وعرضها على بساط البحث القانوني في ضوء ما تضمنه ملف الدعوى من مستندات فان الثابت من واقع تلك المستندات أن الشركة المحتكم ضدها قد تعاقدت مع الشركة المحتكمة على توريد رمل خام من الكرعانة الى مصنعها بطريق أم باب وذلك بكمية ثلاثة آلاف طن يومياً مقابل سعر 4.60 ريال للطن وقد ورد بالعقد المبرم بين طرفيه وكذا بإعلان شروط المناقصة المكان المحدد لنقل الرمال من محجر المحتكم ضدها في الكرعانة إلى مصنعها بميكنيس وأن مدة العقد ثلاث سنوات اعتباراً من تاريخ 2005/11/1 وحتى تاريخ 2008/10/31 مع التزام المحتكمة بتقديم خطاب ضمان غیر مشروط بمبلغ أربعمائة ألف ريال، وقد تمت زيادة كميات توريد الرمال من قبل الشركة المحتكمة وذلك بناء على طلب المحتكم ضدها وذلك بموجب الاخطارات الواردة إلى المحكمة من قبل المحتكم ضدها وبالكميات المذكورة – بصدر هذا الحكم ووفقاً لما هو ثابت بمحاضر جلسات الدعوى.
وحيث أن الثابت من واقع ما تضمنه عقد التوريد المحرر فيما بين أطرافه أنه عقد محدد المدة يبدأ سريانه منذ تاريخ 2005/11/1 وينتهي بتاريخ 2008/10/31 دون النظر إلى كميات الرمال محل التوريد وذلك وفقاً لصراحة النص في العقد ومن ثم فان دفاع المحتكم الوارد بمحاضر الجلسات بشأن انتهاء مدة تنفيذ العقد بتوريد الكمية المنصوص عليها بالعقد والبالغ ثلاثة آلاف طن لمدة ثلاث سنوات هو دفاع يخالف ارادة المتعاقدين وقصدهم من التعاقد حيث انه قد ورد بالبند الثالث من العقد المبرم وبشروط المناقصة المعلن عنها أن مدة العقد هي ثلاث سنوات دون الوضع في الاعتبار كميات الرمال التي يتم توريدها وهو ما يكون معه دفاع المحتكم في هذا الشأن يخالف ما هو منصوص عليه صراحة ببنود العقد وشروط طرح المناقصة للإعلان عنها مما يمتنع على الهيئة التحكيمية التطرق لتفسير العقد في هذا الشأن إزاء صراحة النص ووضوح قصد المتعاقدين من التعاقد ومن ثم رفض دفاع المحتكم في هذا الشأن.
أما بشأن طلب الشركة المحتكمة بتعويضها عن مصاريف التشغيل التي تكبدتها نتيجة زيادة المسافة المقطوعة لنقل الرمال من محجر المحتكم ضدها في الكرعانة إلى مصنعها بميكنيس وذلك نتيجة لإغلاق الطريق. وحيث أنه بالاطلاع على عقد التوريد المحرر فيما بين المحتكم والمحتكم ضدها والوقوف على التزامات أطرافه والمتمثلة بالنسبة للشركة المحتكمة في توريد ونقل الرمال من محجر الشركة المحتكم ضدها الى مصنعها وهو ما تكون معه المسافة المقطوعة فيما بين المحجر والمصنع هي المعيار الرئيس للمحتكم في تحديد أسعار النقل والتوريد وآية ذلك أن الشركة المحتكم ضدها عمدت في الاعلان عن شروط طرح المناقصة أن توضح المسافة التي سيتم نقل الرمال اليها والنص ضمن الشروط على مكان المحجر الذي سيتم النقل منه ومكان المصنع الذي سيتم التوريد اليه مما تكون معه تلك المسافة هي أساس احتساب قيمة تكلفة نقل الطن.
وعليه فاذا ما كان الثابت من واقع المستندات المرفقة بمحاضر جلسات الدعوى أن المسافة التي كانت محل اعتبار للشركة المحتكمة عند تحديد سعر تكلفة نقل الطن عند التعاقد كانت 64 كم لكل نقلة ذهاباً وعودة والثابت أيضاً من واقع ما قدم للهيئة التحكيمية وأرفق بملف الدعوى من مستندات تعضد طلب المحتكم بزيادة المسافات التي يطالب عنها بالتعويض وإقرار المحتكم ضدها بموجب محضر جلسة 2008/4/21 بزيادة المسافات وفقاً لما هو وارد بكتاب فريق ادارة مشروع طريق سلوى المؤرخ 2008/3/24 والمرفق به الخريطة التوضيحية للموقع والطريق وما أدخل عليه من تعديلات.
وحيث أن المادة (171) من القانون المدني القطري قد تضمنت بأنه إذا ما طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب عليها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي قد صار مرهقاً جاز للقاضي تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق الى الحد المعقول .
ولما كان ذلك وكانت الزيادة في المسافة بين محجر المحتكم ضدها ومصنعها نتيجة لظروف استثنائية متمثلة في ادخال واصلاح الطريق المؤدي بين المحجر والمصنع وهو ما لم يكن متوقعاً بالنسبة للمحتكم، وهو الأمر الذي ترتب عليه زيادة مصاريف التشغيل ومن ثم أصبح تنفيذ المحتكم لالتزامه الوارد بعقد التوريد مرهقاً وذلك نظراً لزيادة مصاريف التشغيل وهو ما يكون معه للشركة المحتكمة الحق في طلب تعويضها عن تلك الزيادة ولا ينال من طلب المحتكمة في هذا الشأن ما أثاره وكيل المحتكم ضدها بأنه قد تم تعويض المحتكمة بزيادة الكميات المسندة البها توريدها وان كان ذلك محل اعتبار عند تقدير تعويض المحتكمة عن تلك الزيادة في المسافات، وهو ما ينتهي معه يقين الهيئة التحكيمية في أحقية الشركة المحتكمة في تعويضها بمقدار ما يتراءى للهيئة التحكيمية عن تلك الزيادات في ضوء ما هو ثابت لديها وأقر به طرفا التحكيم والذي سيتم احتسابه في ضوء ذلك وفقاً لما سيرد لاحقاً بحيثيات هذا الحكم. أما بشأن طلب المحتكم ضدها الثابت بمحاضر الجلسات من اعتبار الشركة المحتكمة قد توقفت عن تنفيذ التزاماتها قبل انتهاء فترة العقد المحرر فيما بينهما.
فان الثابت من واقع المراسلات المتبادلة والمرفقة بملف الدعوى التحكيمية أن الشركة المحتكمة قد حاولت مراراً وتكراراً طلب تعويضها من قبل المحتكم ضدها عنا تتكبده من زيادة في مصروفات التشغيل نتيجة الزيادة في المسافة الا أنها لم تتلق أي بادرة من قبل المحتكم ضدها بما يفيد الاستجابة الى طلبها في هذا الشأن، وعليه فاذا ما كانت التزامات المحتكمة قد أصبحت مرهقة لها وامتنعت المحتكم ضدها عن تنفيذ العقد وفقاً للقانون والعرف والعدالة بعدم الاستجابة الى طلبات المحتكمة بشأن طلب التعويض، وهو الأمر الذي لم يكن معه للمحتكمة خيار آخر غير وقف التوريد كنتيجة لإخلال المحتكم ضدها بالتزامها.
وعليه فإن طلب المحتكم ضدها بتسبيل خطاب الضمان لتوقف الشركة المحتكمة عن تنفيذ التزاماتها يكون غير جدير بالقبول من قبل الهيئة التحكيمية للأسباب الواردة بحيثيات هذا الحكم.
أساس احتساب الهيئة التحكيمية للتعويض:
اتفق أطراف التحكيم في الجلسة الأخيرة على المسافات الزائدة التي تحملها المحتكم لنقل الرمال وقدرها (الكم، لمدة ثمانية أشهر متفرقة و 1 اك... لمدة 7 أشهر و 26 كم، لمدة 25 يوماً ولما كانت المادة 171 من القانون المدني قد أعطت للهيئة التحكيمية مكنة بأن ترد الالتزام المرهق للحد المعقول فالهيئة التحكيمية ترى درءا منها لهذا الارهاق المادي الذي لحق بالمحتكم ومراعاة منها بأن ذلك الحادث استثنائي قد وقع أيضاً بغير ارادة المحتكم ضده فالهيئة التحكيمية قد اتخذت من أقل مسافة زائدة معيار لها وهي مسافة (ك... وذلك مضاعفة في عدد الأشهر التي تمت فيها هذه الزيادة وهي تقريباً 16 شهراً كما اتخذت من معيار المسافة الزائدة وهي (ك... ونسبتها من المسافة الأصلية وهي 64 كم، مع مضاعفة هذه النسبة في فرق القيمة الأصلية لنقل الطن وفق المناقصة وهو مبلغ 4.60 ريال بمتوسط زيادة عدد الأطنان بالحد الأدنى والتي قدرتها الهيئة التحكيمية جزافاً ب 4500 طن يومياً مضاعفة في أشهر الزيادة فيصبح قيمة التعويض التي قدرته الهيئة التحكيمية سعر الطن 4.60*29.../64ك... 4500 طن يومي "30 يوم"16 شهر/2 (الطرفين) - 698625 ريالاً قطرياً يستحقهما المحتكم على نحو ما سيرد بمنطوق هذا الحكم.
وحيث أنه عن رسوم وأتعاب التحكيم ولما كانت الهيئة التحكيمية لم تجب المحتكم في كافة طلباته الأمر الذي ترى معه الهيئة التحكيمية الزام طرفي التحكيم بأتعاب ورسوم التحكيم مناصفة.
حکمت الهيئة التحكيمية: أولا- يرفض طلب الشركة المحتكم ضدها بتسييل خطاب الضمان رقم -31-401-DB-LG 06-05 والصادر من بنك الدوحة الاسلامي بدولة قطر وحكمت الهيئة التحكيمية بإلغائه. ثانيا- الزام الشركة المحتكم ضدها بأداء مبلغ وقدره 698625 ريال قطري الى الشركة المحتكمة والزام طرفي التحكيم بمصاريف ورسوم التحكيم مناصفة فيما بينهما ورفضت ما عدا ذلك من طلبات.