الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / طلب البطلان / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 35 - 36 / حكم تحكيمي - طلب إبطاله - مجال قاضي الإبطال لايمتد الى الجوانب الموضوعية - دفع بخرق المطعون ضدها مبدأ عدم جواز التناقض (مبدأ الإستوبل)- مادفعت به المطعون ضدها هو دفع بعدم الاختصاص سند الفصل(11) من عقد التسويغ - عدم انطواء الدفع على تناقض بنية الإضرار بالغير - عدم انطواء الدفع على تناقض بنية الإضرار بالغير - عدم حسم هيئة التحكيم النزاع في جوهره - تعارض مع فلسفة التحكيم النزاع في جوهره - تعارض مع فلسفة التحكيم وعلة وجوده - خروج عن إرادة الطرفين عند ادراجهما الشرط التحكيمي- التحكيم شرع لفصل وحسم النزاعات لإنباء التحكيم على إرادة الطرفين - إغفال بت الهيئة التحكيمية أصل النزاع يعد من قبيل القضاء بأقل مما طلب ويندرج في إطار أسباب الإبطال - المحكمة متعهدة النزاع تبسط رقابتها - نقض القرار التحكيمي

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 35 - 36
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    486

التفاصيل طباعة نسخ

إن مجال الرقابة التي تبسطها محكمة الإبطال ينحصر في نطاق الرقابة الشكلية التي تطال القرار التحكيمي المطعون فيه بالإبطال، وهو عين مراد المشرع التونسي بمقتضى أحكام الفصل 42 من مجلة التحكيم، إذ لا يمكن أن يمتّد مجال اختصاص قاضي الإبطال الـى بـت الجوانـب الموضوعية للنزاع، كما لو كانت منتصبة درجة عليا.  إن تمسك المطع ون ضدها باختصاص المحاكم العدلية يجد سنده في الفصل (11 (من عقـد التسويغ وهو دفع بعدم الاختصاص لا يمكن أن يوضع في خانة تنكّر المطعون ضدها لمبدأ عدم جواز التناقض لغاية الإيقاع بالخصم، والذي يفترض سوء النية في جانب المطعون ضدها، ولم يثبت للمحكمة أن المطلوبة قد تنكّرت لمبدأ اللجوء الى التحكيم كوسـيلة لفـض النـزاع بـين الطرفين والاستعاضة عنه للتقاضي لدى المحاكم العدلية، وهو دفع بصرف النظـر عـن مـدى وجاهته القانونية لا يعد تنكراً وإخلالاً من المطعون ضدها بالالتزام القانوني الـذي كانـت قـد تعهدت به تجاه معاقدها، كما أنه لا ينطوي على تناقض بنية الإضرار بالغير في وجـود شـرط تعاقدي اتفق بموجبه الطرفان على اللجوء الى القضاء العدلي يضاف الى الشرط التحكيمي الذي تضمنه عقد الصنع. إن ما آل إليه الأمر في المحصلة هو عدم حسم الهيئة التحكيمية النزاع الناشئ بين طرفيه في جوهره. إن التحكيم باعتباره طريقة خاصة وبديلة من قضاء الدولة يختاره الأطراف طوعاً مـنهم لفض النزاعات الناشئة أو التي قد تنشأ بينهم بمناسبة تنفيذ العقد قـد شـرع لفـصل وحـسم النزاعات وليس لإنهاء القضية. إن إعراض الهيئة التحكيمية عن الخوض في أصل النزاع واقتصارها على تأسيس ا لرفض على الجوانب الشكلية دون خوض في أصل النزاع يناقض في جوهره الفلسفة التي انبنى عليها التحكيم وإرادة الطرفين الصريحة والضمنية، وكذلك المفترضة من خلال اختيارهما هذه الآليـة لفض النزاع بينهما. إن إغفال الهيئة التحكيمية البت والتصدي لأصل النزاع بمناسبة نظره ا في هذا الفرع من الدعوى يعد من قبيل القضاء بأقل مما طلبته الطاعنة، من شأن ذلك أن يورث قرارها في هـذا الفرع من الدعوى وهناً وقصوراً يندرجان في إطار أسباب الإبطال الوارد بها الفصل42 سادساً من مجلة التحكيم طالما كان في ذلك نيل واضح وجلي لحقوق الدفاع يوجـب علـى المحكمـة المتعهدة بالنزاع بسط رقابتها للتحقق من احترام الهيئة التحكيمية لحق الـدفاع، الأمـر الـذي يتوجب معه نقض القرار التحكيمي في ما قضى به في هذا الفرع من الدعوى. (محكمة الاستئناف بتونس، القضية عدد 85246 ،تاريخ 29/11/2016 ( ......... ......... من حيث الأصل: حيث كان الطعن يهدف الى طلب إبطال الحكم التحكيمي الصادر عـن الهيئـة التحكيميـة المتركبة من رئيسها السيد "غازي الغرايري" وعضوية السيدين مراد المامغلي والمنصف ذويب. وحيث تبين من أوراق القضية إبرام طرفي التداعي بتاريخ1/9/2010 لعقد تولّت بموجبـه شركة مجبنة سكندي في شخص ممثلها القانوني السيد أحمد فرحات التفويت بالبيع لأصل تجاري لفائدة شركة الصناعات الغذائية التونسية المطعون ضدها. وحيث ثبت علاوة على ذلك إبرام ذات الطرفين بتاريخ 8/9/2010 لعقدِ صنعٍ تولّت بموجبه شركة مجبنة سكندي التفويت في معدات لفائدة شركة الصناعات الغذائية التونسية. كما اتفق الطرفان بموجب كتب معرف عليه بإمضاء ممثلهما القانوني بتـاريخ8 ديـسمبر 2010 على تعهد السيد أحمد فرحات بعدم منافسة الشركة المسوغة. وحيث تولّى الطرفان تسليم عقد كراء محل للاستغلال الصناعي فقامت بموجبه شركة مجبنة سكندي بتسويغ المحل للاستعمال الصناعي. وحيث تضمن الفصل 23 من عقد الصنع الرابط بين طرفيه شرطاً تحكيميـاً علـى فـض النزاعات التي يمكن أن تنشأ بينهما والمتعلقة بتنفيذ العقد بواسطة التحكيم طبق مقتضيات مجلـة التحكيم التونسية ويوكل ذلك الأمر الى ثلاثة محكِّمين. وحيث تولّت الطاعنة شركة مجبنة سكندي والمدعو أحمد فرحات رفع دعوى تحكيمية ضد المطلوبة شركة الصناعات الغذائية التونسية للمطالبة بمستحقات مالية مترتِّبة على عقد الـصنع، وقضي فيها لصالح الطلب، وذلك بإلزام المطلوبة في شخص ممثلها القانوني بأن تؤدي لـشركة مجبنة سكندي جملة من المبالغ تضمنها الحكم التحكيمي المذكور بعنوان الـصنع والمـصاريف المترتّبة على ذلك مع الفوائد القانونية وبجملة المبالغ بعنوان المصاريف المترتبة علـى الفتـرة الممتدة من تاريخ التوقف عن الصنع الى تاريخ رفع المعدات، وكذلك معاليم كراء المحل الكـائن بنهج جامع الروضة بشطرانة سكرة عن الفترة الممتدة من غرة اوت2011 الى موفى جويليـة 2012 تاريخ نهاية العقد كما قضى الحكم التحكيمي المشار اليه بقبول الدعوى المعارضة شكلاً وأصلاً في خصوص الفرع المتعلق بفسخ عقد الصنع المؤرخ في 8/9/2010 والحكم بفسخه بداية من 1 مارس 2012 ورفض الدعوى في ما زاد على ذلك، وتحميل كل طرف ما بذله من أجور محكمـين ومحامـاة والمصاريف بالتساوي. وحيث تم إكساء الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية بموجب القرار الـصادر عـن رئـيس المحكمة الابتدائية بتونس في 3 أوت 2012 . وحيث تم الطعن في القرار التحكيمي المشار إليه بالإبطال فأصـدرت محكمـة الاسـتئناف بتونس قرارها عدد 4250 بتاريخ 8/1/2013 قاضياً بقبول مطلب الطعن شكلاً ورفضه أصلاً. وحيث تم تعقيب الحكم المذكور فأصدرت محكمة التعقيب قرارهـا عـدد2428 بتـاريخ 18/6/2014 قاضياً بقبول مطلب التعقيب شكلاً ورفضه أصلاً. وحيث تولّت شركة مجبنة سكندي رفع دعوى تحكيمية جديدة بتـاريخ25/6/2013 ضـد شركة الصناعات الغذائية استناداً الى نفس الشرط التحكيمي المبين بعقد الصنع وتمحورت طلباتها بالخصوص ومطالبة المدعى عليها بأداء جملة من المبالغ المالية بعنوان غرامة إشـغال المحـل موضوع التسويغ تبعاً لانتهاء أمد التعاقدواحتياطياً تسمية خبير لتحديد قيمة الشغول عـن المـدة المشار إليها. وحيث صدر قرار للهيئة التحكيمية قاضياً بما يلي نصه : "قضت الهيئة التحكيمية نهائياً فـي النزاع المعروض على أنظارها". من حيث الاختصاص: بقبول النظر في رمة النزاع ما عدا المطلب المتعلق بمعينات الك راء فيرفض التعهد في شأنه. من حيث الأصل: القضاء بعدم سماع الدعوى، وخصوصاً الطلب الأصـلي المتمثـل فـي النصوص عن شغول المحل ورفض الدعوى وما زاد على ذلك، والحكم بتنـصيف المـصاريف القانونية وأجرة التحكيم بين الطرفين. وحيث تسلّط طعن العارضة على الحكم التحكيمي الأخيروتأسس على مقتضيات الفصل 42 من مجلة التحكيم "سادساً"، الذي اقتضى أنه: "يجوز طلب إبطال حكم هيئة التحكيم الصادر نهائياً ولو اشترط الأطراف خلاف ذلك في الأحوال الآتية: سادساً- اذا لم تراع القواعد الأساسية للإجراءات. وحيث نعت الطاعنة على القرار التحكيمي المنت قد تضارب مكوناته لسبب تناقضه وقـضاء الهيئة التحكيمية بأقل مما طلبه الخصوم وتنكّر الهيئة التحكيمية لاختصاص قائم لـديها بموجـب الشرط التحكيمي، إضافة الى إخلال المطعون ضدها بمبدأ حسن النية الذي يمنع تناقض أي مـن المتعاقدين في ما كان التزم به تجاه معاقده بغاية الإضرار به. كما عابت الطاعنة على الهيئة التحكيمية عدم بحثها عن السند الحقيقي للدعوى وجنوحها الى رفض الطلب في تجافي مطلق مع الحق في النفاذ الى العدالة. في الدفع بتضارب مكونات الحكم التحكيمي: حيث تمسكت الطاعنة بتناقض الحكم التحكيمي موضوع الطعن والذي اسـتخلص عـدول الطاعنة عن المطالبة بمعينات كراء عن الفترة الممتدة من1 جويلية 2012 الى 9 جويلية 2012 خلافاً لما ارتأته الطاعنة. • في الفرع المتعلق بمدى أهلية (اختصاص) الهيئة التحكيميـة بـالنظر فـي طلـب خـلاص معينات الكراء المتخلّدة بذمة المطعون ضدها عن الفترة الممتدة منغرة جويلية الى 9 جويلية .2012 وحيث استند طلب إبطال القرار التحكيمي موضوع الطعن الى وجود تنـاقض جلـي بـين منطوق الحكم وتعليله، إذ قضت الهيئة التحكيمية برفض التعهد على اعتبار أن الفـرع المتعلـق بمعينات الكراء عن الفترة المتراوحة بين غرة جويلية2012 و 9 جويلية 2012 يخرج من حيث الاختصاص الحكمي على نظرها تطبيقاً لمقتضيات الفصل11 من عقـد الكـراء الـرابط بـين الطرفين، والذي أسند صراحة اختصاص النظر في النزاع المشار إليـه الـى محـاكم تـونس العاصمة، في ما بررت الهيئة التحكيمية عدول المدعية عن طلبها بـالقول إن : "الـدعوى بعـد تحريرها لم تعد تتضمن معاليم كراء المحل "، حال أن ذلك جاء مخالفاً لمقالات وطلبات الطاعنة، والتي تمسكت باختصاص الهيئة التحكيمية ببت ذلك الفرع بالرغم من وجود الفصل11 من عقد التسويغ، وهو ما يورث الحكم التحكيمي المطعون فيه وهناً يستدعي القضاء بإبطاله لقضائهبأقل من طلبات الطاعنة، فضلاً عن ذلك فقد كان أحرى بالهيئة التحكيمية إزاء عدول الطالبـة عـن طلبها في هذا الفرع اعتبارها غير موجودة غير أنّها نحت منحى مغايراً، وذلك بالتصريح برفض التعهد في شأنه. وحيث أنه من المسلم به أن مجال الرقابة التي تبسطها محكمة الإبطال ينحصر فـي نطـاق الرقابة الشكلية التي تطال القرار التحكيمي المطعون فيه بالإبطال وهـو عـين مـراد المـشرع التونسي بمقتضى أحكام الفصل 42 من مجلة التحكيم، إذ لا يمكن أن يمتـد مجـال اختـصاص قاضي الإبطال الى بت الجوانب الموضوعية للنزاع، كما لو كانت منتصبة ودرجة عليا. وحيث وخلافاً لما تمسكت به الطاعنة قولاً بكون الهيئة التحكيمية قد اعتبرت أن الطالبة قـد تراجعت عن طلباتها بخصوص معينات الكراء عن الفترة المشار إليها، فإنّه يتبين بالرجوع الـى أسانيد القرار التحكيمي الملمح إليه أنه تضمن إجابة صريحة من الهيئة التحكيمية عن ذلكالفرع بأن اعتبرت أن الاختصاص بالنظر معقود للمحاكم العدلية وتحديداً محكمة تونس العاصمة وعلّلت رأيها القانوني صراحة كالآتي: "... وحيث تضمنت الدعوى في إحدى فروعها طلب الحكم بإلزام المطلوبة بأداء معين الكراء للمحل من الفترة المتراوحة بين غرة جويلية2012 والتاسـع مـن الشهر نفسه... وحيث أن ذلك الفرع من الدعوى هو خارج عن أنظار هاته الهيئة التحكيمية بصريح أحكام الفصل الحادي عشر من عقد الإيجار...". وحيث يخلص من ذلك الى أن الهيئة التحكيمية لم تستبعد النظر في ذلك الفرع من الـدعوى على النحو المتمسك به، وإنما قصرت نظ رها على بقية فروع الدعوى بـالنظر لوجـود شـرط تعاقدي بموجب الفصل 11 من عقد التسويغ الرابط بين طرفي التداعي الذي في منظور الهيئـة التحكيمية يسند الاختصاص حصرياً الى محكمة تونس العاصمة دون سواها من الهيئات الحكمية والتحكيمية، ولا يمكن اعتبار ما انتهت اليه الهيئةالتحكيمية من نتيجـة بعـد تحليلهـا للوقـائع واستخلاصها للنتائج موجب للقضاء بالإبطال على أساس قضائها بأقل من طلبـات الخـصوم أو بسبب هضم حقوق الدفاع أو بسبب التضارب بين أساليب الحكم ومنطوقه، طالما ثبت للمحكمـة فسح الهيئة التحكيمية المجال لطرفي التداعي بمناسبة انعقاد الخصومة التحكيمية لإبداء ما لهمـا من دفوعات وحجج وتخويلهما إمكانية مناقشة الأساليب الواقعية والقانونية ووقفت بذلك المحكمـة على احترام الهيئة التحكيمية لحقوق الدفاع من خلال ما تبين لهـا مـن دفوعـات وملحوظـات الطرفين المضمنة صلب الحكم المخدوش فيه. حيث وعلاوة على ذلك فإنّه وبصرف النظر عما انتهت اليه الهيئة التحكيميـة بخـصوص مطلب أداء معاليم الكراء عن الفترة المتراوحة بين غرة جويلية2012 و 9 جويلية 2012 فقـد  ثبت للمحكمة بصورة قطعية وجازمة أنه سبق للهيئة التحكيمية الأولى بموجب قرارها التحكيمـي الصادر بتاريخ 18 جويلية 2012 أن قضت لصالح طلب أداء معاليم التـسويغ الحالّـة، والتـي شملت الفترة موضوع الطلب، وقد تسلّط طعن بالإبطال في القرار المـذكور وقـضت محكمـة الاستئناف بتونس بموجب قرارها المؤرخ في8 جانفي 2013 تحت عدد 4250 بقبـول مطلـب الطعن شكلا ًورفضه أصلاً، وقد تم الطعن في القرا ر الاستئنافي المذكور بالتعقيب وصدر تحـت عدد 2428 بتاريخ 18/6/2014 قاضياً بقبول مطلب التعقيب شكلاً ورفضه أصلاً بما يكون معه القرار التحكيمي المشار إليه في ما قضى به في شأن معينات الكراء قد اتصل به القضاء، وبات بذلك تأسيس طلب الإبطال بخصوص هذا الفرع من الدعوى في غير طريقه وتعين رده. • في الدفع بخرق المطعون ضدها مبدأ حسن النية في تنفيذ ب نود العقد ومبدأ عدم جواز التناقض بنية الإضرار بالغير (مبدأ الإستوبل): وحيث كانت إثارة الطاعنة خرق الشركة المطعون ضدها مبدأ منع التناقض لغايـة الإيقـاع بالخصم المكرس فقهاً وقضاء على اعتبار تنكّر المطعون ضدها لاتفاق الطرفين الـسابق بـاللجوء الى التحكيم لحسم خلافاتهما الطارئة بموجب ما اقتضاه عقد الصنع وتمسكها بمقتضيات الفصل11 من عقد التسويغ الرابط بين الطرفين والذي يمنح الاختصاص محكمة تونس العاصمة فـي غيـر طريقه ولا يمكن بحال اعتبار المطعون ضدها قد خرقت المبدأ المذكور ضرورة أنـه بـالاطلاع على حيثيات القرار المطع ون فيه يتبين أن تمسك المطعون ضدها باختصاص المحاكم العدلية يجـد سنده في الفصل 11 من عقد التسويغ وهو دفع بعدم الاختصاص لا يمكن أن يوضع في خانة تنكّر المطعون ضدها لمبدأ عدم جواز التناقض لغاية الإيقاع بالخصم، والذي يفترض سوء نية في جانب المطعون ضدها، ولم يثبت للمحكمة أن المطلوبة قد تنكّرت لمبدأ اللجوء الى التحكيم كوسيلة لفـض النزاع بين الطرفين والإستعاضة عنه للتقاضي لدى المحاكم العدلية، وهو دفع بصرف النظر عـن مدى وجاهته القانونية لا يعد تنكراً واخلالاً من المطعون ضدها بالإلتزام القانوني الذي كانـت قـد تعهدت به تجاه معاقدها، كما أنه لا ينطوي على تناقض بنية الإضرار بالغير فـي وجـود شـرط تعاقدي اتفق بموجبه الطرفان في اللجوء الى القضاء العدلي، يضاف الى الشرط التحكيمـي الـذي تضمنه عقد الصنع، فضلاً عن كل ما تقدم فقد علّلت الهيئة التحكيميـة المتعهـدة بـالنزاع عـدم استجابتها لطلب بسبق فسخ عقد الصنع المشتمل على شرط تحكيمي سـابق عـن تـاريخ القيـام بالدعوى التحكيمية ودون بت الطلب، الأمر الذي يتّجه معه رد الطلب لعدم وجاهته. في الدفع ببطلان القرار التحكيمي في فرعه المتعلق بتأسيس الهيئة التحكيمية قـرار الـرفض على سندين قانونيين مختلفين: حيث أنه من المسلم به قانوناً أنه لا يجوز تأسيس الدعوى على سندين قانونيين مختلفين. وحيث تبين من أوراق القضية ومن الأسانيد التي انبنى عليها الحكم المطعون فيه أن الطالبة قد أسست قيامها على أحكام الفصل19 من عقد الصنع في مرحلة أولى، أي على أساس تعاقدي، ثم على أساس المسؤولية التقصيرية، وذلك بطلب الإذن تحضيرياً من الهيئة التحكيمية لانتـداب خبير يتولى تحديد الخسارة من شغول المحل. وحيث تمسكت الطاعنة في خصوص هذا الفرع من الطعن بأن القرار التحكيمـي المـراد إبطاله قد انتهى الى رفض ذلك الطلب لكونه قد تأسس من ناحية على المسؤولية العقدية، والتـي أضحت غير مؤسسة قانوناً بزوال السند التعاقدي المتمثل في عقد الصنع بموجب الفسخ، ثم على أساس المسؤولية التقصيرية، من ناحية أخرى، وذلك في إطار الدعوى نفـسها والتـي أفـرزت طلبات مضطربة أفضت الى اختلال الدعوى بررت القضاء برفض الطلب لع دم جواز الجمع بين سندين قانونيين مختلفين، وكانت حرية بعدم القبول بحسب رأي الهيئة التحكيمية بالنظر لكونه"لا يجوز قانوناً اعتماد سندين قانونيين لدعوى واحدة...". وحيث أنه لا خلاف أن مبدأ عدم جواز الجمع بن المسؤولية التقصيرية والمسؤولية العقديـة يعد من المبادئ المستقرة والواقع تكريسها تشريعياً في عديد الأنظمة القانونية بما في ذلك التشريع التونسي والتي ساهم في إرسائه فقه القضاء وفقه القانون، والذي يجد حجته ومبرراته والعلّة من وجوده لدى واضعيه في اجتناب اللبس في صورة الجمع بين السندين في دعوى واحـدة والـذي يمكن أن ينفذ الى الدعوى باعتبار أن" : الضحية أو زاعم المـضرة لا يمكنـه أن يثيـر قواعـد المسؤولية التقصيرية والتعاقدية مجتمعتين". وهو ما انتهت اليه محكمة التعقيب الفرنسية في القرار المـدني 492-28-10 بتـاريخ 28 جوان 2012 . (civ. 1ère, 28 juin ESP+B 10-28-492) وحيث انتهت محكمة التعقيب الفرنسية في السياق ذاته بقرارها عدد621 الصادر بتاريخ 3 جويلية 2015 الى قبول الطعن بالتعقيب ضد قرارين متناقضين صادرين في الموضوع ذاته بين نفس الأطراف، أحدهما صدر عن القاضي الجزائي، والثاني صادر عن القاضي المدني، بالرغم من عدم اتصال القضاء بالحكم المدني فقد اعتبرت محكمة التعقيب أنـه إزاء صـدور حكمـين متناقضين أنه لم يكن من الجائز التوفيق بين مقتضياتهما، بما أدى الى إنكـار العدالـة وقـضت Tribunal de grande instance de Toulan: R6 ) تولون محكمة عن الصادر الحكم بإبطال 199 105 97 (الصادر بتاريخ 2 فيفري 1998 ،وكذلك الشأن بالنسبة الى القرار الصادر عـن محكمة الاستئناف بـ إيكس ان بروفنس (23420 10. no R6 provence en Aix :يراجع في ذلــك الموقــع الرســمي لمحكمــة التعقيــب الفرنــسية علــى الــرابط التــالي : décision/fr.courdecassationfrancaise.www (كما قضت بإبطال القرار الـصادر عـن القاضي المراقب في النزاع نفسه. وحيث لا خلاف في أن ما خلصت إليه الهيئة التحكيمية من اسـتنتاجات، والـذي انتهـت بمقتضاه الى رفض الطلب في خصوص أصل الدعوى مؤسس على اضطرابها غير أنّه يستخلص في المقابل أن ما آل اليه الأمر في المحصلة هو عدم حسم الهيئة التحكيمية النزاع الناشـئ بـين طرفيه في جوهره، وخصوصاً في النقطة الخلافية بينهما على اعتبار عدم خوضها ونفاذها الـى أصل النزاع وقول القانون في شأنها من حيث الأصل قاصرة نظرها على الجانب الـشكلي دون سواه وهو مخرج ارتأته الهيئة التحكيمية وجنحت اليه دون معالجة لجوهر النزاع في تعارض مع فلسفة التحكيم وخصائصه والعلّة من وجوده ومن وراء اللجوء اليه كقضاء خاص، ومـن حيـث كونه وسيلة لفض النزاعات وانحرفت بذلك بإرادة الطرفين الحقيقيـة والمفترضـة عنـد ادراج الشرط التحكيمي صلب السند التعاقدي، وحادت بذلك عن كنه وجوهر التحكيم باتجاه تأبيد النزاع بين الطرفين عوض حسمه. وحيث يستروح بالإطلاع على طلبات الطاعنة في إطار القضية التحكيمية موضوع الطعـن بالإبطال بخصوص هذا الفرع قد تأسس من الوجهة القانونية على أحكـام المـسؤولية التعاقديـة وتحديداً الفصل 19 من عقد الصنع وتضمنت طلباتها طلباً احتياطياً يرمي الى الإذن تحـضيرياً لانتداب خبير يعهد له بتقدير قيمة الخسارة المترتبة على الحرمان من شغول المحل، والذي يحيل على أحكام المسؤولية التقصيرية من حيث الأساس القانوني. وحيث يخلص من سياق الطلب المشار إ ليه الى أن تأسيس شركة مجبنة سكندي طلبها مـن الوجهة القانونية لم يكن بصورة أصلية على أساس المسؤولية التقصيرية، ولم يكن طلبـاً أصـلياً بذاته يتوارى في مرتبته ومركزه مع الطلب الأصلي المستند الى أحكام المسؤولية العقدية طبـق  الفصل 242 م ع.إ. . بل كان في إطار طلب احتياطي تحسباً من الشركة الطالبة لفرضـية عـدم استجابة الهيئة التحكيمية لطلب الأصلي المؤسس على سند قانوني مخالف، وهو طلب يستقيم من الوجهة القانونية الصرفة ولا مأخذ عليه من الناحيتين الواقعية والقانونية، بل إنه يعد من صـميم ممارسة حق الدفاع ويتأصل عملياً في إطار تقنيات تحرير الدعاوى لدى المهنيين. وحيث يستشفّ من ذلك أنه لا يمكن تنزيل ما استخلصته الهيئة التحكيمية من نتائج بناء على ما قدمه نائب الطالبة من طلبات بتقاريره يخص أصل الدعوى في إطار تأسيس الـدعوى علـى سندين قانونيين متنافرين ومختلفين من غير الجائز اجتماعهم ا قانوناً في دعوى واحدة ضـرورة أنه من غير المستساغ منطقاً من جهة أن يتمسك نائب الطالبة بطلـب الـزام خـصمه بـاحترام موجبات العقد وتعهداته التعاقدية وفي الوقت نفسه أن يطلب من الهيئة التحكيمية المتعهدة تكليـف خبير توكل إليه مهمة تقدير قيمة الخسارة عن الحرمان من شغول المحل، وعليه فإنّـه لا يمكـن للطلب الثاني أن يتنزل منطقاً سوى في إطار طلب احتياطي محض. وحيث إن التحكيم باعتباره طريقة خاصة وبديلة من قضاء الدولة يختاره الأطراف طوعـاً منهم لفض النزاعات الناشئة أو التي قد تنشأ بينهم بمناسبة تنفيذ العقد قد شـرع لفـصل وحـسم النزاعات وليس لإنهاء القضية. وحيث إن ذلك يفترض من الهيئة التحكيمية المتعهدة بالنزاع حسمه تحقيقـاً لتلـك الغايـة ولانتظارات الأطراف بلجوئهم الى التحكيم. وحيث إن إمساك الهيئة التحكيمية – كما في صورة الحال- عن بت أصل النـزاع وإن لـم يرتقِ الى حد إنكار العدالة في جانب الهيئة التحكيمية المتعهدة مثلما ذهبت اليه الطاعنة - طالبـة الإبطال- إلاّ أن ما خلصت اليه الهيئة التحكيمية يدنو من ذلك ويفرغ اتفاق الطرفين باللجوء الى التحكيم من كل فاعلية وجدوى طالما لم تنتهِ الهيئة التحكيمية الى حسم النزاع من حيث الأصل. وحيث إن إعراض الهيئة التحكيمية عن الخوض في أصل النزاع واقتصارها على تأسـيس الرفض على الجوانب الشكلية دون خوض في أصل النزاع يناقض في جوهره الفلسفة التي انبنى عليها التحكيم وإرادة الطرفين الصريحة والضمنية، وكذلك المفترضة من خلال اختيارهما هـذه الآلية لفض النزاع بينهما. وحيث إن عدم حسم الهيئة التحكيمية لأصل النزاع على النحو المشار إليه، فيه نيل واضـح من حقوق الدفاع ومساس بمصلحة الطرفين ويتنزل في اطار شروط انطباق الفـصل42 مـن  مجلة التحكيم سند طلب الإبطال لانطوائه على خرق واضح للقواعد الأساسية للإجراءات طالمـا اقتصرت الهيئة التحكيمية على الجانب الإجرائي دون الأصل ضرورة أنه مـن أوكـد المهـام الموكولة الى الهيئة التحكيمية في نطاق ما يكفله لها الشرط التحكيمي أو الاتفاق على التحكيم من صلاحيات، وكذلك المهمة التحكيمية المتفق في شأنها هي افراغ النزاع/ litige le Vider مـن جميع عناصره وفروعه واستيفائه بالكامل بعيداً عن التعقيدات الشكلية والإجرائية، وذلك باعتماد قدر عالٍ من المرونة التي لا تعيق فصل النزاع وتحقيق مقصد الطرفين مـن اختيـار التحكـيم كطريقة بديلة لفض النزاع. وحيث تكون بذلك الهيئة التحكيمية حينما استخلصت نتيجة قانونية قوامها عدم جواز الجمـع بين سندين قانونيين منتهية في ذلك الى رفض الطلب قد جانبت الصواب وأخطأت المرمى خارقة بذلك مقتضيات الفصل 42 من مجلة التحكيم، والذي اقتضى أنّه : "يجوز طلب إبطال حكم هيئـة التحكيم الصادر بها ولو اشترط الأطراف خلاف ذلك في الأحوال الآتية: أولاً... سادساً- اذا لم تراع القواعد الأساسية للإجراءات...". وحيث أن إغفال الهيئة التحكيمية البت والتصدي لأصل النزاع بمناسبة نظرها فـي هـذا الفرع من الدعوى يعد من قبيل القضاء بأقل مما طلبته الطاعنة من شـأن ذلـك أن يـورث قرارها في هذا الفرع من الدعوى وهناً وقصوراً يندرجفي إطار أسباب الإبطال الوارد بهـا الفصل 42" سادساً" من مجلة التحكيم طالما كان في ذلك نيل واضح وجلـي لحقـوق الـدفاع يوجب على المحكمة المتعهدة بالنزاع بسط رقابتها للتحقق من احترام الهيئة التحكيميـة لحـق الدفاع، الأمر الذي يتوجب معه نقض القرار التحكيمي في ما قضى به في هـذا الفـرع مـن الدعوى. وحيث توفقت الطاعنة جزئياً في طعنها واتجه اعفاؤها من الخطية والقضاء بإرجاع معلومها المؤمن اليها. وحيث تحمل المصاريف القانونية المحكوم عليها عملاً بأحكام الفصل 128 من م م.م. . تواجه تحميل المطعون ضدها بها وتغريمها لفائدة الطاعنة بمبلغ ألف دينار (1000 (لقاء أتعاب التقاضي وأجور محاماة. لذا ولهاته الأسباب قضت المحكمة بقبول مطلب الطعن بالإبطال شكلاً وفي الأصل بإبطال القـرار التحكيمـي الصادر في 4 أفريل 2015 عن هيئة التحكيم المتكونة من الأسـتاذ غـازي الغرايـري رئيـساً والأستاذين مراد المامغلي والمنصف ذويب عضوين في ما قضى به من حيث الأصل ورفـض الطعن بالإبطال المسلّط على القرار التحكيمي المذكور في ما قضى به من حيـث الاختـصاص وإعفاء الطاعنة من الخطية وإرجاع معلومها المؤمن اليها وحمل المـصاريف القانونيـة علـى المطعون ضدها وتغريمها لفائدة الطاعنة بألف دينار لقاء أتعاب التقاضي وأجرة المحاماة.