الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / طلب البطلان / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 35 - 36 / تحكيم - الطعن بأن حصر وتضيق حالات البطلان مخالفة للدستور ومردود - المتحاكمون بمحض اختيارهم اعتمدوا نظاماً خاصا لفض النزاعات خارج المحاكم - مركز هم القانوني مختلف عن المتنازعين أمام القضاء - المشرع يغاير في تنظيمه حق التقاضي - لا إخلال بمبدأ المساواة أمام القانون - النعي بحصر وبتضييق حالات البطلان هو نعي بمخالفة نص تشريعي لنص تشريعي آخر - لا عيب دستوري

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 35 - 36
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    434

التفاصيل طباعة نسخ

الطعن بأن حصر حالات البطلان والتضييق منها يخلّ بحق التقاضي ويهدر مبدأ المـساواة بين من يلجؤون الى التحكيم وبين غيرهم أمام القضاء العادي عند عرض منازعاتهم فإن هـذا النعي مردود. إذا كان المتحاكمون – أخذاً بالأصل في التح كيم- يتجهون بملء إرادتهم ومحض اختيارهم الى اعتماد نظام خاص لفض ما بينهم من نزاعات خارج دائرة المحاكم، وفقاً لـشروط تكـون 1 - أمين عام مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. 2 - محامٍ ومحكم.  محلاً لاتفاقهم، فإن مركزهم القانوني يضحي بالتالي مختلفاً عمن يلجؤون الى المحـاكم لفـض منازعاتهم طبقاً للقواعد العامة، وخارج دائرة التحكي .م يجوز للمشرع أن يغاير في تنظيمه حق التقاضي، وتبنّي ما يراه مناسباً من تنظيمات بالنـسبة الى صنوف بعينها من المنازعات، وفقاً لما تتطلبه طبيعتها، من دون أن يكون في ذلك إخلال بمبـدأ المساواة أمام القانون، طالما التزم المشرع بالضوابط الدستورية لمباشرة الحق في التقاضي. إن النعي بأن النص المطعون عليه خالف ما سار عليه قانون المرافعات المدنية والتجاريـة فـي المادة (243 (منه (الملغية) من حصر لحالات البطلان والتضييق منها لا يعدو أن يكون نعياً بمخالفـة النص التشريعي المطعون عليه لنص تشريعي آخر، ولا يصلح في ذاته أن يكون عيباً دستورياً. (المحكمة الدستورية، الدعوى رقم /د( 2016/1 ،(جلسة 25/1/2017 ( ..... ..... بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأربعاء 25 يناير 2017م، الموافقة 27 ربيع الآخر 1438هـ، برئاسة معالي الشيخ خليفة بن راشد بن عبداالله آل خليفة رئيس المحكمة. وعضوية السادة القضاة: الدكتور محمد المشهداتني نائب رئيس المحكمة، ونوفل بـن عبـد السلام غربال، وعلي عبداالله الدويشان، وسعيد حسن الحايكي، وعيـسى بـن مبـارك الكعبـي، والدكتورة منى جاسم الكواري، أعضاء المحكمة. وبحضور السيد محمد إبراهيم الجابر، أمين السر. ..... ..... الإجراءا :ت بتاريخ العاشر من شهر مارس 2016م، أودعت المدعية صحيفة الدعوى الماثلـة الأمانـة العامة للمحكمة الدستورية، طالبة الحكم بعدم دستورية المادة(36 (الملحقة بالمرسوم بقانون رقم  (6 (لسنة 2000م، بالموافقة على نظام مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وإلزام المدعى عليهما الرسوم والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقدم ممثل جهاز قضايا الدولة مذكرة طلب فيها الحكم : أصلياً بعدم قبول الدعوى، واحتياطياً برفضها. وقدمت المدعى عليها الأولى مذكرة طلبت فيها الحكم، أولاً - بعدم قبول الـدعوى لانعـدام شرط المصلحة. وثانياً- برفضها. وقدمت المدعية مذكرة بالرد على ما جاء في مذكرتي المدعى عليهما ورددت ما جاء فـي صحيفة دعواها. ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم. المحكمة: بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة. حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسـائر الأوراق - تـتلخص فـي أن المدعية في الدعوى الدستورية كانت أقامت الدعوى رقم(21555/2014 (أمام المحكمة الكبرى المدنية السادسة ضد المدعى عليها الأولى طالبة الحكم بإبطال الحكم التحكيمي رقم(74/2013 ( الصادر عن مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وبجلسة 29/9/2015م، قضت المحكمة برفض الدعوى وإلزام المدعية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وحيث لم يلقَ هذا القضاء قبولاً من المدعية، طعنت عليه بالاستئناف رقـم(3810/2015 ( أمام محكمة الاستئناف العليا الرابعة، طالبة الحكم مجدداً ببطلان الحكم التحكيمي سالف البيـان . ولدى نظر الاستئناف دفعت المدعية بعدم دستورية المادة(36 (من لائحـة إجـراءات المركـز الموافق عليها بموجب المرسوم بقانون (6 (لسنة 2006. م وبجلسة 15/2/2016م، قررت محكمة الاستئناف العليا المدنية الرابعة التـصريح للمدعيـة برفع الدعوى الدستورية، وأرجأت الفصل في الاستئناف، لحـين الفـصل فـي الطعـن بعـدم الدستورية، فأقامت المدعية دعواها الماثلة.  وحيث إن قواعد التحكيم أمام مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون الواردة في نظام المركز الصادر بقرار عن المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربيـة فـي ديـسمبر 1993م، ولائحة إجراءاته التي تمت المصادقة عليها وعلى تعديلاتها من قبـل لجنـة التعـاون التجاري بمجلس التعاون، وإن كانت مستمدة من معاهدة دولية بين هذه الدول، إلاّ أنّها ليست في مرتبة تعلو التشريع وتنأى بذلك عن الرقابة الدستورية، إذ إن اعتماد دول مجلس التعاون للنظـام واللائحة أعقبته الموافقة على هذا النظام وإصداره بمقتضى المرسوم بقـانون رقـم(6 (لـسنة 2000م، بعد تصديق أمير دولة البحرين ونشره في الجريدة الرسمية . وبذلك أصبح تشريعاً نافذاً في مملكة البحرين له قوته الملزمة ال مقررة للقوانين، وخضوعه للرقابة القضائية على دسـتورية التشريعات التي تتولاها المحكمة الدستورية. وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن المعاهدات الدولية بعد استيفاء الإجراءات الدستورية المتطلبة لإبرامها والتصديق عليها ونشرها تكون لها قوة القانون وفقاً للمادة (37 (من الدستور. وحيث إنه يتبين مما تقدم أن مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعـاون منظمـة دوليـة إقليمية حكومية متخصصة. ومن المقرر أن المحكمة الدستورية لا يجوز أن تتنصل من اختـصاص ينـاط بهـا وفقـاً للدستور والقانون، ولا أن تخوض –وبنفس القدر- في اختصاص ليس لها، وذلك أن تخلّيها عـن ولايتها، أو مجاوزتها لتخومها ممتنعان من الناحية الدستورية، وعليها تبعاً لذلك، ألاّ تترخص في الفصل في ما يدخل في اختصاصها من المسائل الدستورية، لا تنحيها عنها أو تسقطها، بل يكون تصديها لها لازماً بقدر اتصالها بالنزاع الموضوعي وفي حدود الوقائع التي يقوم عليها. وحيث أنه بالبناء على ما تقدم، فإن لائحة إجراءات مركز التحكيم التجاري لـدول مجلـس التعاون لدول الخليج العربية المطعون عليها، والمصادق عليها من قبل لجنة التعاون التجاري – والمشكّلة من وزراء التجارة لهذه الدول- بتاريخ 5 أكتوبر 1999م، والمنشورة بالجريدة الرسمية العدد (3065 (بتاريخ 16 أغسطس 2012 ،تنفيذاً للمادة (28 (من نظام هذا المركـز والموافـق عليه بمقتضى المرسوم بقانون رقم (6 (لسنة 2000م، تعد لائحة مما تخضع للرقابـة القـضائية التي تمارسها المحكمة الدستورية، ومن ثم تختص بنظرها. وحيث أنه عن دفع جهاز قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى بالنسبة الى الفقرة(1 (من المادة (36 (من لائحة إجراءات التحكيم لاتصالها بالمحكمة الدستورية بغيـر الطريـق الـذي رسـمه  القانون، فإنّه دفع غير سديد. إذ إنّه من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن نطـاق الدعوى الدستورية يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية المثار أمام محكمة الموضوع فـي حـدود تصريحها للمدعين بإقامة دعواهم الدستورية بعد تقدير جدية هذا الدفع، وفي إطار طلباتهم الواردة في صحيفة الدعوى. ولما كان الثابت من أوراق الدعوى الموضوعية أنه ولئن كانت المدعية قد قدمت مذكرة أمام محكمة الإستئناف العليا المدنية بجلسة14/2/2016م، انتهت في ختامها الـى طلب الحكم بوقف الدعوى لتمكينها من اتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية في المـادة(36 ( فقرة (2 (الواردة في لائحة اجراءات المركز الموافق عليها وفقاً للمرسوم بقانون رقم(6 (لـسنة 2000م، والمتعلق بالحد من حالات البطلان، إلاّ أن المدعية دفعت بعدم دستورية المادة(36 (في م .2016 عام من 2/15 ،2/14 جلستي وحيث إن هذه هي الطلبات الختامية للمدعية والتي قـدرت محكمـة الموضـوع جـديتها، وصرحت بجلسة 15/2/2016م، للمدعية بإقامة الطعن بعدم دستوريتها، ومن ثم وعملاً بـالفقرة ج( ) من المادة (18 (من قانون المحكمة الدستورية، فإن الطعن في الدعوى الدسـتورية الماثلـة يشمل نص المادة (36 (بكاملها، والآتي نصها: "1 - يكون الحكم الصادر من الهيئة وفقاً لهذه الإجراءات ملزماً ونهائياً، وتكون له قوة النفاذ في الدول الأعضاء في مجلس التعاون بعد الأمر بتنفيذه من قبـل الجهـة القـضائية المختصة. 2 -على الجهة القضائية المختصة الأمر بتنفيذ حكم المحكمين ما لم يتقدم أحـد الخـصوم بطلب لإبطال الحكم وفقاً للحالات التالية حصراً: -أ إذا كان قد صدر دون وجود اتفاق للتحكيم أو بناء على اتفاق باطل أو سقط بتجاوز الميعاد أو إذا خرج المحكم عن حدود الاتفاق. -ب إذا صدر الحكم من محكمين لم يعينوا طبقـاً للقـانون أو صـدر مـن بعـضهم دون أن يكونوا مأذونين بالحكم في غيبة الآخرين أو صدر بناء على اتفاق تحكـيم لم يحدد فيه موضوع النزاع أو صدر من شخص ليست له أهلية الا تفـاق علـى التحكيم. وعند حدوث أي مما ذكر في الفقرتين أعلاه فإن على الجهة القضائية المختصة التحقق من صحة طلب الإبطال والحكم بعدم تنفيذ حكم المحكمين."  وحيث أنه عن دفع جهاز قضايا الدولة والمدعى عليها الأولى، بعدم قبول الدعوى لانتفـاء مصلحة الطاعنة، بمقولة إن بقاء النص الطعين يحقق مصلحة للطاعنة، والقضاء بعدم دستوريته يؤدي الى إهدارها، ذلك أن هذا النص قد وفّر الضمانة القضائية بإخضاع أحكام التحكيم الصادرة عن مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لرقابة القضاء بـأن أجـاز للجهـة القـضائية المختصة – بالأمر بتنفيذ أحكام -ه التحقق من صحة طلب الإبطال والحكـم بعـدم تنفيـذ حكـم المحكمين، وأن الطاعنة قد فوتت على نفسها ذلك . كما أن القضاء في شـأن دسـتورية الـنص الطعين لن يكون بذي أثر على طلبات الطاعنة في دعوى الموضوع. كما قررت المدعى عليها الأولى أن الطاعنة أقامت دعواها بمقولة وجو د تمايز في المراكز القانونية بين ما قررته المادة (36 (المطعون عليها ونص المادة (243 (من قـانون المرافعـات المدنية والتجارية، وأن هذا التمايز على فرض وجوده– على خلاف الواقع- قد زال منـذ بـدء العمل بالقانون رقم (9 (لسنة 2015م، بإصدار قانون التحكيم والذي نصفي المادة الثامنة مـن قانون الإصدار على إلغاء الباب السابع الخاص بالتحكيم، وتضمنت المادة(34 (من هذا القـانون تنظيماً جديداً للطعن بالبطلان على أحكام التحكيم يتفق مع ما قررته المادة (36 (المطعون عليها. وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن مناط شرط ال مصلحة في الدعوى الدستورية – وهو شرط لازم لقبولها- أن يكون ثمة ارتباط بين المصلحة في الدعوى الموضوعية التي أثير فيها الدفع بعدم الدستورية وبين المصلحة في الدعوى الدستورية، وذلك بأن يكون الفـصل فـي المسألة الدستورية مسألة أولية للفصل في الطلبات المرتبطة بهـا وا لمطروحـة علـى محكمـة الموضوع، بحيث يتغير مركز الطاعن القانوني في النزاع الموضوعي بعد الفصل في الـدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها، ولا يتم ذلك إلاّ بإجتماع شرطين، وإن كانا منفصلين : أولهما- أن يقوم الدليل على أن ضرراً واقعياً ومباشراً لحق بالمدعي نتيجة تطبيق النص عليه، ومنفصلاً عن مجرد مخالفته للدستور. وثانيهما- أن يكون هذا الضرر عائداً في مصدره وسـببه الـى الـنص الطعين، وليس ضرراً متوهماً أو منتحلاً. ولما كانت المدعية قد أقامت دعواها الموضوعية أمام محكمة أول درجـة بطلـب الحكـم ببطلان حكم التحكيم الصادر في الدعوى التحكيمية رقم (47 (لسنة 2013م، من مركز التحكـيم التجاري لدول مجلس التعاون، وقضت تلك المحكمة برفض الدعوى، تأسيساً على أن مفاد نـص المادة (36 – (المطعون عليها- أن المشرع حظّر الطعن على حكم هيئة التحكيم الذي يصدر وفقاً  لذلك النظام وبناء على لائحته الإجرائية أمام أي جهة قضائية أخرى، ويشمل الحظر إقامة دعوى مبتدأة بطلب بطلان الحكم، ومن ثم يكون النص المطعون عليه على هذا النحـو الـذي طبقتـه محكمة الموضوع قد ألحق ضرراً محققاً بالمدعية وهو حرمانها من الطعن على حكـم التحكـيم بالبطلان، وبالتالي فإن المصلحة الشخصية المباشرة متوافرة في الدعوى الدستورية لتأثير الحكم الصادر فيها على المركز القانوني للمدعية في دعواها الموضوعية، إذ يتوقف على هـذا الحكـم قبول تلك الدعوى أو عدم قبولها وتستهدف المدعية من عدم دستورية الـنص المطعـون عليـه إسقاطه بوصفه يمثل من وجهة نظرها عائقاً يحو ل دون نظر دعواها، كي تتحقق لها الترضـية القضائية التي ترد بها عن الحقوق التي تدعيها مضاراً فعلية تهددها من جراء إعمال ذلك النص في حقها وترتيبه لآثار قانونية بالنسبة إليها. ولا ينال مما تقدم صدور القانون رقم(9 (لسنة 2015م، بشأن التحكيم وإلغائه نص المـادة (243 (من قانون المرافعات المدنية، إذ إن هذا النص ليس محلاً للطعن في الـدعوى الماثلـة، فضلاً عن أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الحكم بعدم دستورية قاعدة بعينها، لا يحـول دون الطعن عليها بعدم الدستورية من قبل من طُبقت عليه خلال فترة انعقادها وترتبت على ذل ك آثار قانونية بمواجهته، لأن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية هو سريانها على الوقائع التي تـتم من تاريخ العمل بها، وحتى إلغائها، ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى لإنتفـاء المـصلحة الشخصية للمدعية على غير أساس حرياً بالرفض. وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرىعلى أن نطاق الدعوى الدستورية يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية المثار أمام محكمة الموضوع وفي حدود تصريحها للمـدعين بإقامـة دعـواهم الدستورية فإن هذا النطاق يشمل أيضاً النصوص التي أضير المدعي من تطبيقها عليـه– ولـم يتضمنها الدفع بعدم الدستورية- كلما كان فصلها عن النصوص التي اشتمل عليها الدفع متعذراً، وكان ضمها إليه كافلاً للأغراض التي توخّاها المدعي بدعواه الدستورية، وأن المصلحة هي التي تحدد في الوقت ذاته نطاق الدعوى وحدودها، ضيقاً واتساعاً، فلا يمتد لغير المطاعن التي يـؤثر الحكم فيها بصحتها أو ببطلانها في النزاع الموضوعي. وحيث إن الرقابة القضائية التي تباشرها المحكمة الدستورية في شأن دستورية النـصوص القانونية المطعون عليها، لا تحول بينها وبين رد هذه النصوص الى الأصول التي أنبتتها كلما آل إبطالها الى زوال، وكان ذلك مؤداه أن الفصل في المسائل الدستورية لا يج وز أن يكون محلقـاً فوق أسوارها، منحصراً في بعض جوانبها أو جزئياتها، بل محيطاً بأصولها وفروعها نافذاً الـى أعماقها ومحدداً على ضوئها – وبالنظر إليها في مجموعها- موضوع الخـصومة الدسـتورية، ونطاق المصلحة فيها. وحيث إنه متى كان ذلك، وكان النص المطعون فيه قد صدر تن فيذاً لحكم المادة (14 (مـن نظام مركز التحكيم التجاري على أنه: "تحول موافقة الطرفين على عرض النزاع علـى هيئـة التحكيم بالمركز، وكذلك قضاء هذه الهيئة باختصاصها بنظر النزاع دون عرض هذا النـزاع أو أي إجراء اتُبع عند نظره أمام أية جهة قانونية أخرى في أية دولة، كماتحول دون الطعـن فـي الحكم التحكيمي أو في أي من الإجراءات التي اقتضت عند نظره أمام أية جهة قضائية أخرى في أية دولة". والمادة (15 (التي تنص على أنّه: "يكون الحكم الصادر من هيئة التحكيم وفقـاً لهـذه الإجراءات ملزماً للطرفين ونهائياً، وتكون له قوة النفاذ في الدولالأطراف بعد الأمر بتنفيذه من قبل الجهة القضائية المختصة". كما يرتبط النص المطعون عليه في هذه الدعوى في النص الوارد في المادة(2 (فقـرة (1 ( من لائحة إجراءات التحكيم أمام المركز، ونصها كما يأتي : "الاتفاق على التحكيم وفق أحكام هذه اللائحة أمام المركز يحول دون عرض النزاع أمام أية جهة أخرى أو الطعن لديها بحكـم هيئـة التحكيم". ولذلك يكون النص المطعون عليه مرتبطاً في حكمه بالنصوص المشار إليها فلا ينعزل عن الأحكام التي تضمنتها باعتبارها الأصول التي أنبتته، ولا يجوز بالتالي قصر الدعوى الدستورية الماثلة على النص المطعون عليه، بل يكون نطاقها مشتملاً بالضرورة على أصل القاعـدة التـي تفرع عنها هذا النص ومقتضاها عدم جواز الطعن على الحكم التحكيمي أمام أي جهة قـضائية، ومن ثم فإن نطاق الدعوى الماثلة يشمل المادتين(14) (و 15 (من نظام مركز التحكيم التجاري، وكذلك نص المادتين (2 (فقرة (1 (والمادة (36 (من لائحة إجراءات التحكيم أمامه. وحيث إن المدعية تنعى على النص المطعون عليه مخالفته للدستور من وجهـين : الوجـه الأول، مخالفته للمادة (31 (من الدستور، إذ إن الحقوق التي يملك المشرع سلطة تقديريـة فـي تنظيمها، لا يجوز للسلطة التنفيذية التدخل مباشرة لتنظيمها باللوائح. والوجه الثاني، للنعـي : أن نص المادة (36 (المطعون عليه يخالف نص المادة (20 و/ ) من الدستور المتعلقة بحق التقاضي، إذ يحول دون عرض النزاع أمام أي جهة أخرى أو الطعن عليها في حكم هيئة التحكيم، ويوجـد ب تمييزاً بين الأطراف في التحكيم أمام المركز، وغيرهم من المحتكمين الآخرين ليس له ما يبرره، وأن عدم جواز إقامة دعوى مبتدأة ببطلان حكم التحكيم، وفقاً للنص المطعون عليه، هو مصادرة للحق في التقاضي، كما أنه لا يجوز وضع أي قيد على حق التقاضي بالحد من حـالات بطـلان حكم التحكيم. وحيث إنّه لما كان من المقرر أن استيفاء النصوص المطعون عليها لأوضاعها الشكلية يعتبر أمراً سابقاً بالضرورة على الخوض في عيوبها الموضوعية. وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الدستور قد اختص في الفقرة ب( ) من المادة (32 (منه السلطة التشريعية بمهمة إقرار القوانين، فلا تباشر ها إلاّ بنفسها ولـم يخـول الـسلطة التنفيذية مباشرة شيء من الوظيفة التشريعية إلاّ في الحدود الضيقة التي بينتها النصوص حصراً، ذلك أن الأصل أن السلطة التنفيذية لا تتولى التشريع، وإنما يقوم اختصاصها أساساً على إعمـال القوانين، وإحكام تنفيذها، غير أنه استثناءمن هذا الأصل وتحقيقاً لتعاون السلطات وتساندها الذي نصت عليه الفقرة أ( ) من المادة (32 (من الدستور، فقد عهد الدستور إليها في حـالات محـددة بأعمال تدخل في نطاق الأعمال التشريعية، من ذلك إصدار اللوائح اللازمـة لتنفيـذ القـوانين، فنصت المادة (39 (الفقرة أ( ) من الدستور المعدل على أن: "يضع بمراسيم اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما لا يتضمن تعديلاً فيها أو تعطيلاً لها أو إعفاء من تنفيذها، ويجوز أن يعين القـانون أداة أدنى من المرسوم لإصدار اللوائح اللازمة لتنفيذه". وحيث أن الدستور قد أفصح بنص الفقرةو( ) من المادة (20 (عن كفالة حق التقاضي، وفقاً للقانون كمبدأ دستوري أصيل مردداً بذلك ما قررته المواثيق والإعلانات الدولية من كفالـة هـذا الحق لكل فرد باعتباره الوسيلة التي تكفل حماية الحقوق التي يتمتع بهـا قانونـاً، ورد العـدوان عليها، وإذ كانت القواعد الإجرائية هي السياجالذي يقيمه القانون لحماية هذا الحق وصولاً الـى الترضية القضائية التي يسعى إليها من يطلبها، وجب على السلطة التشريعية أن تنظِّم هذه القواعد بقانون إعمالاً لحكم الفقرة و( ) من المادة (20 (من الدستور المعدل المشار إليها، أمـا اللائحـة التنفيذية فدورها يقتصر على تفصيل ما أجملتها هذه القواعد بما لا يتضمن تعديلاً فيها أو تعطيلاً لها أو إعفاء من تنفيذها. وحيث إن الوجه الأول للطعن والذي مؤداه مخالفة لائحة إجراءات التحكيم أمـام المركـز للمادة (31 (من الدستور فإنه غير سديد، ذلك أن هذه اللائحة صدرت تنفيذاً للمادة(28 (من نظام  مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون والصادر بالموافقة عليه المرسوم بقانون رقـم(6 ( لسنة 2000م، كذلك فإن المادة (36 (من لائحة إجراءات التحكيم – قد فصلت ما ورد إجمالاً في المادتين (14 (و (15 (من هذا النظام. كما أنّه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قواعد وإجراءات التحكيم الإتفاقي، يجوز أن تنظمها لائحة تصدر عن السلطة التنفيذية، ولا يعد ذلك مخالفاً للدستور، فلا يتعـين أن تـصدر بقانون من السلطة التشريعية. ولما كان مركز التحكيم – المشار إليه- تتجه إليه أطراف النزاع بملء إرادتهـم ومحـض اختيارهم، فإن إجراءات التحكيم أمامه يصح أن تصدر بلائحة عن الجهة التي حددتها المادة (28 ( من نظام المركز – المشار إليها- وهي لجنة التعاون التجاري بمجلس التعـاون لـدول الخلـيج العربية والمشكلة من وزراء التجارة لتلك الدول. وحيث إنّه عن الوجه الثاني للطعن بأن عدم جواز إقامة دعوىمبتدأة ببطلان حكم التحكيم، وفقاً للنص المطعون عليه مؤداه مصادرة الحق في التقاضي، كما أن حـصر حـالات الـبطلان والتضييق منها يخلّ بحق التقاضي ويهدر مبدأ المساواة بين من يلجؤون الى التحكيم وبين غيرهم أمام القضاء العادي عند عرض منازعاتهم فإن هذا النعي مردود، ومن وجوهٍ عديدةٍ: أولها- إن مبدأ المساواة أمام القانون لا يعني أن تعامل فئات المواطنين على ما بينها مـن تمايز في المراكز القانونية معاملة متكافئة، فإذا كان ذلك، وكان المتحاكمون – أخذاً بالأصل فـي التحكيم- يتجهون بملء إرادتهم ومحض اختيارهم الى اعتماد نظام خاص لفض ما بيـنهم مـن نزاعات خارج دائرة المحاكم، ووفقاً لشروط تكون محلاً لاتفاقهم، فإن مركزهم القانوني يـضحي بالتالي مختلفاً عمن يلجؤون الى المحاكم لفض منازعاتهم طبقاً للقواعد العامة، وخـارج دائـرة التحكيم. وفي ظل وجود هذا الإختلاف في المراكز القانونية، فـإن المماثلـة فـي المعاملـة بـين المتحاكمين، وغيرهم من المتقاضين لا تعد ضرورة لازمة، ولا يشكِّل عدم الإلتزام بها في حـد ذاتها إخلالاً بمبدأ المساواة أمام القانون. ثانيها- أن مبدأ المساواة أمام القانون، ليس مبدأ تلقينياً جامداً منافياً للضرورة العمليـة، ولا يقوم على معارضة جميع صور التمييز بين المواطنين؛ إذ إن من بينها ما يـستند الـى أسـس موضوعية، ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص المادتين(4) (و 18 (من الدستور؛ بما مؤداه أن 3 التمييز المنهي عنه بموجبها هو ما يكون تحكّمياً، ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبـر مقـصوداً لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها يعتبر هذا التنظيم ملبياً لها . وتعكس مشروعية هذه الأغـراض إطاراً للمصلحة العامة التي يسعى المشرع لبلوغها متخذاً من القواعد القانونية التي يقوم عليهـا هذا التنظيم سبيلاً إليها. ثالثها- أنّه وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، فإن التنظيمالتشريعي لحق التقاضـي وكلما كان لا يناقض وجود هذا الحق أو يخلّ بمحتواه يفترض فيه ألاّ يتقيد بأشكال جامدة لا يروم المشرع منها لتفرغ قوالبها في صورة صماء لا تبديل فيها، بل يجوز أن يغاير المشرع في مـا بينها، وأن يقدر لكل حال ما يناسبها في ضوء مفاهيم متطورة تقتضيها الأوضاع التي يباشر الحق عملاً في نطاقها، ليظل هذا التنظيم مرناً، لا يطلق الحقوق محله من عقالها، انحرافـاً بهـا عـن أهدافها، ولا يعتبر كذلك تفريطاً مجافياً لمتطلباتها، بل بين هذين الأمرين قواماً، حتى تظل الحماية القضائية للحقوق في صورتها الأكثر اعتدالاً. وتبعاً لذلك، فإنّه يجوز للمشرع أن يغاير في تنظيمه لحق التقاضي، وتبنّي ما يراه مناسباً من تنظيمات بالنسبة الى صنوف بعينها من المنازعات، وفقاً لما تتطلبه طبيعتها، من دون أن يكون في ذلك إخلال بمبدأ المساواة أمام القانون، طالمـا التـز م المشرع بالضوابط الدستورية لمباشرة الحق في التقاضي. وحيث إنه عن النعي بأن النص المطعون عليه خالف ما سار عليه قانون المرافعات المدنية والتجارية في المادة (243 (منه (الملغية) من حصر لحالات البطلان والتضييق منها لا يعدو أن يكون نعياً بمخالفة النص التشريعي المطعون عليه لنص تشريعي آخر، ولا يصلح فـي ذاتـه أن يكون عيباً دستورياً، ذلك أن مناط تقرير دستورية النص التشريعي أو عدم دستوريته، هو باتفاقه أو مخالفته لأحكام الدستور المنوط بالمحكمة الدستورية صونها وحمايتها. وحيث أن الحاصل من جميع ما تقدم، أن النصوص الطعين ة محل نطاق الدعوى الماثلة لـم تخالف أياً من المواد (4) ،(18) ،(20 و/ ) (و 31 (من الدستور أو أي نص آخر فيه، مما يتعـين معه رفض الدعوى. فلهذه الأسباب حكمت المحكمة برفض الدعوى وإلزام المدعية بالمصروفات