إن موضوع حكم المحكمين محل الطعن الماثل يتعلق بتقرير حق ارتفاق بالمرور بين المدعي والمدعى عليه ورفع الأشكال في تنفيذه إلى محكمة زليتن الابتدائية، على أنها المختصة بنظره باعتباره غير مقدر القيمة.
حيث أودع قلم كتاب محكمة زليتن الجزئية في حين كان يتعين أن يتم الإيداع قلم كتاب محكمة زليتن الابتدائية باعتبار الدعوى غير مقدرة القيمة، كما خلا الحكم من التصديق عليه من قاضي الأمور الوقتية... أن إجراءات التنفيذ قد باشرها محضر التنفيذ بناء على إجراءات باطلة. 55 ق- جلسة 18 - (المحكمة العليا- الدائرة المدنية الخامسة- الطعن المدني رقم 1585
/1/ صفر 1433 ه الموافق 2012
-1 مستشار بالمحكمة العليا في ليبيا. ..........
..........
الوقائع
أقام المطعون ضده الدعوى رقم 201 لسنة 2005 أمام محكمة زليتن الابتدائية بموجب صحيفة أشكال اختصم فيها الطاعن طالبًا وقف تنفيذ حكم الحكمين الصادر بتاريخ 26.7.2005
بشأن تقرير حق ارتفاق بالمرور على سند من أن حكم الحكمين لم يكن نهائيًا، ولم يودع لدى قلم كتاب المحكمة المختصة، ومحكمة البداية بعد أن نظرت الدعوى قضت فيها بقبول الأشكال شكلا، وفي الموضوع برفضه والاستمرار في إجراءات التنفيذ.
استأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصراتة التي قضت بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم بوقف تنفيذ حكم الحكمين الصادر بتاريخ 26 يوليو 2005 موضوع الأشكال. "وهذا هو الحكم المطعون فيه"
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 5.4.2008 م، وأعلن في 1.7.2008 م وفي 31.7.2008 م قرر محامي الطاعن الطعن فيه بالنقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا، مسددًا الرسم مودعًا الكفالة والوكالة، ومذكرة بأسباب طعنه، وأخرى شارحة، وصورة من الحكم المطعون فيه، ثم أودع وبتاريخ 17.8.2008 م أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضده يوم 6.8.2008 م.
وبتاريخ 26.8.2008 م أودع أحد أعضاء إدارة المحاماة الشعبية مذكرة بدفاعه مشفوعة بسند الإنابة.
وأودعت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شك ً لا ورفضه موضوعًا، وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت برأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلاً.
وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب على النحو التالي:- 1. إن موضوع الأشكال يتعلق بتعيين الحد الفاصل بين عقاري أطراف الدعوى، من ثم فإن الأشكال على هذا النحو يتعلق بإجراء وقتي وهو البت في طلب وقف التنفيذ، ومن ثم يكون القاضي المستعجل في المحكمة الجزئية هو المختص، وفقًا للمادة 25 من قانون المرافعات، وفي الحالة الماثلة أقام المطعون ضده دعوى الأشكال أمام محكمة زليتن الابتدائية وهي غير مختصة، وهو اختصاص ولائي متعلق بالنظام العام. 2. أن الحكم تعرض لأصل الحق وهو محظور، مما يجعل الحكم مخالفًا للقانون، وما استقر عليه قضاء المحكمة العليا، فعندما قدم الطاعن حكم المحكمين إلى المحكمة من أجل التصديق عليه وإعطائه قوة السند التنفيذي، تم إعلان المطعون ضده بذلك ولم يتقدم للاعتراض عليه في الميعاد القانوني، وهذا ثابت من خلال تهميشه أقلام الكتاب الموكل لهم متابعة الاستئناف، وقد لجأ المطعون ضده إلى طريق الاستشكال بعد أن اقفل على نفسه الطريق الذي رسمه القانون.
وحيث إن السبب الأول غير سديد، ذلك أن التحكيم استثناء من الأصل العام في التشريع وطريق استثنائي رسمه القانون لنظر بعض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية وأفرد له المشرع أحكاماً يتعين إعمالها، فأوجب في المادة 762 من قانون المرافعات إيداع أحكام المحكمين قلم كتاب المحكمة المختصة أص ً لا بنظر الدعوى، ونص في المادة 765 على أن تختص المحكمة المشار إليها بكل ما يتعلق بتنفيذ حكم المحكمين.
ومفاد ذلك، أن المشرع يهدف إلى جمع شتات المسائل المتعلقة بتنفيذ حكم المحكمين في يد قاضٍ واحد قريب من محل التنفيذ فجعل من المحكمة التي ينعقد لها الاختصاص الأصلي بنظر الدعوى وفقًا للقواعد العامة مختصة بكل ما يتعلق بتنفيذ حكم المحكمين من منازعات.
لما كان ذلك، وكان يبين أن موضوع حكم المحكمين محل الطعن الماثل يتعلق بتقرير حق ارتفاق بالمرور بين المدعي والمدعى عليه ورفع الأشكال في تنفيذه إلى محكمة زليتن الابتدائية على أنها المختصة بنظره باعتباره غير مقدر القيمة.
وقضت فيه محكمة أول درجة على هذا الأساس، وفي الاستئناف المقام من المطعون ضده قضت المحكمة المطعون في حكمها في موضوعه بإلغاء الحكم المستأنف، والحكم بوقف تنفيذ حكم المحكمين الصادر بتاريخ 26 يوليو 2005 م موضوع الأشكال دون أن تقضي بعدم اختصاصها بنظر الموضوع، فإن حكمها يكون قد صادف صحيح القانون، بما يكون معه النعي في هذا الجانب من الطعن على غير أساس.
وعن السبب الثاني فهو مردود، ذلك أنه فضلاً عما جاء في السبب الأول من اختصاص المحكمة المختصة أصلاً بنظر الدعوى بكل ما يتعلق بتنفيذ حكم المحكمين، فإن الحكم المطعون فيه لم يتصد لموضوع الأشكال واقتصر على مراقبة إجراءات تنفيذه، وخلص إلى تخلف الإجراءات التي يطلبها القانون لتنفيذه.
حيث أودع قلم كتاب محكمة زليتن الجزئية في حين كان يتعين أن يتم الإيداع قلم كتاب محكمة زليتن الابتدائية باعتبار الدعوى غير مقدرة القيمة، كما خلا الحكم من التصديق عليه من قاضي الأمور الوقتية، وفقًا للمادة 763 من قانون المرافعات، منتهيًا إلى أن إجراءات التنفيذ قد باشرها محضر التنفيذ بناء على إجراءات باطلة، وترتيبًا على ذلك قضى الحكم بوقف تنفيذ تلك الإجراءات.
لما كان ذلك، وكانت الأسباب التي بنى عليها الحكم قضاءه على النحو السالف بيانه تكفي لحمل قضائه، فإنه يكون في منأى عما رماه به الطاعن بما يوجب رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه، وإلزام الطاعن المصروفات.
المستشار المستشار المستشار
صالح عبد القادر الصغير الهاشمي علي الطربان محمد عبد السلام العيان
رئيس الدائرة
المستشار المستشار مسجل المحكمة
محمد خليفة جبودة فتحي حسين الحسومي موسى سليمان الجدي