والأصل أن دعوى البطلان يرفعها صاحب المصلحة من طرفي خصومة التحكيم وهو غالبا الطرف الذى لم يقبل ويرتضى حكم التحكيم . سواء قضى لــه ببعض طلباته أو رفضت كل طلباته وفى هذه الحالة تكون له غالبا مصلحة في مهاجمة الحكم عن طريق دعوى البطلان. ولكن المشرع فى المادة ٢/٥٣ تحكيم أشار إلى أنه يمكن للمحكمة التي تنظر دعوى البطلان " أن تقضى من تلقاء نفسها ببطلان حكم التحكيم إذا تضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية .
ويجب أن يلاحظ أن المشرع يتكلم عن سلطة المحكمة في التصدى من تلقاء نفسها لما يخالف النظام العام ولكن ذلك أثناء " نظر دعوى البطلان" ومن ثم فإنه يفترض أن دعوى بطلان ضد حكم تحكيم قد رفعت اما إذا لم يرفع المحكوم عليه دعوى البطلان ، فانه لن يكون بإمكان المحكمة المختصة أن تمارس واجبها في القضاء بالبطلان المتعلق بالنظام العام من تلقاء نفسها .
.وبصدد سلطة المحكمة في التصدى من تلقاء نفسها للقضاء بالبطلان :
يجب التفرقة بين نوعين من البطلان : (۱) البطلان المقرر لحماية مصلحة خاصة وهذا النوع من البطلان لا يحق لغير من شرع لمصلحته أن يتمسك به ولا يجوز للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها .
(۲) البطلان المتعلق بالنظام العام وهذا النوع من البطلان يحق لأى الخصوم مــن التمسك به بل ويمكن للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها ومثال ذلك أن يكون موضوع النزاع غير قابل للتحكيم أو أن يتم تشكيل هيئة التحكيم من عدد زوجي على خلاف ما يوجبه حكم القانون .
مدى إمكانية ممارسة الغير للطعن بالبطلان :
والنوع الاول من الغير هو الأجنبى تماما سواء عن الاتفاق أو الخصومة، ومن ثم عن الطعن .
وهذا النوع من الغير لا يثير أدنى مشكلة . فمن المسلم به أن خصومة التحكيم تتحدد في ضوء النشأة الاتفاقية لتحكيم ، وما دام هذا الغير أجنبيا عن الإتفاق وعن العقد . فلا يمكن أن يكون طرفا سواء في خصومة التحكيم أو خصومة الطعن .
بيد أن صعوبة المسألة تبدو فى حالة الغير الوهمى أو غير الحقيقي ، فهذا الأخير في مرحلة وسطى فلا هو بطرف فعلى ، ولا هو بأجنبي . هذه المرحلة الوسطية التي يحتلها هذا النوع من الغير قد تسمح بامتداد أثر اتفاق التحكيم إليه ، إما لقبوله تنفيذ العقد الأصلى علمه مع بوجود اتفاق تحكيم بشأنه الأمر الذى يستفاد منه ارتضائه الانضمام إليه ، أو لمشاركته ومساهمته في إبرام العقد الأصلي المتضمن شرط التحكيم .
وعلى هذا النحو فإن هذا الغير وله أن يتدخل تلقائيا فيها لما له من مصلحة في هذا التدخل، وذلك لعدة أسباب :
1- أن هذا الغير ليس أجنبيا عن الاتفاق، وعدم مشاركته في التوقيع عليه لا تخلع عنه صفة الطرف. وما دام يمكن اعتباره طرفا فيه، فإنه ترتيبا على ذلك لا يصح إنكار حقه في امكانية انضمامه إلى خصومة التحكيم .
2 - إن الحكم الصادر في الخصومة من الممكن أن تمتد أثاره إليه ، ومن ثم تبدو مصلحته واضحة في الانضمام لخصومة التحكيم .
والسؤال الأن: هل يمكن لهذا النوع من الغير التدخل في خصومة الطعن إذا تم رفعها من جانب أحد الأطراف .؟ وهل له مباشرة هذا الحق بصفة مستقلة؟.
الشق الأول: من السؤال يجاب عليه بالإيجاب وذلك لسببين :
1- أن الحكم التحكيمى بمجرد صدوره يتمتع بحجية الأمر المقضى. والفقــ الحديث يسلم بامتداد هذه الحجية فى مواجهة الغير، وهذا الأخير يمكن أن يضار من الحكم ولهذا يجب الاعتراف له وأن يباح له التدخل في خصومة الطعن
أما الشق الثاني من السؤال والمتعلق بإمكانية ممارسة هذا الغير للطعن للبطلان بصفة مستقلة، فإن الإجابة عليه تكون بالنفي . وأساس ذلك أن أطراف دعوى البطلان يتم تحديدهم بالنظر إلى الأطراف الحقيقيين في خصومة التحكيم . ومن ثم تقتصر ممارسة دعوى البطلان على أولئك ، الذين مثلوا في تلك الخصومة تمثيلا صحيحا، وتمكنوا من إبداء دفاعهم ودفوعهم .