الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / التنازل عن دعوى البطلان / الكتب / بطلان حكم التحكيم ومدى رقابة محكمة النقض عليه (دراسة مقارنة) / التنازل عن حق رفع دعوى البطلان وأثره

  • الاسم

    المحامي الدكتور/ أحمد بشير الشرايري
  • تاريخ النشر

    2011-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الثقافة للنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    400
  • رقم الصفحة

    230

التفاصيل طباعة نسخ

يختلف حكم صحة اتفاق طرفي اتفاق التحكيم على التنازل عن حق رفع دعوى البطلان، بين القوانين التي لا تجيز إلا اتباع طريق دعوى البطلان للطعن على حكم التحكيم، والقوانين الأخرى التي أجازت أكثر من طريق للطعن على حكم التحكيم.

وحيث إن دعوى البطلان، وفقاً للقانون المصري، هي الطريق الوحيد للطعن على حكم التحكيم، ولأن التحكيم يقوم أساساً على ارادة الأطراف، فإن السؤال هنا: هل يمكن لطرفي التحيكم أن يتفقا على التنازل عن حق رفع دعوى البطلان؟

للإجابة على هذا التساؤل، وفقاً لأحكام قانون التحكيم المصري، يجب أن نفرق بين مرحلتين زمنيتين: 

الأولى: المرحلة السابقة على صدور حكم التحكيم. 

الثانية: المرحلة اللاحقة على صدور حكم التحكيم.

وبخصوص المرحلة الأولى، فإنه لا يعتد، وفقاً لأحكام قانون التحكيم المصري، بأي اتفاق بين الأطراف على التنازل عن حق رفع دعوى البطلان، ولا يحول هذا الاتفاق دون قبول دعوى البطلان، ولا يغير في الأمر شيئاً إذا كان التنازل عن حق رفع دعوى البطلان، قد صدر من قبل الأطراف وبإرادته المنفردة مادام أن هذا التنازل قد صدر منه قبل صدور الحكم، وبالتالي فإنه يبقى لكل ذي مصلحة من طرفي التحكيم الحق في رفع دعوى البطلان، إذ ما توافرت شروطها ولم ينقضي الميعاد المحدد لذلك.

ويؤيد بعض الفقه اتجاه المشرع المصري في عدم الاعتداد بالتنازل عن الحق في رفع دعوى البطلان قبل صدور الحكم، على أساس إن الحق في دعوى البطلان لا ينشأ إلا بصدور حكم التحكيم، وليس لأحد النزول عن حق قبل نشأته له، ونعتقد أن المشرع المصري قد أصاب في هذا الحكم، لما فيه من حماية للطرف الضعيف في العلاقة القانونية، إذ يمكن أن يستغل الطرف القوي مركزة الأقوى، لفرض شرط التنازل عن حق رفع دعوى البطلان على الطرف الضعيف، قبل صدور الحكم.

ويدفعنا وجود شرط التنازل عن حق رفع دعوى البطلان، لإثارة تساؤلاً عن مصير اتفاق التحكيم الذي يرد فيه مثل هذا الشرط؟.

وقد ذهب البعض - إجابة على السؤال المطروح - إلى القول إن: وجود مثل هذا الشرط لا يبطل اتفاق التحكيم، ويعتبر الاتفاق على التنازل قبل صدور الحكم كأنه لم يكن، إذ إن حق الطعن ببطلان حكم التحكيم يتعلق بالنظام العام، فلا بجوز لطرفي التحكيم الاتفاق على استبعاد هذا الطعن قبل صدور الحكم.

وهذا ما أكدته محكمة التمييز الأردنية في ضوء أحكام قانون التحكيم السابق، إذ قضت بأن: (اشتراط طرفي التحكيم على عدم الطعن بقرار هيئة التحكيم واعتباره قطعياً، هو شرط باطل لمخالفة حكم المادة (14) من قانون التحكيم رقم (18) لسنة (1953)، وإن وجود مثل هذا الشرط لا يبطل الاتفاق على التحكيم مادام أن موضوع التحكيم غير ممنوع بقانون أو غير مخالف للنظام العام).

أما فيما يخص المرحلة الثانية: وهي التنازل عن الحق في إقامة دعوى البطلان بعد صدور الحكم، فيجوز لأي طرف من طرفي التحكيم النزول عن حقه في رفع دعوى البطلان، ولا يؤثر على ذلك التنازل من أن الخصم لا يعلم بالعيب المبطل للحكم وقت التنازل عنه، على غرار التماس إعادة النظر.

هذا ولم يشترط المشرع المصري وكذلك الأردني لصحة التنازل عن الحق في دعوى البطلان شكلاً معيناً، مما يعني أنه يكون التنازل عن الحق في رفع دعوى البطلان صريحاً أو ضمنياً، كما يمكن أن يكون التنازل عن هذا الحق متبادلاً بين الطرفين، بموجب اتفاق بينهم على أن يتنازل كل منهم عن حقه في رفع هذه الدعوى، كاما يمكن أن بكون من جانب واحد بتنازل بالإرادة المنفردة عن حقه في رفع هذه الدعوى.

ولكن التنازل عن حق رفع دعوى البطلان يقتصر على الطرف الذي تنازل عنه، فلا يمتد أثر هذا التنازل إلى غيره من أطراف التحكيم الذين لهم الحق في رفع دعوى البطلان.

ويلاحظ في هذا الشأن أن هناك بعض القوانين التي تتصف بالطابع التحرري تعطي الحرية لإرادة طرفي اتفاق التحكيم في الاتفاق على استبعاد كافة طرق الطعن على حكم التحكيم قبل صدور الحكم، وذلك من خلال إعلان رغبتهم الصريحة في اتفاق التحكيم، أو في اتفاق مكتوب لاحقاً لاتفاق التحكيم، إذا لم يكن للطرفين موطن، أو محل إقامة، أو مؤسسة.

أما فيما يتعلق بصحة اتفاق الأطراف، على التنازل عن حق رفع دعوى بطلان حكم التحكيم قبل صدور الحكم وفقاً لقانون المرافعات الكويتي، فإن البحث في ذلك يتطلب أن نعرف ابتداء إذا كان الاتفاق بين الأطراف ينص على أن تفصل هيئة التحكيم النزاع وفقاً للقانون، أو وفقاً لقواعد الدالة والإنصاف.

وذلك لأنه إذا كان هناك اتفاق بين الأطراف على أن تفصل هيئة التحكيم النزاع، وفقاً للقانون، فإنه يحق للأطراف الاتفاق على التنازل عن طريق دعوى البطلان، قبل صدور الحكم، والاحتفاظ بطريقة الاستئناف، أما إذا تم التنازل عن دعوى البطلان قبل صدور الحكم، ولم يحتفظ الأطراف بحق الاستئناف، فإن هذا التنازل لا يعتد به ولا يحاول دون إقامة دعوى البطلان.

وكذلك الحال إذا اتفق الأطراف على أن تفصل هيئة التحكيم النزاع وفقاً لقواعد العدالة والإنصاف، إذا إن الحكم في هذه الحالة لا يكون قابلاً للطعن إلا بطريق دعوى البطلان، ولا يعتد بالتنازل عن حق رفع دعوى البطلان قبل صدور الحكم.

ونلخص مما سبق إن جميع الأحكام التي تصدر في التحكيم الاختياري وفقاً لقانون المرافعات الكويتي، تكون قابلة للطعن بطريق دعوى البطلان إلا إذا اتفق الأطراف على اتباع طريق الاستئناف في حال إن كان التحكيم وفقاً للقانون وكان المشرع يجيز ذلك، أما إذا لم يتفق الأطراف على ذلك أو كان القانون لا يجيز اتفاقهم، أو كان التحكيم وفقاً لقواعد العدالة والإنصاف، فإنه لا يعتد بالتنازل عن الحق في رفع دعوى البطلان قبل صدور الحكم بالرغم من أي اتفاق مخالف، ويبقى لكل ذي شأن الحق في رفع دعوى البطلان إذ ما توافرت شروطها، أما إذا تم التنازل بعد صدور الحكم فلا يوجد ما يمنع ذلك.

ويرى بعض الفقه، أن غاية المشرع الكويتي من عدم الاعتداد بالتنازل المسبق، عن طريق دعوى البطلان، في حالة عدم الاتفاق على طريق الاستئناف، ينبع من مدى خطورة النتائج التي تترتب على ذلك، ومن أهمها حماية الحكم التحكيمي بالرغم مما يشوبه من عيوب جسيمة، كالإخلال بحق الدفاع أو مخالفة قاعدة متعلقة بالنظام العام.